الجمعة

«تتبع الأخطاء والزلات والأغاليط للنصح وحماية الدين منهج سلفي»


«تتبع الأخطاء والزلات والأغاليط للنصح وحماية الدين منهج سلفي»

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

يقول الله تعالى : {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55].
ويقول الله تعالى : { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24].
ويقول الله تعالى :{لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [آل عمران: 71]
ويقول الله تعالى :{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ الله لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } [الأنفال: 42]

أما بعد:
فقد كثر في الآونة الأخير الدندنة التي كانت قد اختفت منذ الرد على كتاب الإبانة والحزب الجديد، وبدأنا نسمع مؤخرا التزهيد والذم لتتبع الزلات والأخطاء والأغاليط والأوهام، وإظهار ذلك مظهرا مخيفا ولبسه بلباس الغلو والطعن في العلماء وتمزيق الدعوة!!.
وهذا غير صحيح، فهو منهج سلفي، ولذلك كان الحزبيون المتقدمون وأهل الأهواء من الإخوان المسلمين والسروريين والقطبيين وأصحاب الجمعيات والحسنيين وأصحاب الإبانة  والبرامكة يصيحون من هذا الأمر كثيرا، فكم تكلموا في ذمه، وإظهاره بمظهر سيء، وكلهم تجدون لهم كلاما حول ذم تتبع الأخطاء والزلات، ومن آخر من قرر ذلك هو محمد الإمام في كتابه الإبانة، وقد رد عليه السلفيون في هذا الأمر .

وكان الصويان المنحرف من أوائل من قرر هذا حيث قال أحمد الصويان، في كتابه  «نحو منهج شرعي في تلقي الأخبار وروايتها» (ص78) : «أقول أيضا لذلك المرء العيابة: هب أن ما تخبر به حقا! فهل سلمت أنت من الزلل والخطأ»؟ اهـ.

وقال أحمد الصويان في «نحو منهج شرعي لتلقي الأخبار وروايتها» (ص36-37) : (..يشغل الفارغون البطالون أوقاتهم بالقيل والقال، ويصبح جل همهم البحث والتنقيب عن أحوال الناس، وأسوأ ما يكون ذلك عند بعض من ينتسب إلى العلم والدعوة والدعاة، حيث تستهلك الطاقات والأوقات في أخبار الناس..» اهـ

وقد كان محمد الإمام قد قرر هذا في فتنة أبي الحسن  حيث قال  آنذاك: « أدعو الدعاة .. أهل السنة في اليمن وطلبة العلم إلى أن يعرفوا أن هذه الفكرة جديدة داخل دعوتنا غريبة على دعوتنا ألا وهي أن يذهب الشخص...يجمع له نقاط من عنده يتتبع أشرطة العالم أو الداعية من كذا سنين ويبحث عن نقاط عن أخطاء عن زلات من أجل أن يعمل له ملزمة ويقول أنا عندي عن فلان وأنا عندي على فلان وفلان هذا قد خرج عن الخط من أين لنا هذه الطريقة ؟ من جاءنا بهذه الطريقة ؟ ...أليس ديننا ودعوتنا قائمة على نصح لمن رأينا منه خطأ أن ننصح له، لا أن نفضحه ولا أن نبحث له مزالق ونحاول كيف نجعله مشوها في الصورة ومحاربا كيف نحط من قيمته هذه نبرأ إلى الله منها...نبرأ إلى الله من هذا التصرف» اهـ من «مصباح الظلام» للشيخ يوسف الجزائري

وأعاد  محمد الإمام تقريره في كتابه «الإبانة» (ص195-196) تحت عنوان: (قاعدة: ذكر الله دواء وذكر الناس داء) حيث قال: «ومرادي أن المسلم يشغل نفسه بالخير ما وجد إلى ذلك سبيلا، ولا يوظف نفسه بالبحث عن أخطاء الناس، ولا يتكلم في أحد إلا بإذن شرعي، وبقدر الإذن الشرعي لا يتجاوز ذلك.
واعلم أن كثيرا من الناس يحب أن يذكر الناس قدحا وذما وبحق وبباطل، وهذا داء وقع فيه كثير من المسلمين.
فالأجدر بالمسلم الناصح لنفسه الباحث عن سلامتها؛ أن يوطن نفسه على التعرف على عيوبه، فإنه واجد من الآفات والغوائل فيها ما يحزنه ويبكيه..» .اهـ

وقال محمد الإمام أيضا (ص119-122) بعنوان: (التحذير من تتبع العثرات) وقال في آخره: (وقد ابتلينا في عصرنا ببعض الفاشلين في طلب العلم يتفرغون لسماع أشرطة العالم السني الذي يريدون الطعن فيه لعلهم يعثرون على زلات!! وليتهم يقفون عند زلة وجدوها، ولكنهم يسابقون أهل العلم فيدّعون أنهم قد وجدوا العالم السني منحرفا في العقيدة، وعنده جنايات على الإسلام، ولو أنصفوا لأقروا بأنهم الجناة على العلماء» اهـ

وقال محمد  الإمام هداه الله- (ص60) : (..وإن شغل السني نفسه بقيل وقال، فقد ضيعها من الازدياد من الخير، وأفقرها بأخذ الحسنات عليها بسبب التكلم فيما لا يعنيه)» اهـ

وأيضا قال محمد بن عبد الوهاب الوصابي في محاضرته في الحديدة لعام (1428هـ):« فعلى أهل السنة أن يتفطنوا يعني دخل عليهم الشيطان باسم الجرح والتعديل ودخل باسم الدين النصيحة، صح الدين النصيحة، والنصيحة من ديننا لكن فرقوا بين النصيحة والفضيحة، والجرح والتعديل من ديننا، ولكن متى يكون هذا، ومتى يكون هذا، ولمن يكونان، ثم أيضًا كما أن الجرح والتعديل من ديننا فكذلك المصالح والمفاسد، مراعاة المصالح والمفاسد من ديننا، فهذه مصلحة وهذه مفسدة، أيهم أعظم من الذي يقدم من الذي يؤخر؟_ ثم أسهب بذكر المثال في قصة عدم هدم الكعبة._
ثم قال: فالجرح والتعديل من ديننا ومراعاة المصالح والمفاسد أيضًا من ديننا فمن الخطأ أن الإنسان يأخذ بجانب ويترك الجانب الثاني، وهذه المسائل جرح وتعديل ومراعاة المصالح والمفاسد ما هي لكل الناس ما كل الناس يستطيعوا أن ينزلوا المسائل منازلها هذه لأهل العلم فكون الشيطان دخل بهذا الكيد العظيم والحكم بين أهل السنة بين رجال ونساء إلا من رحم الله منهم، مسألة التجريح هذا أذكركم بأن هذه مداخل شيطانية ما صارت المسألة نصيحة وإنما تحولت إلى فضيحة ولا صار الأمر جرح وتعديل بالمعنى الصحيح إنما كما عرفتم صار هناك هدم لجزء كبير من الدين هو مراعاة المصالح والمفاسد ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح » اهـ

وقال محمد بن عبد الوهاب الوصابي  في شريطه «توجيهات ونصائح» (غرة شعبان/1428هـ):«  إذا صار الناس يتبعون عورات بعضهم هذا أمر عظيم إذا صاروا يؤذون بعضهم ويستهزؤون ببعضهم هذا شيء خطير هذا فيه تحطيم وهدم للدين والعياذ بالله.
النصيحة لا تكون بالعنف ولا تكون بالتشهير لأنك إذا نصحت بالعنف فقد لا يقبل، وإذا شهرت به فقد فضحته فقد لا يقبل ففرق بين النصيحة وبين الفضيحة، فلا بد من مراعاة هذه الأمور.
النعمة تشكر لا تكفر النعمة تشكر لا تكفر هذا خير عظيم والحمد لله من فضل الله مع وجود المنهج السليم الكتاب والسنة لو أن شخصًا أخطأ الحمد لله المنهج واحد ينصح ولا يفضح ينصح ولا يفضح ما في داعي للطعن فيه والكلام فيه» اهـ

وقال محمد بن عبد الوهاب الوصابي  في نصيحة عاشورا عام (1429هـ):« وأخوك المسلم قد تكون له عورة كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون والإنسان بشر ومهما كان وما يسلم من أخطاء لكن وإن كان له عورة فلا ينبغي لك أن تبحث عنها وعن أخطائه وأن تتبع عورته وأخطاءه وأيش يفعل، وأيش يقول.
فمن أخلاقه صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الكريمة أنه يحب الخير للمسلمين ويحب الدفاع عن المسلمين» اهــ

وقال البرعي أصلح الله حاله أيضا في محا ضرة أخرى عندما سئل: ما ذا تقول في أبي الحسن وأشرطته الأخيرة؟ فأجاب : الذي أعرفه عن أبي الحسن؛ أنه عالم من علماء أهل السنة، وكان قد أخذ عليه بعض الأخطاء التي كومت من سنوات، ... ولو انتبه أحد لنا وأخذ أشرطتنا وكتبنا لسجل ما شاء (!!)، يا إخواننا نحن مليئون بالأخطاء، ... والذي يحاسبنا سيجد الزلات والهفوات والأخطاء، ... هذه الطريقة في تتبع الأخطاء؛ هي الموجودة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يبلغ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع الله عورته يفضحه ولو في عقر داره) ... فأخونا أبو الحسن بل شيخنا أبو الحسن حفظه الله عالم من علماء أهل السنة، وما عرفنا عنه إلا الذب والدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بقينا عنده سنوات، وما أقول كنا نعرف وننكر، كنا نعرف ولا ننكر، وعرفنا عنه السنة والحماية لها وليس معصوما من الخطأ». اهـ من «مصباح الظلام» للشيخ يوسف الجزائري، وقد تكلم البرعي  في فتنتهم هذه بكلام كثير في هذا الشأن.

أقول: أيها القارئ الكريم ترى أن هذا المنهج الباطل ساروا عليه كابرا عن كابر، وصرخوا به صراخًا، ونفروا عنه حمايةً لأنفسهم وأخطائهم وزلاتهم؛ التي آذوا بها الدعوة السلفية، وأرادوا حرف أهلها وطلابها، والسكوت عن الباطل والأخطاء والزلات التي تضر الدعوة، وتضر صاحبها في الدنيا وفي الآخرة، وأرادوا تشويه الجرح والتعديل وأهله الناصحين المحبين للخير والسنة الغيورين عليه.

ومن أنكر هذا فنقول له دونك كتب العقائد والردود والحديث والعلل والتاريخ والتراجم والسير والطبقات، فقد تتبعوا وسبروا ونبهوا فيها على أخطاء وزلات وأغاليط وأوهام الفرق والطوائف وألفوا في ذلك تأليفات كثيرة جدًا.
وجمعوا أخطاء وأوهام رواة وأئمة الحديث والسنة وعلى رأسهم شعبة والأعمش والثوري ومالك، ويعدون أوهامهم وأخطاءهم عدا.
ويقولون: العالم الفلاني زلّ ووهم وأخطأ في كيت وكيت، و دونوها في كتبهم إلى قيام الساعة نصحا للأمة ..
فالتأليف كثيرة  في ضعفاء الرجال والمجروحين من الرواة، وبيان مراتب ضعفهم ومواطن خطئهم، ووهمهم هو من أهم ما عني به علماء الجرح والتعديل وألفوا فيه، منذ القرن الثاني الهجري.

ودونك كتاب «ميزان الاعتدال» للذهبي، و كتاب "الضعفاء الصغيرة"؛ للبخاري، و"أحوال الرجال"؛ للجوزجاني، و"أسامي الضعفاء ومَن تُكلِّم فيهم من المحدثين"؛ لأبي زرعة الرازي، و"الضعفاء والمتروكين"؛ للنسائي، و"الضعفاء الكبير"؛ للعقيلي، وكتاب "المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين"؛ لابن حبَّان، و"الضعفاء والمتروكين"؛ للدارقطني ، و«المغني في الضعفاء» للذهبي، و«تهذيب الكمال» للمزي، و«تهذيب التهذيب»  لابن حجر.
والحافظ الذهبي له كتاب «التلخيص» وهو كتاب مشهور ومعروف وهو المطبوع بهامش مستدرك الحاكم وقد كتبه لتتبع أخطاء الحاكم.
وابن القطان له كتاب «الوهم والإيهام» وهو كتاب لبيان الأخطاء التي وقع فيها عبد الحق الأشبيلي في كتابه الأحكام الوسطي.
والحافظ الدار قطني   ألف كتاب «التتبع والإلزامات » تتبع فيه ما وهم فيها الشيخان وما أخطاء فيه وهو كتاب مطبوع ومشهور بتحقيق شيخنا الإمام مقبل بن عبد الهادي الوادعي.
 والإمام مسلم له «أوهام المحدثين».

ولو تابعت في كتب الرجال والتراجم والسير والتاريخ وغيرها ألفاظ «أوهام» و«أغاليط» «ويخطئ» ونحوه لرأيت العجب العجاب من تتبع الأئمة للرواة والرجال وسبر أحاديثهم وأقوالهم وأحوالهم، فيعرفون للراوي كم أوهامه وأغاليطه وزلاته في الروايات وغيرها وأقواله وأفعاله..

فصل:
أقوال العلماء فيمن جمع في ذلك:

قال الإمام الذهبي رحمه الله في «ميزان الاعتدال» (1 / 1-2) :« وقد ألف الحفاظ مصنفات جمة في الجرح والتعديل ما بين اختصار وتطويل، فأول من جمع كلامه في ذلك الإمام الذي قال فيه أحمد بن حنبل: ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان، وتكلم في ذلك بعده تلامذته: يحيى بن معين، وعلي ابن المديني، وأحمد بن حنبل، وعمرو بن أبي الفلاس، وأبو خيثمة، وتلامذتهم، كأبي زرعة، وأبي حاتم، والبخاري، ومسلم، وأبي إسحاق الجوزجاني السعدي، وخلق من بعدهم، مثل النسائي، وابن خزيمة، والترمذي، والدولابي، والعقبلي، وله مصنف مفيد في معرفة الضعفاء.
ولأبي حاتم بن حبان كتاب كبير عندي في ذلك.
ولأبي أحمد بن عدي كتاب الكامل، هو أكمل الكتب وأجلها في ذلك، وكتاب أبي الفتح الأزدي، وكتاب أبي محمد بن أبي حاتم في الجرح والتعديل، والضعفاء للدار قطني، والضعفاء للحاكم، وغير ذلك.
وقد ذيل ابن طاهر المقدسي على الكامل لابن عدي بكتاب لم أره، وصنف
أبو الفرج بن الجوزي كتاباً كبيرا في ذلك كنت اختصرته أولا، ثم ذيلت عليه ذيلا بعد ذيل» اهـ

وقال الحافظ  ابن حجر رحمه الله  في نعيم بن حماد  في «تقريب التقريب» (7166): "صدوق يخطئ كثيرًا ... "إلى أن  قال: "وقد تتبع ابن عدى ما أخطأ فيه، وقال: باقي حديثه مستقيم".

و قال الإمام الذهبي رحمه الله في « سير أعلام النبلاء »(12 / 225) :« قُلْتُ: يذكُرُ فِي الكَاملِ كُلَّ مَنْ تُكُلِّمَ فيه بأدنى شيء لوكان مِنْ رِجَالِ الصَّحِيْحَيْنِ، وَلَكِنَّهُ يَنْتصرُ لَهُ إِذَا أمكن, ويروي في الترجمة حديثًا أَوِ أَحَادِيثَ مِمَّا اسْتُنْكِرَ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ مُنْصِفٌ فِي الرِّجَالِ بِحَسبِ اجتهَادِهِ» اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «السير» (13/ 56):« وَلعَبْد الغَنِيِّ "جُزْءٌ" بَيَّنَ فِيْهِ أَوهَامَ كِتَابِ المدخلِ إِلَى الصَّحِيْحِ لِلْحَاكِمِ، يَدُلُّ عَلَى إِمَامته وَسعَة حِفظِه.
قَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ: لمَا رددتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله الحَاكِم "الأَوهَامَ الَّتِي فِي المدخلِ" بَعثَ إِليَّ يَشْكُرُنِي، وَيَدْعُو لِي، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ عاقل» اهـ. و هو في «تذكرة الحفاظ» (3/ 167).

وقال الحافظ الأزدي  رحمه الله في خطبة كتابه «الأوهام التي في مدخل الحاكم » (ص: 47-48):« أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ الَّذِي صَنَّفَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله النَّيْسَابُورِيُّ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّجْزِيِّ، فَإِذَا فِيهِ أَغْلَاطٌ وَتَصْحِيفَاتٌ أَعْظَمْتُ أَنْ تَكُونَ غَابَتْ عَنْهُ وَأَكْثَرْتُ جَوَازَهَا عَلَيْهِ وَجَوَّزْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَرَى مِنْ ناقلِ الْكِتَابِ لَهُ أَوْ حَامِلِهِ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَرَّى بَشَرٌ مِنَ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ فَاسْتَخَرْتُ الله تَعَالَى وَجَرَّدْتُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَوْرَاقِ وَبَيَّنْتُهُ وَأَوْضَحْتُهُ وَاسْتَشْهَدْتُ عَلَيْهِ بِأَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ مُجْتَهِدًا فِي تَصْحِيحِهِ مُتَوَخِّيًا إِظْهَارَ الصَّوَابِ فِيهِ، وَبِالله أَسْتَعِينُ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ السَّدَادَ وَالتَّوْفِيقَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ» اهـ

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في «البداية والنهاية» (12/ 10):« وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ هَذَا كِتَابًا فِيهِ أَوْهَامُ الْحَاكِمِ، فَلَمَّا وقف الحاكم عليه جعل يقرأه عَلَى النَّاسِ وَيَعْتَرِفُ لِعَبْدِ الْغَنِيِّ بِالْفَضْلِ، وَيَشْكُرُهُ ويرجع فيه إِلَى مَا أَصَابَ فِيهِ مِنَ الرَّدِّ عَلَيْهِ، رحمهما الله» اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء » (12/ 501):« قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: لابْنِ مَنْدَةَ فِي كِتَاب "مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ" أَوهَامٌ كَثِيْرَة» .اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء » (21/ 448) في ترجمة الحافظ  عبد الغني المقدسي:« جزءٌ، (تَبيين الإِصَابَةِ لأَوهَامٍ حصلَتْ لأَبِي نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ) جُزْآنِ، تَدُلُّ عَلَى برَاعتِهِ وَحفظِهِ، كِتَابُ» اهـ

وقال أبو  سُلَيْمَان أَحْمد بن مُحَمَّد الْخطابِيّ  رحمه الله في « إصْلَاح أغاليط أَصْحَاب الحَدِيث» (ص: 19):« هذه أَلفاظٌ من الحديث يرويها أكثرُ الرُّواةِ والمُحَدِّثينَ ملحونةً ومُحرَّفَةَ أَصلحناها [لهم] وأَخبرنا بصوابها، وفيها حروفٌ تحتملُ وجوهاً اخترنا منها أَبْينَهَا وأَوْضَحَها، والله الموفقُ للصوابِ لا شريك له» اهـ

وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج كان أبو جعفر أحمد بن عون الله محتسبا على أهل البدع غليظا عليهم مذلا لهم طالبا لمساوئهم مسارعا في مضارهم شديد الوطاءة عليهم مشردا لهم إذا تمكن منهم غير مبق عليهم وكان كل من كان منهم خائفا منه على نفسه متوقيا لا يداهن أحدا منهم على حال ولا يسالمه وإن عثر لأحد منهم على منكر وشهد عليه عنده بانحراف عن السنة نابذة وفضحه وأعلن بذكره والبراءة منه وعيره بذكر السوء في المحافل وأغرى به حتى يهلكه أو ينزع عن قبيح مذهبه وسوء معتقدة ولم يزل دؤوبا على هذا جاهدا فيه ابتغاء وجه الله إلى أن لقي الله عز وجل له في الملحدين آثار مشهورة ووقائع مذكورة» اهـ من « تاريخ دمشق لابن عساكر» (5/ 118).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الدرر الكامنة » (6/ 66):« وَهُوَ « الكواكب الدراري» شرح مُفِيد على أَوْهَام فِيهِ فِي النَّقْل لِأَنَّهُ لم يَأْخُذ إِلَّا من الصُّحُف » اهـ

وقال ابن الملقن رحمه الله في « تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج (2/ 262):« وَأما ابْن حزم فَإِنَّهُ وهاه بِأَن قَالَ إِسْمَاعِيل ضَعِيف وشرحبيل مَجْهُول لَا يدْرِي من هُوَ وَهَذَا غَرِيب فإسماعيل حجَّة فِيمَا يرْوَى عَن الشاميين وشرحبيل شَامي وحاشاه من الْجَهَالَة رَوَى عَن جمَاعَة وَعنهُ جمَاعَة وَقَالَ أَحْمد هُوَ من ثِقَات الشاميين وَوَثَّقَهُ الْعجلِيّ نعم ضعفه ابْن معِين وَهَذِه زلَّة من ابْن حزم وَأعظم من هَذِه قَوْله فِي حَدِيث ابْن عمر سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا حق الزَّوْج عَلَى زَوجته قَالَ لَا تصدق إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت كَانَ لَهُ الْأجر وَعَلَيْهَا الْوزر قَالَ بعد أَن رَوَاهُ خَبَرهَا لَك فِيهِ مُوسَى بن أعين وَهُوَ مَجْهُول وَلَيْث بن أبي سليم وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ انْتَهَى ومُوسَى هَذَا جزري حراني رَوَى عَن خلق وَعنهُ خلق وَوَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِالله وَله من هَذَا الْقَبِيل عدَّة جمعتها فِي جُزْء مُفْرد» اهـ

وقال الحافظ ابن حجر حمه الله  في  «إنباء الغمر بأبناء العمر» (3 / 48) في ترجمة :« محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر، الشيرازي الفيروزآبادي»:
« وذكر عنه الشيخ برهان الدين الحلبي أنه تتبع أوهام المجمل لابن فارس في ألف موضع وكان مع ذلك يعظم ابن فارس ويثني عليه» اهـ

وقال ابن العماد العَكري الحنبلي  في «شذرات الذهب في أخبار من ذهب» (9 / 188) :« وتحبير الموشّين فيما يقال بالسين والشين» تتبع فيه أوهام «المجمل» لابن فارس في ألف موضع» اهـ

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله في « تاريخ بغداد » (13 / 101) :« وقد كان أَبُو الحسن الدارقطني تتبع خطأ عُمَر البصري فيما انتقاه على أَبِي بكر الشافعي خاصة، وعمل فيه رسالة إِلَى طاهر بْن مُحَمَّد الخاركي، ونظرت فِي الرسالة، واعتبرتها، فرأيت جميع ما ذكره أَبُو الحسن من الأوهام يلزم عُمَر غير موضعين، أو ثلاثة، وجمع أَبُو بكر بْن الجعابي أوهام عُمَر فيما حدث به، ونظرت فِي ذلك، فرأيت أكثرها قد حدث بها عُمَر على الصواب، بخلاف ما حكى عنه الجعابي.
وسمعت أبا بكر البرقاني، وذاكرته بخطأ عُمَر البصري، وتتبع الحفاظ عليه، فقال: لم أزل أسمع الناس، يقولون: إن عُمَر ممن وفق فِي الانتخاب، وكان الناس يكتبون بانتخابه كثيرا، وسمعته أيضا يَقُولُ كان عُمَر قد انتخب علي ابْن الصواف، أحسبه قَالَ: نحوا من عشرين جزءا، فقال الدارقطني: ينتخب على ابْن الصواف هذا القدر حسب؟ هو ذا أنتخب عليه تمام المئة جزء، ولا يكون فيما انتخبه حديث واحد مما انتخبه عُمَر، ففعل ذلك.
وسمعت غير البرقاني يذكر أن هذه القصة كانت فِي الانتخاب على أَبِي بكر الشافعي لا ابن الصواف، وذلك أشبه والله أعلم» اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «ميزان الاعتدال» (3 / 507)  في ترجمة :«محمد بن حبان، أبو حاتم البستى»: وقال الامام أبو عمرو بن الصلاح - وذكره في طبقات الشافعية: غلط الغلط الفاحش في تصرفه، وصدق أبو عمرو.
وله أوهام كثيرة تتبع بعضها الحافظ ضياء الدين، وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه لها.» اهـ

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «تعجيل المنفعة» (1 / 237) :«وقفت على جُزْء لشَيْخِنَا الْحَافِظ نور الدّين الهيثمي استدرك فِيهِ مَا فَاتَ الْحُسَيْنِي من رجال أَحْمد لقطه من الْمسند لما كَانَ يكْتب زاوئد أَحَادِيثه على الْكتب السِّتَّة وَهُوَ جُزْء لطيف جداو عثرت فِيهِ مَعَ ذَلِك على أَوْهَام وَقد جعلت على من تفرد بِهِ هَب ثمَّ وقفت على تثنيف للْإِمَام أبي زرْعَة بن شَيخنَا حَافظ الْعَصْر أبي الْفضل بن الْحُسَيْن الْعِرَاقِيّ سَمَّاهُ ذيل الكاشف تتبع الْأَسْمَاء الَّتِي فِي تَهْذِيب الْكَمَال مِمَّن أهمله الكاشف وَضم إِلَيْهِ من ذكره الْحُسَيْنِي من رجال أَحْمد وَبَعض من استدركه الهيثمي وصير ذَلِك كتابا وَاحِدًا وَاخْتصرَ التراجم فِيهِ على طَريقَة الذَّهَبِيّ فاختبرته فَوَجَدته قلد الْحُسَيْنِي والهيثمي فِي أوهامها وأضاف إِلَى أوهامها من قبله أوهاما أُخْرَى وَقد تعقبت جَمِيع ذَلِك مُبينًا محررا مَعَ أَنى لَا أدعى الْعِصْمَة من الخطاء والسهو بل أوضحت مَا ظهر لي فليوضح من يقف على كَلَامي مَا ظهر لَهُ فَمَا الْقَصْد إِلَّا بَيَان الصَّوَاب ءلبا للثَّواب» اهـ

وقال أبو نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا في «وقال تهذيب مستمر الأوهام» (ص: 57-59) :« فَإِن أَبَا بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ رَحمَه الله وَكَانَ أحد الْأَعْيَان.... كَانَ قد عمل بِالشَّام كتابا سَمَّاهُ المؤتنف تَكْمِلَة المؤتلف وَلما عَاد إِلَى بَغْدَاد قَرَأَ عَليّ شَيْئا من أَوله مغربا عَليّ بِهِ ومعرفا لي بِمَا ضمنه إِيَّاه ومعرفا لي قدر مَا تيَسّر لَهُ وَأَنه قد استدرك فِيهِ على أَئِمَّة هَذَا الْعلم أَشْيَاء تمّ عَلَيْهِم السَّهْو فِيهَا وَنبهَ على أَشْيَاء غفلوا عَنْهَا وَلم يحيطوا بهَا معرفَة وَوَجَدته كَبِيرا فَظَنَنْت أَنه قد استوعب مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى وَلم يدع بعده لمتتبع حكما وَلما دعِي بِهِ فَأجَاب... وخشيت أَن تبقى هَذِه الأوهام فِي كتبهمْ فيظن من يراهنا أَنَّهَا الصَّحِيح وَيتبع أَمرهم فِيهَا فيضل من حَيْثُ طلب الْهِدَايَة ويزل من جِهَة مَا أَرَادَ الاستثبات وَإِذا رأى كتابي بِمَا تصرو أَن الْغَلَط مَا ذكرته أَنا وَإِن أحسن الظَّن بِي جعل قولي خلافًا وَقَالَ كَذَا ذكر فلَان وَكَذَا ذكر فلَان فاستخرت الله تَعَالَى ورغبت إِلَيْهِ فِي عضدي بالتوفيق والإرشاد وَسَأَلته إلهامي الْقَصْد وتأييدي بالسداد وجمعت فِي هَذَا الْكتاب أغلاط أبي الْحسن عَليّ بن عمر وَعبد الْغَنِيّ بن سعيد مِمَّا ذكره الْخَطِيب وَمِمَّا لم يذكرهُ لتَكون أغلاطهما فِي مَكَان وَاحِد وَمَا غلطهما فِيهِ وَهُوَ الغالط وأغلاط الْخَطِيب فِي المؤتنف» اهـ

وقال ضياء الدين المقدسي رحمه الله في «جزء الأوهام في المشايخ النبل» (ص: 33):« أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّنِي لَمَّا كَتَبْتُ كِتَابَ الْمَشَايِخِ النَّبَلِ الَّذِي أَلَّفَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِبَةِ الله الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ مُؤَرِّخُ الشَّامِ وَقَفْتُ فِيهَا عَلَى مَوَاضِعَ كَأَنَّهُ سَهَا فِيهَا وَالله أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ ...» اهـ ثم سردها

وقال الحافظ أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (1/ 12):« فِي كتاب التَّارِيخ الَّذِي صنفه أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ نَظَائِر كَثِيرَة لما ذكره أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ من جعله الِاثْنَيْنِ وَاحِدًا وَالْوَاحد اثْنَيْنِ وَأكْثر وَنحن ذاكرون مِنْهَا بِمَشِيئَة الله تَعَالَى مَا وضح قاصده وَقرب منا على تَصْدِيق دعوانا فِي ذَلِك شَاهده ومتبعوه بِمَا يشاكله من أَوْهَام الْأَئِمَّة سوى البُخَارِيّ فِي هَذَا النَّوْع وَنَذْكُر فِيهِ مَا اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ وأيهم أقرب إِلَى الصَّوَاب فِيمَا يَدعِيهِ ثمَّ نشرع فِيمَا لَهُ رسمنا هَذَا الْكتاب ونجعله مُلَخصا على نسق وَاحِد الْحُرُوف الْمرتبَة والأبواب» اهـ

وقال الحافظ بابن القطان الفاسي رحمه الله في «بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام »(2/ 7):« : فَإِن أَبَا مُحَمَّد عبد الْحق بن عبد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ، ثمَّ الإشبيلي - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - قد خلد فِي كِتَابه الَّذِي جمع فِيهِ أَحَادِيث [أَحْكَام] أَفعَال الْمُكَلّفين علما نَافِعًا، وَأَجرا قَائِما، زكا بِهِ عمله، ونجح فِيهِ سَعْيه، وَظهر عَلَيْهِ مَا صلح فِيهِ من نِيَّته، وَصَحَّ من طويته فَلذَلِك شاع الْكتاب الْمَذْكُور وانتشر، وتلقي بِالْقبُولِ، وَحقّ لَهُ ذَلِك، لجودة تصنيفه، وبراعة تأليفه واقتصاده وجودة اخْتِيَاره، فَلَقَد أحسن فِيهِ مَا شَاءَ وأبدع فَوق مَا أَرَادَ، وأربى على الْغَايَة وَزَاد، وَدلّ مِنْهُ على حفظ وإتقان، وَعلم، وَفهم، واطلاع، واتساع..... وَلما كَانَ / الْحَال على مَا وصفت - من احتواء الْكتاب الْمَذْكُور على مَا لَا يعْصم مِنْهُ أحد، وَلَا سِيمَا من جمع جمعه، وَأكْثر إكثاره، وَكفى الْمَرْء نبْلًا أَن تعد معايبه - تجردت لذكر المعثور عَلَيْهِ من ذَلِك، فَذَكرته مُفِيدا بِهِ وممثلا لما لم أعثر عَلَيْهِ من نَوعه، إِذْ الْإِحَاطَة متعذرة....»اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «الرد على ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام »(ص: 23):« لقد أسرف فِي المحاققة والتعنت لِلْحَافِظِ أبي مُحَمَّد، وَبَالغ فِي ذَلِك ، وَأصَاب فِي كثير من ذَلِك، وَلم يصب فِي أَمَاكِن، وَغلط فِيهَا، وألزم أَبَا مُحَمَّد بتطويل الْكَلَام على الْأَحَادِيث بِمَا لَا يُنَاسب الْأَحْكَام المختصرة الَّتِي بِلَا أَسَانِيد، وَعمد إِلَى رُوَاة لَهُم جلالة وجلادة فِي الْعلم، وحديثهم فِي مُعظم دواوين الْإِسْلَام فغمزهم بِكَوْن أَن أحدا من القدماء مَا نَص على توثيقهم بِحَسب مَا اطلع هُوَ عَلَيْهِ، وقاعدته كَابْن حزم، وَأهل الْأُصُول: يقبل مَا روى الثِّقَة سَوَاء خُولِفَ أَو رفع الْمَوْقُوف أَو وصل الْمُرْسل.
وَالرجل [فحافظ] فِي الْجُمْلَة لَهُ اطلَاع عَظِيم، وَتوسع فِي الرِّجَال ويقظة وفطنة قل من يجاريه فِي زَمَانه أَخذ الْفَنّ من المطالعة.» اهـ

وقال أبو محمد عبد الرحمن بن ابى حاتم الرازي رحمه الله في « بيان خطا البخاري في تاريخه» (1/ 2):« بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله في التاريخ.....»اهـ ثم سردها. وقال في آخرها:(1/ 165):« هذا آخر ما أخرج من بيان خطأ محمد بن إسماعيل في تاريخه عن أبى زرعة وأبى حاتم رضى الله عنهم اجمعين.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله اجمعين وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل. » اهـ

وقال أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري  في «التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه» (ص: 15):« هذا كتاب نبهت فيه، على أوهام أبي عليّ - رحمه الله - في أماليه؛ تنبيه المنصف لا المتعسف ولا المعاند، محتجاًّ على جميع ذلك بالشاهد والدليل؛ فإني رأيت من تولى مثل هذا من الرد على العلماء والإصلاح لأغلاطهم، والتنبيه على أوهامهم؛ لم يعدل في كثير مما رده عليهم، ولا أنصف في جُمل مما نسبه إليهم. وأبو عليٍّ - رحمه الله - من الحفظ وسعة العلم والنُّبل، ومن الثقة في الضبط والنَّقل؛ بالمحل الذي لا يُجهل، وبحيث يقصر عنه من الثناء الأحفل؛ ولكن البشر غير معصومين من الزلل، ولا مُبرَّئين من الوهم والخطل؛ والعالم من عُدَّت هفواته، وأُحصيت سقطاته: كفى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدُّ معايبُه» اهـ

وقال إبراهيم بن محمد بن محمود بن بدر في «عجالة الإملاء»(1/ 131):« فهذه نكت قليلة لكنها مُهمة جليلة، لم أسبقْ إليها، ولا رأيت من تنبَّه لها ولا نبّه عليها، جعلتُها كالتذنيب، على ما وقع للإمام العلامة الحافظ الكبير زكي الدين المنذريّ -رضي الله عنه- من الوهم والإيهام، في كتابه الشهير المتداول المسمى "بالترغيب والترهيب".» اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «تاريخ الإسلام  » (37/ 128-129):« هبة الله بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن حمزة... قال أبو الفضل بن شافع في تاريخه: متّع بجوارحه إلى آخر وقت، وكان نحويّا، حسن الشّرح، والإيراد، والمحفوظ. وقد صنّف أمالي قرئت عليه، فيها أغاليط، لأنّ اللّغة لم يكن مضطلعا فيها» اهـ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «البداية والنهاية » (13/ 219):« أبو العز إسماعيل بن حامد ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ الْقُوصِيُّ، وَاقِفُ دَارِهِ بِالْقُرْبِ مِنَ الرَّحْبَةِ عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ وَبِهَا قَبْرُهُ، وكان مدرساً بحلقة جمال الإسلام تجاه البدارة  ، فَعُرِفَتْ بِهِ، وَكَانَ ظَرِيفًا مَطْبُوعًا حَسَنَ الْمُحَاضَرَةِ، وَقَدْ جَمَعَ لَهُ مُعْجَمًا حَكَى فِيهِ عَنْ مَشَايِخِهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مُفِيدَةً.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَقَدْ طَالَعْتُهُ بِخَطِّهِ فَرَأَيْتُ فِيهِ أَغَالِيطَ وَأَوْهَامًا فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَغَيْرِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ انتسب إلى سعد بن عبادة بن دلم فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهَذَا غلط، وقال في شدة خرقه التصوف فغلط وصحف حيياً أَبَا مُحَمَّدٍ حُسَيْنًا» اهــ

وقال الإمام الذهبي رحمه الله في «معرفة القراء الكبار » (ص: 239-242):« أبو القاسم الهذلي المقرئ الجوال، أحد من طوف الدنيا في طلب القراءات... وله أغاليط كثيرة في أسانيد القراءات، وحشد في كتابه أشياء منكرة لا تحل القراءة بها، ولا يصح لها إسناد» اهـ

وقال الإمام ابن عبد الهادي رحمه الله في «الصارم المنكي في الرد على السبكي» (ص: 13):«  فإني وقفت على الكتاب الذي ألفه بعض قضاة الشافعية في الرج على شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية في مسألة شد الرحال وإعمال المطي إلى القبور، وذكر أنه كان قد سماه شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة ثم زعم أنه اختار أن يسميه شفاء السقام في زيارة خير الأنام فوجدت كتابه مشتملاً على تصحيح الأحاديث المضعفة والموضوعة، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة والآثار القوية المقبولة، وتحريفها عن مواضعها وصرفها عن ظاهرها بالتأويلات المستنكرة المردودة. ورأيت مؤلف هذا الكتاب المذكور رجلاً ممارياً معجباً برأيه متبعاً لهواه ذاهباً في كثير مما يعتقده إلى الأقوال الشاذة والآراء الساقطة، صائراً في أشياء مما يعتمده إلى الشبه المخيلة والحجج الداحضة، وربما خرق الإجماع في مواضع لم يسبق إليها ولم يوافقه أحد من الأئمة عليها.
وهو من الجملة لون عجيب وبناء غريب تارة يسلك فيما ينصره ويقويه مسلك المجتهدين فيكون مخطئاً في ذلك الاجتهاد ومرة يزعم فيما يقول ويدعيه أنه من جملة المقلدين، فيكون من قلده مخطئاً في ذلك الاعتقاد، نسأل الله سبحانه أن يلهمنا رشدنا ويرزقنا الهداية والسداد» اهـ.
قال شيخنا الإمام مقبل الوادعي رحمه الله  في مقدمته للمحقق هداه الله (ص: 5)::« طالما نصحت إخواني في الله باقتناء الصارم المنكى في الرد على السبكي منذ وقع في يدي وأنا طالب بمعهد الحرم بمكة ذلك لأنه كتاب قمع الله به أصحاب الباطل المبتدعة. فالمبتدعة من عصر السبكي إلى زمننا هذا وهو يفترقون من كتاب السبكي الذي جمع فيه بين نصر البدعة ومهاجمة السنة والصد عنها مع تجلد عجيب وقد كنا نقرأ في الصارم المنكي ونحن بدماج فأتعجب من جرأة السبكي ومن سعة اطلاعه ومن تلبيسه على القارئ فأقول: هذا كلام عالم فلا يسعني إلا الاعتراف بأنه عالم ولكنه ضل عن سواء السبيل وحمله الشيطان على نصرة الباطل فقيض الله لأباطيله ولتلبيساته ابن عبد الهادي رحمه الله بنسفها نسفاً.
وأني أنصح من يريد أن يرد على دعاة الضلال في زمننا هذا كمحمد بن علوي مالكي وأشياعه أن يكون أول مرجع لهم هو الصارم المنكي في الرد على السبكي.
إن الصارم المنكي ليس كتاباً يرد على المبتدعة فحسب ولكنه أيضاً كتاب جرح وتعديل وتصحيح وتضعيف فيه فوائد تشد لها الرحال، ومما أذكره الآن أحاديث زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد بين ضعفها مما لا تجده في كتاب فيما أعلم.... وإني أنصح الأخوة الباحثين أن يحرصوا على إخراج مثل هذه الكتب فهي تقمع المبتدعة المعاصرين وتوفر على الأخ وقتاً يصرفه فيما هو أهم» اهـ.

وقال أبو العباس ابن خلكان رحمه الله  في «وفيات الأعيان» (3/ 108):« ابن بري أبو محمد عبد الله بن أبي الوحش بري بن عبد الجبار بن بري المقدسي.... وله جزء لطيف في أغاليط الفقهاء، وله الرد على أبي محمد ابن الخشاب - المذكور في هذا الحرف - في الكتاب الذي بيَّن فيه غلط ابن الحريري في المقامات..» اهـ.

وقال الزركلي رحمه الله في «الأعلام (4/ 283):« علي بن حمزة البصري، أبو القاسم: لغويّ، من العلماء بالأدب. له كتب، منها " التنبيهات على أغاليط الرواة - ط " وردود على: " الإصلاح " لابن السكيت و " فصيح " لثعلب و " النبات " للدينوري و " الحيوان " للجاحظ و " المقصور والممدود " لابن ولاد، وغير ذلك » اهـ

وقال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله وغفر له-: «ورحم الله ابن القيم، فقد كان شديد التتبع لابن حزم، يتتبع أوهامه» اهـ «معجم المناهي اللفظية» (ص63).

ولشيخنا الإمام الوادعي رحمه الله كتاب «نشر الصحيفة في ذكر الصحيح من أقوال أئمة الجرح والتعديل في أبي حنيفة» جمع فيه أقوال الأئمة في سبر حال أبي حنيفة وأقواله بالأسانيد الصحيحة، وبين للأمة حال أبي حنيفة وأقواله ومعتقده.

وللشيخ حمود التويجري رحمه الله رد على العلامة محمد صالح العثيمين رحمهما الله قال فيه:« أما بعد: فقد رأيت مقالاً سيِّئاً لبعض المعاصرين زعم في أوله أن معية الله لخلقه معية ذاتية تليق بجلاله وعظمته وأنها لا تقتضي اختلاطا بالخلق ولا حلولا في أماكنهم ...... وأقول : لا يخفى على من له علم وفهم ما في كلام الكاتب من التناقض والجمع بين النقيضين وموافقة من يقول من الحلولية : إن الله بذاته فوق العالم وهو بذاته في كل مكان وما فيه أيضاً من مخالفة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها....» اهـ
وقد قدم له الإمام ابن باز رحمه الله  وقال فيه:« فقد اطلعت على ما كتبه أخونا العلامة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في بيان الأدلة الشرعية والعقلية على إثبات علو الله سبحانه فوق عرشه واستوائه عليه استواء يليق بجلاله لا يشابه فيه خلقه .
وفي إثبات معيته لعباده بعلمه واطلاعه وحفظه وكلاءته لأوليائه والرد على من زعم أن معية الله لعباده ذاتية، بل قد سمعته جميعه بقراءة مؤلفه حفظه الله فألفيته كتاباً عظيم الفائدة مؤيداً بالأدلة الشرعية والعقلية كما ألفيته رداً عظيماً على أهل البدع القائلين بالحلول والاتحاد ورداً كافياً شافياً على من قال : إن معية الله للخلق ذاتية .
فجزاه الله خيراً وزاده علماً وهدى وتوفيقاً ونفع به وبمؤلفاته المسلمين .
وبالجملة فهذا كتاب عظيم القدر كثير الفائدة مشتمل على أدلة كثيرة من الكتاب والسنة على إثبات أسماء الله وصفاته وعلوه سبحانه فوق خلقه والرد على جميع أهل البدع كما أنه مشتمل على نقول كثيرة مفيدة من كلام علماء السنة المتقدمين والمتأخرين ومن كلام الصحابة والتابعين رضي الله عن الجميع ورحمهم رحمة واسعة .
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن ينفع به المسلمين وأن يقيم به الحجة ويقطع به المعذرة وأن يضاعف المثوبة لمؤلفه ويجعلنا وإياه وسائر إخواننا من أئمة الهدى وأنصار الحق وأن يثبتنا جميعاً على دينه حتى نلقاه سبحانه إنه ولي ذلك والقادر عليه .
قاله الفقير إلى عفو ربه : عبدالعزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله وعفا عنه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد 27/ 7/ 1404 هـ» اهـ
وتراجع العلامة ابن عثيمين رحمه الله على ما كتبه وقال:« فقد قرأت الكتاب الذي ألفه أخونا الفاضل الشيخ حمود بن عبد الله التويجري في إثبات علو الله تعالى ومباينته لخلقه والرد على من زعم أن معية الله تعالى لخلقه معية ذاتية فوجدته كتاباً قيماً قرر فيه مؤلفه الحقائق التالية :
الأولى : إثبات علو الله تعالى بذاته وصفاته لدلالة الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة على ذلك .
الثانية : إثبات استوائه تعالى بذاته على عرشه استواء حقيقياً يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك .
الثالثة : إثبات معية الله لخلقه بعلمه وإحاطته إن كانت عامة وبنصره وتأييده مع العلم والإحاطة إن كانت خاصة وتأييد ذلك بما نقله عن السلف والأئمة .
الرابعة : إبطال قول الحلولية القائلين بأن الله تعالى بذاته في الأرض أو في الأرض وعلى العرش لدلالة الكتاب والسنة والإجماع والعقل على إبطاله .
الخامسة : إنكاره القول بالمعية الذاتية .
وكل ما قرره فهو الحق فعلو الله تعالى على خلقه بذاته وصفاته دل عليه القرآن في آيات متعددة وعلى وجوه متنوعة معلومة لكل من قرأ كتاب الله تعالى موجبة للعلم القطعي ودلت عليه السنة بأنواعها القولية والفعلية والإقرارية في أحاديث كثيرة تبلغ حد التواتر وعلى وجوه متنوعة ودل عليه العقل من وجهين.. .
ثم أخذ في ذكرهما .
ثم قال : « وبطلان القول بالحلول معلوم بدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة والإجماع، وذلك لأن القول به مناقض تمام المناقضة للقول بعلو الله تعالى بذاته وصفاته، فإذا كان علو الله تعالى بذاته وصفاته ثابتاً بهذه الأدلة، كان نقيضه باطلاً بها .
وإنكار القول بالمعية الذاتية واجب حيث تستلزم القول بالحلول لأن القول بالحلول باطل فكل ما استلزمه فهو باطل يجب إنكاره ورده على قائله كائنا من كان .
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من المتعاونين على البر والتقوى وأن يهيئ لنا من أمرنا رشداً وأن ينصرنا بالحق ويجعلنا من أنصاره إنه ولي ذلك القادر عليه وهو القريب المجيب . قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 15/4/1404 هـ)» اهـ

وقد ألف علي بن عبد العزيز الشبل كتابا بعنوان« التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري» مر على المخالفات العقدية للحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح» وجمع فيها تعليقات الإمام ابن باز رحمه الله على المجلدات الثلاثة الأولى فأضافها الشبل، وتمم الباقي، وقدم له الإمام ابن باز رحمه الله وقال :« أحسنتم فيما فعلتم....» وقدم له العلامة صالح الفوزان حفظه الله وقال :« لقد وجدت تلك الاستدراكات جيدة مفيدة منصفة....» اهـ  وقدم له غيرهما.

فصل
كانوا يتتبعون حال الرجل قبل طلب العلم عنده:

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ  رحمه الله قَالَ كَانُوا إذَا أَتَوْا الرَّجُلَ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ نَظَرُوا إلَى سَمْتِهِ وَإِلَى صَلَاتِهِ وَإِلَى حَالِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ.» اهـ من «الآداب الشرعية والمنح المرعية» لابن مفلح (1/ 418).
 وقال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ»  رواه مسلم في مقدمة صحيحه (1 / 14) .
 وقال سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى رحمه الله ، قَالَ: لَقِيتُ طَاوُسًا فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ كَيْتَ وَكَيْتَ، قَالَ: «إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا، فَخُذْ عَنْهُ»  رواه مسلم في مقدمة «صحيحه» (1 / 15).
وعن أبي الزناد رحمه الله  قَالَ: " أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مِائَةً، كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ، مَا يُؤْخَذُ عَنْهُمُ الْحَدِيثُ، يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ " حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: «لَا يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الثِّقَاتُ» رواه مسلم في «مقدمة صحيحه» (1 / 15).
 وقال الإمام مالك رحمه الله :« أَدْرَكْتُ بِالْمَدِينَةِ مَشَايِخَ أَبْنَاءَ مِائَةٍ وَأَكْثَرَ فَبَعْضُهُمْ قَدْ حَدَّثْتُ بِأَحَادِيثِهِ وَبَعْضُهُمْ لَمْ أُحَدِّثْ بِأَحَادِيثِهِ كُلِّهَا وَبَعْضُهُمْ لَمْ أُحَدِّثْ مِنْ أَحَادِيثِهِ شَيْئًا وَلَمْ أَتْرُكِ الْحَدِيثَ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا ثقات فِيمَا حَمَلُوا إِلَّا أَنَّهُمْ حَمَلُوا شَيْئًا لَمْ يعقلوه» اهـ «التمهيد لما في الموطأ » (1/ 67)
وقال الإمام ابن عبد البر رحمه الله  في «التمهيد » (1/ 28):« وَكُلُّ حَامِلِ عِلْمٍ مَعْرُوفُ الْعِنَايَةِ بِهِ فَهُوَ عَدْلٌ مَحْمُولٌ فِي أَمْرِهِ أَبَدًا عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ جَرْحَتُهُ فِي حَالِهِ أَوْ فِي كَثْرَةِ غَلَطِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ» اهـ
ولنا مقال بعنوان« أهمية أخذ العلوم  عن أهله المتمكنين» على هذا الرابط.

فصل:
لا فرق في ذلك بين رواة وحفَّاظ الحديث وبين من أخطأ في السنة
قال  الحافظ ابن رجب  رحمه الله في :« الفرق بين النصيحة والتعيير (ص: 7-8):« فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه.
وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه.
ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتمسك بما لا يتمسك به ليُحذِّر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه، وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضًا.
ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير وشروح الحديث والفقه واختلاف العلماء وغير ذلك ممتلئة بالمناظرات وردِّ أقوال من تُضَعَّفُ أقواله من أئمة السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
ولم يترك ذلك أحد من أهل العلم ولا ادعى فيه طعناً على من ردَّ عليه قولَه ولا ذمَّاً ولا نقصاً اللهم إلا أن يكون المصنِّف ممن يُفحش في الكلام ويُسيءُ الأدب في العبارة فيُنكَر عليه فحاشته وإساءته دون أصل ردِّه ومخالفته، إقامةً للحجج الشرعية والأدلة المعتبرة. وسبب ذلك أن علماء الدين كلُّهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ولأنْ يكون الدين كله لله وأن تكون كلمته هي العليا، وكلُّهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم ولا ادعاه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم.» اهـ

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في «الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص: 10):« فحينئذٍ رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه.
فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته.
وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله إذا تأدب في الخطاب وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه وإن صدر منه الاغترار بمقالته فلا حرج عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول: (كذب فلان) ومن هذا «قول النبي صلى الله عليه وسلم: " كذب أبو السنابل " لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر» .
وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر». اهـ

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله  في «تحريم النظر في كتب الكلام» (ص: 35):« وَمَا عادتي ذكر معائب أَصْحَابنَا وإنني لأحب ستر عَوْرَاتهمْ وَلَكِن وَجب بَيَان حَال هَذَا الرجل حِين اغْترَّ بمقالته قوم واقتدى ببدعته طَائِفَة من أَصْحَابنَا وشككهم فِي اعْتِقَادهم حسن ظنهم فِيهِ واعتقادهم أَنه من جملَة دعاة السّنة
فَوَجَبَ حِينَئِذٍ كشف حَاله وَإِزَالَة حسن ظنهم فِيهِ ليزول عَنْهُم اغترارهم بقوله وينحسم الدَّاء بحسم سَببه
فَإِن الشَّيْء يَزُول من حَيْثُ ثَبت وَبِالله التَّوْفِيق والمعونة ونسأل الله تَعَالَى أَن يثبتنا على الْإِسْلَام وَالسّنة
وعَلى كل حَال فَهُوَ قد نفر من التَّقْلِيد وَأنكر حسن الظَّن بالمشايخ
فَكيف يحسن الظَّن فِيمَن يُنكر حسن الظَّن بِهِ وَكَيف يقبل قَول من ينْهَى» اهـ

وسئل الإمام أحمد: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: (إن صام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فبيّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم، من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعًا، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءً» اهـ «الفتاوى» (28/231-232).

وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله لكن هنا شيء أريد أن أنبه عليه وهو أن المحدث قد يخطئ . فقد أ لّف ابن أبي حاتم عن أبيه أبي زرعه مؤلفاً في بيان أخطاء البخاري رحمه الله تعالى في تاريخه الكبير أو الأمام الدار قطني رحمه الله تعالى تتبع الصحيحين ووقف على قدر مائتي حديث يرى انها منتقدة فبعضها تم الانتقاد و بعضها لم يتم الانتقاد ، لكن شاهدنا من هذا إن الأمام الدار قطني رحمه الله تعالى وقد لقب بأمير المؤمنين بالحديث ألف كتاب اسمه ( التتبع ) وفي بعض النسخ (الاستدراكات) ، أنتقد كما سمعتم من قبل على البخاري و مسلم مائتي حديث ، والحافظ يقول :- «انها مائتان وعشرة ، لكن بحمد الله بالعدد والترقيم عُرف أنها مائتي حديث .
فالعالم قد يصيب وقد يخطئ ، وهكذا أيضاً الأمام الخطيب رحمه الله تعالى في كتابه «موضح أوهام الجمع والتفريق » وهو كتاب عظيم ذكر فيه أخطاء الأمام البخاري رحمه الله تعالى في تاريخه .
فالذي ينبغي أن يعلم ان المحدث إذا صحح حديثاً أو ضعف حديثاً هو نفسه ربما يتراجع عن هذا وربما ينتقده غيره و يتراجع ايضاً إذا اطلع على انتقاد غيره ، وربما يكون صحيحاً عنده ويكون ضعيفاً عند من هو مماثلاً له ومعاصر له أو جاء بعده ، فهذا أمر ينبغي أن يتنبه له وهو ان العالم إذا صحح حديثاً فلا نقول القول ما قالت حذام .
بل إذا رأينا عالماً أخر أنتقد و اقام البرهان على الانتقاد فماذا نقول ؟ هذا لا ينتقد عليه ، حتى ولو كان العالم اقل علماً منه فقد يكون برزاً في حديث أو في أحاديث حققها ، ووقوفه وتدريسه بذلك الحديث أو تلكم الأحاديث لا يدل على أنه أعلم من ذلك الشخص و الله المستعان » اهــ من شريط : ( التبيان في أجوبة أسئلة أهل كردستان ) .

وقال الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في كتابه «ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر» (ص3) : «والذي أنصح به طلاب العلم أن لا يصغوا إلى كلام أولئك المفتونين الزائغين وأن يقبلوا على تعلم الكتاب والسنة وأن يبينوا للناس أحوال أولئك الزائغين ويحذروهم منهم ومن كتبهم ومجلاتهم وندواتهم» اهـ.

وقال الإمام الوادعي رحمه الله : « هذا وأني أنصح العلماء والدعاة إلى الله من أهل السنة؛ أن يجدوا ويجتهدوا في التحذير من الحزبية المشؤومة التي فرقت شمل المسلمين، ويكون التحذير على الاستمرار لأن عمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ديمة.
أسأل الله أن يوفقهم لذلك أنه على كل شيء قدير) «مقتل الشيخ جميل الرحمن الأفغاني» (ص5).

وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله: «..والعلماء بحثوا في علم التجريح والتعديل فذكروا الرواة وما قيل فيهم من القوادح، لا من أجل أشخاصهم، وإنما من أجل نصيحة الأمة أن تتلقى عنهم أشياء فيها تجنٍّ على الدين، أو كذبٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وخصوصاً إذا كان له نشاط بين الناس، ويحسنون الظن به، ويقتنون أشرطته وكتبه، لا بد من البيان، وتحذير الناس منه؛ لأن السكوت ضرر على الناس، فلا بد من كشفه لا من أجل التجريح أو التشهي، وإنما من أجل النصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». اهـ من «المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان»

وقال الشيخ النجمي رحمه الله في رده على كتاب الشيخ العباد حفظه الله: « إن هذا منقبة، وليست مذمة؛ فلقد كانت حماية السنة منقبة عند السلف، نعم عند الشباب السلفي غيرة؛ إذا وجدوا مخالفة للسنة في مؤلف أو في شريط، أو رأوا من أهل السنة من يمشي مع المبتدعة بعد النصح أنكروا ذلك ونصحوه أو طلبوا من بعض المشايخ نصحه، فإذا نصح ولم ينتصح هجروه وهذه منقبة لهم، وليست مذمة لهم).اهـ

وسئل الشيخ زيد بن محمد المدخلي رحمه الله : هناك مقولة أن الردود بين أهل العلم تشغل عن طلب العلم، فهل هذه المقولة صحيحة؟
فأجاب: هذه من الشبه الباطلة ومن التلبيس على الناس، وما أظن مثل هذا القول يروج عند من عنده شيء من العلم، لأن كتب الردود موجودة ومنتشرة ومطبوعة ومقروءة من العصور الأولى إلى هذا العصر، من قرأ ما رد به الإمام أحمد رحمه الله على الجهمية وعلى الزنادقة، وما رد به الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم وجد جلّ كتبهم فيها ردود على أهل الانحراف من اليهود والنصارى وأهل البدع من جهمية ومعتزلة وأشعرية وماتوريدية وكلابية،.. إلى غير ذلك فيما لا يحصى في هذا المقام، فكتب الردود جهاد في سبيل الله، بل اعتبره ابن القيم رحمه الله اعتبر الردود على أهل البدع والأهواء أعظم من الجهاد في معارك القتال....
إذن : فالمقولة هذه إن صدرت من جاهل يجب أن يعلم، وإن صدرت من إنسان يدّعي العلم؛ فهو إما صاحب جهل مركب، وإما صاحب تلبيس، يجب أن يُحذر وأن يحذر منه، والله  أعلم) «العقد المنضد» (ص155-156).

خاتمة
أيها القارئ الكريم لقد رأيت مما سبق ذكره وهو قليل جدًا ؛ شدة اهتمام السلف والأئمة والعلماء وطلاب الحديث  بهذا الأمر في تتبع الأوهام والأغاليط والأخطاء والزلات وتبيين ذلك للأمة نصحًا وحماية للدين، فقد سبروا حال الرواة والكتب والرجال، وجمعوه في كتب ومقالات يتداولها الناس جيلا عن جيل من غير نكير ولا تشويه ولا اتهام من عمل ذلك بالغلو أو الطعن في العلماء أو تتبع عورات العلماء، فهذا هو منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، خلافا لأهل الأهواء الذين يحاربون الدعوة السلفية بين الحين والآخر، فهذه من أعظم ركائزهم وشبههم التي يلقونها على المساكين الذين لا يعرفون منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، وأختم ببعض التنبيهات المهمة:

تنبيه1-:
لا بد لمن قام بهذا الأمر أن يكون ذا علم وفهم وبصيرة ومعرفة بالحق من الباطل، فقد رأينا من تتبع أهل السنة من أهل الزيغ والانحراف، ويذكرون أشياء عن أهل السنة وهي غير صحيحة، أو أن الحق فيها مع أهل السنة، كما رأينا وشاهدنا في فتنة البكري ونعمان الوتر وعرفات البرمكي وأشباههم ممن يتقولون عن دعوتنا وعلمائنا بأشياء صحيحة، وكما قد رأى الجميع كتاب المدخلي في الرد على كتاب شيخنا يحيى «المفاريد»، فلو كانت انتقادات علمية صحيحة وسليمة منهم أو من غيرهم  لقبلناها وشكرناهم عليها ونشرناها، وقس على هذا.
تنبيه2-:
لابد لفاعل ذلك من النية الحسنة والمقصد الجميل، وهو حماية الدين والنصيحة والحفاظ على المنهج السلفي من الدخيل عليه من الأقوال والأفعال والمعتقدات، ومن خالف هذه النية الحسنة فسرعان ما يفضحه الله ويهتك ستره ويزيل الغشاوة عن حاله، وفعل من ساءت نيته لا يهدم هذا المنهج السلفي، ففعله على نفسه فحسب {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 164].
تنبيه3-:
لا أحد أرفع من الحق أو من قبول الحق أو الإذعان للحق والهدى، ومن عُلم عليه خطأ أو زلل فيجب عليه لزاما التراجع عن الخطأ والزلل صيانة لنفسه ولغيره، وأن يشكر لمن نصح له وبين له ،وأن لا يتهمه بسوء النية والطعن فيه، وأن لا يشوه هذا المنهج السلفي، وفيه رد المفضول على الفاضل.
تنبيه4-:
مسألة: متى يحكم على صاحب الزلات والأخطاء بالبدعة والخروج من السنة هذا موضوع أخر لسنا بصدده الآن، نسأل الله أن ييسر الكتابة فيه، وقد كتب فيه بعض إخواننا في ردودهم على فتنة العدني ومن إليه فليراجع

* ونذكر هنا الخلاصة
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :« الفرق بين النصيحة والتعيير» (ص: 12):« فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم.
وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العلماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك.
ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة، وعلى الحسن في قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها، وعلى عطاء في إباحته إعادة الفروج، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم.
 ولم يعد أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة ولا عيباً لهم، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين من السلف والخلف بتبيين هذه المقالات وما أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات ما كان بمثابتها شيء كثير ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً.
وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته وسواء كان في حياته أو بعد موته وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته» .
وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم. وليس كلامنا الآن في هذا القبيل والله أعلم» اهـ.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَري
عصر الجمعة 21 من شهر الله المحرم 1441هــــ




نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى