الخميس

[هكذا عرفت الإمام الوادعي ورحلت إليه]

[هكذا عرفت الإمام الوادعي ورحلت إليه]


بسم الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


أما بعد:

قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].

وقال تعالى: {فَاذْكُرُوا آلَاءَ الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: 69]

قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره# (3/ 434):«{فَاذْكُرُوا آلاءَ الله} أَيْ: نِعَمَهُ ومنَنه عَلَيْكُمْ {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}# اهـ.


فنعمُ الله وفضله وكرمه على عباده كثيرةٌ لا يحصيها إلا الله تعالى؛ ومنها أن يوفق  الله العبدَ لمعرفة عالمٍ من علماء السنة، ويتتلمذ على يديه، ويعرف خيره عن قرب، فهي من السعادة الكبيرة.


قال الإمام أحمد رحمه الله: «الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين# اهـ من «الرد على الجهمية والزنادقة# (ص: 55)


وقال أَيُّوبَ السختياني رحمه الله: «إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الْحَدَثِ وَالْأَعْجَمِيِّ أَنْ يُوَفِّقَهُمَا الله لِعَالِمٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ». رواه اللالكائي في «شرح أصول أهل السنة# (1/ 66).


 وقال عبد الله عنِ شَوْذَبٍ رحمه الله: « إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ الله عَلَى الشَّابِّ إِذَا تَنَسَّكَ أَنْ يُوَاخِيَ صَاحِبَ سُنَّةٍ يَحْمِلُهُ عَلَيْهَا. وَعَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ: مِنْ نِعْمَةِ الله عَلَى الشَّابِّ وَالْأَعْجَمِيِّ إِذَا نَسَكَا أَنْ يُوَفَّقَا لِصَاحِبِ سُنَّةٍ يَحْمِلُهُمَا عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْأَعْجَمِيَّ يَأْخُذُ فِيهِ مَا سَبَقَ إِلَيْهِ #. رواه ابن بطة  في «الإبانة الكبرى# (1/ 205)، واللالكائي في «شرح أصول أهل السنة#  (1/ 67).


وقال يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ رحمه الله : «كَانَ أَبِي قَدَرِيًّا , وَأَخْوَالِي رَوَافِضَ , فَأَنْقَذَنِي الله بِسُفْيَانَ»  رواه اللالكائي في «شرح أصول أهل السنة#  (1/ 67)


وقال عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ الْمُلَائِيَّ رحمه الله،: «إِذَا رَأَيْتَ الشَّابَّ أَوَّلَ مَا يَنْشَأُ مَعَ أَهْلِ [ص:206] السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَارْجُهُ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ مَعَ أَهْلِ الْبِدَعِ، فَايْئَسْ مِنْهُ، فَإِنَّ الشَّابَّ عَلَى أَوَّلِ نُشُوئِهِ». رواه ابن بطة في «الإبانة الكبرى# (1/ 205).


وقال أيضا : «إِنَّ الشَّابَّ لَيَنْشَأُ، فَإِنْ آثَرَ أَنْ يُجَالِسَ أَهْلَ الْعِلْمِ كَادَ أَنْ يَسْلَمَ، وَإِنْ مَالَ إِلَى غَيْرِهِمْ كَادَ يَعْطَبُ»


قال الإمام ابن بطة بعده:

 «فَانْظُرُوا رَحِمَكُمُ الله مَنْ تَصْحَبُونَ، وَإِلَى مَنْ تَجْلِسُونَ، وَاعْرَفُوا كُلَّ إِنْسَانٍ بِخِدْنِهِ، وَكُلَّ أَحَدٍ بِصَاحِبِهِ، أَعَاذَنَا الله وَإِيَّاكُمْ مِنْ صُحْبَةِ الْمَفْتُونِينَ، وَلَا جَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ إِخْوَانِ الْعَابِثِينَ، وَلَا مِنْ أَقْرَانِ الشَّيَاطِينِ، وَأَسْتَوْهِبُ الله لِي وَلَكُمْ عِصْمَةً مِنَ الضَّلَالِ، وَعَافِيَةً مِنْ قَبِيحِ الْفِعَالِ» اهـ من «الإبانة الكبرى# لابن بطة (1/ 206).


أقول:

من نعمة الله تعالى وفضله وكرمه عليّ؛ أن وفقني وأرشدني إلى معرفة إمامنا وشيخنا المحدث المجدد درة زمانه مقبل بن هادي والوادعي -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته- والتتلمذ على يديه، ومعرفة السلفية دين الله الحق عليه، وحبها والنفاح عنها.

وقد أحببت أن أذكر قصة معرفتي بشيخنا الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله، لأن فيها عبرة، حيث وإن سماعي لاسمه لأول مرة كان من فيّ أحد رؤوس الحزبيين!!.


قال الشاعر:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ***** فالقوم أعداء له وخصوم

وقال أبو تمام:

وإذا أراد الله نشر فضيلة **** طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت ****ما كان يعرف فضل طيب العود

وقال الشاعر:

لو لم تكن لي في العيون مهابة *** لم يطعن الأعداء فيَّ ويقدحوا


وقبل ذلك:

فقد نشأت في أسرة طيبة، ذات أخلاق عالية بفضل الله تعالى، وقد منّ الله سبحانه وتعالى عليّ بوالدين فاضلين؛ قاما على تربتي أنا وإخواني أحسن قيام بفضل الله تعالى، فنشأنا على حب الدين الإسلامي، وعلى الأخلاق الفاضلة الكريمة، والعادات الحسنة، بعيدين بحمد الله عن الأخلاق والعادات السيئة.

وفي أثناء دراستي النظامية في الثانوية بمدرسة الحورش بصنعاء -وأنا في سن السابع عشرة تقريبا في عام1416 هجرية تقريبا-؛ كان هناك مدرس يقال له أبو زيد الكميم؛ و كان في تلك الفترة يتكلم على الرافضة سواء في المدرسة؛ أو يعقد محاضرات في التحذير من الفكر الرافضة في بعض المساجد، ويقرأ فضائح الرافضة من كتبهم وأقوالهم، وتصاعد الخلاف بينه وبين الرافضة بشدة في صنعاء، وكانوا يردون عليه وهو يرد عليهم، وكان يدعوهم إلى المناظرة، حتى سمعنا أنه تم الاتفاق والإعلان على عقد مناظرة في مسجد الأنسي في صنعاء(وهو من مساجد الإخوان المسلمين في صنعاء)، وسمعنا أنه سوف يحضر المدرس أبو زيد، و الرافضي الخبيث المرتضى المحظوري.


وقبل هذا:

في نفس عام 1416هجرية تعرفت على رجل يقال له علي بن ناصر الأضرعي ، وهو جار لي، ودرس قديمًا في دماج، وكنت ألتقي به دائما، وتعلمت منه أشياء  لم أكن أعلمها من قبل، وبدأت أحب العلم كثيرا، وبدأت في الاستقامة ومعرفة السنة، ومعرفة حقيقة الدين الإسلامي؛ وأنه ليس مجرد الصلاة والصيام وشهود الجمعة والجماعات فقط، وبدأت أعرف أن هناك سنة وبدعة، وتوحيد وشرك.

وكان هذا الرجل محبا وملمًا شيئًا ما بفقه الشيخ الألباني رحمه الله، وعنده جلُ كتب الشيخ الألباني وأشرطته، ، حتى عرفت شيئا من فقه الشيخ الألباني رحمه الله وتأثر به كثيرا ، إلا أن علي بن ناصر لم يذكر لي الشيخ مقبلًا رحمه الله إلى وقت المناظرة، وكان تركيزه معي في معرفة السنن والتوحيد والعبادة الصحيحة، وإلى هذا الوقت لم يكن قد بدأ معي في التمييز بين أهل السنة والحزبيين، وإنما كان تركيزه معي في  معرفة السنن وتصحيح العبادات، والترغيب في العلم.


وفي وقت المناظرة قلت له: هناك مناظرة بين المدرس أبي زيد والمحظوري في مسجد الأنسي؛ فقال لي اذهب، فذهبت المناظرة، وإذا بجمع كبير من الحاضرين، ولم يحضر المحظوري؛ وإنما أرسل بعض طلابه بدلا عنه، وقاموا يهذون بكلام سامج، ودفاع عن أنفسهم وعن شيخهم الرافضي.

ثم قال المقدم: الكلمة الآن للشيخ عبد الله صعتر، فقام صعتر، وظننا أنه سوف يتكلم في سياق المناظرة، وعلى الرافضة، والفكر الرافضي، فقام صعتر وقال:

«أنا ما جئت لشيء!، إنما جئت أدافع عن نفسي!!، مقبل بن هادي الوادعي يتكلم عليّ في صعدة...# وقام يدافع عن نفسه!!.


الناس حول المناظرة والرافضة، وأفكار الرافضة الخبيثة، وهو يشتكي من مقبل الوادعي فتعجبت!!


وهي أول مرة أسمع بها عن الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله ؛ فقلت في نفسي: من هذا مقبل الوادعي الذي يتكلم في عبد الله صعتر#، ولم نكن إلى هذا الوقت نميز بين الإخوان وغيرهم، وإنما نرى أن هؤلاء الناس دعاة إلى الدين فقط.


و أبو زيد هذا اتضح لي فيما بعد ميوله إلى الحزبيين، وأنه متأثر بالسروريين، وليس من أهل السنة السلفيين، إضافة على استدعائه للإخواني عبد الله صعتر في المناظرة.


ولما رجعت التقيت بالأخ علي بن ناصر، فقال لي: بشر كيف المناظرة؟، فشرحت له، وذكرت له قول عبد الله صعتر، وقلت له:« من هذا الوادعي الذي يشتكي منه عبد الله صعتر!!#.


فبدأ الأخ علي هنا يشرح لي من هو الوادعي، وأنه عالم كبير محدث، وله مركز حديث في صعدة في دماج، وله طلاب ويُرحل إليه من أماكن كثيرة، وله مساجد ومراكز تابعة له في كثير من المحافظات، ومن هنا بدأ يشرح لي شيئا فشيئا.


وبين لي أن صعتر من جماعة الإخوان المسلمين، وبدأ يبين لي من هم الإخوان المسلمون، والخلاف بين الشيخ مقبل وبين الإخوان المسلمين، وبدأت أميز بين أهل السنة وغيرهم شيئا ما.


وللعلم كنت الوحيد الذي في منطقتي الذي عرف السنة، وبدأت أدعو الناس إليها وحصل لي حالة تغير كبير في شكلي وملبسي، فأصبحت ألبس الثياب القصيرة إلى نصف الساق، والعمامة، وأصبحتُ حديث الناس في الحي والمسجد، وكنت أجد معارضة شديدة، وسخرية، فهم يرون أنني أتيت بدين جديد! وشيء لم يسمعوه من قبل، وأنا أهدم بدعهم وأحذر منها، و كان عندي نهمة ونشاط كبير بفضل الله تعالى، وعدم مبالة بهم، والحمد لله وجدت استجابة شيئا فشيئا، وعرف الكثير السنة، وأهل السنة.


وكان الأخ علي بن ناصر بعد ذلك يأخذني جمعة إلى مسجد الدعوة لعبد المجيد الريمي (فالأخ علي كان متأثرا بالسرورية؛ ولم يُظهر ذلك لي، ولم يحذرني منهم، وكان يجعل الخلاف بينهم وبين الشيخ مقبل خلافا يسوغ، ولكني عرفت  ذلك  فيما بعد؛ وأنه متأثر بهم جدًا لما ازدادت معرفتي بالسلفية-، وجمعة يأخذني لمسجد الخير للصوملي، نمشي على الأقدام، وبدأت ألتقي بأهل السنة، وأرى وجوها جديدة.


وذات يوم قال لي علي بن ناصر سوف نذهب نصلي الجمعة في مسجد الخير، ولم يذكر لي من هو الخطيب، فذهبنا، فلما وصلت  المسجد رأيت حالة غريبة، المسجد ليس كالمعتاد، فالزحام شديد جدًا، وهناك أناس جدد كثير، وأشكال لم أرها من قبل، وأناس شعورهم طويل، فجلست منذهلا أيش في اليوم؟!.


و حانت الخطبة، فخرج رجل كبير شايب، وحوله عدد من المرافقين يحرسونه( لأنه مستهدف من أهل الضلال فكم قد حاولوا قتله)، والناس في المسجد  يحدقون وينظرون إليه بلهفة، وأنا أتعجب، فصعد المنبر، وبدأ في الخطبة فلما سمعته عرفته أنه الإمام الوادعي، فأنا أسمع أشرطته، ولكني لم أره، وهي أول مرة أرى شيخنا الوادعي وأسمعه وجها لوجه، وكانت خطبة عظيمة لم أنسها إلى يومنا هذا ؛ فقد كانت خطبة قصيرة جدا، ذكر في الخطبة الأولى عددًا من الآيات والأحاديث في فضائل القرآن، وكذلك في الخطبة الثانية، ولم يرفع يديه بالدعاء في آخر الخطبة الثاني كما يعمله الناس، وجلس بين الخطبتين دون أن يقول :«أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفره#.


فصراحة أعجبت به كثيرا؛ ورأيت خطبة عظيمة جدًا من غير تكلف، ولا بهرجة في القول، ولا تنطع، بخلاف ما يعمله كثير من الخطباء الذين كنا نحضر لهم في مجتمعنا في صنعاء، وكأنك تسمع نشرة أخبار، أو تقرأ جريدة إخبارية.


ولأول مرة أرى هيبة عالم حقيقة، فالشيخ مقبل رحمه الله كان مهابًا، وجعل الله له هيبة و قدرًا في قلوب الناس، ولم أشاهد عالما مهابًا مثله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.


ومن ذلك الوقت جاشت نفسي بالرحيل إلى الشيخ مقبل رحمه الله، وطلب العلم عنده، ولكن والدي حفظه الله كان يرفض الذهاب بشدة، وأنا ما زلت في المدرسة النظامية في الثانوية، ويرى والدي أن ترك الدراسة ضياع المستقبل كما يراه كثير من الآباء.


فأشار عليّ الأخ علي بن ناصر أن أذهب في العطلة الصيفية إلى معبر، وأقنع والدي بذلك، فذهبت معبر، ومكثت فيها ثلاثة أشهر، وكانت حياة جديدة لي، حياة فيها العلم منذ أن تقوم إلى أن تنام، وتغيرت حياتي كثيرا، وازداد شوقي أكثر وأكثر للرحيل إلى الشيخ مقبل الوادعي في دماج، وأنا أرى كل من في معبر وغيره ثمرة من ثمار الشيخ مقبل، وكان الدعاة والمشايخ يأتون إلى معبر، وازدادت معرفتي بالسلفية، والتميز أكثر وأكثر.


ونسأل الله أن يهدي محمدًا الإمام، وأن يعيده إلى السنة فقد ضيع نفسه، ومركزه والخير الذي كان فيه، وأصبح مركزه مأوى للحزبيين وأهل الأهواء، بعد أن كان منبرا من منابر الخير ومأوى  يأوي إليه السلفيون!.


وانتهت العطلة ورجعت إلى صنعاء، وفي نفسي اقنع والدي بالذهاب إلى دماج، فلم يعد لي رغبة في الدراسة النظامية، فلم استطع اقناع والدي بذلك، فهم يرون أنني أضيع مستقبلي كما هو الحال في كثير من الآباء، وأيضا لم يعرفوا الدعوة السلفية كثيرا، ولم يقتنعوا بها فمازال العهد بها قريب، وأيضا يرون ويسمعون حملة كبيرة علي سواء في المنطقة أو من الأقارب أنني جئت بدين جديد، وأنني ضيعت نفسي!!.


ورجعت للمدرسة النظامية، ودرست عدة أشهر في مدرسة الكويت بصنعاء في الصف الثالث ثانوي ، وحصل لي ضيق شديد لعدة أمور:


لا يتركونا نصلى العصر في وقته، وكنت أدرس فترة مسائية، حتى إنني كنت أهرب من الفصل، وأذهب أصلي في الوقت وأعود.


وأيضا كانوا يلزمونا بالزي المدرسي البنطال، وأنا قد تركته وأصبحت مبغضا للبنطال جدًا، فكنت أذهب بالثوب، فإذا قربت من المدرسة  أطوي الثوب داخل البنطال، وإذا خرجت أخرج الثوب!!.


وأيضا ابتلانا الله ببعض المدرسين العقلانيين، وينكرون بعض الأحاديث الصحيحة، وأنا لا أصبر على ذلك، فأناقشهم في الحصة نفسها بما يسره الله مما قد عرفته؛ حتى تأزم الوضع بيننا.


وأيضا القلب أصبح معلقا بدماج، وطلب العلم، وأصبح ذلك أهم شيء عندي الرحيلُ إلى دماج، ولو لم يوافق والدي، فهما لا يحتاجان لي أبدًا.


فقلت للوالد: سوف أذهب، فقال: ممنوع، قلت: سوف أذهب، قال: سوف نتبعك ونعيدك، ولو ذهبت إلى أي مكان.


فجهزت ثيابي، ووضعتها عند الأخ علي، وتحينت وقت غفلتهم، وتوكلت على الله، وأخذت ثيابي من عند الأخ علي وزودني ببعض المال، وانطلقت إلى دماج، وكان وصولي إلى دماج في شهر شعبان 1417 هجرية.


ودخلت بفضل الله تعالى في حياة جديدة ممتعة، لا تمل ولا تكل منها، وخاصة وأنت بين يدي أبٍ حنون وعالم كبير جليل، وكانت من أسعد وألذ أيامي حياتي التي لا أنساها، فقد ترعرعت في بساتين الإمام الوادعي، وعرفت السلفية على يديه، وعلى يد خليفته من بعد شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله.


وفي بداية الأيام بعد وصولي إلى دماج  انتهى عليّ علاج كنت أستخدمه لمرض ألم بيّ في هذا السن، ولم يكن العلاج موجودًا في دماج، فتعبت جدًا، ولم يكن هذا بحمد الله صارفا لي للعودة ،أو ترك طلب العلم، فلذة طلب العلم تنسيك الأمراض والأوجاع،  وتكون سببا في الصبر، والفضل  في هذا لله وحده ، فهو الذي أعان ووفق وسدد.


وكنت أترقب قدوم والدي ليعيدني إلى صنعاء كما قال، ولكن أهلي وصلوا إلى قناعة تامة، أن هذا طريق اخترته واقتنعت به، وأراه صوابا، ويجب التضحية من أجله، ويهون كل شيء في سبيل تحقيقه، وأنه سبيل الخير في الدنيا والآخرة لي ولهم.


والحمد لله فقد نفعني الله بهذا الخير  كثيرا، ونفع أهلي ووالدي وإخواني، حتى أصبحت أسرتي أسرة سلفية محبة للعلم والسلفية، وأصبحت عونًا لي بعد الله تعالى في هذا الطريق الذي سلكته واخترته، وسرت عليه.


فلله الحمد والمنة الذي وفقني وسددني وهداني، وأسأل الله أن يوفقني في بقية حياتي ولا يحرمني من العلم النافع، ولا من الدعوة السلفية المباركة.


ولا أنسى أن أشكر بعد شكر الله تعالى كل من كل من أعانني وساعدني، ولو بالكلمة والتشجيع، وعلى رأسهم شيخنا الإمام مقبل الوادعي رحمه الله، وخليفته من بعده شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله.


كما نسأله تعالى أن يهدي الأخ علي بن ناصر الأضرعي، وأن يعيده إلى جادة الصواب، وإلى أهل السنة فقد حاد عنهم، وتردى كثيرا، وقد بذلت له النصح كثيرا، و لكن كما قال الله تعالى : {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]


وأقول في الأخير كما  قال الإمام ابن بطة رحمه الله:« فَرَحِمَ الله أَئِمَّتَنَا السَّابِقِينَ , وَشُيُوخَنَا الْغَابِرِينَ , فَلَقَدْ كَانُوا لَنَا نَاصِحِينَ , وَجَمَعَنَا وَإِيَّاهُمْ مَعَ النَّبِيِّينَ , وَالصِّدِّيقِينَ , وَالشُّهَدَاءِ , وَالصَّالِحِينَ , وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا , وَلَا جَعَلْنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ , وَلَا مِمَّنْ خَلَفَ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ بِمُخَالَفَتِهِ , وَجَاهَدَهُ لِمُحَارَبَتِهِ , وَالطَّعْنِ عَلَى سُنَّتِهِ , وَشَتْمِ صَحَابَتِهِ , وَدَعَا النَّاسَ بِالْغِشِّ لَهُمْ إِلَى الضَّلَالِ , وَسُوءِ الْمَقَالِ# اهـ من الإبانة الكبرى# (2/ 482)


والحمد لله رب العالمين

كتبه

أبو حمزة محمد بن حسن السِّوري

كان الانتهاء منه ضحى الخميس 4 من شهر ذي القعدة 1441هجرية


حمل المقال بصيغة بي دي اف

من هنا




نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى