[وفشل الحراك في بلاد
الحرمين]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن مما من الله سبحانه وتعالى على بلاد التوحيد بلاد الحرمين؛
الأمن والأمان والاستقرار وهذا وعد الله الحق، وأن من أفسد فيها ناله العذاب
الأليم من الله تعالى ، وأن فيها مقدسات محرمة عظمها الله وشرفها
قال الله تعالى { أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ
حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [القصص: 57].
وقال الله تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: 67].
وقال الله تعالى :{ لِإِيلَافِ
قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا
رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ
خَوْفٍ} [قريش1-4].
وقال الله تعالى : {وَمَنْ يُرِدْ
فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25].
وعن أَبِي بَكْرَةَ رضي الله
عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَخَذَ
إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ، فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟» قَالُوا:
اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ،
فَقَالَ: «أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ،
قَالَ: «فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:
«أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَأَيُّ
بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَتَّى ظَنَنَّا
أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ؟» قُلْنَا:
بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ
وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ
هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» متفق عليه
وإن هذا مما يغيظ أهل الباطل والفتن ويجيش نفوسهم وصدورهم ويجعلهم
يمكرون ليلا ونهارا بهذا البلد المبارك الطيب، ويسعون لزعزعته وزعزعة مقدساته.
وقد رأى الجميع ما حصل بسبب الحراك الثوري الإنقلابي في كثير من
بلاد الإسلام فسقطت دول وشعوب في الفتن والقتل والقتال والتدمير وانتهاك الاعراض،
وحصل ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى من الشر إلى يومنا هذا، ولا زالت الشعوب
تعاني من هذا الحراك الثوري الغربي المسمى بالربيع العربي الذي هو ربيع الشياطين،
شياطين والإنس والجن: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى
بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ
فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112].
وقد أراد هؤلاء الشياطين البدء بالبلاد العربية والإسلامية، والختم
والانتهاء ببلاد الحرمين، وكل تلك الثورات والانقلابات تهيئة وسبيلا ووسيلة إلى
الحراك والثورة على بلاد الحرمين حرسها الله، وكانوا يصرحون أن هذا الربيع العربي
لا بد أن يمر على جميع الدول العربية والاسلامية بدون استثناء!!.
وكان شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري في بداية الربيع العربي يقول:«
المقصد من هذه الثورات والانقلابات هي بلاد الحرمين والسعي في زعزعة الحرمين».
ولكن الله أفشلهم، وخيب سعيهم، وبور مكرهم، وجعلهم في كل بلد قاموا
فيه بهذه الثورات جعلهم فارين هاربين تاركين أوطانهم ودولهم ولجوء إلى الشرق
والغرب أو في السجون والمعتقلات أذلة صاغرين وهذا نتيجة الفتن على أهلها، والجزاء
من جنس العمل.
وإن أهل السنة والجماعة لطالما حذروا من هذا الحراك الثوري
والانقلابات والثورات وتدمير البلاد العربية والإسلامية، وبينوا للناس أضرار هذه
الأفعال الشنيعة، وأن القصد منها هو القضاء على خيرات المسلمين، وقبل ذلك القضاء
على عقائدهم ومقدساتهم وتعريضها للفتن
والعياذ بالله.
وفتاويهم معلومة مشهورة مدونة في كتب ورسائل وعبر مواقع التواصل الاجتماعي بجميع أنواعه، ولنا رسالة
بحمد الله بعنوان:
« الثوار والثورة في ميزان الكتاب والسنة
ومنهج سلف الأمة»
ذكرنا فيها الأدلة من الكتاب والسنة على حرمة هذه الثورات، وهذه
الأفعال المشينة الشنيعة وأضرارها، وذكرنا منهج السلف، وأقوال العلماء في ذلك وهي
على هذا الرابط:
وقد رأينا من علماء ومشايخ هذا البلد المبارك تكاتفا وتآزرا
والوقوف بحزم وقوة في وجه الداعيين إلى الفتن في هذا البلد المبارك وغيره، وهذا
موقف يشكرون عليه، وبمثل هذه المواقف يزول الشر إن شاء الله تعالى ، ويُقمع أهل
الفتن، وتقوى الدول وتتماسك، فإن الدول والمجتمعات هي بعلمائها الصالحين.
قال الله تعالى :{وَإِذَا
جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ
إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } [النساء: 83].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ
الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ
بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟
قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ
اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» متفق عليه.
فنصيحتي للشعب السعودي أن يسيروا بسير علمائهم السلفيين سواء من قد
مات أمثال الإمام ابن باز والعثيمين وغيرهم رحمهم الله، أو الأحياء أمثال الفوزان
واللحيدان والعباد وغيرهم.
وأن لا يستجيبوا لمثل هذه الدعوات الجاهلية الشيطانية، وأن ينظروا
يمينا وشمالا حال الدول التي ثار في أهل الحراك، إلى أين وصلت تلك الدول من
الانهيار والقتل والقتال والعياذ بالله العظيم.
فاحمدوا الله على هذه البلاد
الطيبة المباركة التي يقصدها الملايين من أنحاء العالم يدخلون ويخرجون منها في أمن
وأمان، لأنهم في بلاد التوحيد بلاد الحرمين .
واشكروا الله تعالى على هذا الخير العظيم وحافظوا عليه بقوة، ثم اشكروا لدولتكم المملكة العربية السعودية التي تسهر ليلا ونهارا على حفظكم وحفظ أمنكم
ومقدساتكم، فلها جزيل الشكر والامتنان والاعتراف بالجميل والعرفان.
ونسأل الله أن يبارك في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد
العزيز وولي عهده وأن يدلهم على الخير، و يعينهم سبحانه وتعالى على طاعته ومرضاته.
والحمد لله رب العالمين
كتبه : أبو حمزة محمد بن حسن السوري
الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة
1438 هجرية
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.