الثلاثاء

[بغض ومعاداة أهل البيت الصالحين طريقة النواصب المبتدعين]

 

 

بغض ومعاداة أهل البيت الصالحين

طريقة النواصب المبتدعين

 

 

 

كتبه

أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإننا نرى بين الحين والآخر حملات سيئة منظمة، ومبرمجة، -من بعض الثوار، والناشطين والناشطات، وبعض الإعلاميين، وبعض الكتاب، ومن يسمون أنفسهم بالعباهلة والأقيال-، يقومون بحملات ضد أهل البيت عموما، وعدم التفريق بين الصالحين منهم والفاسدين، ومحاولة تصوير أن أهل البيت والهاشميين عموما حوثة، ونرى ونسمع منهم المطالبة باستئصال السلالة الهاشمية، والهاشميين عموما، دون التفريق بين الصالحين منهم والفاسدين، بل وصل الحال ببعضهم أنه لا يريد ذكر آل محمد صلى الله عليه وسلم في الصلاة الإبراهمية في التشهد الأخير في الصلاة وغيرها، وينكر قولها في التشهد في الصلاة، ووصل الحال ببعضهم للتعرض للنبي صلى الله عليه وسلم بالطعن، وبعضهم يقول السلالة النجسة!!.

وهذه الأقوال والأفعال الشنيع؛ مخالفة للكتاب والسنة، ومخالفة لعقيدة المسلمين، وإجماع سلف الأمة، ويتضح بطلان هذا الفعل، وهذا الفكر، من خلال:

أولا: جاءت الأدلة من الكتاب والسنة على فضل أهل البيت الصالحين، ومكانتهم في الإسلام، ووجوب محبتهم، واحترامهم، وتقديرهم:

قال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لله وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله وَالْحِكْمَةِ إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 31 - 34] .

وعن وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، رضي الله عنه: قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ الله اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ". روى مسلم (2276).

أقول: إن الطاعن في أهل البيت الصالحين هو طاعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذية له؛ لأنه رأس أهل البيت، وهم أهل بيته، وذريته، وينتسبون إليه، وقد حذر سول الله صلى الله عليه وسلم من أذيتهم والإساءة إليهم.

وعن عِكْرِمَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهِيَ جَارِيَةٌ تَلْعَبُ مَعَ الْجَوَارِي، فَجَاءَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَدَعَوْا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ نَشَاطٍ بِي، وَلكنْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ كُل سَبَبٍ وَنَسَبِ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي"، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم سَبَبٌ وَنَسَبٌ» رواه عبد الرزاق في "مصنفه"  [11196]، والطبراني في "الكبير" (11621)

قال الإمام الألباني رحمه الله في " الصحيحة" (5 / 64): روي من حديث عبد الله بن عباس وعمر بن الخطاب والمسور بن مخرمة وعبد الله ابن عمر [ثم ذكر طرق الأحاديث وقال]:

. وجملة القول إن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح. والله أعلم" اهـ.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} [الشورى: 23] فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَقَالَ: «إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ القَرَابَةِ» رواه البخاري (4818).

وروى الإمام مسلم رحمه الله في "صحيحه" في كتاب "فصائل الصحابة"، رقم (2408):"عن يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، رَأَيْتَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ، يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَالله لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهْدِي، وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَمَا لَا، فَلَا تُكَلِّفُونِيهِ، ثُمَّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ الله فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ الله، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ " فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ الله وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي» فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟ قَالَ: نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ، قَالَ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ آلُ عَلِيٍّ وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: نَعَم".

وعن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا: اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "رواه البخاري (3369)، ومسلم (407).

وروى الإمام البخاري في "صحيحه" كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين، برقم (3713) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه موقوفًا عليه: «ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ».

وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي" رواه البخاري (3712)، ومسلم (1759).

وعن المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي» رواه البخاري (3767)، ومسلم (2449) ولفظه: «إِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا»

وعَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا، فَبَكَتْ، فَقُلْتُ لَهَا: اسْتَخَصَّكِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثِهِ ثُمَّ تَبْكِينَ ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ، فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. سَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيَّ، فَقَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقًا بِي، وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟» قَالَتْ: فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ رواه البخاري (6285)، ومسلم (2450).

قال الإمام الوادعي رحمه الله في "تحفة المجيب" (ص: 13): "فهذه فاطمة التي كانت في غاية من الزهد واختار الله عز وجل لها علي ابن أبي طالب، فقد خطبها غير واحد، منهم: أبوبكر، وخطبها بعده عمر، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إنّها صغيرة)) ثم خطبها علي بن أبي طالب فزوجه بها. وكان مهرها درع علي بن أبي طالب الحطمية. فهذه الأدلة المتكاثرة تدل على فضل أهل بيت النبوة" اهـ

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ. رواه مسلم (78).

وعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» رواه الترمذي (3713) قال الشيخ مقبل رحمه الله: في "تحفة المجيب" (ص: 12)": "رواه الترمذي من حديث زيد بن أرقم. وجاء عن ستة من الصحابة: "من كنت وليّه فعليّ وليّه" اهـ.

قال الشيخ مقبل رحمه الله في "تحفة المجيب" (ص: 12): "وهذا كما يقول الإمام الشافعي والطحاوي رحمهما الله: إن الحديث لا يدل على أن عليًا أحق بالخلافة، وإنما هو ولاء الإسلام كقوله تعالى: {إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون}، وكقوله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} فإن قال قائل: فلم خصّ علي؟. فالجواب: أن خصوصية علي دليل على منْزلته الرفيعة" اهـ.

وعن أَبَا بَكْرَةَ رضي الله عنه: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ الله أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ»، قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: " قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله: إِنَّمَا ثَبَتَ لَنَا سَمَاعُ الحَسَنِ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ بِهَذَا الحَدِيثِ" رواه البخاري (2704).

وعن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ». رواه أحمد (10999)، والترمذي (3768)، وصححه الألباني رحمه الله

قال ابن الوزير رحمه الله: "وقد دلت النصوص الجمة المتواترة على وجوب محبتهم وموالاتهم، وأن يكون معهم، ففي الصحيح: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا)، وفيه (المرء مع من أحب)، ومما يخص أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول الله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} فيجب لذلك حبهم وتعظيمهم وتوقيرهم واحترامهم والاعتراف بمناقبهم، فإنهم أهل آيات المباهلة والمودة والتطهير، وأهل المناقب الجمّة والفضل الشهير" اهـ من" إيثار الحق على الخلق" (ص416).

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في" تفسيره" (6/991): "ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا وحسبا ونسبا، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلى أهل ذريته رضى الله عنهم أجمعين" اهـ

ثانيا: حبهم، وإكرامهم، وعدم بغضهم والإساءة إليهم من عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد ذكر الأئمة الذين صنفوا وكتبوا وألفوا في معتقد أهل السنة والجماعة ذلك في كتبهم:

قال الإمام الطحاوي رحمه الله في "عقيدته": «وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ وَلَا نُفَرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وطغيان»

 وقال أيضا: «وَمَنْ أَحْسَنَ الْقَوْلَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم َ وَأَزْوَاجِهِ الطَّاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَذُرِّيَّاتِهِ الْمُقَدَّسِينَ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ فَقَدَ بَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ» اهـ

وقال الإمام محمد بن الحسين الآجري رحمه الله «الشريعة للآجري» (5/ 2276): «‌‌بَابُ إِيجَابِ حُبِّ بَنِي هَاشِمٍ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ: وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مَحَبَّةُ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: بَنُو هَاشِمٍ ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ، وَفَاطِمَةُ وَوَلَدُهَا وَذُرِّيَّتُهَا ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَوْلَادُهُمَا وَذُرِّيَّتُهَا ، وَجَعْفَرٌ الطَّيَّارُ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ، وَحَمْزَةُ وَوَلَدُهُ ، وَالْعَبَّاسُ وَوَلَدُهُ وَذُرِّيَّتُهُ ، رضي الله عنهم ، هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَحَبَّتُهُمْ وَإِكْرَامُهُمْ وَاحْتِمَالُهُمْ وَحُسْنُ مُدَارَاتِهِمْ ، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِمْ ، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ ، فَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ ، فَقَدْ تَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ سَلَفِهِ الْكِرَامِ الْأَخْيَارِ الْأَبْرَارِ ، وَمَنْ تَخَلَّقَ مِنْهُمْ بِمَا لَا يُحْسِنُ مِنَ الْأَخْلَاقِ ، دُعِيَ لَهُ بِالصَّلَاحِ وَالصِّيَانَةِ وَالسَّلَامَةِ ، وَعَاشَرَهُ أَهْلُ الْعَقْلِ وَالْأَدَبِ بِأَحْسَنِ الْمُعَاشَرَةِ وَقِيلَ لَهُ: نَحْنُ نُجِلُّكَ عَنْ أَنْ تَتَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ لَا تُشْبِهُ سَلَفَكَ الْكِرَامَ الْأَبْرَارَ ، وَنَغَارُ لِمِثْلِكَ أَنْ يَتَخَلَّقَ بِمَا تَعْلَمُ أَنَّ سَلَفَكَ الْكِرَامَ الْأَبْرَارَ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ ، فَمِنْ مَحَبَّتِنَا لَكَ أَنْ نُحِبَّ لَكَ أَنْ تَتَخَلَّقَ بِمَا هُوَ أَشْبَهُ بِكَ ، وَهِيَ الْأَخْلَاقُ الشَّرِيفَةُ الْكَرِيمَةُ ، وَالله الْمُوَفِّقُ لِذَلِكَ» اهـ

وقال الإمام محمد بن الحسين الآجري رحمه الله «الشريعة للآجري» (5/ 2200):«وَأَنَا أَذَكَرُ فَضْلَ أَهْلِ الْبَيْتِ جُمْلَةً ، الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الله عز وجل فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاهِلَ بِهِمْ ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلُ} [آل عمران: 61] وَهُمْ: عَلِيٌّ ، وَفَاطِمَةُ ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهم ، وَمِمَّنْ قَالَ الله عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] وَهُمُ الَّذِينَ غَشَّاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِرْطٍ لَهُ مُرَحَّلٍ ، وَقِيلَ: بِكِسَاءٍ خَيْبَرِيٍّ ، وَقَالَ لَهُمْ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] " وَهُمْ: عَلِيٌّ ، وَفَاطِمَةُ ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهم وَمِمَّنْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ وَصِهْرٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي وَصِهْرِي» فَهُمْ عَلِيٌّ ، وَفَاطِمَةُ ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ، وَجَعْفَرٌ الطَّيَّارُ ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ عَلِيٍّ ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ ، وَذُرِّيَّتُهُمُ الطَّيِّبَةُ الْمُبَارَكَةُ ، وَأَوْلَادُ خَدِيجَةَ أَبَدًا ، رِضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ » اهـ

وقال الإمام البربهاري رحمه الله في «شرح السنة» (ص93): «واعرف لبني هاشم فضلهم؛ لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف فضل قريش والعرب وجميع الأفخاذ، فاعرف قدرهم [وحقوقهم] في الإسلام، ومولى القوم منهم، وتعرف لسائر الناس، حقهم في الإسلام و [تعرف فضل] الأنصار، ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وآل الرسول فلا تنساهم، تعرف فضلهم، وجيرانه من أهل المدينة، فاعرف فضلهم» اهـ

وقال العلامة الألوسى رحمه الله في «صب العذاب على من سب الأصحاب» (ص275): «إن أهل السنة بأجمعهم يروون في كتبهم فضائل أهل البيت ومآثرهم، كيف لا؟ وهم يرون فرضية حب أهل البيت! ويروون في ذلك عدة أحاديث» اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (3 / 154) : «وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتولونهم وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: {أُذَكِّرُكُمْ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي} وَقَالَ أَيْضًا لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ - وَقَدْ اشْتَكَى إلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ - فَقَالَ: {وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لله وَلِقَرَابَتِي} وَقَالَ: {إنَّ الله اصْطَفَى بَنِي إسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ} .

وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ خُصُوصًا خَدِيجَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا أُمُّ أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضَدَهُ عَلَى أَمْرِهِ وَكَانَ لَهَا مِنْهُ الْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ وَالصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ} .

وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ وَيَسُبُّونَهُمْ. وَمِنْ طَرِيقَةِ النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ الْبَيْتِ بِقَوْلِ أَوْ عَمَلٍ وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ "اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة النبوية" (2 / 71): "وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَتَوَلَّوْنَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ وَالنَّوَاصِبِ [جَمِيعًا]، وَيَتَوَلَّوْنَ السَّابِقِينَ وَالْأَوَّلِينَ [كُلَّهُمْ]، وَيَعْرِفُونَ قَدْرَ الصَّحَابَةِ وَفَضْلَهُمْ وَمَنَاقِبَهُمْ، وَيَرْعَوْنَ حُقُوقَ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّتِي شَرَعَهَا الله لَهُمْ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِمَا فَعَلَهُ الْمُخْتَارُ وَنَحْوُهُ مِنَ الْكَذَّابِينَ، وَلَا مَا فَعَلَهُ. الْحَجَّاجُ وَنَحْوُهُ مِنَ الظَّالِمِينَ" اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (28 / 492): " وَلَوْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي حُقُوقِ الْقَرَابَةِ وَحُقُوقِ الصَّحَابَةِ لَطَالَ الْخِطَابُ فَإِنَّ دَلَائِلَ هَذَا كَثِيرَةٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ وَتَبَرَّءُوا مِنْ النَّاصِبَةِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَيُفَسِّقُونَهُ وَيَنْتَقِصُونَ بِحُرْمَةِ أَهْلِ الْبَيْتِ؛ مِثْلَ مَنْ كَانَ يُعَادِيهِمْ عَلَى الْمُلْكِ أَوْ يُعْرِضُ عَنْ حُقُوقِهِمْ الْوَاجِبَةِ أَوْ يَغْلُو فِي تَعْظِيمِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِغَيْرِ الْحَقِّ..." اهـ

وقال الإمام الوادعي رحمه الله في "تحفة المجيب" (ص: 8): "وقد ذكر العلماء رحمهم الله الشيء الكثير من مناقب أهل بيت النبوة. فالحسن والحسين وذريتهم المستقيمين منْزلتهم رفيعة" اهـ.

ثالثا: هذا الفعل هو فعل النواصب الذين يبغضون ويعادون أهل البيت الصالحين، وينصبون لهم العداء، وهم مبتدعة ضلال:

قال الزبيدي رحمه الله في " تاج العروس" (4 / 277): "(النَّوَاصِبُ، والنّاصِبيَّةُ، وأَهْلُ النَّصْبِ) : وهم (المُتَدَيِّنُون ببِغْضَةِ) سيّدِنا أَميرِ المُؤْمنينَ ويَعْسُوب المُسْلِمينَ أَبي الحسنِ (عَلِيّ) بْنِ أَبي طالبٍ، (رضِيَ الله) تَعَالَى (عَنْهُ).. (لأَنَّهم نَصَبُوا لَهُ، أَي: عادَوْهُ) ، وأَظْهَرُوا لَهُ الخِلافَ، وهم طَائِفَة من الخَوَارِج، وأَخبارُهم مُستوفاةٌ فِي كتاب المَعالم لِلبَلاذُرِيّ" اهـ.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "الناصبة اعتقدوا أن عليا رضي الله عنه قتل عثمان أو أعان عليه، فكان بغضهم له ديانة بزعمهم ثم انضاف إلى ذلك أن منهم من قتلت أقاربه في حروب علي". اهـ من" تهذيب التهذيب"  (8/458)  

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "منهاج السنة النبوية" (7 / 105): "النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ عَلِيًّا، أَوْ يَقْدَحُونَ فِي إِيمَانِهِ، مِنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ" اهـ

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "النواصب، هم الذين ينصبون العداء لآل البيت، ويقدحون فيهم، ويسبونهم، فهم على النقيض من الروافض" اهـ من " شرح الواسطية" (2 / 283)

وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى جوابا عن سؤال: "ما الذي يدل على أن أهل السنة والجماعة لا يجاملون أحداً من الناس سواء كانوا من أهل البيت أم من غيرهم بل يستعملون الإنصاف في كل شيء وخاصة في أمور دينهم؟

فأجاب رحمه الله:

الذي يدل على أنهم لا يجاملون هم ما ذكروه من الكثير الطيب في فضائل أهل بيت النبوة، وما ذكروه أيضاً في تراجمهم لعلي بن أبي طالب، وللحسن والحسين، ولمحمد بن علي، وجعفر الصادق، وزين العابدين، وزيد بن علي رحمه الله تعالى، وهكذا أيضاً أحاديث المهدي الذي سيأتي أخبر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه يكون من بيت أهل النبوة وأنه يخرج وقد ملئت الأرض ظلماً وجوراً فيملئها قسطاً وعدلاً هذا من بعض الأدلة.

ثم بعد ذلك تجدهم يذكرون في بعض تراجم الرواة يذكرون أنه ناصبي؛ ومعنى الناصبي الذي ينصب العداوة لآل بيت محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - سواء كان بالقول أو الفعل إلى غير ذلك" اهـ من شريط: " نصيحتي لأهل بيت النبوة"

وقال الإمام المجدد مقبل الوادعي - رحمه الله -: قد يسأل سائل عن معنى كلمة ناصبي فنقول: هو من نصب العداوة لآل بيت محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو الحرب سواء بيده أم بلسانه، فهذا معنى الناصبي.

والمحدثون وأهل السنة يعدون الناصبي مبتدعاً، كما يعدون الشيعي مبتدعاً". اهـ من "تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب" (ص 17)

رابعا: هذا الفعل جرم عظيمة وفرية كبيرة، أن الانسان يهجو القبيلة كلها، أو البلد كلها، أو النسب كاملا؛ بسبب جرم بعض أفراد هذه الأسرة أو القبيلة:

فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فِرْيَةً لَرَجُلٌ هَاجَى رَجُلًا فَهَجَا الْقَبِيلَةَ بِأَسْرِهَا، وَرَجُلٌ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ، وَزَنَّى أُمَّهُ ". رواه البخاري في" الأدب المفرد" (1/302، رقم 874)، وابن ماجه (2/1237، رقم 3761) وصححه الألباني في " الصحيحة " (3/475)، وشيخنا الوادعي في "الصحيح المسند" برقم    1646)).

قال المناوي رحمه الله في «فيض القدير» (2/ 7): «(أعظم الناس فرية) بالكسر أي كذبا (اثنان) أحدهما (شاعر يهجو) من الهجو (القبيلة) المسلمة (بأسرها) أي كلها لإنسان واحد منهم كان ما يقتضيه لأن القبيلة لا تخلو من عبد صالح فهاجي الكل قد تورط في الكذب على التحقيق فلذلك قال أعظم فرية» اهـ

خامسا: الكل يعرف أنه يوجد أناس صالحون أتقياء من أهل البيت، ومن الأسر الهاشمية، ومنهم مشايخ ودعاة وطلاب علم أفاضل أهل سنة، ولهم جهود مباركة في الدعوة إلى الله، وتعليم الناس، والتصدي للحوثيين، وللفكر الرافضي الجارودي، ولهم تضحيات كبيرة، ووقوف مشرف، وقتال ضد الرافضة، ومنهم من قتل في سبيل الله، فلماذا هذا التعميم الذي يسيء إليهم، وهم واقفون مع الحق ضد الرافضة الخبثاء، ويبغضون الرافضة من أعماق قلوبهم.

وربنا سبحانه وتعالى يقول {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} [سورة فاطر 18]

سادسا: هنا سؤال مهم جدا، لماذا هؤلاء الذين يشنون هذه الحملات العدوانية ضد أهل البيت عموما، لماذا لا نراهم يتكلمون ويوجهون سهامهم إلى الرافضة، وإلى فكر الرافضة الجارودي الخبيث، ويفضحون فكر الرافضة ومعتقداتهم بالأدلة والبراهين كما يعمله أهل السنة؟، لماذا هذا التوجه العدواني ضد أهل البيت والهاشميين عموما؛ دون تمييز بين الصالح والطالح، وبين المجرم والتقي؟، أين العدل والانصاف؟.

والله تعالى يقول: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لله شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]

ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لله وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَالله أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرً} [النساء: 135]

سابعا: إذا كان الرافضة يركبون موجة أهل البيت، ويحاولون تصوير أنفسهم أنهم حماة أهل البيت، فلا نعين الرافضة على ذلك، بل لابد أن نبين للناس أن الصالحين من أهل البيت منهم براء ومن أفعالهم، وأن هذا التذرع والتدرع بأهل البيت وأنهم حماة أهل البيت غير صحيح البتة، وأنهم أبعد الناس عن معتقد أهل البيت الصحيح، الذي هو الكتاب والسنة.

وأما أن نزج بأهل البيت والهاشميين كلهم مع الحوثي ومع الرافضة هذا ظلم عظيم.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ الله رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» رواه أحمد (5385)، وأبو داود (3597) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني رحمه الله

ومن ذهب من أهل البيت والهاشميين مع الحوثيين الرافضة، فهذا حكمه حكم الحوثيين الرافضة ولا كرامة يبغض ويحذر منه، هذا هو الحق والعدل والإنصاف

وهنا أقدم نصيحة لمن تأثر من أهل البيت و الهاشميين بالحوثيين الرافضة؛ أن يتقوا الله تعالى، وأن يتركوا الحوثي والرافضة، وأن يعودوا لما عليه جدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب، والحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم من التمسك بالسنة، ومحبة الصحابة، والسير على عقيدة أهل السنة والجماعة، فإن فكر الحوثي الرافضي دمار شامل عليهم، وعلى أسرهم، ويقودهم للهلاك، ويزرع بينهم وبين الشعب اليمني والمجتمعات البغضاء والشحناء، والواقع أكبر شاهد، والشعب اليمني يحب أهل البيت كثيرا، ويكن لهم الاحترام والتقدير، ولا تصدقوا الرافضة الحوثيين أن المجتمع اليمني يبغض أهل البيت، فهذا غير صحيح أبدا أبدا.

قال الإمام الوادعي رحمه الله في "تحفة المجيب (ص: 23): "والذي أنصح به إخواننا الأفاضل من أهل بيت النبوة أن يحمدوا الله فإننا ندعوهم إلى التمسك بسنة جدهم، ولا نقول لهم: تمسكوا بسنة جدنا، فمن نحن ولا نستحق أن ندعو إلى التمسك بسنتنا، ولا بسنة أجدادنا، لكن نقول لهم: تعالوا حتى نتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي هو جدكم ويعتبر شرفًا لكم.

كما ننصحهم أن يلتحقوا بمعاقل العلم ويدرسوا الكتاب والسنة، فما رفع الله شأن محمد بن إبراهيم الوزير ومحمد بن إسماعيل الأمير، وحسين بن مهدي النعمي، وهؤلاء الثلاثة من أهل بيت النبوة، ومحمد بن علي الشوكاني وهو قاض، ما رفع الله شأنهم إلا بالعلم وتمسكهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما التحكم والكبر فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: "لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر" اهـ.

وقال الإمام الوادعي رحمه الله في "تحفة المجيب" (ص: 44) جوابا عن: السؤال21: ذكرت أن غير الملتزمين من أهل البيت ليس لهم الفضل، أم الذين ارتدوا عن الإسلام؟

الجواب: الذين خرجوا وصاروا شيوعيين أو بعثيين أو ناصريين ليس لهم الفضل البتة، بل الإثم عليهم أكثر، والذين صاروا فسقة أو ماديين، أو في وظائف محرمة فلا يدخلون في هذا الفضل، إلا أنّهم يتفاوتون، فالفاسق ليس كالكافر المرتد" اهـ.

وقال الإمام والوادعي رحمه الله في "تحفة المجيب" (ص: 14): "وهذه الفضائل المتقدمة هل هي تشمل من لم يكن مستقيمًا؟ فإما أن يكون مبغضًا للسنة، وإما أن يكون هاشميًا وقد أصبح شيوعيًا، أو بعثيًا، أو مرتشيًا، أو مديرًا للضرائب والجمارك، أو موظفا في البنك الربوي، فهل يشمله هذا؟ فأقول: إننا لا نستطيع أن ننفي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن الفضيلة لا تشمله. بل الفضيلة للمتمسكين بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أهل بيت النبوة، وأسعد الناس من كان من أهل بيت النبوة وهو من أهل السنة.

فنحن ندعوهم إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما إذا كان من أهل بيت النبوة وهو مقدام في الشر، فبنو هاشم هم أول من أدخل التلفزيون إلى منطقة (دماج)، وهم أول من أتى بنسائهم إلى الانتخابات في (دماج)، وأما القبائل فقد أصبحوا يستحيون من هذا الفعل.

فإذا كان الأمر كذلك فهل نقول: إن هؤلاء لهم شرف أهل بيت النبوة؟ لا، لا، لا، قال الله سبحانه وتعالى في شأن نوح عند أن قال: {ربّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنّه ليس من أهلك إنّه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين}، وقال سبحانه وتعالى: {فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}" اهـ

تنبيه: لست من أهل البيت حتى يقال: إنني أدافع عن نفسي، لا، ولكن هذا دين وعقيدة وقربة، نقولها وندافع عن هذا المعتقد السني السلفي كما تقدم من الأدلة وأقوال الأئمة.

والحمد لله رب العالمين

كتبه: أبو حمزة محمد بن حسن السِّوري

مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

كان الانتهاء منه يوم السبت 9 من شوال 1439هـ

تمت مراجعته والنظر فيه مع زيادات مرة أخرى

الاثنين 24 من رجب 1445هجرية

مكة المكرمة


حمل الرسالة 

بصيغة 

بي دي اف

من هنا

 



نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى