الأربعاء

[تنبيه السلفيين بالحذر من طريقة الحركيين]

تنبيه السلفيين بالحذر من طريقة الحركيين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:
 فقد أصبح بعض الناس يمشي على أمواج بعض الجماعات الحركية، ويتفوه بكلامهم شعر أو لم يشعر.

فأصبح البعض ينشر ما يخترعه أهل هذه الجماعات الحركية من مقالات في فضل المقاتلين على العلماء والدعاة المصلحين، ويريد من ذلك تحقير شأن العلماء  والدعاة والعلم والدعوة .

فترى البعض ينشر مقولات لا أساس لها من الصحة عن بعض الأئمة في ذلك كهذه المقولة التي ينشرها ويظن فيها ما يريده من الازدراء بالعلماء وطلاب العلم

« سُئل شيخ الإسلام من هم أهل الحق رد: إما في السجون وإما في ساحات الوغى وإما في القبور...» وهذه مقولة ليست من كلام شيخ الإسلام ولا ابن القيم  وليس هذا الحصر فيها  بصحيح

وكذلك أصبح عند بعض الناس:« أن من قاتل وشارك في القتال أنه لا مثل له ولا نظير له، وأنه أفضل من العلماء والدعاة  السلفيين المخلصين».

بل والبعض يقول: «إن من لم يشارك في القتال لن أحضر له درسا ولا محاضرة ، ولا يستحق الحضور له ولا الفتوى ؟؟!! »

والبعض الآخر يقول:« ليس هذا وقت العلم والتعليم والدعوة إلى الله وحدثنا وأخبرنا!!».

فمن أين جاء هذا الفكر ومن أين دخل علينا؟!

 أليس هذا فكر الجماعات الحركية الذين كانوا لا يرون الأئمة ابن باز والألباني و العثيمين و الوادعي شيئا، وهذا حالهم أيضا مع علماء الدعوة السلفية  الموجودين الآن ، ولا يرون فضلا  للعلم والتعليم والدعوة وحدثنا وأخبرنا بجانب القتال هنا أو هناك، ويرون من يقاتل هنا أو هناك هو الأفضل والأعلم والأفقه وأنه الذي نصر الدين وأقام التوحيد والسنة، ورفع الظلم عن الناس، وأنه أفضل من العلماء والدعاة وطلاب العلم ووووو.

ويا عجباه من هذا الكلام فمتى استغنت أمة الإسلام عن العلم والتعليم والدعوة السلفية سواء في الحرب أو السلم أو اليسر والعسر؟ فالطائفة المنصورة والفرقة الناجية قاداتها عبر القرون والدهور هم العلماء والدعاة الناصحون.

فعن مُعَاوِيَةَ  رضي الله عنه، قال  سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ الله، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ الله وَهُمْ عَلَى ذَلِك» متفق عليه

قال الإمام الترمذي في جامعه (4 / 485) :«قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ(البخاري): قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: هُمْ أَصْحَابُ الحَدِيثِ» اهــ

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (13 / 293) :« وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحْمَدَ:« إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ» وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِثْلُهُ» اهــ

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (1 / 164) :« وَقَدْ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:« إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّوَوِيّ يحْتَمل أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِرْقَةً مِنْ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يُقِيمُ أَمْرَ الله تَعَالَى مِنْ مُجَاهِدٍ وَفَقِيهٍ وَمُحَدِّثٍ وَزَاهِدٍ وَآمِرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مُتَفَرِّقِينَ» اهــ

قال  الإمام ابن القيم رحمه الله  في «مفتاح دار السعادة » (1/ 121):« الْوَجْه الثَّالِث عشر بعد المائة:  قَالَ ابْن مسعود رضي الله عنه :« عليكم بِالْعلمِ قبل أن يرفع وَرَفعه هَلَاك الْعلمَاء فو الذي نَفسِي بِيَدِهِ ليودن رجال قتلوا فِي سَبِيل الله شُهَدَاء أن يَبْعَثهُم الله عُلَمَاء لما يرَوْنَ من كرامتهم وَإِن أحدا لم يُولد عَالما وَإِنَّمَا الْعلم بالتعلم» اهــ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في :« مفتاح دار السعادة » (1/ 70):« وَلما كَانَ كل من الْجِهَاد بِالسَّيْفِ وَالْحجّة يُسمى سَبِيل الله فسر الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم قَوْله+ أطيعوا الله واطيعوا الرَّسُول وأولي الامر مِنْكُم_ بالأمراء وَالْعُلَمَاء فَإِنَّهُم المجاهدون فِي سَبِيل الله، هَؤُلَاءِ بِأَيْدِيهِم وَهَؤُلَاء بألسنتهم فَطلب الْعلم وتعليمه من أعظم سَبِيل الله عز وَجل، قَالَ كَعْب الأحبار« طَالب الْعلم كالغادي الرايح فِي سَبِيل الله عز وَجل» وَجَاء عَن بعض الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم «إِذا جَاءَ الْمَوْت طَالب الْعلم وَهُوَ على هَذِه الْحَال مَاتَ وَهُوَ شَهِيد» وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة:« من طلب الْعلم فقد بَايع الله عز وَجل» وَقَالَ أبو الدَّرْدَاء«  من رأى الغدو والرواح الى الْعلم لَيْسَ بجهاد فقد نقص فِي عقله ورأيه» اهــ

وأنصح بقراءة ما سطره  العلامة ابن القيم رحمه الله في هذا الكتاب النفيس حول العلم ومكانته وأهمية وحاجة الناس إليه، وشيخنا يحيى حفظه الله يُقرأ عليه هذه الأيام، وهو يعلق عليه بكلام جميل ، وشيخنا يحيى حفظه الله :« لما رأى هذه النغمة السيئة فتح هذا الدرس لأهميته»

فيا أيها السلفيون انتبهوا من التأثر بالحركيين و التنظيمات المبتدعة

ومعلوم للسلفيين فضل العلم والعلماء ومنزلتهم ومكانتهم التي حباهم الله بها، وأن كل الناس بحاجة إلى علم العلماء سواء المجاهد وغيره، وأنه لن يقوم جهاد إلا على علم وتفقه وفتوى.

ومعلوم أيضا فضل الجهاد في سبيل الله ومكانته وأهميته العظيمة ، لكن أن يُفضل المجاهد والمقاتل على حساب الطعن والازدراء للعلماء والدعاة وطلاب العلم الذين بذلوا حياتهم لنشر دين الله ليلا ونهارا وسلما وحربا، ولهم جهاد عظيم بالحجة والبيان فلا، فليست هذه طريقة سلفية إنما هي طريقة حركية.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :« لا يلزم من كون الشهيد أعظم أجرا من طالب العلم في نيل الشهادة إذا قتل في سبيل الله عز وجل ، لا يلزم منه الفضل المطلق .
وهذه المسألة أشار إليها العلامة ابن القيم في ( النونية ) وهي: أن الإنسان إذا تميز بخصيصة لا يلزم منه أن يكون أفضل على الإطلاق .
فالشهيد وإن تميز بالشهادة في سبيل الله عز وجل ، لكن يكون على يد طالب العلم والعلماء من مصلحة الأمة ونشر الدعوة ما لا يكون في ديوان الشهيد.
أرأيتم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ماذا نفعه للأمة ؟ ولو نظرنا إلى عدد كبير من الشهداء ما حصل للأمة نفع مثلما حصل من علم ابن تيمية رحمة الله على الجميع » انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (25/ 306-307)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :« لا شك أن طلب العلم الشرعي من أفضل الأعمال الصالحة ، بل هو معادلٌ للجهاد في سبيل الله ، كما قال الله تبارك وتعالى : + وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ_ [التوبة/122] ، فبين الله عز وجل أن المؤمنين لا يمكن أن ينفروا جميعاً للجهاد في سبيل الله ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تعطل المنافع الأخرى التي لا بد للإسلام من القيام بها .
فطلب العلم الشرعي لا شك أنه معادل للجهاد في سبيل الله .
واختلف العلماء أيهما أفضل: العلم أو الجهاد ؟
 ولا شك أن منفعة العلم أعم من منفعة الجهاد ؛ لأن منفعة الجهاد إذا تحققت فإنما هي في جزءٍ معين من الأرض، لكن العلم ينتفع به كل الناس ، فالعلم من حيث المنفعة هو أفضل من الجهاد ، لكن مع ذلك قد نقول لبعض الناس : الجهاد في حقهم أفضل ، ونقول لآخرين: العلم في حقهم أفضل ، ويظهر هذا بالمثال : فإذا كان هناك رجل شجاع قوي عالمٌ بأساليب الحرب ، ولكنه في طلب العلم رديء الحفظ صعب عليه والفهم قليل ، فهذا نقول: الجهاد في حقه أفضل لأنه أنفع .
وآخر ليس بذاك في الشجاعة ، ومعرفة أساليب الحرب، لكنه قوي في الحفظ ، قوي في الفهم ، قوي في الحجة ، قوي في الإقناع ، فهذا نقول: طلب العلم في حقه أفضل .
إذاً الخطوط التي نفهمها الآن :
- طلب العلم معادل للجهاد في سبيل الله .
- أيهما أفضل؟ يختلف هذا باختلاف الناس ، فبعض الناس نقول له : الجهاد في حقك أفضل ، وبعض الناس نقول له : العلم في حقك أفضل ، حسب ما يقتضيه الحال » انتهى من اللقاء الباب المفتوح" (164/ 2).

أخيرا:
أيها السلفي انتبه أن تكون كبعض من ذهب إلى أفغانستان وغيرها، ورجع يغمز في العلماء والدعاة السلفيين بأنهم خذلوا الأمة الإسلامية، وجالسون حول أخبرنا وحدثنا والمسلمون يقتلون في أنحاء الأرض، وهؤلاء العلماء حول الدروس والتآليف والبحث، ورجعوا وعبد الله عزام وأسامة بن لادين وغيرهم أحب إليهم وأفضل وأشرف من الإمام الألباني وسماحة الإمام ابن باز وابن عثيمين وغيرهم من علماء الدعوة السلفية، ولا زلنا إلى وقتنا نسمع من بعض من ذهب إلى  أفغانستان وسوريا وغيرها يغمز في علماء الدعوة السلفية بمثل هذه التراهات والخزعبلات والأقاويل التي أشربوها وتربوا عليها، بأن هؤلاء المقاتلين خير وأفضل من العلماء السلفيين، وأن العلماء في أعينهم مخذلون ويحذرون من نصرة الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض وفي مغاربها، ومن سمع مقالتهم ورأى مواقعهم وتغريداتهم عرف ذلك، ومن سمع شريط «صفحات من الجهاد الأفغاني» يعرف هذا تماما بأدلتهم

فيا أيها السلفي يا من  من الله عليك بالجهاد الشرعي وقتال الرافضة المجرمين إياك ثم إياك أن تزدري العلم والعلماء وتنسى ما تربيت عليه سنيين طويلة  من فضل العلم والتعليم  والعلماء والدعوة السلفية  الصافية النقية، والحماس لا بد أن يكون منضبطا بالشرع، ومعرفة كل ذي حق حقه، ومنزلته التي أنزله الله تعالى إياها.
كتبه

أبو حمزة محمد بن حسن السوري

ليلة الخميس 30من ربيع الأول 1438 هجرية


نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى