إلى الصحفي فتحي بن لزرق
بسم الله
الرحمن الرحيم
وبعد:
فقد رأيت كلامًا للصُحفي فتحي بن لزرق وفقنا الله وإياه؛
يتألم من بناء المراكز والمساجد الجديدة، ويقول: لو أن تلك الأموال تصرف في المجاعة،
وتأهيل الشباب، وإقامة المعاهد الفنية، وأنه ليس بحاجة إلى هذا الكم الهائل من
الدعاة...إلخ.
فأقول:
هذا كلام من لا يفهم، ولا يعقل ما تقوم به المساجد،
والمراكز العلمية، وما يقوم به دعاة السنة، وطلاب العلم في البلاد اليمينة وغيرها من
الخير الكثير للبلاد والعباد، وكم يصرف الله بهم من الشرور والفتن العظيمة.
يا فتحي هداك الله، هذه المساجد بفضل الله هي التي حمت
البلاد، وخاصة في الجنوب من غزو الحوثي والمؤامرة العالمية لتدمير الجنوب، والبلاد
اليمنية، وهي كانت المناصر الأول للتحالف المبارك الذي قادته المملكة العربية
السعودية.
وهذه المساجد هي التي حمت الجنوب كاملا بفضل الله من
المجاعة والانهيار والدمار الشامل، الذي يُشاهد الآن في المناطق التي يسيطر عليها
الحوثي، فهي في مجاعة، وفي كوارث وشرور لا يعلمها إلا الله، وأنتم في أمن وأمان
وخير عظيم.
هذه المساجد يا فتحي لما دخل الحوثي الجنوب؛ وهربت أنت
وأمثالك؛ تصدت هذه المساجد ودعاة السنة، وحثوا الناس جميعا على التصدي للحوثي
وجهاده وطرده من الجنوب كاملا، والوقوف مع التحالف العربي عندما جاء مناصرا.
وكان كثير من دعاة هذه المساجد وشبابها في مقدمة
الصفوف في الجبهات يتصدون للحوثي، وينكلون به، والناس يقتدون بهم ويتشجعون بهم،
ويلتفون حولهم، فلما انتهت الحرب؛ رجعوا إلى مساجدهم يعلمون الناس ويربون المجتمع.
هذه
المساجد هي التي أهلت وحفظت الشباب وأفكارهم؛ ولولاها بعد الله لكان شباب الجنوب،
يسبحون في فكر الحوثي ويقاتل معه في الجبهات، أو مع غيره من التنظيمات الإرهابية،
وفي فساد أخلاقي وعقائدي كبير.
هذه المساجد هي التي دعت الناس إلى الأمن والأمان،
وحذرتهم من الفوضى، والخروج على الدولة، فما تعيشون فيه في الجنوب من الأمن
والاستقرار كان للمساجد اليد الطولى في ذلك، وفضلها كبير على البلاد بعد الله
يعلمه العقلاء عندكم.
يا فتحي
أنت الآن في مكتبك تكتب وتنشر، وآمن في بيتك وعملك، ولا تتذكر أن هذا الخير الذي
أنت فيه؛ الفضل فيه بعد الله للمساجد ودعاة السنة؛ الذين سارعوا من أول يوم لإنقاذ
الجنوب واليمن من شر المؤامرة الكبيرة التي كانت تستهدف تدمير الجنوب واليمن
والجزيرة، فيجب عليك وعلى أمثالك، أن تشكروا لهذه المساجد، ولهؤلاء الدعاة، دعاة
السنة، الذين تزدريهم، وتتنقص منهم، وأن تشيدوا بهم، وتعرفوا قدرهم، وقدر تلك
المساجد، والدور الكبير الذي يمارسونه في إصلاح المجتمعات، وأن تفرحوا بزيادة تلك
المساجد، وكثرة الدعاة والعلماء وطلاب العلم الصالحين المصلحين.
يا فتحي هذه المساجد تجلب الخيرات، والبركات للمجتمعات،
وكلما كثرت زاد الخير والطمأنينة في المجتمع، وعم السلم والسلام، وزالت الفتن
والشرور؛ فهي بيوت الله في الأرض يسعد أهلها وجيرانها، ويسعد المجتمع الذي حولها،
ولن يشقى مجتمع بإذن الله، كثر فيه بيوت الله، وكثر فيه دعاة السنة والخير والصلاح،
والواقع شاهد.
قال
النبي صلى الله عليه وسلم:«وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ
فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا
اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ
بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ،
وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه مسلم (2699) عن أبي هريرة رضي الله عنه
وقال
النبي صلى الله عليه وسلم «"إنَّ اللهَ وَمَلائِكتَهُ وَأهْلَ
السَّماواتِ والأرَضِينَ، حتَّى النَّمْلةَ في جُحْرِها وَحتَّى الحُوتَ،
لَيُصلُّونَ على مُعلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ".» رواه الترمذي (2685) عن أبي أمامة الباهلي ضي الله
عنه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ولهذا لما كانت عبادة المسلمين
المشروعة في المساجد التي هي بيوت الله كان عمار المساجد أبعد عن الأحوال الشيطانية» «مجموع الفتاوى»
(11/ 290)
كتبه
أبو حمزة محمد بن حسن السّوَري 27/ ربيع الآخر/1446هجرية
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.