البرامكة والصعافقة يتجرعون السوء بما صدوا عن سبيل الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فيقول الله تعالى : {وَتَذُوقُوا
السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:
94].
قال الحافظ ابن جرير الطبري رحمه الله في «تفسيره» (14/ 348):« وَقَوْلُهُ: {وَتَذُوقُوا السُّوءَ} [النحل: 94]
يَقُولُ: وَتَذُوقُوا أَنْتُمُ السُّوءَ، وَذَلِكَ السُّوءُ هُوَ عَذَابُ الله
الَّذِي يُعَذِّبُ بِهِ أَهْلَ مَعَاصِيهِ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ بَعْضُ مَا
عُذِّبَ بِهِ أَهْلُ الْكُفْرِ. {بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله} [النحل: 94]
يَقُولُ: بِمَا فَتَنْتُمْ مَنْ أَرَادَ الْإِيمَانَ بِالله وَرَسُولِهِ عَنِ
الْإِيمَانِ». اهـ
وقال الإمام القرطبي رحمه الله في « تفسيره» (10/ 172):« {وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله} أَيْ بِصَدِّكُمْ.
وَذَوْقُ السُّوءِ فِي الدُّنْيَا هُوَ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْمَكْرُوهِ» اهـ.
وقال العلامة اليماني الشوكاني
رحمه الله في «فتح القدير» (3/ 229):«{وَتَذُوقُوا
السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ} أَيْ: تَذُوقُوا الْعَذَابَ السَّيِّئَ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي
الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله أَيْ: بِسَبَبِ
صُدُودِكُمْ أَنْتُمْ عَنْ سَبِيلِ الله وَهُوَ الْإِسْلَامُ، أَوْ بِسَبَبِ
صَدِّكُمْ لِغَيْرِكُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ» اهـ.
ومثل هذه الآية الكريمة حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِنَّ الله قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ
آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ» رواه البخاري.
أيها السلفيون : لقد علم الجميع القاصي والداني ما عمله البرامكة والصعافقة أخزاهم الله في
الدعوة السلفية في اليمن وغير اليمن؛ عندما كانوا مجتمعين يدًا واحدًا يتآمرون
ويتكاتفون ويتعاونون ويكيدون ليلا ونهارا ضد
دعوتنا السلفية وضد دماج وضد مراكزنا السلفية في اليمن، وضد دعاة ومشايخ وعلماء السنة
في اليمن وغير اليمن، ولقد تفننوا في أساليب المكر والكيد والتحريش، والفتنة على
الدعوة السلفية، وكانت لهم حروب شتى متنوعة؛ قد سبق بيانها في مقالات وردود
وبيانات من دعاة ومشايخ وعلماء دعوتنا السلفية، وهي مدونة مكتوبة يعرفها السلفيون
وتتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل بإذن الله تعالى؛ ليعرفوا ما فعله البرامكة
والصعافقة في الدعوة السلفية في اليمن وغير اليمن.
وهذا المكر والكيد والتحريش والفتنة ردها الله على أهلها وأصحابها من
البرامكة والصعافقة، وأذاقهم الله شر فتنتهم ومكرهم، وربك حكمٌ عدلٌ، ولا يظلم ربك
أحدًا، وهاهم اليوم يذوقون ويتجرعون مرارة ما عملته أيديهم وألسنتهم، وكفى الله
دعوتنا شرهم وفتنتهم، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
ومن نظر في حالهم الآن يعرف تماما، أنهم ذاقوا شر فتنتهم وصدهم عن
سبيل الله تعالى كثيرًا.
وأُلخص بعض ما ذاقوه وتجرعوه وطعموا مرارته بسبب صدهم عن سبيل الله تعالى
:
1-فقد مزقهم الله في كل دولة، وأصبحوا أقسامًا، فمنهم من هو مع
البرامكة، ومنهم من هو مع الصعافقة، ومنهم المتوقفة، ومنهم من يرد عليهم، ومنهم من
تركهم جميعًا وذهب وراء الدنيا، أو السياسات وانحرف ، وهذا بسبب تمزيق الدعوة
السلفية مزقهم الله تعالى.
2-شُغِلُوا عن الدعوة إلى الله تعالى، وعن الدعوة للمنهج السلفية، والعقيدة السلفية، فلا أصبحت
لهم تلك الدروس النافعة ولا جهود كما كانت قبل فتنتهم وشرهم، وأصبحت همهم وغالب
اجتماعاتهم ولقاءاتهم حول بعضهم البعض؛ إما تصريحًا وإما تلميحًا، يتربصون ببعضهم،
ويجمعون زلاتهم وعيوبهم التي كانوا ساكتين عليها من قبل، وهذا من السوء الذي تجرعوه
بسبب فتنتهم وشرهم.
3-شُغِلُوا عن بيان سبيل المجرمين، وعن بيان سبيل أهل الأهواء
والمبتدعة، وأصبح المبتدعة يسرحون ويمرحون
من حواليهم ومن أمامهم ومن خلفهم ومن بين أيديهم، ويتمكنون هنا وهناك، في الجامعات
والندوات والدورات، وهؤلاء شغلوا بسب وشتم بعضهم البعض، وأصبح السباب والشتام بينهم على
مدار اليوم، ويوميا ترى وتسمع طعونات بعضهم البعض، وكلام هزيل وفضائح عجيبة، وسوّل
لهم الشيطان أعمالهم ؛ أن هذا من الذب عن المنهج السلفية ومن حمايته، ومن صيانته!!،
وهذا والله من السوء الذي ذاقوه وتجرعوه
بسبب فتنتهم وشرهم على الدعوة السلفية.
4-أصبحت مقالاتهم وردودهم هزيلة بعد أن كان الواحد منهم إذا كتب أو
تكلم صال وجال واهتز الوضع بسبب بكلامه، أما الآن تناقضات وشطحات وتلبسيات ورد الحقائق، وأصبح الواحد إذا تكلم
منهم لا وزن لكلامه ولا وزن لرده، أليس هذا من السوء؟.
5-ومن السوء الذي تجرعوه أنهم أصبح بعضهم يخرج أخطاء بعضهم التي
كانوا بالأمس يدافعون عنها، ويعتذرون لصاحبها، وأما اليوم فأصبحت أخطاء ومآخذ وانتقادات!!،
وأنه قد صبر على فلان سنين طويلة!، وهذا يدل على أنهم كانوا يمشون على قاعدة
المعذرة «نتعاون فيما اتفقنا فيه( وهو حرب الدعوة السلفية وحرب أهل دماج ) ويعذر
بعضنا بعضنا( في تلك الأخطاء)».
6-أصبح بعضهم يبكي من بعض ويئن جدًا مما يحدث له من الطعن والتحذير
والسباب والشتام والتحريش، وهذا من السوء الذي يتجرعوه بسبب فتنتهم على الدعوة
السلفية وسكوت بعضهم على فتنة بعض، وممالأة بعضهم لبعض في حرب دعوتنا السلفية خلال
عشر سنوات من الحرب الشنعاء.
7-أصبح بعضهم يرد على بعض بما كنا نقوله وبما كنا ندلل به، وأصبح
بعضهم يتواصل ببعض إخواننا- كما حدثني بذلك أخونا حمود- ويقول:« نريد الردود على
فلان وفلان وأخطاء فلان وفلان»، ممن قد بين حالهم رجال السنة في اليمن بحمد لله
تعالى، وهذا حال مزري يتجرعه البرامكة والصعافقة.
8-أصبح
الحال عندهم أن الدكتوراة والماجستير والجامعة سبب عدم قبول الأخطاء، وهذه طريقة
سيئة وصل إليها القوم بسبب تجرعهم سوء فتنتهم.
أيها السلفيون:
هذه عبرة والله وعظة لنا جميعا، وأننا لا بد أن نسلك طريق العدل
والإنصاف ، وأن نبتعد عن المجازفات والشطحات والصد عن سبيل الله، وأن من حارب الحق
لابد أن ينتقم الله منه ولو بعد حين ،وسيفضحه الله في عقر داره وبين أهله ومحبيه،
وأن أشد الحروب هي حرب أهل الحق والهدى.
وهذه والله عبرة لنا أن نبتعد أن الخلافات التي لا طائل تحتها ولا
فائدة من إثارتها ونشرها، وأنه لابد أن يكون النصح مبذولا، وإنكار المنكر ساريا
مفعولا على القريب والبعيد، وأن الأخطاء التي تضر بدعوتنا وإخواننا لا يجوز السكوت
عنها بسبب أن فلانًا وفلانًا معي أو صاحبي لأن عاقبة هذا الأمر وخيم وضرره قادم
علينا جميعًا، وأن نرجع إلى علمائنا الناصحين الذين عرفنا صدقهم وحبهم للخير وأهله
وحرصهم على جمع الكلمة، وحرصهم على إزالة الشر والفتن من بين السلفيين.
وهذا والله عبرة لنا أنه يجب علينا قبول الحق من أول وهلة، وبصدر
رحب ونفس مطمئنة ،فهؤلاء البرامكة والصعافقة لما لم يقبلوا الحق الذي قلناه وأبنّاه،
وصلوا إلى ما وصلوا إليه من التردي، ولو قبلوا الحق من أول وهلة لما وصلوا إلى هذا
الحال السيء، والمواقف المزرية والتناقضات العجيبة.
وهذا والله عبرة لنا أنه يجب علينا أن نقبل إقبالا كليا على العلم
والتعليم والدعوة والعبادة وأن لا ننشغل بهذه الترهات والشطحات، وهؤلاء المزوبيعين،
فإن عاقبتهم إلى ما ترى وتشاهد، ولا يبقى ولا يدوم إلا الحق وأهله، وأن من صد عن
سبيل الله سوف يذيقه الله السوء جزاء وفاقا
والحمد لله رب العالمين
كتبه: أبو حمزة محمد بن حسن السِّوري
ظهر يوم السبت 10 رمضان 1439هجرية
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.