الخميس

[يا مشـايخ الإبـانة كفى عنادا ومكابرة ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!]

 

 

يا مشـايخ الإبـانة

 كفى عنادا ومكابرة

ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد كثرت الصراعات، والخلافات، والانشقاقات بين البرامكة، أنصار الأمس، أضداد اليوم، الذين كانوا يدًا واحدةً، فتناصروا، وتعاونوا، وتكاتفوا، يدًا بيد ضد أهل السنة في دماج وغيرها، وسكت بعضهم عن أخطاء بعض، حتى ظنوا، وزين لهم الشيطان أنهم انتهوا من أهل السنة في دماج وغيرها؛ فرجع بعضهم فوق بعض، وتحولت الصداقة إلى عداوة، والمحبة إلى بغضاء، والتعاون إلى تنافر وتناحر، ورجع مكرهم، وتخطيطاتهم، ومؤامراتهم، على أم رؤوسهم بالفشل، والخيبة، والخزي، وسلم الله الدعوة السلفية من فتنتهم، وشرهم، وهاهم اليوم في كل دولة، ينهش بعضم بعضًا، ويحذر بعضهم من بعض، ويصف بعضهم بعضًا، بأبشع الأوصاف، والألقاب الشنيعة، التي يتنزه عنها بعض عوام المسلمين، وصدق ربنا سبحانه وتعالى القائل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } [الأنعام: 123]، والقائل سبحانه وتعالى: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ الله وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ} [الأنعام: 124]، والقائل عز وجل: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10]، والقائل عز وجل: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43].

وإني لما رأيت هذا الحال قد وصل بهم إلى هذا السوء الشديد؛ أحببت أن أقدم لهم نصيحة، وخاصة أصحاب الإبانة، لأنهم أصبحوا في حال سيء جدا، وكانوا هم الضحية الأكبر الذين لعب بهم القوم؛ وجعلوهم كبش فداء لمخططاتهم، وفتنتهم، ثم باعوهم بثمن بخس، وكانوا فيهم من الزاهدين، بعد أن استخدموهم لتنفيذ مآربهم، فأخذوهم لحما، ورموهم عظاما!!

فأقول لهم: يا مشايخ الإبانة كفى عنادًا ومكابرة

وقد جاءت الأدلة المتكاثرة في التحذير من المكابرة والعناد مثل:

قول الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة: 146، 147].

وقول الحق جل جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].

وقول الحق جل جلاله: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) } [يونس: 39 - 42].

وقول الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلًا} [فاطر: 42، 43].

وقول الله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 60، 61].

وقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَالله لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ الله أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 204 - 206].

وقول الله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 7].

وعن سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ»، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ»، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ".  رواه مسلم (2021)

وكَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنهما: «.... وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا لَا يَمْنَعُكُ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ بِالْأَمْسِ رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ وَمُرَاجَعَةَ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا يُخْتَلَجُ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَمْ يَبْلُغْكَ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ " اهـ رواه الدار قطني في "سننه" (4471) والبيهقي في "الكبرى" (20372).

وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره" (6/ 62): "{وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] يَقُولُ: وَلَمْ يُقِيمُوا عَلَى ذُنُوبِهِمُ الَّتِي أَتَوْهَا، وَمَعْصِيَتِهِمُ الَّتِي رَكِبُوهَا {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] يَقُولُ: لَمْ يُقِيمُوا عَلَى ذُنُوبِهِمْ عَامِدِينَ لِلْمُقَامِ عَلَيْهَا، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ الله قَدْ تَقَدَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا، وَأَوْعَدَ عَلَيْهَا الْعُقُوبَةَ، مَنْ رَكِبَهَا" اهـ

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (3 / 27): "وَكَانَتْ قُرَيْشٌ فِي ذَلِكَ بَيْنَ رَاضٍ وَكَارِهٍ، فَسَعَى فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ مَنْ كَانَ كَارِهًا لَهَا، وَكَانَ الْقَائِمُ بِذَلِكَ هشام بن عمرو بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالك، مَشَى فِي ذَلِكَ إِلَى المطعم بن عدي وَجَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَطْلَعَ الله رَسُولَهُ عَلَى أَمْرِ صَحِيفَتِهِمْ، وَأَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ جَوْرٍ وَقَطِيعَةٍ وَظُلْمٍ إِلَّا ذِكْرَ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَمَّهُ، فَخَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ ابْنَ أَخِيهِ قَدْ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا خَلَّيْنَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا رَجَعْتُمْ عَنْ قَطِيعَتِنَا وَظُلِمْنَا، قَالُوا: قَدْ أَنْصَفْتَ، فَأَنْزَلُوا الصَّحِيفَةَ، فَلَمَّا رَأَوُا الْأَمْرَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْدَادُوا كُفْرًا إِلَى كُفْرِهِمْ، وَخَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الشِّعْبِ" اهـ

وقَالَ الحافظ أبو نصر الحسنُ اليونارتي:"ومما يدلُ على ديانةِ نُعَيم وأمانتهِ رجوعه إلى الحق لما نبه على سهوه، وأوقف على غلطه، فلم يستنكف عَنْ قبول الصواب، إذ الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والمتمادي في الباطل لم يزدد من الصواب إلا بعدا" اهـ من "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (29/ 471).

وقال أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي رحمه الله: "أَمَّا بَعْد فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أَنْدِيَةُ التَّحْقِيقِ بِأَعْيَانِ الْأَفَاضِلِ لَمْ تَزَلْ حَافِلَةً وَمَغَانِيهَا بِغَوَانِي الْفَضَائِلِ آهِلَةً كَانَ الرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ خَيْرًا مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ وَالتَّحَلِّي بِحِلْيَةِ أَهْلِ الصِّدْقِ خَيْرًا مِنْ التَّحَلِّي بِكُلِّ وَصْفٍ زَائِلٍ وَجِدَالٍ لَيْسَ تَحْتَهُ مِنْ طَائِلٍ وَتَفَيْهُقٍ بِمَا لَا يُجْدِي مِنْ التَّلْفِيقَاتِ وَتَمَشْدُقٍ بِمَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْعِبَارَاتِ" اهـ من "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 77).

وقال أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي: "وذكر لي أبو عبد الله محمد بن سعيد الذهبي وذكره في أخبار النحويين الواسطيين أنه توفي في سنه اثنتين وعشرين وأربعمائة فذاكرته بما قاله الحوزي فقال الرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل الذي ذكره الحوزي هو الحق أنا وهم" اهـ "معجم الأدباء" (1/ 99).

أقول: في هذه الأدلة والآثار وغيرها الكثير، التحذير الشديد من العناد، والمكابرة، فهي طريقة العصاة، والضالين المنحرفين، المخالفين للحق وأهله، وأن على المؤمن أن يتجنب هذه الصفات والأفعال السيئة؛ سلامةً لعقيدته ومنهجه.

وإن مشايخ الإبانة -هداهم الله- قد ابتُلوا بهذه الصفات الذميمة بشدة، وقد حذرهم شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري وإخوانه وطلابه أهل السنة من هذه الصفات من أول الفتنة، وما زالوا يحذرونهم منها إلى يومنا هذا.

وقد كان أهل السنة في البداية حذروهم من أمورٍ سيقعون فيها، إن هم استمروا على تلك الحالة، والطريقة المعوجة، وقد وقعوا فيها تماما كما حذرهم منها أهل السنة، وإني ذاكر هنا -بإذن الله تعالى- شيئا من ذلك، لعلهم يتذكرون، ويتركون العناد، والمكابرة، ويرجعون عن غيهم وعتوهم، ونفورهم، ويراجعون حساباتهم، ويكون في ذلك عبرة، وعظة لهم، ولمن اغتر بهم، ولمن لم يعرف حالهم، وأن أهل السنة بحمد الله؛ قد بذلوا لهم كل ما يستطيعون من النصح، والرفق، واللين، والتواصي بالحق والصبر، على هذا المنهج السلفي.

 وإن مما حذرهم منه أهل السنة من بداية الفتنة ووقعوا فيه:

أولا: لقد حذركم الشيخ يحيى حفظه الله من البداية، وأبان لكم أنها مؤامرة خارجية مقصودة متعمدة، القصد منها السيطرة الكلية على الدعوة السلفية في اليمن، أو على  الكثير من دعاتها وطلابها، والتي كانوا يحلمون بها من قبل في زمن الشيخ مقبل رحمه الله، ولم يستطيعوا أن يتجرؤوا على فعل شيء؛ لمهابة الإمام الوادعي رحمه الله، لأنهم رأوا أن من قام من الحزبيين وأهل البدع يحاول ذلك؛ جرد له الشيخ مقبل رحمه الله العصا وكسر ظهر مؤامراته وفتنته، فسكت هؤلاء حتى مات الشيخ مقبل رحمه الله ليذهب عنهم زمن الخوف، وقد ظهر للجميع -بحمد الله وفضله- من وراء هذه المؤامرة، والمكيدة العظيمة، التي وقعتم ضحيتها، وليست القضية، قضية بناء مركز فقط، وقد تحقق لهم شيء من السيطرة، بسبب أفعالكم وتهوركم، وعدم السير بسير الإمام الوادعي رحمه الله الذي تربيتم عليه، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

ثانيا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أن هذه الفتنة القصد من ورائها إخراج الدعوة السلفية وأهلها في اليمن عما كانت عليه في زمن الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله من الصفاء، والنقاء، والتميز، والمحبة، والتكاتف، والتعاضد، والعلم، والتعليم، والدعوة، وها نحن نراكم خارج الدعوة السلفية بقضكم والقضيض، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

ثالثا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أن هذه الفتنة قامت من أجل التحريش بين الدعاة، والمشايخ، وطلاب العلم، في اليمن وغيرها، وإيغار صدور بعضهم على بعض، وإيقاع البغضاء والشحناء بين أهلها، الذين كانوا على قلب رجلٍ واحدٍ، بعد أن فشلوا في السيطرة الكاملة عليها وعلى الشيخ يحيى ودار الحديث بدماج، ولعلكم تذكرون مقولة: (اسحبوا يحيى من على الكرسي وليكن البديل موجودًا!)، وها أنتم قد رأيتم التحريش الكبير، وإيغار صدور...، وكنتم  سببا فيه، وجزءا منه، ومعول هدم بأيدي من دفعكم وحرضكم، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

رابعًا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية، أن هذه الفتنة قامت من أجل ضياع طلاب العلم، واستقطابهم، وفتنتهم، وإخراجهم من المراكز العلمية، ورأسها دماج، وقد رأيتم الكم الكبير من طلاب العلم الذين ضاعوا، وفتنوا، وأخرجوا من المراكز العلمية، فمنهم من ذهب وراء الدنيا، ومنهم من ذهب وراء الحزبيات، والجمعيات، بعد أن تعب أهل السنة في تربيتهم سنوات طويلة، وصرفوا عليهم أموالًا وجهودًا لا يعلمها إلا الله تعالى، وكانوا يأملون فيهم أن ينفع الله بهم الإسلام والمسلمين، ويعودون دعاة خير وسنة، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

خامسا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أن هذه الفتنة سوف تجرجركم إلى مخالفة المنهج السلفي، واتباع قواعد، وتأصيلات أهل البدع، وسوف تتنكرون للمنهج السلفي الذي تربيتم عليه عند الإمام الوادعي رحمه الله، وقد وقعتم بسبب هذه الفتنة في تأصيلات، وقواعد، ومخالفات من قبلكم من الإخوان والسروريين والقطبيين والمغراويين والحسنيين وغيرهم، وجمعتموها بعناية شديدة، وقدمتموها لطلاب العلم على أنها المنهج السلفي!، كما في كتاب الإبانة وغيره، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

سادسا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه منذ خروج كتاب "الإبانة" أن هذا الكتاب ضرر على الدعوة السلفية وأبنائها الآن، وعلى الأجيال القادمة، وأنه لا فرق بينه وبين كتب السروريين والقطبيين وأبي الحسن والمغراوي وعرعور والحلبي، وأن أهل الأهواء سوف يفرحون ويشيدون به جدًا، وقد حصل، وأنه سوف يؤثر على طلابكم، ويكون سببا في انحرافهم، وزيغهم، وقد حصل، وأن الذي أعانكم وراجع لكم الكتاب، القصد له من ذلك، هو كيد أهل السنة في دماج، فهو يريدهم، وراجعه من أجل الرد عليهم، ولذلك وافقكم في البداية، ثم عند أن انتهت صلاحيتكم عنده، سوف يتبرأ منكم ومن الكتاب، وقد تحقق ذلك، وقال: الكتاب يلغى!، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

ثامنا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية، أن من فتنتموهم من طلابكم سوف يضعف عندهم الولاء والبراء والتميز، وسوف يتركونكم، وينقلبون عليكم، وقد رأينا كيف ترككم الكثير منهم إلى الجمعيات والإخوان والسروريين وأبي الحسن وغيرهم، وأيضا الذين لا يزالون عندكم هم على فكر الإخوان والسروريين والقطبيين وأبي الحسن وغيرهم، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

تاسعا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أنكم ومن تآمرتم معه ضد أهل السنة، سوف تنقسمون، وتتفرقون فيما بينكم، وترجعون أقسامًا وفرقًا، وها أنتم اليوم صعافقة ومصعفقة وإبانيون وفراكسة ورسلانيون وغير ذلك، وكل واحد يطعن في الآخر، ويحذر من الآخر، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

عاشرا: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أن من دفعوا بكم، وازوكم، وشحنوكم ضد إخوانكم، سوف ينقلبون عليكم بعد أن يقاضوا بكم مآربهم، وأغراضهم، وشرهم، ويتخذونكم مطايا، ثم يتركونكم، وقد رأينا كيف انقلبوا عليكم، وحذروا منكم بشدة، وبدعوكم، أمثال الدكتور ربيع وعبيد والبخاري ومن معهم، وكان الشيخ يحيى يقول لكم: اليوم يحذرون منا ويبدعوننا، وغدًا سوف ينقلبون عليكم، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

الحادي عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية من عاقبة موقفكم ودفاعكم عن الرافضة الحوثيين، وخذيلتكم لأهل السنة في جهادهم ضد الرافضة، وأن هذا الموقف سوف يجلب لكم الذل والمهانة والخزي، وقد رأى الجميع كيف أصبحتم أذلة، مهانين عند الحوثيين، تدافعون عنهم، وتثنون على أئمتهم في خطب الجمعة، وتحضرون لهم، وتشاركونهم في احتفالاتهم، وندواتهم، وتتلمسون ودهم ورضاهم، وتدعون لهم، وأنهم ولاة أمركم، وتجبرون أتباعكم على وثيقة خبيثة، تدعو لأخوة الرافضة، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

الثاني عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أن هذه الفتنة سوف تقودكم إلى المعاصي، وتتجرؤون عليها بشدة، فها نحن نرى الشحاذة، والتصوير، والكذب، والتلبيس، وتقليب الحقائق، والفجور في الخصومة، والغيبة والنميمة، والتحريش، والطعن في الأعراض بغير حق، والتلصص باسم الدعوة، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

الثالث عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية وقال لكم: إن الحفاظ على عقيدة طلاب العلم، أهم من الحفاظ على المباني، فحافظتم على مباني مراكزكم، وضيعتم وخربتم عقيدة طلابكم، وضاع الولاء والبراء الصحيح، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

الرابع عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية، وقال لكم: إنكم تسيرون حذو القذة بالقذة على طريقة من سبقكم في تشويه الدعوة السلفية وحملتها في اليمن، والكذب عليها، وتدوير وإعادة ما افتروه وكذبوه وادعوه على الدعوة السلفية ورجالها، وها نحن نرى ونشاهد أنكم رجعتم تكررون اسطواناتهم، وتنتقدون على الدعوة السلفية بما كان يقوله أبو الحسن المصري ونعمان والبكري وفالح وأصحاب شبكة الأثري وغيرهم تماما حذو القذة بالقذة، وتعيدون ما كنتم تنكرونه من قبل عليهم، وجمعتموه الآن في رسائل جديدة ملونة مزخرفة، ولم تزيدوا عليها شيئا يستحق الذكر، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

الخامس عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية من السكوت عن الذين يطعنون في الإمام الوادعي رحمه الله ومركزه وطلابه ودعوته، وأن هذا السكوت سوف يجرؤهم أكثر وأكثر، وقد علم الجميع سكوتكم عن البخاري في طعنه في الإمام الوادعي ودعوته وأنه وطلابه على فكر الخوارج، بل والثناء عليهم والذهاب إليهم في بيوتهم وشرب حليب الإبل معهم، فما زادتهم هذه المواقف المخجلة منكم؛ إلا الاستمرار في بغيهم، وعدوانهم، وجرأتهم على الدعوة السلفية ورأسها دماج، فازدادوا عتوا ونفورا في التحذير والطعن، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

السادس عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى من البداية أن تلك الطريقة في تأسيس مركز الفيوش ليست طريقة الدعوة السلفية في اليمن، ولم تكن عليها المراكز قبل، وإنما هي طريقة تجارية، ومركز تجاري، القصد منهم ضياع طلاب العلم وراء الدنيا، وإبعادهم عن الدعوة السلفية في اليمن والعلم النقي الصافي، وأن وراءها أيدي خفية تجارية، وقد رأى الجميع هذا المركز الذي تحول إلى جامعة تجارية، وأموال، وحسابات بنكية، وشحاذة، وتصوير، وكيمرات في المساجد، والتحاق من هب ودب إليها، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

السابع عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية، أن فتنتكم هذه سوف تضعف الدعوة السلفية في اليمن والعالم، وسوف تجرئ عليها أعداءها وحسادها من كل مكان، ومن كل الطوائف والفرق، وقد رأى الجميع ذلك واضحا كالشمس، كيف تكالب عليها حسادها ومحاربوها من كل مكان، وضعفت وتقسمت أقساما بسببكم، ولولا فضل الله ورحمة لانهارت هذه الدعوة، وانتهت وتفرق أهلها، كما تفرقت وانتهت كثير من الدعوات، ولكن الله حافظ دينه وأولياءه، فالدعوة باقية ومستمرة مع كثرة ما حصل لها من مؤامرات وحروب والفضل لله تعالى، وتذكروا كيف استغل الرافضة موقفكم ضد أهل السنة في دماج، وكيف تكثروا بكم، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

الثامن عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى وإخوانه من البداية أن هذه الفتنة سوف تؤثر جدا على مستواكم العلمي، وسوف تصرفون عن العلم، والتعليم، والدعوة، والكتابة، والتأليف، والبحوث العلمية، وقد رأى الجميع كيف أصبحتم ذابلين، خامدين، خاملين في هذا الباب، فأين مؤلفاتكم، وبحوثكم العلمية القوية، ونفعكم العلمي للأمة الإسلامية؟!، كان الواحد ربما تمر عليه السنة، وقد أخرج عدة كتب، ومؤلفات، وبحوث علمية قوية؛ يتنافس عليها السلفيون في العالم، وأما الآن فشيء محزن لا عقيدة سلفية، ولا علم حقيقي ينتفع به، وأين الطلاب الذين تخرجوا على أيديكم من أول الفتنة إلى الآن؟، هاتوهم  لنا، وهل أصبحوا مرجعا لإخوانهم في بلدانهم؟، حتى الذين كانوا في دماج، وكانوا على مستوى علمي طيب، لما انحرفوا إليكم ذبلوا جدًا، وقد كان يشار إليهم بالعلم والتعليم والدعوة والكتابة والتأليف، وشيخنا مقبل رحمه الله كان يقول: أين فلان الذي كان قد عزم على تحقيق مسند أحمد، وأين فلان، وفلان الذين كانوا باحثين أقوياء،؟ مسختهم الحزبية، وأصبحوا وراء الدينار والدرهم، وها أنتم اليوم أصبحتم مثلهم!، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

التاسع عشر: لقد حذركم الشيخ يحيى من بداية الفتنة من تخبيب الطلاب على معلمهم ومدرسهم، عندما كنتم تحرضون طلاب العلم في دماج وغيرها على الشيخ يحيى، فكان الشيخ يحيى يقول لكم: هذا عاقبته وخيمة، وسوف تعرفون مغبة ذلك في طلابكم، وأنتم لا تحبون ذلك في طلابكم، فكيف تخببون الطلاب علينا، والجزاء من جنس العمل، وقد رأينا كيف خبب البرامكة ومن وراءهم عليكم طلابكم، وأخذوهم من تحت أيديكم، وقلبوهم عليكم، كما فعلتم تماما مع الشيخ يحيى وأشد، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

العشرون: لقد حذركم الشيخ يحيى من البداية أن لا تأخذوا مكتبة الإمام الوادعي رحمه الله وأدوات ومعدات مركز دار الحديث بدماج ردها الله، وأن هذا من الغلول، وأن هذا سوف يحرم طلاب العلم والدعوة السلفية من خيرها، وأن حججكم في أخذها واهية جدا، وأنكم سوف تتسببون في تعطيلها عن الوقف الذي جعله الشيخ مقبل رحمه الله لها على طلبة العلم، وأنكم سوف تحملون أوزار ذلك وثقله، أليس تلك الأوقاف معطلة الآن، بسبب حقدكم وفتنتكم وتسلطكم عليها؟، ألم يحصل ما حُذِرتم منه؟!

أخيرا:

تبين من المختصر الذي تقدم: أن كل ما حذركم منه أهل السنة وعلى رأسهم شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله وصلتم إليه ووقعتم فيه، ورأيتموه رأي العين، ورأيتم مغبة ذلك، وعاقبته، فيكفي مكابرة وعنادًا، وعودوا إلى عقيدتكم، وإخوانكم، ودعوتكم، وتخلصوا مما أثقل كواهلكم من الذنوب والمعاصي، والتأصيلات البدعية المخالفة لمنهج سلف الأمة، واتركوا الباطل الذي أنتم فيه وعليه، فهو والله رفعة لكم وليست مذمة أو نقصانا أن تعودوا للحق، والاستمرار في هذا الطريق المعوج ستكون عواقبه أشد وأنكى مما أنتم فيه الآن، ولتكن لكم عبرة بمن سبقكم ممن ضاد وعاند وكابر الدعوة السلفية وأهلها، أين كانوا وأين هم الآن، لا يزالون من سقوط إلى سقوط، ومن كوارث إلى كوارث، وأنتم أين كنتم وأينكم اليوم؟!، راجعوا أنفسكم ولا تظلموها، ولا تظلموا طلابكم، واعلموا أن ظلم الدعوة السلفية وأهلها، ليس بالأمر الهين والسهل عند الله تعالى الحكم العدل، بل هو والله بالأمر العظيم الشديد، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وربنا سبحانه وتعالى يقول كما في الحديث القدسي: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ" رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، ووالله إننا نقول هذا من أجل مصلحتكم، ومن أجل أن لا تظلموا أنفسكم ولا طلابكم والمسلمين أكثر مما قد ظلمتموهم، ولا تتحملوا أوزار من ظلمتموهم فهو شديد { لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} [النحل: 25، 26]، وهذه سنوات طويلة ماذا استفدتم من العناد والمكابرة؟، حالكم والله محزن مخيف من سيء إلى أسوء، أرجو أن هذا النصح يجد أذانا صاغية مستفيدة، فهو والله خير لكم قبل غيركم والله المستعان.

كتبه

أبو حمزة محمد بن حسن السِّوِري

ليلة الجمعة 8من صفر1445هجرية

حمل المقال بصيغة بي دي اف


من هنـــــا



نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى