◾خرج من الحكم كما دخل◾
بسم الله الرحمن الرحيم
✍️أما بعد :
🔘جاء في "تهذيب التهذيب" (7 / 187):"
ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ "ابن المديني" ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻧﻪ"عروة" ﻟﻤﺎ ﺩﺧﻞ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺃﻫﻞ اﻟﻴﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺭاﺣﻠﺘﻲ ﻓﺈﻥ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﺳﺎﺭﻕ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﻭﻟﻲ ﻋﺮﻭﺓ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﻤﻦ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻭﺧﺮﺝ ﺣﻴﻦ ﺧﺮﺝ ﻭﻣﻌﻪ ﺳﻴﻒ ﻭﻣﺼﺤﻒ ﻭﻗﺎﻝ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺳﻨﺔ ﺛﻼﺙ ﻭﻣﺎﺋﺔ ﻋﺰﻝ ﻋﺮﻭﺓ ﻋﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻴﻤﻦ ﻭﺃﻣﺮ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺑﻦ ﻏﻮﺙ"اهـ
🔘وفي "تاريخ ابن عساكر" ( 40./ 290) :" ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﻗﺎﻝ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﻣﻮﻟﻰ ﻟﻌﺮﻭﺓ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺎﻝ ﺧﺮﺝ ﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ ﻭﻗﺪ ﻭﻟﻴﻬﺎ ﺳﻨﻴﻦ ﻭﻣﺎ ﻣﻌﻪ ﺇﻻ ﺳﻴﻔﻪ ﻭﺭﻣﺤﻪ ﻭﻣﺼﺤﻔﻪ ﻭﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﺩﺧﻞ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺃﻫﻞ اﻟﻴﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺭاﺣﻠﺘﻲ ﻓﺈﻥ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺄﻧﺎ ﺳﺎﺭﻕ". اهـ
✍️قال أبو حمزة محمد بن حسن السوري وفقه الله تعالى
🔘بهذا الحال ساد العدل وانتشر الخير، وكان سببا لتوفيق الله وإعانته لمثل هؤلاء الذين حكموا المسلمين،فهذا مثل لنزاهة الحاكم، وورعه، ومراقبته لله تعالى.
◾ عشرون سنة وهو على هذا الحال، حال الأتقياء أهل العدل ومراقبة الله تعالى :
🔘وقد ثبت من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ : ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ، قَالَ : وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ : الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا، وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ "
🔘وثبت في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ.. "
◾أما الحال في زماننا فمخزي جدا للحكام والمسؤولين إلا من رحم الله تعالى.
🔘فتراهم يدخلوا فقراء ويخرجون بأموال لا يحصيها إلا رب العالمين.
🔘وتراهم يدخلوا شعثا نحافا ويخرجون سمانا فقد تبدلت أشكالهم وألوانهم.
🔘وتراهم يدخلون حفاة فيخرجون بأحدث المراكب.
🔘وتراهم يدخلون وهم لا يجدون مكانا للسكنى إلا بالإيجار ونحوه ، ويخرجون بالقصور والدور والعمائر والأراضي والمتزهات.
🔘وتراهم يدخلون وهم متواضعين يحسنون معاملة الناس، فينقلب حالهم إلى الكبر وازدراء للناس .
🔘وتراهم يدخلون وقد وعدوا الناس بالمشاريع والخدمات والحياة الطيبة ، ثم لا تكاد تجد شيئا من ذلك، بل لا يستطيع الواحد مخاطبة الفرد منهم.
◾فلا نستغرب أن نرى حال البلاد الإسلامية بهذا الحال وهذا الوضع المخيف ، لأن حاميها حراميها إلا من رحم الله.
◾ونوصي الشعوب المسلمة في مثل هذا الحال بما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال :"" كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ ". قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ : " فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ".متفق عليه.
🔘وفي رواية عند ابن ماجه :" قَالَ : " تَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ ". قَالُوا : فَكَيْفَ نَصْنَعُ ؟ قَالَ : " أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ ؛ أَدُّوا الَّذِي عَلَيْكُمْ، فَسَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِمْ ".
◾قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في" الفتح ":" ( أعطوهم حقهم ) أي: أطيعوهم وعاشروهم بالسمع والطاعة، فإن الله يحاسبهم على ما يفعلونه بكم، وستأتي تتمة القول في ذلك في أوائل كتاب الفتن. قوله: ( فإن الله سائلهم عما استرعاهم ) هو كحديث ابن عمر المتقدم: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " وسيأتي شرحه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى. وفي الحديث تقديم أمر الدين على أمر الدنيا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بتوفية حق السلطان لما فيه من إعلاء كلمة الدين وكف الفتنة والشر؛ وتأخير أمر المطالبة بحقه لا يسقطه، وقد وعده الله أنه يخلصه ويوفيه إياه ولو في الدار الآخرة". اهـ
والله الموفق
ظهر الثلاثاء ١١ من محرم ١٤٤٠هـ
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.