الاثنين

مهلا أيها اللائمون تريثوا مع أهل الحق]

مهلا أيها اللائمون تريثوا مع أهل الحق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أما بعد:
فقد حث الله سبحانه وتعالى، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ، و كذلك العلماء على التأني والتريث وعدم العجلة  في الأمور، حتى تتبين الأشياء على حقيقتها، وكيفيتها، وقد جاءت الأدلة المتكاثرة في هذا الشأن:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94].
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6].
و قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 5]
و عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " التَّأَنِّي مِنَ الله , وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ"  رواه أبو يعلى في "مسنده"( 4256) ،والبيهقي في "الكبرى"( 20270)، وقال الألباني رحمه الله في "الصحيحة"  برقم(1795): حسن.
وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّ الله سَيَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ، كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ»، قَالَ: «فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا، أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ» رواه أبو داود (3582) غيره، وقال الألباني رحمه الله : حسن.
وعن سَعْدٍ ابن أبي وقاص رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ» رواه أبو داود(4810) وقال الألباني رحمه الله : صحيح.
وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ: اللهمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدِ الله بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ ادْعُهُ. قَالَ: ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ الله وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا الْمُصَلِّي ادْعُ تُجَبْ". رواه الترمذي(3476) والنسائي(1208) وقال الألباني رحمه الله :صحيح.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي " متفق عليه. خ(6340) و م(2735).
وعن  أبي سعيد الخدري رضي الله عنه َقَالَ أن نَبِيُّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: " إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ "رواه مسلم(18)
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره :" ثُمَّ أَرْشَدَ إِلَى الْأَدَبِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أَيْ: لَكَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْخِيَرَةُ وَالْمَصْلَحَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
ثُمَّ قَالَ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ: {وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ}اهـــ
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله  :" ما دققت على محدث بابه قط، وفي رواية: ما أتيت عالما قط فاستأذنت عليه، ولكن صبرت حتى يخرج إليّ وتأولت قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 5] اهـــ " طبقات المفسرين للداوودي" (2/ 41). اهــــ
وقال النووي رحمه الله:"َ السَّكِينَةَ التَّأَنِّي فِي الْحَرَكَاتِ وَاجْتِنَابِ الْعَبَثِ وَالْوَقَارِ فِي الْهَيْئَةِ كَغَضِّ الْبَصَرِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ ونحو ذلك اهــ  "شرح صحيح مسلم" (1/ 421)
وقال الحافظ  ابن حجر رحمه الله :"  فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْخَضِرُ لَيْسَ فِي شَيْءٌ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ الشَّرْعَ فَإِنَّ نَقْضَ لَوْحٍ مِنَ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ لِدَفْعِ الظَّالِمِ عَنْ غَصْبِهَا ثُمَّ إِذَا تَرَكَهَا أُعِيدَ اللَّوْحُ جَائِزٌ شَرْعًا وَعَقْلًا وَلَكِنَّ مُبَادَرَةَ مُوسَى بِالْإِنْكَارِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الَّتِي أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ فَإِذَا جَاءَ الَّذِي يُسَخِّرُهَا فَوَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً تَجَاوَزَهَا فَأَصْلَحَهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ وُجُوبُ التَّأَنِّي عَنِ الْإِنْكَارِ فِي الْمُحْتَمَلَاتِ اهــــ من "فتح الباري " (1/ 222)
وقال أَبُو حاتم البستي رحمه الله :" الرافق لا يكاد يسبق كما أن العجل لا يكاد يلحق وكما أن من سكت لا يكاد يندم كذلك من نطق لا يكاد يسلم والعجل يقول قبل أن يعلم ويجيب قبل أن يفهم ويحمد قبل أن يجرب ويذم بعد ما يحمد يعزم قبل أن يفكر ويمضي قبل أن يعزم والعجل تصحبه الندامة وتعتزله السلامة وكانت العرب تكني العجلة أم الندامات". اهــ من "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" (1/216).
وقال ابن القيم رحمه الله وهو يتكلم عن انحراف النفس : "وَإِذَا انْحَرَفَتْ عَنْ خُلُقِ الْأَنَاةِ وَالرِّفْقِ انْحَرَفَتْ: إِمَّا إِلَى عَجَلَةٍ وَطَيْشٍ وَعُنْفٍ، وَإِمَّا إِلَى تَفْرِيطٍ وَإِضَاعَةٍ. وَالرِّفْقُ وَالْأَنَاةُ بَيْنَهُمَا. اهـــ "مدارج السالكين " (2/ 296)
وقال ابن القيم رحمه الله :  معلقا على سورة القيامة :
"فصل
ومن أسرارها أنها تضمنت التأني والتثبت في تلقي العلم وأن لا يحمل السامع شدة محبته وحرصه وطلبه على مبادرة المعلم بالأخذ قبل فراغه من كلامه بل من آداب الرب التي أدب بها نبيه أمره بترك الاستعجال على تلقي الوحي بل يصبر إلى أن يفرغ جبريل من قراءته ثم يقرأه بعد فراغه عليه فهكذا ينبغي لطالب العلم ولسامعه أن يصبر على معلمه حتى يقضي كلامه اهـــ من " التبيان في أقسام القرآن" (ص: 159)
قال ابن الجوزي رحمه الله :
"فصل: التثبت والمشاورة
ما اعتمد أحد أمرًا إذا هم بشيء مثل التثبت؛ فإنه متى عمل بواقعة من غير تأمل للعواقب، كان الغالب عليه الندم، ولهذا أمر بالمشاورة؛ لأن الإنسان بالتثبت يفتكر، فتعرض على نفسه الأحوال، وكأنه شاور، وقد قيل: "خمير الرأي خير من فطيره"
وأشد الناس تفريطًا من عمل مبادرة في واقعة، من غير تثبت ولا استشارة، خصوصًا فيما يوجبه الغضب، فإنه طلب الهلاك أو الندم العظيم.
وكم مَنْ غَضِبَ، فقتل، وضرب، ثم لما سكن غضبه؛ بقي طول دهره في الحزن والبكاء والندم! والغالب في القاتل أنه يقتل، فتفوته الدنيا والآخرة.. اهــ من "صيد الخاطر" (1/ 385)
وقال الصنعاني رحمه الله: "الْعَجَلَةُ هِيَ السُّرْعَةُ فِي الشَّيْءِ وَهِيَ مَذْمُومَةٌ فِيمَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْأَنَاةُ مَحْمُودَةٌ فِيمَا يُطْلَبُ تَعْجِيلُهُ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْخَيْرَاتِ وَنَحْوِهَا، وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْأَنَاةِ، وَالْمُسَارَعَةِ، فَإِنْ سَارَعَ بِتُؤَدَةٍ وَتَأَنٍّ فَيَتِمُّ لَهُ الْأَمْرَانِ، وَالضَّابِطُ أَنَّ خِيَارَ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا. اهــ "سبل السلام" (2/ 681).
وقال الشوكاني رحمه الله : "{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 5]
"لَوِ انْتَظَرُوا خُرُوجَكَ، وَلَمْ يُعَجِّلُوا بِالْمُنَادَاةِ، لَكَانَ أَصْلَحَ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ رِعَايَةِ حُسْنِ الْأَدَبِ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةِ جَانِبِهِ الشَّرِيفِ وَالْعَمَلِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ من التعظيم والتبجيل". اهـــ من "فتح القدير " (5/ 71).
 وقال العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله تعالى:
« وبالجملة: فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى، وقد جربت من نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعما أنه لا هوى لي، فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريرا يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذلك المعنى، فأجدني أتبرم لذلك الخادش، وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه، وغض النظر عن مناقشة ذلك الجواب؛ وإنما هذا لأنني لما قررت ذلك المعنى أولا تقريرا أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لم يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس، ثم لاح لي الخادش، فكيف لو كان المعترض ممن أكرهه.
هذا ولم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى؛ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها، حتى يعرفه، ثم يحترز منه، ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه » اهـــ  من "التنكيل "(2/212-213) 
و قال  العلامة ابن عثيمين رحمه الله : "الأناة: التَّأنِّي في الأمور وعدم التَّسرُّع، وما أكثر ما يهلك الإنسان ويزلُّ بسبب التَّعجُّل في الأمور، وسواء في نقل الأخبار، أو في الحكم على ما سمع، أو في غير ذلك. فمِن النَّاس -مثلًا- مَن يتخطَّف الأخبار بمجرَّد ما يسمع الخبر يحدِّث به، ينقله،.. ومِن النَّاس مَن يتسرَّع في الحكم، سمع عن شخص شيئًا مِن الأشياء، ويتأكَّد أنَّه قاله، أو أنَّه فعله ثمَّ يتسرَّع في الحكم عليه، أنَّه أخطأ أو ضلَّ أو ما أشبه ذلك، وهذا غلط، التَّأنِّي في الأمور كلُّه خيرٌ" اهــ من شرح رياض الصالحين(3/577-578).
أقول: تبين مما تقدم من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، و كذلك من كلام العلماء فضل التأني والتريث وعدم الاستعجال في الأمور، وأن عاقبة ذلك حميدة.
 *ولا يشمل هذا المبادرة إلى الخيرات والمسابقة إليها فقد جاء الترغيب والأمر بذلك:
 قال الله تعالى : { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعًا إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 148]
ويقول تعالى: {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [المائدة: 48].
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } [الواقعة: 10 - 12].
وقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [آل عمران: 133].
وقال تعالى: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا». رواه مسلم رحمه الله (118)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ " رواه مسلم رحمه الله (2947)
والأدلة في المبادرة والمسابقة للخيرات واغتنام الفرص كثيرة جدا.
لكن كلامنا هنا هو عن التعجل والتهور المذموم، الذي عواقبه وخيمة على الفرد والمجتمع والدعوات
وأنواع التهور والاستعجال وعدم التأني كثيرة، وكثيرا ما يُتطرق لها في الخطب والمحاضرات واللقاءات وغيرها.
وإني هنا أحب أن أتطرق إلى استعجال معين خطير يتغافل عنه الكثير، ولأننا رأينا ضرره كبير، ورأينا عدم انتباه له وتركيز عليه، أحببت أن أذكر نفسي أولًا وإخواني السلفيين ثانيًا بأهمية الاهتمام به وبيان خطره  ليحذر
ألا وهو الاستعجال في رد الحق والتنكر له مباشرة دون تأنٍ ولا ادراك ولا وخلفية ولا روية، والاستعجال في الوقوف مع المبطلين والمنحرفين في أول فتنتهم على الدعوة السلفية المباركة، وعدم قبول قول الناصحين والمتكلمين بالحق والحجج والبراهين ، والذي يبرهنون على ما يقولونه بالأدلة من أقوال وأفعال المنتقدين الذين وقعوا في المخالفات وجانبوا الصواب
وهذا أصل أصيل في ديننا قال الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا } [النساء: 107]
 قال ابن جرير الطبري رحمه الله :" يعني بذلك جل ثناؤه: "ولا تجادل" يا محمد، فتخاصم "عن الذين يختانون أنفسهم"، يعني: يخوّنون أنفسهم، يجعلونها خَبوَنة بخيانتهم ما خانوا من أموال من خانوه مالَه، وهم بنو أبيرق. يقول: لا تخاصم عنهم من يطالبهم بحقوقهم وما خانوه فيه من أموالهم "إن الله لا يحب من كان خوّانًا أثيمًا"، يقول: إنّ الله لا يحب من كان من صفته خِيَانة الناس في أموالهم، وركوب الإثم في ذلك وغيره مما حرَّمه الله عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل: وقد تقدم ذكر الرواية عنهم. اهـــ من " جامع البيان " (9/ 190)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :"وَدَلَّ قَوْلُهُ: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجِدَالُ عَنْ الْخَائِنِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُجَادِلَ عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَانَتْ
خَائِنَةً: لَهَا فِي السِّرِّ أَهْوَاءٌ وَأَفْعَالٌ بَاطِنَةٌ تَخْفَى عَلَى النَّاسِ فَلَا يَجُوزُ الْمُجَادَلَةُ عَنْهَا قَالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} فَإِنَّهُ يَعْتَذِرُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَعْذَارِ وَيُجَادِلُ عَنْهَا وَهُوَ يُبْصِرُهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ تَعَالَى: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى الله الْأَلَدُّ الْخَصِمُ} فَهُوَ يُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهِ بِالْبَاطِلِ وَفِيهِ لَدَدٌ: أَيْ مَيْلٌ وَاعْوِجَاجٌ عَنْ الْحَقِّ اهـــ من "مجموع الفتاوى" (14/ 444-445)
 أقول : ألا وإنها قد مرت فتنٌ كثيرة على الدعوة السلفية، وعانى السلفيون الذين يبينون الحق، ويظهرونه ويصدعون به جليا واضحا؛ عانوا كثيرا من أناس في الصف ومن بعض إخوانهم قبل عدوهم، فما كان منهم إلا التذمر والتنكر لمن بين حال المخطئ وأوضحه بالحجة والبرهان، فصار بهذا مالا تحمد عقباه على الدعوة السلفية الصافية النقية، وسوف يتضح ذلك من خلال قراءة سريعة لما حدث للدعوة السلفية منذ أن قام بها الإمام الوادعي رحمه الله تعالى في اليمن إلى يومنا
*فتنة الإخوان المسلمين.
لما قامت الحزبية المقيتة التي تبناها الإخوان المسلمون، ودافعوا عنه، وصرخوا بذلك صراخا، على أنها من الدين، وأنها المصحة للمجتمع التي لا بد أن يصح بها المجتمع!!، ودعوا إلى الانتخابات والديمقراطية، والبيعات والسريات، والثورات، والخروج على حكام المسلمين، وطعنوا في أهل الحق بشدة.
فلما رأى الشيخ مقبل رحمه الله هذه المخالفات والأضرار على الإسلام والمسلمين، قام رحمه الله وصدع بالحق، وبين الحق، وبين باطل هؤلاء المبطلين، وأبرز على ذلك الحجج من أقوال وأفعال الإخوان المسلمين، و لقد والله تعب الشيخ مقبل رحمه الله تعبًا شديدًا في الدفاع عن السلفية والسلفيين، وفي بيان سبيل المجرمين، وكان من أحرص الناس على هداية الناس للحق.
وقد قام أهل العجلة والاستعجال في وجه الشيخ رحمه الله من بداية الأمر سواء من بعض طلابه في حلقته، أو من بعض أهل السنة، وقاموا مدافعين عن الإخوان المسلمين، وعدم قبول ما يظهره الشيخ مقبل من حق وهدى، ويقولون الزنداني عالم وهؤلاء أناس يريدون الخير للمجتمع ومن هذا القبيل.
ولقد كانت هذه المعارضة لشيخنا مقبل رحمه الله من بعض طلابه أو من بعض أهل السنة المستعجلين الذين لم يتريثوا ويتأنوا حتى يروا الأمور على حقيقتها
كان لها أضرارًا سيئة، حيث انحرف بعض طلاب العلم وبعض أهل السنة مع الإخوان المسلمين، وقلّت ثقتهم بشيخهم ومعلهم، وحصلت بلبلة بين الطلاب، بسبب هذه المعارضة الاستعجالية ضد شيخنا مقبل رحمه الله تعالى.
 وإذا بأناس يخرجون من حلقته ومن دعوته، ويذهبون وراء الحزبيات والحزبيين، وبحجة أن بعض طلاب الشيخ مقبل لا يوافقونه في تجريحه وكلامه في الاخوان المسلمين، وما درينا إلا وأناسًا أصبحوا في جامعة الإيمان ومع الإخوان المسلمين ومع غيرهم.
ولو تريث هؤلاء المستعجلون كما تريث المتريثون المتأنون، لعلموا كما علم القاصي والداني حقيقة الإخوان المسلمين، واتضحت لهم الأمور جلية وواضحة مثل الشمس بفضل الله تعالى، وعلموا أن شيخهم كان يقول عن علم وبصيرة ودراية وعن ورع وتقى وخشية لله تعالى لا عن هوى.
وأصبح بعض الناس يقولون: صدق الشيخ مقبل رحمه الله فو الله لقد كان ناصحا، وصدقت فراسته وكلامه في الإخوان المسلمين، وقد رأى المجتمع اليمني وغير اليمني الشر العريض الذي قام به الإخوان المفلسون.
*فتنة الجمعيات (السرورية والقضية وغيرها)
 وهذه كسابقتها لما انحرف عدد من طلاب الشيخ مقبل رحمه الله وراء الجمعيات التي حوت شرورا كثيرة وحزبية مقيتة، كان ممن قام بها بعض من تنكر لشيخ مقبل رحمه الله في كلامه على الإخوان المسلمين وغيرهم، وقاموا بفتنة عريضة بينها شيخنا مقبل  رحمه الله، وكان أول من تفطن لهم، وكانت أدهى من فتنة الإخوان المسلمين، لأن بعض هؤلاء يدعون العلم، وأنهم من طلاب الشيخ مقبل رحمه الله، وأنهم ينكرون عليه ولا يوافقونه، وأنهم منصفون زعموا، فقام الشيخ مقبل رحمه الله وطلابه ببيان فتنة هؤلاء المفتونين، وكان الشيخ رحمه الله يقول حزبية مغلفة، وكان بعض المستعجلين يتنكرون للشيخ مقبل رحمه الله في هذا الأمر، كما تنكر السابقون للشيخ في كلامه في الإخوان المسلمين، وأن هذه ليست حزبية ولا شيء وهؤلاء إخواننا
وأدت هذه المواقف المخذلة الاستعجالية إلى ذهاب بعض طلاب العلم وأهل السنة في شباك الجمعيات، لأن أصحاب الجمعيات  في شغل كبير في استقطاب طلاب العلم بشتى الوسائل والطرق المادية والمعنوية، فضاع بعض طلاب العلم وأهل السنة بسبب هذه المواقف التي تضر أكثر مما تنفع
ولو تريثوا كما تريث المتريثون المقبلون على الحق والهدى؛ لعرفوا هذه الحزبية المغلفة ولما أصبحوا سببا في ضياع طلاب العلم.
وانظروا يا رعاكم الله كيف كان موقف محمد الإمام في هذا المضمار والمنعطف الخطير، الشيخ مقبل رحمه الله يبين حال أصحاب الجمعيات، ومحمد الإمام وغيره يجتمعون بهم في معبر وجلسات ولقاءات، فكان هذا سببًا في ضياع بعض طلاب العلم وفتنتهم ودخولهم مع أصحاب الجمعيات والإخوان وغيرهم.
واتضح للناس جميعا الحزبية المغلفة التي كان يحذر منها شيخنا  مقبل رحمه الله في هؤلاء، وقال الناس: صدق الشيخ مقبل رحمه الله تعالى، وظهر للناس عيانا الحزبية الخبيثة التي قادتهم إلى حزب الرشاد  والدخول في الديمقراطية.
وأنصح كل سلفي أن يقرأ ما كتبه شيخنا مقبل رحمه الله في "تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب" و"إجابة السائل" و"المصارعة" و"المخرج من الفتنة" فقد شرح الشيخ رحمه الله هذه الأمور  والمؤامرات والطرق وبينها، وبين ما فعله الحزبيون معه وع طلابه، ومع دعوته المباركة.
*فتنة أبي الحسن المصري وشلته.
لما توفي الشيخ مقبل رحمه الله تعالى وخلّف بعده الشيخ يحيى  حفظه الله على دعوته؛ قام أبو الحسن المصري بعد تمهيدٍ في السر سنين قبل موت الشيخ مقبل رحمه وبعد موته، فقام أبو الحسن  وكشر عن أنيابه ومخالبه وقال: ذهب زمن الخوف!!، فقام لا جزاه الله خيرا بفتنة عريضة جدا
ولقد انبرى له الشيخ يحيى والقلة من طلاب العلم في البداية، وأبانوا وشرحوا وردوا وعروا أبا الحسن عن مواقفه المخزية الماكرة، فلما قام الشيخ يحيى، ثار على الشيخ يحيى وعلى طلابه  بعضُ المستعجلين من داخل الدار وخارجه، بل من إخواننا وزملائنا ورمونا من قوس واحد  بالتهم والعجائب، وأننا مستعجلون ونطعن في العلماء!! وهذا يتهمونه بالجاسوسية!! وهذا يتهمونه بالكذب!! وهذا يتهمونه بإثارة الفتن!! وتفريق الصفوف!! وكم وكم من التهم الكثيرة والكبيرة.
في حين قام محمد الإمام ومن إليه-الذين يتساقطون في الفتن- ورفعوا راية الدفاع عن أبي الحسن المصري، والطعن فيمن انتقده وفضحه، وأن أبا الحسن إمام!!، وأن الذين ينتقدونه لا يستطيعون تدريس كتبه!!، فكان هذا الفعل من هؤلاء المستعجلين سببًا في افتتان كثير من الطلاب وأهل السنة في كثير من الأماكن، وضاع في ورقة واحدة سبعون من الدعاة في وثيقة برآءة الذمة، وحصلت فتنةٌ  كبيرة في الدعوة، بسبب المستعجلين الذين وقفوا في وجوه إخوانهم الناصحين الذي بينوا حال أبي الحسن وأساءوا إليهم كثيرا ، ولو تأنى هؤلاء وتريثوا لما حصل ما حصل، وانحرف من انحرف، وزاغ من زاغ، وتساقط من تساقط، وذهاب من ذهب إلى أصحاب الجمعيات والإخوان المسلمين، بعد أن كانوا طلاب علم ودعاة خير، بسبب تغرير هؤلاء المستعجلين ووقوفهم في وجه الشيخ يحيى وطلابه الذين قاموا لله وفي الله.
وما هي إلا أيام واتضح حال أبي الحسن وحزبه المقيت، ووجد المتأنون والمتريثون الخير وثبتوا على الخير والدعوة السلفية، واستمروا في العلم والتعليم والدعوة إلى الله، بينما المستعجلون ارتبكوا وتزعزعوا وفَتنوا و فُتنوا، ومنهم من رجع، ومنهم من استمر في طريق الغواية إلى الآن، وكان هذا هو عاقبة الوقوف في وجه الحق وأهله والتخذيل عنه وتشويهه.
و قال من رجع لقد كان الشيخ يحيى وطلابه وإخوانه على حق وصدق
*فتنة فالح الحربي وشلته
إن فالحًا الحربي لم يكن قانعا بالدعوة السلفية في اليمن ورجالها السلفيين، وكان يغمز فيهم، ويقدح فيهم، وفي دعوتهم السلفية، وبدأت تخرج منه كلمات وعبارات وازدراء وسخرية
فانبرى له الشيخ يحيى حفظه الله ونصحه وكشف خباياها وغلوه وطعنه في الدعوة السلفية، بينما بعض المستعجلين تنكروا لهذا الكلام جدا، بل بعضهم من شدة تعصبه لفالح رحل من دماج، ورجع إلى بلاد الكفار، ومنهم من حلق لحيته، ومنهم من تردى وضاع مع الضائعين بسبب الاستعجال والوقوف في وجه الحق.
وما هي إلا أيام وإذا بهذا الرجل وشلته يقومون بفتنة كبيرة في الدعوة السلفية، وإذا بالشيخ ربيع الذي كان يقول فالح الحربي مدفع الدعوة السلفية!! يتكلم فيه، بعد أن فرخ وباض فالح الحربي وظهرت له قرون وأنياب، وضاع في حباله وشباكه أعداء من طلاب العلم في أمكان شتى.
*فتنة عبد الرحمن العدني وشلته.
بعد فتنة فالح الحربي وأتباعه كالبكري الذي تبناها في اليمن، جاء الدور على العدني فبدأ الرجل بعد ذهابه وجلوسه مع بعض المشايخ هناك، رجع الرجل يكتل حوله طلاب العلم، ويوغر صدورهم ضد الشيخ يحيى بحجج واهية وتلبيس خبث، وبدأت قضية التسجيل لمركز الفيوش التجاري كما أصبح اليوم!!.
فبدأ الشيخ يحيى يناصح، ويبذل التوجيه والارشاد لإخوانه وطلابه الذين يغرر بهم العدني ويحاول أن يفصلهم عن الدعوة السلفية وعن دماج وعن شيخهم ومربيهم ومعلهم الذي يريد لهم الخير ويسهر على تعليمهم والقيام بأمورهم
فما زاد القوم إلا عتوا ونفورا وكبرا وغطرسة، فبدأ الشيخ يحيى وطلابه يحذرون من هذه الفتنة التي بدأ شررها وبدأت نارها تشتعل وظهر دخانها.
وكما هي العادة قام المستعجلون سواء في دماج أو خارجها بالطعن والتحذير من الشيخ يحيى ومن إخوانه وطلابه الذين قاموا معه في وجه الباطل، ورموهم بالعظائم والله، وبدأ التنكر بأشكال وأنواع، ودفاع مستميت عن العدني ومن إليه، وسبب هذا نفور بعض الطلاب وبعض أهل السنة، وتركوا طلب العلم  وأهل السنة بسبب هذه المواقف المستعجلة والغير المتأنية .
في حين قام مشايخ الإبانة بدور مماثل، فوقفوا أمام الحق وأهله ودافعوا عن العدني، بعدما كانوا يدينونه وينتقدونه، وسببت هذه المواقف من هؤلاء فرقة عظيمة والله، وضياع الكثير والكثير من طلاب العلم، وتنكر المتنكرون للخير الذي تربوا فيه، وأصبح حال هؤلاء المشايخ كما هو حالهم في كل فتنة مضت على الدعوة السلفية فليس بمستغرب هذا .
*فتنة مشايخ الإبانة.
فلقد قام المشايخ بسبب العدني بمضادة أهل السنة في دماج وغيرها وحربهم والتحذير منهم وخذيلتهم في أحلك المواقف؛ كما قد عرف هذا القاصي والداني
ولما رأى الشيخ يحيى وإخوانه هذا العمل الشنيع من المشايخ بدأ بالمناصحة للمشايخ، وتذكيرهم وبيان الحق لهم، والمشايخ يزدادون عتوا ونفورا وبعدًا عن الجادة والصواب، فخرجت بعد ذلك الردود على مقالات ورسائل وكتب مشايخ الإبانة، وإظهار ما في كلامهم وأقوالهم  من باطل بغير زيادة ولا نقصا.
وفي هذا الوقت وجدنا من إخواننا وزملائنا من يدافع عنهم، ويستعجل في الدفاع عنهم، ويستنكر لمن رد عليهم وأوضح شرهم وفتنتهم، ونجد من بعض إخواننا التحذير ممن يردون ويصفون إخوانهم بالغلو والشدة، وكم والله جرت مواقف بيننا وبين إخواننا ممن كان يحسن الظن بالمشايخ ويسيء بنا وبإخواننا الظنون، بل والله هجرونا وحذرون منا؛ لماذا نتكلم في الإمام والبرعي والوصابي وأننا عندنا شدة وغلوا، وكان لهذه المواقف من بعض إخواننا سلبيات كما تقدم فيمن سبق، ضاع بسببها الكثير من طلاب العلم، وذهب البعض مع أصحاب الجمعيات وغيرها وضاعوا إلى الدنيا، وهذه عاقبة التهور والاستعجال وعدم التأني والتريث، والتقصير في البحث والاطلاع والقراءة، مع أن الشيخ يحيى كان يطلع على ما يكتبه طلاب العلم من ردود في المشايخ ويأذن بنشرها. 
*فتنة عبيد الجابري.
إن عبيدًا الجابري حاله كحال فالح  الحربي في نفس المعاملة للدعوة السلفية والازدراء لها ولدعاتها وطلابها وأشد وأنكى، وبسبب فتنة العدني تعصب عبيدٌ للعدني وشلته، وظهر من عبيد طوام يتنزه عنها عوام الناس فضلاً عن طلاب العلم ودعاة السنة
والشيخ يحيى حفظه الله صابر عليه، ويرد عليه بالتي هي أحسن، ويدفع بالحسنة السيئة؛ لعل الرجل يعقل؛ ويرجع ويترك غيه وطيشانه، فما يزداد المعتوه ألا عتوا ونفورا والعياذ بالله.
فاضطر أهل السنة للدفاع عن أنفسهم ودعوتهم ودارهم السلفية التي قال عبيد أخرجوا منها!!
وفي هذا الوقت نجد من بعض المستعجلين من زال يحسن الظن بعبيد من جهة، وينتقد من جهة أخرى من يرد عليه، ويقولون بلسان الحال والمقال من فلان  أو فلان حتى يرد على عبيد!!؟.
كان لهذا الأسلوب الاستعجالي والتنكر للردود على عبيد أثر في سقوط بعض طلاب العلم، من حيث أنهم لم يقبلوا من ما قيل في عبيد، لأن فلان فينا وفي وسطنا يقول عبيد عالم أو كذا وكذا ويتنكر لمن رد عليه، مع أن الشيخ يحيى يراجع الردود على عبيد ويقدم لبعضها ويشكر من رد عليه.
فهذا هو عاقبة العجلة وعدم التريث، والوقوف في وجه الناصحين.
وأما المتريثون ماهي إلا أيام وعرفوا مكر عبيد الجابري وتبصروا، ولم يحصل منهم أذية لشيخهم وإخوانهم الذين بينوا الحق، وقالوا جزى الله خيرا شيخنا وإخواننا الذين بينوا لنا الحق وعرفناه.
*فتنة الشيخ ربيع المدخلي ومن إليه.
كنت قد بيّن في رسالة لي بعنوان (تنبيهات رشيدة على مواقف غير سديدة)،  وفي رسالة ( المقاصد السيئة للثورة على الدعوة السلفية في اليمن)؛ مواقف الشيخ ربيع وفقه الله تعالى حول وقوفه ضد الدعوة السلفية من بعد فتنة أبي الحسن المصري، وبينت أن الشيخ ربيع هداه الله هو من ثور هؤلاء الثوار على الدعوة السلفية سواء البكري أو العدني أو عبيد أو مشايخ الإبانة وغيرهم، وبينت أن الشيخ يحيى يعلم هذه المؤامرات كلها، وهو صابر، ويقول: لعل وعسى أن يكف الشيخ ربيع شره عن الدعوة السلفية ونكفى، وألا يحصل ترادٌ بين الدعوة السلفية في اليمن وبين الشيخ ربيع وفقه الله، وما درى السلفيون إلا والشيخ ربيع وفقه الله يجاهر بالعداء والتحذير من الدعوة في اليمن ومن الشيخ يحيى وطلابه ويرميهم بأشد وافضح التهم التي والله ما تجرأ عليها كبار الحزبيين.
فاضطر الشيخ يحيى أن يبين وكذلك طلابه وإخوانه، لدفع الشر والتهمة عن الدعوة السلفية، وتبرأتها من كل هذه التهم السيئة، التي ألصقت بها من قبل الشيخ ربيع وطلابه والمستأجرين له من هنا وهناك.
علما بأن مواقف الشيخ ربيع الاستعجالية فيما تقدم كان لها أثرًا سيئًا في ضياع كثير من طلاب العلم والدعاة والمشايخ
وقام الشيخ يحيى ونصح بما يرجوا أن يزول الشر به، فما زاد ذلك الشيخ ربيعا إلا تماديا واستمرارا، والشيخ وكذلك طلابه يردون ويبينون هذه الحملة الشرسة ويدفعون الظلم عن أنفسهم.
 وبعض إخواننا هدانا الله وإياهم يتنكرون لإخوانهم وردودهم السلفية على الشيخ ربيع ، ونرى ونسمع من يدندن من هذا الذي يرد على الشيخ ربيع ومن هذا الكلام والتخذيل السيء، ويرمون إخوانهم بالشدة والغلو وووو، فلاهم ردوا الباطل، ولا هم تركوا إخوانهم يردون على الباطل وأعانوهم في ذلك.
*فتنة الحزب الجديد فيما بينهم
لقد أظهر الله سبحانه وتعالى فيما حصل بين الحزب الحديد الآن من تراشق وتحذيرات وسباب وشتام وعداوة شديدة؛ صدق ما كان يقوله أهل السنة، وأن ما بني على باطل فهو باطل، وأن من كان يدافع عن هذه الحزبية السيئة ، كان يدافع عن غير علم وحلم، وإنما عن تقليد وتعصب للأشخاص فقط، وليس للحق والبرهان والدليل، وهاهم اليوم يزدادون ضياعا فوق ضياعهم وفتنة فوق فتنتهم، وشرا فوق شرهم، ولم يستفيدوا من مكرهم غير البوار والعار والشنار.
أما أهل السنة فما زادهم الله إلا بصيرة وثباتا أنهم كانوا على حق وصدق وعدل بحمد الله تعالى
أخيرا:
هذا والله درس عظيم واقعيٌ نراه ونشاهده عيانا على الواقع، وعظة لنا والله، أننا إذا سمعنا الناصحين والمحذرين من الباطل أن لا نستعجل في رده والوقوف في وجههم والتنكر لهم أبدا أبدا والله، وأن التريث وعدم الاستعجال في الوقوف أمام  أهل الحق أمر مهم، وعاقبة مخالفيه وخيمة على الفرد والمجتمع الدعوة السلفية، وأنه ربما ينحرف صديقك بسبب مواقفك المعارضة للحق، وتحمل أوزاره على ظهرك، وتندم بعد حين أنك وقفت في وجه  يوما من الأيام، وكنت سببا في انحراف فلان وفلان ممن اغتر بخذلانك و استعجالك وتشويهك لأهل  الحق، وتكون لا للحق نصرت ولا للباطل خذلت ، وإنما للحق خذلت وللباطل نصرت
والحمد لله رب العالمين
كان الانتهاء منه بحمد الله وفضله
 مغرب يوم الاثنين 25 جماد الأول 1436هجرية
أبو حمزة محمد بن حسن السّوِرَي

 حمل المقال بصيغة بي دي اف


نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى