الجمعة

[التميز عن أهل الأهواء منهج سلفي سليم مبارك]

[التميز عن أهل الأهواء منهج سلفي سليم مبارك]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة الله للعالمين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد:

فإن مما نفع الله به الدعوة السلفية وأهلها في اليمن وغير اليمن كثيرا؛ هو التميز عن الباطل وأهله، ومجانبة أهل الباطل في أقوالهم واعتقاداتهم ومجالسهم ومساجدهم ومحاضراتهم.

 فإن هذا التميز نفع الله به كثيرًا جدًا، والواقع أكبر شاهد على ذلك، فقد انتشرت السنة،  واضمحلت البدعة وأهلها بفضل الله تعالى ، ونبذ الناس البدع وأهل البدع في اليمن حتى أصبح المبتدعة وأهل الأهواء لا يُلتفت إليهم، ولا يحضر لهم ولا في مساجدهم، إلا من كان يجهل حالهم، أو من كان على طريقتهم ومنهجهم الباطل.

وهذا التميز منهج سلفي قويم له أدلته وبراهينه من الكتاب والسنة ومن أقوال السلف الصالح فمن ذلك:

*قول الله تعالى : + وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ _  [الأنعام: 55 - 57]

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في «تفسيره»(9/ 276):« وَكَمَا فَصَّلْنَا لَكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ ابْتِدَائِهَا وَفَاتِحَتِهَا يَا مُحَمَّدُ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ حُجَّتَنَا عَلَى الْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ وَأَدِلَّتِنَا، وَمَيَّزْنَاهَا لَكَ وَبَيَّنَّاهَا، كَذَلِكَ نُفَصِّلُ لَكَ أَعْلَامَنَا وَأَدِلَّتِنَا فِي كُلِّ حَقٍّ يُنْكِرُهُ أَهْلُ الْبَاطِلِ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْمِلَلِ غَيْرِهِمْ، فَنُبَيِّنَهَا لَكَ حَتَّى تُبَيِّنَ حَقَّهُ مِنْ بَاطِلِهِ، وَصِحِيحَهُ مِنْ سَقِيمِهِ..... وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَتَّضِحَ لَكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ طَرِيقُ الْمُجْرِمِينَ ».اهــ

وقال رحمه الله (9/ 278):« +إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي_ [الأنعام: 57] : أَيْ إِنِّي عَلَى بَيَانٍ قَدْ تَبَيَّنْتُهُ وَبُرْهَانٌ قَدْ وَضَحَ لِي مِنْ رَبِّي، يَقُولُ: مِنْ تَوْحِيدِهِ، وَمَا أَنَا عَلَيْهِ مِنْ إِخْلَاصِ عُبُودِيَّتِهِ مِنْ غَيْرِ إِشْرَاكِ شَيْءٍ بِهِ. وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ: فُلَانٌ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِذَا كَانَ عَلَى بَيَانٍ مِنْهُ» اهـ

وقال الإمام القرطبي رحمه الله :(6/ 438) قَوْلُهُ تَعَالَى: +قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي_ أَيْ دَلَالَةٍ وَيَقِينٍ وَحُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ، لَا عَلَى هَوًى، وَمِنْهُ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهَا تُبَيِّنُ الْحَقَّ وَتُظْهِرُهُ» اهــ.

*ويقول الله تعالى : + وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ _ [الأنعام: 68]

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في «تفسيره» (9/ 313)حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ} [الأنعام: 68] فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ قَالَ: «نَهَاهُ اللَّهُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ يُكَذِّبُونَ بِهَا، فَإِنْ نَسِيَ فَلَا يَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ» اهــ

وقال الإمام الشوكاني رحمه الله  في « فتح القدير» (2/ 146):« قَوْلُهُ: + وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ_ الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ. وَالْخَوْضُ: أَصْلُهُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَمَرَاتِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مَجَاهِلُ تَشْبِيهًا بِغَمَرَاتِ الْمَاءِ، فَاسْتُعِيرَ مِنَ الْمَحْسُوسِ لِلْمَعْقُولِ وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَلْطِ، وَكُلُّ شَيْءٍ خُضْتَهُ فَقَدْ خَلَطْتَهُ، وَمِنْهُ: خَاضَ الْمَاءَ بِالْعَسَلِ: خَلَطَهُ.
 وَالْمَعْنَى: إِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا بِالتَّكْذِيبِ وَالرَّدِّ وَالِاسْتِهْزَاءِ فَدَعْهُمْ، وَلَا تَقْعُدْ مَعَهُمْ لِسَمَاعِ مِثْلِ هَذَا الْمُنْكَرِ الْعَظِيمِ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ مُغَايِرٍ لَهُ، أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَهْلِ الْمَجَالِسِ الَّتِي يُسْتَهَانُ فِيهَا بِآيَاتِ اللَّهِ إِلَى غَايَةٍ هِيَ الْخَوْضُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَوْعِظَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ يَتَسَمَّحُ بِمُجَالَسَةِ الْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ كَلَامَ اللَّهِ وَيَتَلَاعَبُونَ بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَيَرُدُّونَ ذَلِكَ إِلَى أَهْوَائِهِمُ الْمُضِلَّةِ وَبِدَعِهِمُ الْفَاسِدَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ وَيُغَيِّرْ مَا هُمْ فِيهِ فَأَقَلُّ الْأَحْوَالِ أَنْ يَتْرُكَ مُجَالَسَتَهُمْ، وَذَلِكَ يَسِيرٌ عَلَيْهِ غَيْرُ عَسِيرٍ. وَقَدْ يَجْعَلُونَ حُضُورَهُ مَعَهُمْ مَعَ تَنَزُّهِهِ عَمَّا يَتَلَبَّسُونَ بِهِ شُبْهَةً يُشَبِّهُونَ بِهَا عَلَى الْعَامَّةِ، فَيَكُونُ فِي حُضُورِهِ مَفْسَدَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مُجَرَّدِ سَمَاعِ الْمُنْكَرِ.
وَقَدْ شَاهَدْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَجَالِسِ الْمَلْعُونَةِ مَا لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الْحَصْرُ، وَقُمْنَا فِي نُصْرَةِ الْحَقِّ وَدَفْعِ الْبَاطِلِ بِمَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَبَلَغَتْ إِلَيْهِ طَاقَتُنَا، وَمَنْ عَرَفَ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ حَقَّ مَعْرِفَتِهَا عَلِمَ أَنْ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُضِلَّةِ فِيهَا مِنَ الْمَفْسَدَةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا فِي مُجَالَسَةِ مَنْ يَعْصِي اللَّهَ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَا سِيَّمَا لِمَنْ كَانَ غَيْرَ رَاسِخِ الْقَدَمِ فِي عِلْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَذِبَاتِهِمْ وَهَذَيَانِهِمْ مَا هُوَ مِنَ الْبُطْلَانِ بِأَوْضَحِ مَكَانٍ، فَيَنْقَدِحُ فِي قَلْبِهِ، مَا يَصْعُبُ عِلَاجُهُ وَيَعْسُرُ دَفْعُهُ فَيَعْمَلُ بِذَلِكَ مُدَّةَ عُمْرِهِ وَيَلْقَى اللَّهَ بِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ من الحق وهو الْبَاطِلِ وَأَنْكَرِ الْمُنْكَرِ. » اهــ

*وقال الله تعالى :+ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ_ [هود: 113]

قال  الإمام القرطبي رحمه الله :« قَوْلُهُ تَعَالَى: + إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا_ قِيلَ: أَهْلُ الشِّرْكِ. وَقِيلَ: عَامَّةٌ فِيهِمْ وَفِي الْعُصَاةِ، عَلَى نَحْوِ قَوْلُهُ تَعَالَى:+  وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا_[الأنعام: 68] الْآيَةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ، وَأَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى هِجْرَانِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ صُحْبَتَهُمْ كُفْرٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ، إِذِ الصُّحْبَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ مَوَدَّةٍ،
 وَقَدْ قَالَ حَكِيمٌ :
عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ


فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي

فَإِنْ كَانَتِ الصُّحْبَةُ عَنْ ضَرُورَةٍ وَتَقِيَّةٍ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِيهَا فِي" آلِ عِمْرَانَ" وَ" الْمَائِدَةِ". وَصُحْبَةُ الظَّالِمِ عَلَى التَّقِيَّةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنَ النَّهْيِ بِحَالِ الِاضْطِرَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ» اهــ

*وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: + هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ، وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ_ ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ، وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ_ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» متفق عليه

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» (1/ 144):« وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ». يَعْنِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: + فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ_ [آلِ عِمْرَانَ: 7] ، فَلَيْسَ -بِحَمْدِ اللَّهِ-لِمُبْتَدِعٍ فِي الْقُرْآنِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ لِيَفْصِلَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ مُفَرِّقًا بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ وَلَا اخْتِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» اهـ

*وجاء في البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً »

قال الإمام القرطبي رحمه الله في  «تفسيره» (13/ 27):« وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:« إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً» لَفْظُ مُسْلِمٍ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ. .. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ:« إِنَّكَ إِنْ تَنْقِلِ الْأَحْجَارَ مَعَ الْأَبْرَارِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْكُلَ الْخَبِيصَ  مَعَ الْفُجَّارِ». وَأَنْشَدَ:
وَصَاحِبْ خِيَارَ النَّاسِ تَنْجُ مُسَلَّمَا


وَصَاحِبْ شِرَارَ النَّاسِ يَوْمًا فَتَنْدَمَا
»اهــ

وقال الإمام النووي رحمه الله :« وَفِيهِ فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ » اهــ «شرح مسلم »(16/ 178)

*وقال الإمام مسلم في مقدمة «صحيحه»(1 / 14) :« حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَحَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ»

*وقال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة «صحيحه» (1 / 15) :« حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: « لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ »

*وقال الإمام الدارمي رحمه الله في «سننه»(1 / 387) :«أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو قِلَابَةَ «لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ وَلَا تُجَادِلُوهُمْ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ، أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ» إسناد صحيح

*وقال الإمام الشاطبي رحمه الله في «الاعتصام » (1/ 210):« فَإِنَّ فِرْقَةَ النَّجَاةِ ـ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ ـ مَأْمُورُونَ بِعَدَاوَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ ، وَالتَّشْرِيدِ بِهِمْ، وَالتَّنْكِيلِ بِمَنِ انْحَاشَ إِلَى جِهَتِهِمْ بِالْقَتْلِ فَمَا دُونَهُ، وَقَدْ حَذَّرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ مُصَاحَبَتِهِمْ وَمُجَالَسَتِهِمْ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ. وَذَلِكَ مَظِنَّةَ إِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، لَكِنَّ الدَّرْكَ فِيهَا عَلَى مَنْ تَسَبَّبَ فِي الْخُرُوجِ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنِ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، لَا عَلَى التَّعَادِي مُطْلَقًا. كَيْفَ وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِمُعَادَاتِهِمْ، وَهُمْ مَأْمُورُونَ بِمُوَالَاتِنَا والرجوع إلى الجماعة» اهــ

وقال الإمام البغوي رحمه الله  في «شرح السنة» (1/ 224) قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ افْتِرَاقِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَظُهُورِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ فِيهِمْ، وَحَكَمَ بِالنَّجَاةِ لِمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَسُنَّةَ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَعَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذَا رَأَى رَجُلا يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنَ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مُعْتَقِدًا، أَوْ يَتَهَاوَنُ بِشَيْءٍ مِنَ السُّنَنِ أَنْ يَهْجُرَهُ، وَيَتَبَرَّأَ مِنْهُ، وَيَتْرُكَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا، فَلا يُسَلِّمْ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ، وَلا يُجِيبَهُ إِذَا ابْتَدَأَ إِلَى أَنْ يَتْرُكَ بِدْعَتَهُ، وَيُرَاجِعَ الْحَقَّ.
وَالنَّهْيُ عَنِ الْهِجْرَانِ فَوْقَ الثَّلاثِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حُقُوقِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ دُونَ مَا كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الدِّينِ، فَإِنَّ هِجْرَةَ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ دَائِمَةٌ إِلَى أَنْ يَتُوبُوا» اهــ

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله : «+ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرمين_ وَقَالَ + وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تولى_ الْآيَة وَالله تَعَالَى قد بَين فِي كِتَابه سَبِيل الْمُؤمنِينَ مفصّلة وسبيل الْمُجْرمين مفصّلة وعاقبة هَؤُلَاءِ مفصّلة وعاقبة هَؤُلَاءِ مفصّلة وأعمال هَؤُلَاءِ وأعمال هَؤُلَاءِ وأولياء هَؤُلَاءِ وأولياء هَؤُلَاءِ وخذلانه لهَؤُلَاء وتوفيقه لهَؤُلَاء والأسباب الَّتِي وفْق بهَا هَؤُلَاءِ والأسباب الَّتِي خذل بهَا هَؤُلَاءِ وجلا سُبْحَانَهُ الْأَمريْنِ فِي كِتَابه وكشفهما وأوضحهما وبيّنهما غَايَة الْبَيَان حَتَّى شاهدتهما البصائر كمشاهدة الْأَبْصَار للضياء والظلام
فالعالمون بالله  وَكتابه وَدينه عرفُوا سَبِيل الْمُؤمنِينَ معرفَة تفصيلية وسبيل الْمُجْرمين معرفَة تفصيلية فاستبانت لَهُم السبيلان كَمَا يستبين للسالك الطَّرِيق الْموصل إِلَى مَقْصُوده وَالطَّرِيق الْموصل إِلَى الهلكة فَهَؤُلَاءِ أعلم الْخلق وأنفعهم للنَّاس وأنصحهم لَهُم وهم الأدلاء الهداة برز الصَّحَابَة على جَمِيع من أَتَى بعدهمْ إِلَى يَوْم القيامة» اهــ

وقال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله : «فعلى هذا فإن استطعت أن تنحّيه وتصلي أو يصلى رجل سنيّ فعلت، وإن لم تستطع فننصح بالصلاة في مسجد آخر من مساجد السنة، فإن لم تستطيعوا، وكان لديكم المقدرة على بناء مسجد فالأفضل أن تبنوا لكم مسجدًا، حتى تستطيعوا أن تقيموا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولن تقام سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا بالتميّز، فإذا لم يتيسر لا ذا، ولا ذاك أي: لم تستطع أن تؤخره، وتخشى من حدوث فتنة، ولم يكن هناك مسجد سنة آخر، ولم تستطع أن تبني لك مسجدًا، فإن كانت بدعته لا تصل به إلى الكفر فالصلاة صحيحة، لأنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:«صلّوا فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم» اهــ « تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب» (ص: 85).

وقال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله : «وننصح أهل السنة أن يتميزوا وأن يبنوا لهم مساجد ولو من اللبن أو من سعف النخل، فإنّهم لن يستطيعوا أن ينشروا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا بالتميّز وإلا فالمبتدعة لن يتركوهم ينشرون السنة» اهـ «تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب» (ص: 208)

وقال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله وأنصح الإخوة السلفيين أن يبتعدوا عن هؤلاء الحزبيين، لأنّهم لا يريدون إلا تكثير سواد حزبهم.
وإذا جاء إليك عقيل المقطري، أو محمد المهدي، أو غير هذين وقالوا: هذا عالم من علماء اليمن. فلا تستضفه، ولا تستقبله، ولا تحضر محاضرته، فهو يتجول من أجل الدولارات.
وقد أخبرني أخ جاء من أمريكا أنّهم كانوا يتجولون في أمريكا، ويلقون المحاضرات ويقولون: أنا وكافل اليتيم كهاتين، فقام شخص عليهم وقد كان يريد مساعدة البوسنة والهرسك فقال لهم: كافل اليتيم الذي يكفله، وليس الذي يشحذ فجرى بينهم الخصام من أجل الدنيا» اهــ «تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب» (ص: 117)

وقال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله الذي ننصح به هو التميز ، فكيف تصلون خلف صوفي ينشر صوفيته ؟!! ، والرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان » .
والسلامة من الفتن هي البعد عن المبتدعة ، والإقبال على العلم النافع ، والدعوة إلى الله ، هذا هو الذي ينبغي بارك الله فيكم .
وأما أولئك فإما أن أن يكونوا من الإخوان المسلمين مدسوسين بين أهل السنة ، وإما أن يكون من أهل السنة وليست له معرفة بدسائس الحزبيين .
فننصح أهل السنة كلهم أن يتميزوا في صلاة العيدين ، وفي الجمعة ، وفي سائر الصلوات ، وفي المسجد ، وفي غيرها لا بد من التميز ، وبعد ذلك إن شاء الله بإذن الله تعالى سيأتي المصلون إذا اخترتم الخطيب المستفيد الذي يفيد الناس ، ويكون لديه حكمة ، سيأتي المصلون بإذن الله تعالى ويصلون عندكم ، ويتركون ذلكم الصوفي .
فأنا أشكو إلى الله من بعض إخواننا أهل السنة ، سني ومحب للخير لكن لا يقولوا !!! ، خلهم فليقولوا ، الله يقول : + لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ _ فنحن نبتعد من المبتدعة ، ومن ذوي القلوب المريضة ، ونقيم سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .
ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : + وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ  وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا _ .
فلا نبالي بكلام المبتدعة ، ( هم لن يرضوا عنا حتى نكون مبتدعة مثلهم ) ، فنحن من أول الأمر نعتزل المبتدعة ، ونعتزل البدعة والله المستعان . »اهـ «من شريط : ( أسئلة من بيت الفقيه ) http://www.muqbel.net/fatwa.php?fatwa_id=2336

وقال شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله :« ولكن كلامنا الآن على التحذير من علماء السوء+ يا أيّها الّذين آمنوا إنّ كثيرًا من الأحبار والرّهبان ليأكلون أموال النّاس بالباطل ويصدّون عن سبيل الله_ ، + يا أ هل الكتاب لم تلبسون الحقّ بالباطل وتكتمون الحقّ وأنتم تعلمون _.
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي كلّ منافق عليم اللّسان» ، ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمّة المضلّون» ، بل الله عز وجل يقول في كتابه الكريم في شأن أهل الكتاب: + أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثمّ يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون _ ، ويقول: + وإنّ منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون _ ، ويقول سبحانه وتعالى: + واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركْه يلهث _ .
وكما أن الله رفع العلماء ورفع منْزلتهم، فإن الله سبحانه وتعالى أخزى علماء السوء وفضحهم، علماء السوء الذين يحرفون الفتاوى كما يهوى المجتمع أو كما تهوى الحكومات، يجب أن نحذرهم وأن نبتعد عنهم، والعلماء الرسميون الذين يفتون بما تشتهي الحكومات ولست أعني أن العلماء الرسميين كلهم يفتون بما تهوى الحكومات ولكن الغالب هو ذلكم الأمر، وإننا نحمد الله عز وجل فقد وقفنا في وجوه أهل الباطل ونعتبر ذلكم من أفضل القربات.
جاء عن الإمام أحمد وعن شيخ الإسلام ابن تيمية وعن غير واحد:« أن الرد على أهل البدع أفضل من الجهاد في سبيل الله». وذكر الأمير الصنعاني أنه أصيب بإسهال عولج منه فلم ينفع فيه علاج، وكان عنده كتاب من كتب الضلال فقال لأهله: أحرقوا هذا الكتاب واخبزوا لي خبزة عليه، وأحرقوا الكتاب وخبزوا له خبزةً عليه وأكلها وشفى بطنه بإذن الله تعالى، وهذا في ديوانه.
فالرد على أهل البدع يعتبر من أفضل القربات، وإذا رجعوا إلى السنة فهم إخواننا، وإلا اليمن بلاد الإيمان، اليمن لا مجال فيها لبعثي، ولا مجال فيها »اهــ  من   « تحفة المجيب » (ص: 420)

وقال شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله جوابا عن  :
سؤال نود من شيخنا نصيحة للشباب السلفي بمنطقة تاربة علمًا بأن في المسجد حزبيين ويواجهون ضغوطًا ولا يستطيعون التحرك في الدعوة كما ينبغي؟
الإجابة: إن استطاعوا أن يجعلوا لهم مسجدًا ولو مما تيسر فعلوا، حتى لا يصيرون تحت ضغوط الحزبيين، وحتى تنتشر دعوتهم السلفية بإذن الله عز وجل بالتميز وبالتصفية والتربية.» اهــ من  «أسئلة أهل السنة بتاربة بسيئون، بتاريخ: ليلة السبت ٣ جماد أول ١٤٢٣ه‍«

وقال شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله:
.«توجيهنا لإخواننا الزائرين ولمن يسمع أن يطلبوا العلم النافع علم كتاب الله وسنة رسوله على منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، وأن يعملوا بما علموا، فإذا فتح الله عليهم فليضاعفوا جهودهم في نشر الدعوة إلى الله الصافية من الشركيات والبدع والخرافات والتحزبات، الدعوة إلى السنة برفق ولين وصبر وتحمل واحتساب وعفة وقناعة مع التميز عن ذوي الأهواء بشتى أنواعهم، وبهذا إن شاء الله تعالى ستنهض دعوتهم، وتكتسح سائر الدعوات المخالفة للحق؛ فإن الله عز وجل يقول: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء:٨١]، ويقول سبحانه: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [غافر:٥١]، والحمد لله» اهــ «أسئلة من الزائرين من يريم، بتاريخ: ليلتا الأحد والاثنين ١٩-٢
٠ ذي الحجة ١٤٢٢ه‍.. دماج - دار الحديث».
أخيرًا:
هذه دعوتنا ومنهجنا السلفي الذي دلنا عليه كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وربانا عليه سلفنا الصالح، وغرسه في نفوسنا شيخنا الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله وخليفته وطلابه من بعده:

أيها السلفي: إذا تذكرت هذا الذي تربينا عليه سنين طويلة ، فلا تغتر بمن وقف معك من أهل الأهواء في قضية من القضايا في الساحة، فليس هذا مبررًا لأن تلتقي معهم وتجالسهم وتودهم وتضحك في وجوههم وتذهب إلى مساجدهم وأماكنهم.

أيها السلفي: إياك والمحاضرة بين أيديهم، وهم يقدمون لك ويثنون عليك، ويمدحونك، وربما قبلوا رأسك أمام العامة، فيستفيدون من ذلك التغرير بالعامة، أنه لم يعد هناك ذلك الخلاف بينك وبينهم، وأن الخلاف بينكم زال بسبب التعاون في قضية من القضايا.

أيها السلفي: مساجد أهل السنة بحمد الله موجودة أينما ذهبت بفضل من الله تعالى فلست بحاجة أن تحاضر في مساجد الحزبيين، وتكثر من سوادهم، فإن هذا يضر دعوتك ومنهجك، ومساجد ومراكز  أهل السنة معلومة وموجودة في كل مكان، فمن أراد الخير والسنة فالطريق أمامه معبد مسهل بحمد الله.

أيها السلفي:  إن سُلِم لك مسجد من مساجد أهل الأهواء وأصبح تحت تصرفك التام، فهذه نعمة عظيمة فأقم فيه المنهج السلفي.

أيها السلفي: إياك أن تتجاهل الدعوة إلى التميز والصفاء والنقاء خشية أن يخرج أهل الباطل من درسك أو محاضرتك أو من أي دعوة لك، وإياك أن يلبس عليك الشيطان أن الوقت ليس وقت تميز وتصفية، فإن هذا المنهج قائم إلى قيام الساعة، وهو من أهم مميزات الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، فعن مُعَاوِيَةَ  رضي الله عنه، قال  سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ الله، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ الله وَهُمْ عَلَى ذَلِك» متفق عليه

أيها السلفي: لا تنس أن من جملة مانتقده أهل السنة على محمد الوصابي وغيره هو النزول في مساجد الحزبيين، والمحاضرة بين أيديهم، وهم يثنون عليه، ويمجدونه ويمدحونه ويشكرونه، وقد ألف أهل السنة في التحذير من هذه الأفعال رسائل، ولهم مقالات وفتاوى في التحذير من هذه الأفعال التمييعية.

أيها السلفي: تذكر أنه ضاع من إخواننا من سار على هذا الحال، وجالس أهل الأهواء والبدع، فوصل به الحال أن وقع في شباكهم واغتر بحالهم وأقوالهم ومناهجهم وتنكر للخير الذي كان عليه بعد أن كان رأسا في الخير والسنة والعلم والتعليم والدعوة فمن جالس جانس كما يقال  و في الحديث «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» .

أيها السلفي: تذكر أن بعض الحزبيين شارك معنا في كتاف وغيرها، وكانوا إذا رجعوا إلى بلدانهم، كانوا منبوذين، ولم يجتمع معهم أهل السنة في ذلك الوقت، ولم يحاضروا سويا، ولم يذهب هذا إلى مساجد هذا و العكس، وأهل السنة يشقون طريقهم بصفاء ونقاء، والولاء والبراء موجود عند أهل السنة، والتحذير قائم من أهل البدع والأهواء.

أيها السلفي: إياك أن تثنى على من نصب العداء لأهل السنة، وكانوا سببا في الفتنة العظيمة التي مرت على أهل السنة في دماج وغيرها، فإن هذا الثناء خيانة عظمى لإخوانك السلفيين الذين آذاهم هؤلاء الحزبيين المفتونين .

أيها السلفي:  إذا وجد التميز في دعوتك، فأعلم أن دعوتك قوية صلبة ومتماسكة وسليمة، وإذا اختل هذا التميز فأعلم إنك بحاجة أن تراجع منهجك وطريقتك.

أيها السلفي: اعلم علم اليقين، أنها كما انتشرت الدعوة السلفية من قبل بالتميز والصفاء والنقاء، فلن تنتشر الآن وبعد الآن إلا بذلك بإذن الله تعالى .

والحمد لله رب العالمين

كتبه أبو حمزة محمد بن حسن السوري

ليلة السبت 2 من ربيع الثاني 1438 هجرية


نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى