الأربعاء

[ إياكم والإجمال، وما كل خلاف شخصي!!]

[ إياكم والإجمال، وما كل خلاف شخصي!!]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد :
نسمع بين الحين والآخر نغمات هنا وهناك ممن يحامي  أو لم يعرف حال المربوكين والفاتنين الذين ينصبون العداء للدعوة السلفية، ويقومون عليها ويفتنون أهلها ويشوهون حملتها، بأن من يرد عليهم ويبين حالهم أن هذا الخلاف خلاف شخصي وأغراض نفسية.

أقول : هذه النغمة كان يدندن بها الحزبيون من قبل؛ وكانوا يحاولون بها رد كلام أهل السنة بأنه عبارة عن كلام أقران يطوى ولا ينشر، وأنه كلام شخصي وأغراض نفسية، لما كان أهل السنة يبينون حالهم ويكشفون عوارهم وباطلهم، وبعضهم كان مزروعا في الصف السلفي، وفي أوساطنا، وظهر مع الأيام أنه دخل بيننا للفتنة والشر، وظهرت فتنته وعدوانه.

وقد بين شيخنا العلامة المحدث  مقبل الوادعي ذلك في جوابه عن سؤال : هل كلام الأقران في بعضهم يرد مطلقاً ؟
 فأجاب : القوم يبغون بعد أن يموتوا يُتكلم فيهم ، قد شبعوا ، وقد لعبوا وعبثوا بأموال الناس ويتكلم فيهم بعد موتهم ، ما يحبون أن يسمعوا التجريح فيهم وهم أحياء ، من أجل هذا يقولون : كلام الأقران .
كلام الأقران أبلغ ، وأعرف ، وأعلم من كلام أتى بعده بقرنين ، الذي هو معاصر يعرف صدق الراوي من كذبه ، ويعرف أيضاً ما هو عليه من الضعف ومن سوء الحفظ ، وأما الذي هو متأخر فكيف يفعل ؟ ، إن وُجد له سند إلى ذلك الراوي وإلا جمع أحاديث الراوي وعرضها على أحاديث الحفاظ ، فإن وافقت أحاديث الحفاظ قبل ووثقه ، وإن لم توافق أحاديث الحفاظ ضعفه وردها .
فالمهم أن جرح الأقران هو أبلغ ، والذي إذا عُلم أن هناك بينهم عداوة من أجل التنافس أو من أجل الدنيا ، أو من أجل أي عداوة فهذا ربما يُقال هو من رواية الأقران كما حصل لأبي نعيم وابن مندة وغير واحد من العلماء ويقول الحافظ الذهبي : هو من رواية الأقران لا يلتفت إليه .
أما أننا نقول : كلام يحيى بن معين في عمر بن هارون البلخي ليس بصحيح ! ، ونقول : كلام الإمام أحمد في يحيى بن عبدالحميد الحماني - الذي قال فيه : كان يكذب جهاراً - ، ليس بصحيح ! ، فالمهم اقرأوا يا إخوان كتب التراجم تجدونهم يقول : قدمت إليه فوجدته يحدث بأحاديث لم يسمعها فضربت على حديثه ، وبعضهم يقول : فلم أسمع منه ، وهكذا جزاكم الله خيراً .
فالمهم أن الإخوان المفلسين ، وأصحاب جمعية الحكمة ، وجمعية الإصلاح ، وكذلك جمعية الإحسان ليسوا من أهل هذا الفن ، إذا قدحوا في عالمٍ فهم يقدحون فيه من أجل الدنيا ، أما أهل العلم إذا قدحوا فيهم فكلامهم فيهم مؤثر بحمد الله والله المستعان .
وأنا أقول لكم : لو يمكن أن يشتروا سكوتنا بالملايين لفعلوا ، ولكن هيهات هيهات أن نسكت على باطل ، فقد كان ابن الجوزي يقول - وكذا غير ابن الجوزي - يقول : لا يتسنى لكم الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ، وأنا حي .
مداخلة : فكلامهم في أهل العلم من الكلام المردود لأنهم تكلموا في شيء في نفوسهم ؟
الشيخ : أي نعم من الكلام المردود لأنهم يريدون أن يدفعوا كلام أهل العلم ، لا يُقبل ، أهل العلم يتكلون فيهم يريدون أن يدفعوا كلام أهل العلم لشيء في نفوسهم .
مداخلة : وهل هم يعتبرون من الأقران ؟
الشيخ : هو يعتبرون من أقران أصحاب الدرهم والدينار ، ومن أقران التجار ، وأصحاب الدرهم والدينار ، والتلبيسات ، وإلا فليسوا بأهلاً لأن يقبل كلامهم ، وهو مردود يا إخوان ما له أثر ، بس الأسئلة تتكرر ، وإلا فالحمد لله قد أعطينهم قسطهم ، وقد عرفهم الناس من بريطانيا ، ومن أمريكا ، ومن فرنسا ، ومن ألمانيا ، قد عرفهم أنهم مبتدعة ، وعرفوا دعوة أهل السنة والله المستعان » اهـ من شريط : ( الرد الوجيه على أسئلة بيت الفقيه ) .

وأصحاب الجمعيات وأبي الحسن والبكري والعدني والبرامكة كانوا كلهم في أوساطنا ويعيشون معنا، وهم يبثون سمومهم باسم السنة وأهل السنة وباسم السلفية ؛ ففضحهم الله تعالى، وكان للصالحين بفضل الله تعالى نصيبًا عظيمًا في فضحهم وتعريتهم للناس، وكانا نسمع ممن لم يعرف المنهج السلفية معرفة صحيحة مثل هذه الدندنات: أغراض شخصية وأغراض نفسية، وكلام أقران وشدة وتسرع!!.

و هنا سؤال لمن يتهم الذابين عن الحق بهذا:
هل من حذر وفضح وأبان عوار الذين يحذرون ويتكلمون في أهل السنة ومن طلاب العلم، ويحذرون من حلقة الشيخ يحيى وطلابه، أو يحذرون من المشايخ مشايخ السنة ومن مراكزهم ومن الدعاة الأفاضل سواء في إب أو صنعاء أو تعز أو الحديدة  أو ذمار أو حضرموت أو عدن أو غيرها، أو رمى أهل السنة بالحدادية أو الجوسسة أو العفاشين والحرس الجمهوري أوالخذيلة أو الطيش، أو أن أهل السنة مثل محمد الإمام، أو مثل أصحاب براءة الذمة.

فهل هذا يا معاشر العقلاء مما يسوغ فيه الاختلاف ويحمل المختلفين أنهم من أهل الحق جميعًا ؟!!.

وهل يقال لهؤلاء المنافحين المدافعين عن الحق وأهله كلامكم شخصي؟!، واسكتوا؟!، وأنتم تفرقون الصف السلفي؟!

أم يقال لهم جزاكم الله خيرا، وأحسن الله إليكم، واستمروا في نفاحكم عن الدعوة السلفية المباركة وعن إخوانكم ومشايخكم، ويقال للظالمين المعتدين البغاة  على أهل السنة الطاعنين فيهم، قفوا وتوبوا واتركوا هذا الطريق المعوج الرديء، وكلامكم وطعوناتكم في أهل السنة هي الأغراض الشخصية والنفسية والحقد الدفين على الحق وأهله.

ونقول لهم أين دندنتكم: «لا تدخلوا في النيات» ، وأنتم تدخلون الآن في نيات من دافع عن الحق وأهله وأبان حججه وبراهينه بعلم وحلم، وأن كلامهم من أجل أشياء في النفوس، هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟!.

وقد كنا نسمع من شيخنا الإمام المجدد مقبل رحمه الله  ومن شيخنا العلامة  يحيى حفظه الله التأييد والشكر والثناء لمن يفضح المبطلين ويبين مخالفاتهم وأخطاءهم ولو كانوا بيننا وفي أوساطنا، فلماذا نسيا ما كنا عليه، ما هو السبب؟!.
وفي كل فتنة تقوم ضد الدعوة السلفية وأهلها نسمع مثل هذه الدندنات، وقد كنت قبل ثلاث سنوات تقريبا كتبت مقالًا في ذلك بعنوان:« مهلا أيها اللائمون تريثوا مع أهل الحق» تجدونه على هذا الرابط:

تنبيه مهم :
انبه إخواني المشايخ والدعاة وطلاب العلم أن الواحد منهم إذا تكلم أن يترك الإجمال والعبارات المجملة، وأن يأتي بالتفصيل لكي لا يستغل كلامهم مغرض ومفسد وصاحب شبه وباطل.

قال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55].

وروى الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما أن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ».

وقد بين الأئمة أهمية التفصيل وترك الإجمال في الكلام وعند بيان الحق ومن ذلك:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في «نونيته»:
فعليك بالتفصيل والتمييز فالإ ... طلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ ... ـأذهان والآراء كل زمان» اهـ.

قال العلامة محمد خليل هراس رحمه الله  في شرح «الكافية الشافية» (1/ 143):«....فيجب أن تفرق وتميز بين الأمرين، وأن لا تحكم حكما إجماليا مطلقا دون تفصيل فإنه ما أفسد هذا الوجود وأوقع الشجار والنزاع بين لطوائف وأضل العقول والأفكار الا عدم التفصيل والبيان، والتحديد لمعاني الألفاظ المجملة التي قد يقع في معانيها احتمال واشتباه. وبعض هذه المعاني يكون صحيحا مرادا، وبعضها يكون فاسدا غير مراد، فتتشبث طوائف المبتدعة بتلك المعاني الفاسدة، وتفسير الألفاظ بها فتقع في الضلال، ولهذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللّه يعني بتحديد معاني الألفاظ عند مناقشته لفرق الزيغ والضلال، ويطالبهم بتحديد مرادهم منها. وهذا تلميذ النابغة يوصي بما أوصى به شيخه، مبينا أن الفساد كله انما ينشأ عن الإطلاق والاجمال» اهـ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في « الصواعق المرسلة »(3 / 927) :« فأصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة والمعاني المشتبهة ولا سيما إذا صادفت أذهانا مخبطة فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصب فسل مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه وأن لا يوقعك في هذه الظلمات» اهـ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في « الصواعق المرسلة » (2/ 503):« وإن كان المتكلم قد قصر في بيانه وخاطب السامع بألفاظ مجملة تحتمل عدة معان ولم يتبين له ما أراده منها فإن كان عاجزا أتى السامع من عجزه لا من قصده وإن كان قادرا عليه ولم يفعله حيث ينبغي فعله أتى السامع من سوء قصده.» اهـ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله  في «الصواعق المرسلة » (3/ 925):« الوجه السادس والخمسون: إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسنة بعقلياتهم التي هي في الحقيقة جهليات إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة تحتمل معاني متعددة ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحق وباطل فبما فيها من الحق يقبل من لم يحط بها علما ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا وهو منشأ البدع كلها فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لما قبلت ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة وكانت موافقة للسنة ولكنها تشتمل على حق وباطل ويلتبس فيها الحق بالباطل» اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في « مجموع الفتاوى» :« وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى نَفْيِهَا أَوْ إثْبَاتِهَا فَهَذِهِ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُوَافِقَ مَنْ نَفَاهَا أَوْ أَثْبَتَهَا حَتَّى يَسْتَفْسِرَ عَنْ مُرَادِهِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَعْنًى يُوَافِقُ خَبَرَ الرَّسُولِ أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَعْنًى يُخَالِفُ خَبَرَ الرَّسُولِ أَنْكَرَهُ.
ثُمَّ التَّعْبِيرُ عَنْ تِلْكَ الْمَعَانِي إنْ كَانَ فِي أَلْفَاظِهِ اشْتِبَاهٌ أَوْ إجْمَالٌ عُبِّرَ بِغَيْرِهَا أَوْ بَيَّنَ مُرَادَهُ بِهَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ تَعْرِيفُ الْحَقِّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ نِزَاعِ النَّاسِ سَبَبُهُ أَلْفَاظٌ مُجْمَلَةٌ مُبْتَدَعَةٌ وَمَعَانٍ مُشْتَبِهَةٌ حَتَّى تَجِدَ الرَّجُلَيْنِ يَتَخَاصَمَانِ وَيَتَعَادَيَانِ عَلَى إطْلَاقِ أَلْفَاظٍ وَنَفْيِهَا وَلَوْ سُئِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ مَعْنَى مَا قَالَهُ لَمْ يَتَصَوَّرْهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ وَلَوْ عَرَفَ دَلِيلَهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنَّ مَنْ خَالَفَهُ يَكُونُ مُخْطِئًا بَلْ يَكُونُ فِي قَوْلِهِ نَوْعٌ مِنْ الصَّوَابِ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا مُصِيبًا مَنْ وَجْهٍ وَهَذَا مُصِيبًا مِنْ وَجْهٍ وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ» اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الرد على البكري» (2/ 615):« لم يجز إطلاق هذه العبارة إذا عنى بها المتكلم معنى صحيحا وهو يعلم أن المستمع يفهم منها معنى فاسدا لم يكن له أن يطلقها لما فيه من التلبيس إذ المقصود من الكلام البيان دون التلبيس إلا حيث يجوز التعريف خاصة ..» اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في « درء تعارض العقل والنقل »(1/ 254):« فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل، ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه، ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً، وقالوا: إنما قابل بدعة ببدعة، ورداً باطلاً بباطل» اهـ

وقال ابن حزم رحمه الله :« والكلام إذا أجمل اندرج فيه تحسين القبيح وتقبيح الحسن. ألا ترى لو أن قائلاً قال: ان فلاناً يطأ أخته، لفحش ذلك ولاستقبحه كل سامع له حتى إذا فسر فقال: هي أخته في الإسلام، ظهر فحش هذا الاجمال وقبحه! » اهـ من « رسائل ابن حزم» (1/ 355)

فهذا أمر مهم  يجب التنبه له وهو ترك الإجمال في الكلام وفي بيان الحق، وأن الإنسان عليه أن يسلك سبيل التفصيل، وما وقع فيه كثير من أهل الأهواء فيما هم فيه إلا بسبب الاجمالات وترك التفصيل كما تقدم من كلام الأئمة.

والحمد لله رب العالمين

كتبه
أبو حمزة محمد بن حسن السوري
الثلاثاء الرابع من صفر 1439هجرية




نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى