◀️الشدة على المخالفين للحق والصواب لا تنافي الرفق والحكمة▶️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد :
فمن المفاهيم المغلوطة عند من لم يعرف المنهج السلفي، ويدرسه دراسة حقيقية، أن الشدة على المخالفين للحق والصواب تنافي الحكمة، وأنه لا بد أن يسلك اللين في جميع المواقف وفي جميع المعاملات والحالات.
◀️وهذا الإطلاق غير صحيح في المنهج السلفي الرصين ومفهوم مغلوط لابد أن يصحح.
فكما أن الرفق واللين مطلوب في مواضع، أيضا الشدة والإنكار على المخالفين للحق والصواب مطلوبة في مواضعها.
◀️والحكمة الصحيحة هي الموافقة للشرع الحنيف في العسر واليسر والمنشط والمكره ، وهي وضع كل شيء في موضعه وقدره.
◀️فقد روي عن الإمام الثوري رحمه الله أنه قال لأصحابه :"أتدرون ما الرفق؟"
قالوا: قل يا أبا محمد. قال: أن تضع الأمور في مواضعها: الشدة في موضعها، واللين في موضعه، والسيف في موضعه، والسوط في موضعه "اهـ
◀️وقد أحسن الشاعر في وصف ذلك قائلا :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا **** مضر كوضع السيف في موضع الندى.
⏺️وقد كانت الشدة على المخالفين للحق ممدوحة عند العلماء ، و دلت عليها الأدلة من الكتاب والسنة، ومنهج السلف رضوان الله عليهم أجمعين على ذلك، وإليك بعض ما يثبت ذلك :
⏮️قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [سورة التوبة].
◀️قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في "تفسيره" :"و ليجد الكفار منكم غلظة عليهم في قتالكم لهم ، فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقا لأخيه المؤمن ، غليظا على عدوه الكافر ، كما قال تعالى :{ فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}[ المائدة : 54 ] ، وقال تعالى :{ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} [ الفتح : 29 ] ، وقال تعالى :{ ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم}[ التوبة : 73 ، والتحريم : 9 ] "اهـ
⏮️وقال الله تعالى في المنافقين :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [سورة التوبة].
◀️قال الحافظ ابن جرير الطبري في" تفسيره ":" الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيّ جَاهِدِ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ } يَقُول يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدِ الْكُفَّار } بِالسَّيْفِ { وَالْمُنَافِقِينَ }بِالْوَعِيدِ وَاللِّسَان"اهـ.
⏮️ونبينا صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، قد ثبت عنه في أدلة كثيرة شدته وإنكار على المخالفين للشرعية وللهدى والأفعال الحسنة ، وهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم من الرحمة والرفق، لأن له مصلحة عظيمة في الشدة والإنكار، وسوف ترون من الأدلة ما يثبت هذا الأمر، وأنه لا يخالف الحكمة والرفق بل هو من التربية الصحيحة :
◀️روى البخاري ومسلم أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ".
◀️قال أبو الوليد الباجي في "المنتقى" شرح الموطأ" :
وَالْأَصَحُّ فِي هَذَا ـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ـ أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الصَّلَاةِ قَوْمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ مِمَّنْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَيُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ الِاسْتِخْفَافُ بِهَا وَالتَّضْيِيعُ لَهَا، يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفُونَ مَوْسُومِينَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ إمَّا لِتَكَرُّرِ فِعْلِهِمْ لِذَلِكَ أَوْ لِوَحْيٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَهِمَّ بِذَلِكَ إِلَّا فِيمَنْ يَعْتَقِدُ فِيهِ الِاسْتِخْفَافَ وَالتَّضْيِيعَ، وَلِذَلِكَ أُعْلِمَ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ أَشَدُّ مُسَارَعَةً. اهـ
◀️وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنه عنها قالت فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي ؟ فَوَاللَّهِ، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي ". فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ..... الحديث".
◀️وروى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا : وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟ " ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ثُمَّ قَالَ : " إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ".
◀️وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ ؛ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ، قَالُوا : يُعْطِيصَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا. قَالَ : " إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ ". فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقٌ، فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ : " مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي ؟ " فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ : " إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا - أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا - قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ".
◀️وروى الإمام أحمد في" مسنده "والترمذي في" جامعه " عن أَبِي غَالِبٍ قَالَ : رَأَى أَبُو أُمَامَةَ رُءُوسًا مَنْصُوبَةً عَلَى دَرَجِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ :كِلَابُ النَّارِ شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ، خَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلُوهُ. ثُمَّ قَرَأَ : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قُلْتُ لِأَبِي أُمَامَةَ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا - حَتَّى عَدَّ سَبْعًا - مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ."
◀️وروى الإمام أحمد وأبو داود عَنِ ابْنِ عُمر رضي الله عنهما ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : " الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِالْأُمَّةِ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ ".
◀️وروى الإمام أحمد في "مسنده"عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي عنهما ، قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ طَيَالِسَةٍ، مَكْفُوفَةٌ بِدِيبَاجٍ، أَوْ مَزْرُورَةٌ بِدِيبَاجٍ، فَقَالَ : إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يَرْفَعَ كُلَّ رَاعٍ ابْنِ رَاعٍ، وَيَضَعَ كُلَّ فَارِسٍ ابْنِ فَارِسٍ. فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ جُبَّتِهِ، فَاجْتَذَبَهُ، وَقَالَ : " لَا أَرَى عَلَيْكَ ثِيَابَ مَنْ لَا يَعْقِلُ….. ".
◀️روى البخاري ومسلم عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْدِلْ. فَقَالَ : " وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ". فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ : " دَعْهُ ؛ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وَهُوَ قِدْحُهُ - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ - أَوْ : مِثْلُ الْبَضْعَةِ - تَدَرْدَرُ ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ.
◀️وروى الإمام البخاري في "صحيحه" فقال(4418) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ - قَالَ : سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ…… فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ….. "الحديث
◀️وروى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ : " لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ". فَقَالَ : كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَنَعَمْ إِذَنْ ".
◀️وروى البخاري ومسلم عن المعرور بن سويد قال مَرَرْنا بأَبِي ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ وَعليه بُرْدٌ وعلى غُلامِهِ مِثْلُهُ، فَقُلْنا: يا أَبا ذَرٍّ لو جَمَعْتَ بيْنَهُما كانَتْ حُلَّةً، فَقالَ: إنَّه كانَ بَيْنِي وبيْنَ رَجُلٍ مِن إخْوانِي كَلامٌ، وَكانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بأُمِّهِ، فَشَكانِي إلى النبيِّ ﷺ، فَلَقِيتُ النبيَّ ﷺ، فَقالَ: يا أَبا ذَرٍّ، إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جاهِلِيَّةٌ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، مَن سَبَّ الرِّجالَ سَبُّوا أَباهُ وَأُمَّهُ، قالَ: يا أَبا ذَرٍّ، إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جاهِلِيَّةٌ، هُمْ إخْوانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فأطْعِمُوهُمْ ممّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ ممّا تَلْبَسُونَ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ"
◀️وروى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال بَعَثَنا رَسولُ اللَّهِ ﷺ إلى الحُرَقَةِ مِن جُهَيْنَةَ، قالَ: فَصَبَّحْنا القَوْمَ فَهَزَمْناهُمْ، قالَ: ولَحِقْتُ أنا ورَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ رَجُلًا منهمْ، قالَ: فَلَمّا غَشِيناهُ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، قالَ: فَكَفَّ عنْه الأنْصارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ برُمْحِي حتّى قَتَلْتُهُ، قالَ: فَلَمّا قَدِمْنا بَلَغَ ذلكَ النبيَّ ﷺ، قالَ: فَقالَ لِي: يا أُسامَةُ، أقَتَلْتَهُ بَعْدَ ما قالَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّما كانَ مُتَعَوِّذًا، قالَ: أقَتَلْتَهُ بَعْدَ ما قالَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ قالَ: فَما زالَ يُكَرِّرُها عَلَيَّ، حتّى تَمَنَّيْتُ أنِّي لَمْ أكُنْ أسْلَمْتُ قَبْلَ ذلكَ اليَومِ".
◀️ وروى البخاري ومسلم جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا فِي غَزَاةٍ - قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : يَا لَلْأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ : يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : " مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ؟ ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ : " دَعُوهَا ؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ". فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ : فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعْهُ ؛ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ". وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ."
◀️وروى البخاري في" صحيحه "عن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِينَ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ مَلْآنُ مِنَ النَّاسِ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَصَعِدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي غُرْفَةٍ لَهُ فَسَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَادَاهُ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ ؟ فَقَالَ : " لَا، وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا ". فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ"
◀️قَالَ الإمام أَبُو دَاوُد رحمه الله في" سننه" تحت رقم (4916):" إذَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ لِلَّهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا يَعْنِي مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ بِالْهِجْرَانِ بِشَيْءٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَابْنُ عُمَرَ هَجَرَ ابْنًا لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَطَّى وَجْهَهُ عَنْ رَجُلٍ "اهـ
◀️وقال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله :" وَكُلُّ هَذَا فِي التَّقَاطُعِ لِلْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، فَأَمَّا لِأَجْلِ الدِّينِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَاسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِجْرَانِهِمْ لَمَّا خَافَ مِنْهُمُ النِّفَاقَ ، وَأَبَاحَ هِجْرَانَ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُغَلَّظَةِ وَالدُّعَاةِ إِلَى الْأَهْوَاءِ"اهـ جامع العلوم والحكم"( 1/ 331).
⏮️وهذا فعل الصحابة أيضا رضي الله عنهم :
◀️روى الإمام مسلم برقم (874) وأبو داود برقم (1104) عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ أنه رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ "زاد أبو داود : وَهُوَ يَدْعُو فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ" فَقَالَ:" قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ"
◀️وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في (شفاء العليل\60): كان ابن عباس رضي الله عنهما شديدًا على القدرية، وكذلك الصحابة" اهـ
◀️وروى الإمام مسلم برقم (5856) قال رحمه الله :حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَاحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ : إِنَّ عِنْدَنَا رِجَالًا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَمْرَ بِأَيْدِيهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا عَمِلُوا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يَعْمَلُوا. فَقَالَ :أَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ، وَأَنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ" اهـ
◀️وأيضا روى مسلم في صحيحة برقم (1) عن يحيى بن يعمر قال كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ،فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ. فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ . قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَفَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ"، اهـ
◀️وروى الإمام مسلم في" صحيحه "عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّ قَرِيبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ ، قَالَ : فَنَهَاهُ، وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ، وَقَالَ : " إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا، وَلَا تَنْكَأُ عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ". قَالَ : فَعَادَ، فَقَالَ : أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ، ثُمَّ تَخْذِفُ ؟ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا" .
◀️وروى الإمام مسلم في" صحيحه" عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا ". قَالَ : فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ".
◀️وقال الدارمي في" سننه": برقم( 455)" - ﺃﺧﺒﺮﻧﺎ ﻣﺮﻭاﻥ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ، ﻋﻦ ﻗﺘﺎﺩﺓ، ﻗﺎﻝ: " ﺣﺪﺙ اﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ، ﺭﺟﻼ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ: ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ: ﻛﺬا ﻭﻛﺬا. ﻓﻘﺎﻝ اﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ " ﺃﺣﺪﺛﻚ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺗﻘﻮﻝ: ﻗﺎﻝ ﻓﻼﻥ ﻭﻓﻼﻥ: ﻛﺬا ﻭﻛﺬا، ﻻ ﺃﻛﻠﻤﻚ ﺃﺑﺪا "
◀️ودخل عمرُ على حفصةَ وهي تبكي فقال لها وما يُبكيكِ لعلَّ رسولُ اللهِ ﷺ طلَّقكِ إن كان طلَّقكِ مرَّةً ثم راجعَكِ من أجلي واللهِ لئن طلَّقكِ مرَّةً أُخرى لا أُكلِّمُكِ أبدًا"
أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (٣٠٥١)، وأبو يعلى (١٧٢)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار»(٤٦١٣) انظر "السلسلة الصحيحة"(5/ 15 ).و" الصحيح المسند"( ٧٦٥)
◀️وفي كتاب" الإصابة ".(3\130):"كان سمرة بن جندب رضي الله عنه شديدًا على الخوارج فكانوا يطعنون عليه" اهـ
⏮️و هذا فعل الأئمة بعد الصحابة أيضا :
◀️فهذا الإمام مالك رحمه الله كان يقول:" لا تسلم على أهل الأهواء ولا تجالسهم إلا أن تغلظ عليهم،ولا يعاد مريضهم،ولا تحدث عنهم الأحاديث". اهـ" الجامع لابن أبي زيد القيرواني"(125).
◀️وروى البيهقي في كتابه "الأسماء والصفات"، بإسناد جيد كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" من طريق عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }كما وصف نفسه، ولا يقال كيفَ وكَيْفَ عنه مرفوعٌ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه، قال: فأخرج الرجل "اهـ
◀️وجاء في " سير أعلام النبلاء " (7\447) أن الإمام أحمد بن حنبل قال" : إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام؛فإنه كان شديداً على المبتدعة". اهـ
◀️وهذا الإمام الأوزاعي رحمه الله لقي ثوراً-وكان يرى القدر فمد يده إليه،فأبى الأوزاعي أن يمد يده إليه،وقال:
" ياثور لو كانت الدنيا لكانت المقاربة ولكنه الدين" السير(11\344).
◀️وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن شريك رحمه الله،فقال:" كان عاقلاً صدوقاً محدثاً،وكان شديداً على أهل الريب والبدع" اهـ من " سير أعلام النبلاء (8\209).
◀️وقال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم: “سمعت أبي وأبا زرعة يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع، ويغلِّظان في ذلك أشدَّ التغليظ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار، وينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلِّمين، ويقولان: لا يفلح صاحب كلام أبدا”. قال أبو محمد : “وبه أقول أنا"اهـ" أصول اعتقاد أهل السنة" (1/201).
◀️وذكر البيهقي رحمه الله في" مناقب الشافعي"(1\469):" أنه كان شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم". اهـ
◀️وهذا سفيان الثوري رحمه الله دخل المسجد فإذا الحسن ابن حي يصلي، فقال:" نعوذ بالله من خشوع النفاق، وأخذ نعليه وتحول". اهـ. "التهذيب" (2/249).
◀️وقال صالح ابن الإمام أحمد: "جاء الحزامي إلى أبي وقد كان ذهب إلى ابن أبي دؤاد، فلما خرج إليه ورآه، أغلق الباب في وجهه ودخل" . "مناقب أحمد لابن الجوزي" (ص: 250).
◀️وقدم داود الأصبهاني الظاهري بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حسن، فكلم صالحاً أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال له: رجل سألني أن يأتيك.
قال: ما اسمه؟.
قال: داود.
قال: من أين؟
قال: من أهل أصبهان،
قال: أيّ شيء صنعته؟
قال وكان صالح يروغ عن تعريفه إيَّاه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن، فقال: هذا قد كتب إليّ محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني.
قال: يا أبت ينتفي من هذا وينكره، فقال أبو عبد الله: محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له في المصير إليَّ"اهـ من ."تاريخ بغداد " (8/374).
◀️وهذا بلال بن أبي بردة رحمه الله ذكر ابن عساكر عنه في "تبيين كذب المفتري" (89) :" أنه كان شديداً على أهل البدع". اهـ
◀️وذكر ابن عساكر رحمه الله تعالى في "تاريخ دمشق" (45\365):عن عمر بن هارون رحمه الله أنه كان شديداً على المرجئة،وكان يذكر مساوئهم وبلاياهم" اهـ
◀️وهذا الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله قال عنه الذهبي رحمه الله تعالى في السير(13\322-323): "كان لهجاً بالسنة–وأظهر السنة ببلده ودعا غليها وذب عن حريمها وقمع مخالفها -،بصيراً بالمناظرة،جذعاً في أعين المبتدعة"
" وهو الذي قام على محمد بن كرّام الذي ينسب إليه الكرّامية وطرده عن هراة فيما قيل" .ا هـ
◀️وجاء في "تاريخ دمشق" (45\365):عن عمر بن هارون رحمه الله أنه كان شديداً على المرجئة،وكان يذكر مساوئهم وبلاياهم "اهـ .
◀️وهذا أبو محمد الحسين بن علي بن خلف البربهاري رحمه الله قال عنه الذهبي أيضاً في السير(15\90): "كان قوالاً بالحق،داعية إلى الأثر ،لا يخاف في الله لومة لائم".
وقال عنه ابن كثير في" البداية والنهاية" (11\213): "كان شديداً على أهل البدع والمعاصي،وكان كبير القدر تعظمه الخاصة والعامة " ،
وقال عنه ابن رجب كما في "طبقات الحنابلة" : "شيخ الطائفة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد أو اللسان". اهـ.
◀️وجاء في ترجمة أحمد بن عون كما في "تاريخ دمشق"(5\11) :" كان أبو جعفر أحمد بن عون الله رحمه الله محتسباً على أهل البدع غليظاً عليهم مذلاً لهم طالباً لمساوئهم مسارعاً في مضارهم شديد الوطأة عليهم مشرداً لهم إذا تمكن منهم على حالٍ ولا يسالمه،وإن عثر على منكر وشهد عليه عنده بأنحراف عن السنة نابذه وفضحه وأعلن بذكره والبراءة منه وعيره بذكر السوء في المحافل وأغرى به حتى يهلكه أو ينزع عن قبيح مذهبه وسوء معتقده،ولم يزل دؤوباً على هذا جاهداً فيه ابتغاء وجه اللهَ إلى أن لقي الله عز وجل". اهـ
◀️.وجاء في ترجمة أسد بن الفرات رحمه الله كما في" ترتيب المدارك "للقاضي عياض رحمه الله(3\302):
" حدث أسد يوماً بحديث الرؤية، وسليمان الفراء المعتزلي في آخر المجلس فأنكر الرؤية، فسمعه أسد فقام إليه وجمع بين طوقيه ولحيته، واستقبله بنعله فضربه حتى أدماه،وطرده من مجلسه" اهـ
◀️وجاء في ترجمة الإمام أبي عمر أحمد بن محمد المعافري رحمه الله كما في السير(17\56) :" كان سيفاً مجرداً على أهل الأهواء والبدع،قامعاً لهم،غيوراً على الشريعة،شديداً في ذات الله". اهـ
◀️و جاء في ترجمة الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أنه قام بحرق كتاب فيه اعتقادات منكرَة، قال السخاويّ: “ومن الاتفاقيات الدالّة على شدة غضبه لله ولرسوله: أنهم وجدوا في زمن الأشرف برسباي شخصًا من أتباع الشيخ نسيم الدين التبريزي وشيخ الخروفية المقتول على الزندقة سنة عشرين وثمانمائة، ومعه كتاب فيه اعتقادات منكرةٌ، فأحضروه، فأحرق صاحب الترجمة الكتاب الذي معَه، وأراد تأديبه، فحلف أنه لا يعرف ما فيه، وأنّه وجده مع شخص، فظنّ أنّ فيه شيئًا من الرقائق، فأُطلق بعد أن تبرّأ مما في الكتاب المذكور، وتشهّد والتزم أحكام الإسلام"اهـ الجواهر والدرر (2/637-638).
◀️وهذا جواب الإمام الألباني على من اتهموه بالشدة في الرد على البوطي
قال رحمه الله :" هذا وقد نمي إلي أن بعض الأساتذة رأى في ردي هذا على الدكتور شيئاً من الشدة و القسوة في بعض الأحيان،مما لا يعهدون مثله في سائر كتاباتي وردودي العلمية، وتمنوا أنه لو كان رداًعلمياً محضاً.
فأقول: إنني أعتقد اعتقاداً جازماً أنني لم أفعل إلا ما يجوز لي شرعاً، و أنه لا سبيل لمنصف إلى انتقادنا، كيف والله عز وجل يقول في كتابه الكريم في وصف عباده المؤمنين: {والذين إذا أصابـهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم * ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور}، فإن كل من يتتبع ما يكتبه الدكتور البوطي في كتبه ورسائله ويتحدث به في خطبه ومجالسه يجده لا يفتأ يتهجم فيها على السلفيين عامة، وعلي من دونـهم خاصة، ويشهر بـهم بين العامة والغوغاء، ويرميهم بالجهل والضلال، وبالتبله والجنون، و يلقبهم بـ (السلفيين)(2) و(السخفيين)!! وليس هذا فقط، بل هو يحاول أن يثير الحكام ضدهم برميه إياهم بأنـهم عملاء للاستعمار. إلى غير ذلك من الأكاذيب والترهات التي سجلها عليه الأستاذ محمد عيد عباسي في كتابه القيم ((بدعة التعصب المذهبي)) (ص 274 – 300) وغيرها، داعماً ذلك بذكر الكتاب والصفحة التي جاءت فيها هذه الأكاذيب..... " اهـ من مقال بتاريخ" دمشق في 27 جمادى الآخرة سنة 1397 ه محمد ناصر الدين الألباني"
ولشيخنا الإمام مقبل بن هادي االوادعي رحمه الله كلام نفيس جدا جدا تكلم على هذه المسألة وعززه بالأدلة والآثار
حول :
الشدة في الرد على المخالف
تجدون على هذا الرابط
أخيرا :
ظهر جليا واضحا بينا من خلال ما تقدم من الأدلة من القرآن والسنة ومن منهج سلف الأمة أن الشدة على المخالفين للحق والصواب لا تنافي الرفق ولا الحكمة، بل تعد حقيقية في الرفق والحكمة، فلها فوائد كثيرة على الشخص نفسه الذي وقعت عليه الشدة، وعلى غيره لكي لا يتأثر به ولا يتابعه في مخالفة ومعصية وباطل ويكون عبرة وعظة.
وهذه الشدة يقدرها أهل الفهم والإدراك من العلماء والدعاة وطلاب العلم من أهل السُنة السلفيين، فهم الذين يحسنون فعل مثل هذه الأمور، فهم يطبقون شرع الله تعالى بعلم وحكمة ودراية مع القريب والبعيد، بخلاف أهل الأهواء فشدتهم غير منضبطة بشرع ولا هدى، وإنما لهوى أمثال الغلاة والخوارج والحدادية فلا عبرة بشدتهم وليست مقياسا.
والله الموفق
كان الانتهاء منه فجر يوم الثلاثاء ٢٧ من ذي القعدة ١٤٤٠هـ
كتبه أبو حمزة محمد بن حسن السوري وفقه الله تعالى
https://telegram.me/alsuwari
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.