السبت

[تذكير السلفيين بقول أهل الأهواء: طالب العلم ليس أهلا للرد!!]

تذكير السلفيين بقول أهل الأهواء: طالب العلم ليس أهلا
للرد!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فمن المستغرب المستنكر أن يتناسى السلفيون قواعد أهل البدع، التي طالما حذر منها الناصحون، وكتبوا فيها ردودًا على أهل الأهواء، من أجل أنهم قرروها وقعدوها في حربهم لأهل السنة، وقد بذل أهل السنة جهدًا مشكورًا في بيانها، وكشف باطلها وزيفها ومخالفتها للحق والصواب.
ولقد جرى حوار بيني وبين أحد الإخوة الأفاضل نقاشٌ في قضية علمية، فكان مما قال: إن بعض إخواننا يقولون: إن فلانًا من هو حتى يرد على العالم فلان؟! فليس أهلا للرد على العالم الفلاني، والكلام في هذه المسائل، وهذه الدندنة قد بدأت تلحوا من جديد عند بعض من تناسى قواعد وتأصيلات أهل الأهواء، فبدأنا نسمعها من جديد، فأحببت أن أُذكر إخواني السلفيين بأن هذا القول هو قول أهل الأهواء، ومخالف قبل ذلك للأدلة من الكتاب والسنة، ومخالف لهدي السلف الصالح وإجماعهم، ولبيان ذلك نقول :
أولا: فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الله تعالى: { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29].
وقال الله تعالى: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3].
وقال الله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: 94].
وقال تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [البلد: 17، 18].
وقال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3].
وقال الله تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110].
وقال تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران: 104، 105].
وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». رواه مسلم.
وعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ الله وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا " رواه البخاري
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، قَبْلَ أَنْ تَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابَ لَكُمْ» رواه ابن ماجه وحسنه الألباني  رحمه الله
ثانيا: أقوال العلماء في فضل ذلك وأنه ليس خاصا بأحد بعينه.
*قال الإمام ابن كثير رحمه الله:" في قوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: 104]
"وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ تَكُونَ فرْقَة مِنَ الأمَّة مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَده، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ" اهــ "من تفسيره"
*وقال  الإمام النووي رحمه الله: "وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَعْنِي بَابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ الأمر وملاكه واذا كثر الخبث عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَإِذَا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ الله تَعَالَى بِعِقَابِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ معظمه ويخلص نيته ولا يهابن مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ الله تعالى قال {وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]، وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]، وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت: 69] ،وَقَالَ تَعَالَى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } [العنكبوت: 2، 3]......
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ غَيْرَ الْوُلَاةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الَّذِي يَلِيهِ كَانُوا يَأْمُرُونَ الْوُلَاةَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ تَقْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ وَتَرْكِ تَوْبِيخِهِمْ عَلَى التَّشَاغُلِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ وَالله أَعْلَمُ.... اهـ من " شرح  مسلم" (2/ 24-25).
*وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "واعلم أنَّ الأمرَ بالمعروف والنَّهيَ عن المنكرِ تارةً يحمِلُ عليه رجاءُ ثوابه، وتارةً خوفُ العقابِ في تركه، وتارةً الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارةً النصيحةُ للمؤمنين، والرَّحمةُ لهم، ورجاء إنقاذهم ممَّا أوقعوا أنفسهم فيه من التعرُّض لغضب الله وعقوبته في الدُّنيا والآخرة، وتارةً يحملُ عليه إجلالُ الله وإعظامُه ومحبَّتُه، وأنَّه أهلٌ أنْ يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، وأنْ يُفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، كما قال بعضُ السَّلف: وددت أنَّ الخلقَ كلَّهم أطاعوا الله، وإنَّ لحمي قُرِض بالمقاريض .اهــــ من " جامع العلوم والحكم " (3/ 961).
 *وقال شيخ الإسلام رحمه الله :" [مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ]
مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ» وَمَا حَدُّ الْفِسْقِ؟ وَرَجُلٌ شَاجَرَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا شَارِبُ خَمْرٍ، أَوْ جَلِيسٌ فِي الشُّرْبِ أَوْ آكِلُ حَرَامٍ، أَوْ حَاضِرُ الرَّقْصِ أَوْ السَّمَاعِ لِلدُّفِّ أَوْ الشَّبَّابَةِ، فَهَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ إثْمٌ؟
الْجَوَابُ: أَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَتَرْغَبُونَ عَنْ ذَلِكَ الْفَاجِرِ؟ اُذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ النَّاسُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ» وَهَذَانِ النَّوْعَانِ يَجُوزُ فِيهِمَا الْغِيبَةُ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُظْهِرًا لِلْفُجُورِ مِثْلَ: الظُّلْمِ، وَالْفَوَاحِشِ، وَالْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ السُّنَّةَ، فَإِذَا أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيع فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. اهـــ  من "الفتاوى الكبرى لابن تيمية" (4/ 476)
*وقالَ أَبُو مُحَمَّد ابن حزم رحمه الله: "فَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ الله عَنْهُمْ - قَدْ اخْتَلَفُوا، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى مَا أَمَرَ الله تَعَالَى بِهِ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] .
فَوَجَدْنَا الله تَعَالَى يَقُولُ {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] ، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: 104] .
وَقَالَ رَسُولُ الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ» .
فَصَحَّ أَنَّ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَفْتَرِضَ الله تَعَالَى عَلَى الْأَئِمَّةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَمْرًا إنْ لَمْ يَعْمَلُوهُ عَصَوْا الله تَعَالَى ثُمَّ يُؤَاخِذُهُمْ فِي ذَلِكَ؟ وَوَجَدْنَا هَذِهِ الْمَبْعُوثُ فِيهَا: بُعِثَ فِيهَا بِحَقٍّ، وَلَمْ يُبَاشِرْ الْبَاعِثُ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ دِيَةُ وَلَدِهَا لَوْ بَاشَرَ ضَرْبَهَا أَوْ نَطْحَهَا - وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَاشِرْ فَلَمْ يَجْنِ شَيْئًا أَصْلًا.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ مَنْ رَمَى حَجَرًا إلَى الْعَدُوِّ فَفَزِعَ مِنْ هُوِيِّهِ إنْسَانٌ فَمَاتَ، فَهَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى حَائِطًا فَانْهَدَمَ، فَفَزِعَ إنْسَانٌ فَمَاتَ وَبِالله تَعَالَى التَّوْفِيقُ. اهـــ  من "المحلي" (11/228).
*وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله «ونرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على كل قادر بحسب قدرته واستطاعته بيده، فإن تعذر فبلسانه، فإن تعذر فبقلبه، كما في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» اهـ من "الدرر السنية"(2/58).
 *وقال حافظ حكمي رحمه الله:" [على من يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما مراتبه]
س: على من يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما مراتبه؟
جـ: قال الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» . رواه مسلم. وفي هذا الباب من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية ما لا يحصى، وكلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل من رآه لا يسقط عنه إلا أن يقوم به غيره كل بحسبه، وكل ما كان العبد على ذلك أقدر وبه أعلم كان عليه أوجب وله ألزم، ولم ينج عند نزول العذاب بأهل المعاصي إلا الناهون عنها، وقد أفردنا هذه المسألة برسالة بها وافية ولطالبي الحق كافية، ولله الحمد والمنة. اهــــ من  "أعلام السنة المنشورة" (ص: 136).
*و قال الإمام ابن باز  رحمه الله :«من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» خرجه مسلم في الصحيح، وهذا يدل على أنه مراتب، وأنه واجب على كل مسلم، وأنه ينكر حسب طاقته، بيده ثم لسانه ثم قلبه، اهــــ من "فتاوى نور على الدرب" (18/ 303)
*وقال الإمام ابن باز رحمه الله " ويقول عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان  » .
وهذا عام لجميع المنكرات سواء كانت في الطريق، أو في البيت أو في المسجد أو في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في أي مكان، وهو يعم الرجال والنساء جميعا، المرأة تتكلم والرجل يتكلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن في هذا صلاح الجميع ونجاة الجميع. اهــ  من "مجموع فتاوى ابن باز" (4/ 51)
*وقال الإمام ابن باز رحمه الله جوابا على  سؤال "إن كثيرا من طلاب العلم الذين يحضرون الدروس والمحاضرات ويزاحمون العلماء في المحاضرات لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر نأمل من سماحتكم توجيه كلمة بهذه المناسبة؟
الجواب: الواجب على الجميع التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر حسب الطاقة، وإذا قام بذلك من يكفي سقط عن الباقين، ولكن إذا أهمل الجميع أثموا.
فعلى كل إنسان أن يبذل وسعه، وإذا كان في مكان ليس فيه من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لزمه أن يقوم بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ، رواه الإمام مسلم في الصحيح. فالواجب على المسلمين التعاون في هذا الأمر والتواصي به أينما كانوا، في المسجد وفي الطريق وفي البيت مع أهله وفي غير ذلك، قال الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]
فالواجب في مثل هذا التعاون على الخير والصبر في ذلك. اهـــ من " مجموع فتاوى ابن باز" (7/ 175)
*وأجابت اللجنة الدائمة عن سؤال: السؤال الأول من الفتوى رقم (4245):
سؤال: هل يجوز للأخ المسلم أن ينكر على أخ له آخر مسلم في موضوع مثل موضوع الصور، فما هي الأشياء التي يجوز فيها الإنكار، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده  » . . . الحديث، وقال تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].
الجواب: الشريعة الإسلامية منها ما أمر الله به، كالصلوات الخمس وصيام رمضان وغير ذلك مما أمر الله به، ومنها ما نهى الله عنه، كالزنا والسرقة وقتل النفس بغير حق وغير ذلك مما نهى الله ورسوله عنه، فمن قصر في ترك ما أوجب الله عليه، أو ارتكب شيئا مما نهى الله عنه، فعلى من قدر على الإنكار عليه أن ينكر عليه بالطريقة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان » ، وفي حديث آخر: «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل » .وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز اهــــ من فتاوى اللجنة  (12/ 345-3460020)
ثالثا مخالفة أهل الأهواء.
مما تقدم يتضح جليا أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه انتقاد المخطئ والأخطاء ممن صدرت، وأنه يقوم به من يحسنه ويتقنه، وليس خاصا بأحد دون أحد، وإنما بمن يحسنه ويتمكن منه ويتقنه، سواء كان عالما أو طالب علم، وأن الحجة هي في الدليل من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، وما يقدمه الناقد والمنتقد، من براهين وأدلة على ما يقوله وما ينطق به.
وقد خالف في هذا الأمر أهل الأهواء والفتن والبدع، فحصروه بأناس دون أناس -وأن طالب العلم لا يتكلم ولا ينتقد فيما يحسنه ويتمكن منه-، من أجل أن لا يُتكلم فيهم ولا يُبين أخطاءهم ممن قدر على ذلك من أهل الحق، ولا يبين أهل الحق عوارهم، ويريدون من طلاب العلم أن يسكتوا عن باطلهم وفسادهم وعن الأخطاء التي تقدح في الشريعة، وكان ممن قرر هذا الأمر:
أبو الحسن المصري ومحمد عبد الوهاب الوصابي ومحمد الإمام وغيرهم، والقصد من ذلك تكميم الأفواه عن  رد باطلهم وشرهم وتخريبهم في الدعوة السلفية.
 وإليك بعض أقوالهم في هذا الأمر:
1-قال أبو الحسن المصري هداه الله في  كتاب «السراج الوهاج» (ص81 الفقرة 201) حيث قعّد ذلك فقال : "..يجب أن يكون التجريح من أهل العلم والحلم والتجرد لرب العالمين، لا لكل من هب ودرج..".
2-قال محمد بن عبد الوهاب الوصابي في عدة أشرطة : "وطالب العلم يقبل على شأنه ودروسه وحفظه ويحفظ لسانه إلا من خير، وإذا سأله العامي أرشده إلى أهل العلم، وليعلم طالب العلم أنه متى تقمص ثوب العلماء، وصار يخوض في الفتن فيعدل ويجرح من شاء ويصدر الأحكام هنا وهناك ويفتي بما يوافق هواه فلا يأمن مكر الله.
وقال هداه الله: أما الفتنة بين عالمين من علماء أهل السنة فلا يخوض فيها إلا علماء أهل السنة، فهم أعلم وأعرف بما يقولون وأدرى بالمصالح والمفاسد وبمن يستحق أن يعدل أو يجرح، أما العامي وطالب العلم فلا يجوز!! لهم الخوض في مثل هذه الفتن فضلاً عن أن يجرحوا أو يعدلوا.
وقال هداه الله: يا أخي هذه المسائل ليست عليك هذه المسائل على العلماء، أما أنت فأنت طالب أو عامي فاعرف قدر نفسك تفقه في الدين تعلم.
وقال أصلحه الله: إذا جاءت فتنة فالأصل أن الطلاب والعامة لا يخوضون فيها وإنما يعيدونها إلى أهل العلم.
وقال هداه الله: احفظ لسانك من قولك الشيخ فلان قال في فلان كذا، وكذا هذا راجع إلى العلماء، إن كان مصيباً فهم سيقرونه وإن كان مخطأً ناصحوه، أما أنت فطالب أو عامي وهذا شيء لا يعنيك.
قال هداه الله: الجرح والتعديل من ديننا ليس هو لكل من هب ودب!! إن الجرح والتعديل له رجال وهم العلماء الأتقياء المخلصون الصادقون الرحماء وهم العلماء الأتقياء المخلصون دون محاباة أو مجاملة لأحد ولا تأثر بالعواطف وإنما يضعونه في موضعه اللائق به دون ظلم ولا اعتداء ولا انتقام للنفس ولا رياء ولا سمعه. اهـــ
وقال محمد الإمام هداه الله في «الإبانة» (ص194) : "لا يُقبل جرح المجرح الصغير غالبا في العالم الكبير".
وقال هداه الله (ص48 ) : "وأما إذا جاء الرد على العالم من قبل طلاب العلم، فالغالب عليهم أنهم ليسوا أهلا للرد، ولهذا تجد في ردودهم تجاوزات ومجازفات وتعديات، بل يحاول بعضهم أن يظهر نفسه أنه أقدر على النقد من أهل العلم، حتى إن بعضهم يذهب إلى الطعن في عقيدة العالم السني ولم يسبقه إلى ذلك أحد من أهل العلم، انظر إلى هذه المسابقة التي حقيقتها الجرأة على أهل العلم.
وإني لقائل لهذا الصنف: إن واصلت طلب العلم وانتفعت به سيظهر لك في المستقبل خطؤك هذا وتعجلك، فالحذر الحذر في أمر لنا فيه أناة ".اهـــ
وكل هذه الأقوال وغيرها قالوها  في صدد الدفاع عن أنفسهم وفتنتهم التي قاموا بها على الدعوة السلفية، ويعنون بهم من انتقد أخطاءهم وقواعدهم وتأصيلاتهم الباطلة، وقد سبقهم إلى هذا القطبية والسرورية والعرعورية والمغراوية.
أقول: هذا الكلام باطل مردود مخالف لما تقدم من الكتاب والسنة، وكذلك إجماع السلف، و أقوال العلماء السلفيين.
ومما يزيده وضوحا وبيانًا:
*ما جاء في «الصحيحين» عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ ثَلاَثًا فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولاً فَرَجَعَ فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ تَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ الله بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ، فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا، قَالَ: لَتُقِيمَنَّ عَلَى هَذَا بَيِّنَةً أَوْ لأَفْعَلَنَّ، فَخَرَجَ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا: لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلاَّ أَصْغَرُنَا.
فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا، فَقَالَ عُمَرُ: خَفِىَ عَلَىَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، أَلْهَانِى عَنْهُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ».
فقوله "يقوم معك أصغرنا" فيه اعتبار كلام الصغير وقبول الحق منه، في فصل القضايا  وغيرها.
  قال ابن الملقن  رحمه الله "وفيه: أن الرجل العالم قد يوجد عند من هو دونه في العلم ما ليس عنده، إذا كان طريق ذَلِكَ العلم السمع، وإذا جاز هذا عَلَى عمر فما ظنك بغيره بعده. اهـــ من "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (14/ 84)
وقال ابن بطال رحمه الله "وفيه: أن الصغير قد يكون عنده العلم ما ليس عند الكبير. وفيه: أنه يجب البحث وطلب الدليل على ما ينكره من الأقوال حتى يثبت عنده. اهـــ من "شرح صحيح البخاري " (6/ 203).
وقال القاضي عياض رحمه الله" فيه القيام بالحق بين أيدى الخلفاء لقول أبى لعمر ما قال. وفيه حماية الأئمة للشرع والتبيين أن يزاد فيها أو يتقول على النبي - عليه السلام - شيء. وفيه التغليظ بالقول. اهــ من "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (7/ 31)
*قال الخطيب رحمه الله: "أما إذا كان الجارح عامياً وجب لا محالة استفساره، وقد ذكر أن الشافعي إنما أوجب الكشف عن ذلك؛ لأنه بلغه أن إنسانا جرح رجلا فسئل عما جرحه به، فقال: رأيته يبول قائما فقيل له وما في ذلك ما يوجب جرحه فقال لأنه يقع الرشش عليه وعلى ثوبه ثم يصلى فقيل له رأيته يصلى كذلك فقال لا فهذا ونحوه جرح بالتأويل والجهل والعالم لا يجرح أحدا بهذا. اهـــ من "الكفاية" (1/108).
فانظر يا رعاك الله إلى قوله " أما إذا كان الجارح عامياً وجب لا محالة استفساره" هذا في العامي فما بالك بطالب العلم والداعي إلى الله والمتمكن في العلم، كيف لا يقبل قوله وبيانه، وكيف لا يُناصِر الحق ويقول بالصدق.
*وقال الإمام ابن رجب رحمه الله:" فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم. اهـ من "الفرق بين النصيحة والتعيير" (ص: 8)
أقول: هذا نقل من هذا الإمام المبجل رحمه الله تعالى لطريقة علماء السلف في هذا الأمر.
*وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :"وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره، مقالات ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر.
وأما في باطن الأمر: فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده، ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم.
وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العلماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك. اهـــ من "الفرق بين النصيحة والتعيير" (ص: 11-12)
*وقال ابن رجب رحمه الله "وكذلك المشايخ والعارفون كانوا يوصون بقبول الحق من كل من قال الحق؛ صغيراً كان أو كبيراً وينقادون لقوله". اهـــ من "الحكم الجديرة بالإذاعة" (ص: 35)
*وقال ابن عبد البر رحمه الله  بعد ذكره قصة" عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حين اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَنَفَّسَ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَقَدْ حَلَّتْ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةٍ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَلَالَةِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَنَّهُ كان يفتي مَعَ الصَّحَابَةِ وَأَبُو سَلَمَةَ الْقَائِلُ لَوْ رَفَقْتُ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَأَخْرَجْتُ مِنْهُ عِلْمًا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَزَالُوا يَتَنَاظَرُونَ وَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمُ الْكَبِيرُ لَا يَرْتَفِعُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَا يَمْنَعُونَ الصَّغِيرَ إِذَا عَلِمَ أَنْ يَنْطِقَ بِمَا عَلِمَ وَرُبَّ صَغِيرٍ فِي السِّنِّ كَبِيرٌ فِي عِلْمِهِ وَالله يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَاظَرَةَ وَطَلَبَ الدَّلِيلِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ كَانَ قَدِيمًا مِنْ لَدُنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ هَلُمَّ جَرًّا لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ اهـ من  "التمهيد" (23/150)
*وقال شيخ الإسلام رحمه الله :" وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ مُعَلِّمٍ وَمُعَلِّمٍ أَوْ تِلْمِيذٍ وَتِلْمِيذٍ أَوْ مُعَلِّمٍ وَتِلْمِيذٍ خُصُومَةٌ وَمُشَاجَرَةٌ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِ أَنْ يُعِينَ أَحَدَهُمَا حَتَّى يَعْلَمَ الْحَقَّ فَلَا يُعَاوِنُهُ بِجَهْلِ وَلَا بِهَوَى بَلْ يَنْظُرُ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ أَعَانَ الْمُحِقَّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُبْطِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُحِقُّ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ؛ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُبْطِلُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ عِبَادَةَ الله وَحْدَهُ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ؛ وَاتِّبَاعَ الْحَقِّ وَالْقِيَامَ بِالْقِسْطِ قَالَ الله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَالله أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135] يُقَالُ: لَوَى يَلْوِي لِسَانَهُ: فَيُخْبِرُ بِالْكَذِبِ. وَالْإِعْرَاضُ: أَنْ يَكْتُمَ الْحَقَّ؛ فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ. وَمَنْ مَالَ مَعَ صَاحِبِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ - فَقَدْ حَكَمَ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ الله وَرَسُولِهِ وَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمُحِقِّ عَلَى الْمُبْطِلِ فَيَكُونَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ عَظَّمَهُ الله وَرَسُولُهُ وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ قَدَّمَهُ الله وَرَسُولُهُ وَالْمَحْبُوبُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَحَبَّهُ الله وَرَسُولُهُ وَالْمُهَانُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَهَانَهُ الله وَرَسُولُهُ بِحَسَبِ مَا يُرْضِي الله وَرَسُولَهُ لَا بِحَسَبِ الْأَهْوَاءِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ؛ وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ.. اهـ من  "مجموع الفتاوى"(28/16-17)
 *قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ مَعْصُومُونَ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْخَطَأِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْصُومًا مِنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا يَسُوغُ بَلْ يَجِبُ أَنْ نُبَيِّنَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَيَانُ خَطَأِ مَنْ أَخْطَأَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ. اهـ من " مجموع الفتاوى" (19/ 123)
*و قال الشيخ إسحاق ابن غانم العلثي رحمه الله في نصيحته لابن الجوزي:
 "ولو كَانَ لا ينكر من قل علمه عَلَى من كثر علمه إِذَا لتعطل الأمر بالمعروف، وصرنا كبني إسرائيل حيث قَالَ تَعَالَى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [المائدة: 79] ، بَل ينكر المفضول عَلَى الفاضل وينكر الفاجر عَلَى الولي، عَلَى تقدير معرفة الولي. اهـــ من "ذيل طبقات الحنابلة" (3/ 447)
*وقال الإمام الألباني رحمه الله:
 كيف نعالج الأخطاء؟
وأما الواجب على أي مسلم رأى أمرا أخطأ فيه أحد العلماء أو الدعاة فهو أن يقوم بتذكيره ونصحه، فإن كان الخطأ في مكان محصور، كان التنبيه في ذلك المكان نفسه دون إعلان أو إشهار وبالتي هي أحسن للتي هي أقوم، وإن كان الخطأ معلنا مشهورا فلا بأس من التنبيه والبيان لهذا الخطأ وعلى طريقة الإعلان ولكن كما قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}[النحل: 12]، ومن المهم بيانه أن التخطئة المشار إليها هنا ليست التخطئة المبنية على حماسة الشباب وعواطفهم دونما علم أو بينة لا وإنما المراد التخطئة القائمة على الحجة والبيان والدليل والبرهان، وهذه التخطئة بهذه الصورة اللينة الحكيمة لا تكون إلا بين العلماء المخلصين وطلاب العلم الناصحين الذين هم في علمهم ودعوتهم على كلمة سواء مبنية على الكتاب والسنة وعلى نهج سلف الأمة. اهــ من "فقه الواقع" (1/28).
*وقال الإمام ابن باز رحمه الله " فكل طالب علم من الله عليه بالفقه في الدين، وكل عالم فتح الله بصيرته عليه أن يستغل ما أعطاه الله من العلم، وأن يستغل كل فرصة تمكنه من الدعوة، حتى يبلغ أمر الله وحتى يعلم الناس شريعة الله، وحتى يأمرهم بالمعروف ويناهم عن المنكر، ويشرح لهم ما قد يخفى عليهم مما أوجبه الله عليهم أو حرمه عليهم.
هذا هو الواجب على جميع أهل العلم، فهم خلفاء الرسل، وهم ورثة الأنبياء، فعليهم أن يبلغوا رسالات الله، وعليهم أن يعلموا عباد الله شريعة الله، وعليهم أن ينصحوا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وأن يصبروا على ذلك،  اهـــ "مجموع فتاوى ابن باز (5/ 84).
*وقال العلامة العثيمين رحمه الله: 
"الأمر الثالث: الدفاع عن الشريعة.
أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة، لأن الكتب لا يمكن أن تدافع عن الشريعة، ولا يدافع عن الشريعة إلا حامل الشريعة، فلوا أن رجلاً من أهل البدع جاء إلى مكتبة حافلة بالكتب الشرعية فيها ما لا يحصي من الكتب، وقام يتكلم ببدعة ويقررها فلا أظن أن كتاباً واحداً يرد عليه، لكن إذا تكلم عند شخص من أهل العلم ببدعته ليقررها، فإن طالب العلم يرد عليه ويدحض كلامه بالقرآن والسنة.
فعلى طالب العلم أن ينوى بطلب العلم الدفاع عن الشريعة، لأن الدفاع عن الشريعة لا يكون إلا برجالها كالسلاح تماماً، لو كان عندنا أسلحة ملأت خزائننا فهل هذه الأسلحة تستطيع أن تقوم من أجل أن تلقي قذائفها على العدو؟ أو لا يكون ذلك إلا بالرجال؟.
فالجواب: لا يكون ذلك إلا بالرجال، وكذلك العلم.
ثم إن البدع تتجدد، فقد توجد بدع ما حدثت في الزمن الأول ولا توجد في الكتب، فلا يمكن أن يدافع عنها إلا طالب العلم.
ولهذا أقول: إن مما تجب مراعاته لطالب العلم الدفاع عن الشريعة، إذن فالناس في حاجة ماسة إلى العلماء، لأجل أن يردوا على كيد المبتدعين وسائر أعداء الله عز وجل -، ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المتلقي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ من "كتاب العلم" (ص: 27...).
وقال الإمام الوادعي رحمه الله تعالى:"والذي أنصح به طلاب العلم أن لا يصغوا إلى كلام أولئك المفتونين الزائغين وأن يقبلوا على تعلم الكتاب والسنة وأن يبينوا للناس أحوال أولئك الزائغين ويحذروهم منهم ومن كتبهم ومجلاتهم وندواتهم". اهـ من «ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر» (ص3)
*وقال الإمام الوادعي رحمه الله تعالى : "وبقي محمد هاشم الهدية يركض بعد المادة من قطر إلى الكويت، وقد رد عليّ في ذات مرة ويقول: هاأنا أدافع عنكم. فنقول له: كلامك تطير به الرياح وكيف أنشر لك كلامًا وأنت مغمور لا تعرف. فلا تستحق أن نجيب عليك، ولكن عندك ما يكفيك من الشباب السوداني فقد بينوا مخازيك ومخازي أتباع عبدالرحمن عبدالخالق وانفصلوا بحمد الله، وحاربتموهم لأنّهم قالوا: إن الاختلاط في المدارس لا يجوز، والانتخابات لا تجوز، وكذلك الدخول في المجالس النيابية لا تجوز.
فقد حاربوهم وفصلوهم وما أخرجوهم من الجنة إلى النار، بل أخرجوهم من الذل إلى العزة (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين)، (من كان يريد العزّة فللّه العزّة جميعًا)، فالعزة لله سبحانه وتعالى ليست لمحمد الهدية ولا فلان وفلان). اهــ من في «تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب» (160).
*وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله :" إننا نناشد كل داع يدعوا إلى الله في اليمن أن يتعاون مع إخوانه أهل السنة، فلا تتعاونوا مع فلان أو فلان فنحن نعجز أن نقوم بربع العشر مما يطلب منا، واتركوا هذه الحزبية وبولوا عليها فإنها شتت شمل المسلمين. اهــ من "قمع المعاند (356).
 *وقال الشيخ يحيى حفظه الله "الوسيلة التاسعة: التنفير المباشر عن الدعوة السلفية، بقولهم: هؤلاء يجرحون، هؤلاء يتكلمون في العلماء، هؤلاء يغتابون، هؤلاء شغلوا أنفسهم بالكلام في الناس، هذا تفير مباشر، وهناك تنفير غير مباشر؛ وهو أوسع وأشد، وأضر من الأول، وهو نوع من التزهيد عن علماء السنة، وعن تلقي العلم عنهم؛ بالطعن في قدرتهم العلمية، ويغلون ويبالغون فيمن هو معهم، ولو لم يبلغ في العلم عشر ذلك السلفي، أو يقولون: ما عندهم شهادات، أو ما عندهم تنظيم، أي: عل ما يريدون، أو ما عندهم أكل طيب، ويكون في هذا التزهيد صرفه عن الخير والتحذير غير المباشر، قد يحمله بعض المغفلين حتى وإن كان سلفيا. اهـــ من "الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية"
*وقال الشيخ يحيى حفظه الله : "وعلم الجرح أجمع عليه المسلمون، على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ?، الجرح والتعديل يتنكر له هذا الرجل وأضرابه، من سائر الزائغين، ما من مجروح إلا ويتنكر لعلم الجرح؛ يريد أن يفشي سمومه بين الناس، ويغش الناس، ويخذل الناس، ويضيع الناس، وما يريد أن يقال: هذا زائغ، لا والله، «الدين النصيحة»، قلنا لمن يا رسول الله، قال: «لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».
لقد ضل من لا ينصح لدين الله، إن بني إسرائيل أولئك ضرب الله قلوب بعضهم على بعض، ثم مسخهم قردة وخنازير، واقرأ سورة الأعراف: { وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] اهـــ "من السيل العريض الجارف"
*وسئل يحيى بن علي الحجوري حفظه الله:
"هل لطالب العلم الحق أن يخوض في مسائل الخلاف بين العلماء؟.
فأجاب  بقوله: طالب العلم لا شك أنه بحاجة أن يتفقه في علم الجرح والتعديل، ويتفقه في الحديث، ويتفقه في الفقه، ويتفقه أيضا في أحوال الفرق، ويتفقه في سائر الشؤون، هو ما يكون فقط منعزلا على كتاب دون سائر الكتب، ولسنا متحجرين عليه أن يعرف كل العلوم بل نحثه على ذلك، وإذا عرف منكرا ورأى -ما ، يعني- المنكر ببيانه، ونقل ما قاله أهل العلم الذين قالوا ببرهان; فإن هذا يعتبر من التعاون على البر والتقوى.
ويا إخوان التحجر عليهم يضر الدعوة.
ففي فتنة أبي الحسن نموذجا على ذلك، والله، تكلم فيها من هب ودب، ولا أحد كان يقول: أنت بس لا تتدخل في شؤون العلماء.
أبو الحسن كان معروفا عند الناس من أنه -يعني- ذروة، ‏كان يعتبر من حيث أنه الشيخ أبو الحسن الشيخ أبو الحسن وما إلى ذلك، ومع ذلك تكلم فيه نساء وتكلم فيه صغار. ما سمعنا هذه الهمسة إلا مؤخرا، هذا ما يصلح.
يا إخوان الحق أحق أن يتبع، قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } [النساء: ١٣٥].
طلاب أحمد نقلوا ما قاله أحمد، وطلاب البخاري، وطلاب الدارمي، وطلاب [. . .] كذا، وما كانوا يتحجرون عليهم أن لا يتكلموا في معتزلة، ولا قدرية، ولا جهمية، ولا ما إلى ذلك. بشرط أن يكون ذلك بعلم، وأن يكون الأئمة الذين لهم الشأن في ذلك بينوا ذلك ببراهينه {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت: ٤٣].
فلا يتحجر على طلاب العلم -هذا من الخطأ- كما لا يتحجر عليهم في فهم الفرق.
فلماذا نحجر عليهم في فهم شخص دون آخر؟!.اهــ من" شريط أسئلة شباب مسجد الحسن بمدينة معبر"
وقال الشيخ يحيى جوابا عن سؤال:
السؤال: قال يزيد بن عبد القدير جواز: إن التحذير من أهل البدع حق العلماء فقط، فما قولكم في هذا؟
الجواب: إن أراد أن الجرح يختص بالعلماء، فهم الذين يجرحون، فعلى هذا إضافة، وهي: يجب التعاون معهم بنقل الحق الذي جرحوا به أهل الباطل؛ لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، أخرجه مسلم، وإن أراد أن التحذير من أهل البدع من حق العلماء دون غيرهم، فلا يجرح المبتدعة الذين ليسوا بعلماء ولا منافقون، فهذا باطل، قال الله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأو يله وما يعلم تأو يله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أو لو الألباب} [آل عمران:7]، ويقول عز وجل {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين} [التوبة:47]، وقال بعد هذه الآية {لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون} [التوبة:48]،...اهــــ من "الإفتاء على الأسئلة الواردة من أماكن شتى"
أقول: كلام شيخنا يحيى حفظه الله كثير في هذه الأمر، وطريقته في تشجيع طلابه على قول الحق والصدع به ورد الأخطاء ممن كانت، بشرط أن تكون ردودًا علمية سلفية رصينة، ولا يتحجر على طلابه البتة في قول الحق، والرد على المخالف ، ويقول كما سمعناه منه تكرار تكلموا بالحق كما يقربكم إلى الله وردوا على أهل الباطل، ويقول أنا أحب الردود العلمية.
وقد كان الشيخ ربيع أصلح الله حالنا وحاله ممن ينكر على أهل الأهواء هذا الأمر، ويبين أن طالب العلم له أن يرد ويتكلم بالحق وببرهانه وإليك بعض أقواله:
*قال الشيخ ربيع وفقه رادا على أبي الحسن المصري : (نعم، للجرح والتعديل أهله وشروطه، لكن البدع الواضحة مثل الرفض، والتجهم، والإرجاء، والتكفير، والتحزب الواضح الذي تكلم فيه العلماء، وتكلموا في أهله، فلا مانع أن يحذر طلاب العلم من شرهم، وليس من أصل السلف ولا من عملهم شن الغارة على طلاب العلم الذين يحذرون من هذه الأصناف) «مجموع فتاوى الشيخ ربيع» (ص43 حاشية).
*وقال وفقه الله في كتاب «انتقاد عقدي ومنهجي لكتاب السراج الوهاج» (ص34) متعقبا أبا الحسن المصري حيث قال: (..إذا كان طلاب العلم من أهل السنة قد تلقوا النقد الصحيح من العلماء الناصحين فحذروا من أهل البدع فلا ضير عليهم). اهــ
وسئل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي أصلحه الله كما في «أجوبته على أسئلة أبي رواحة المنهجية» ص(16-20) :
هل تنصحون بما يفعله بعض طلبة العلم، في تجردهم لنقد كتب بعض علمائنا صحة وضعفا، كالنظرات في السلسلة، والنظرات في صفة الصلاة؟
فأجاب: باب النقد للألباني ولأمثاله مفتوح -والله- ولا يغضب من ذلك لا الألباني ولا أمثاله من حملة السنة، النقد المؤدب الذي يحترم العلماء وليس له هدف إلا بيان الحق، فهذا بدأ من عهد الصحابة ولا ينتهي...وارجعوا إلى كتاب الحافظ ابن رجب رحمه الله «الفرق بين النصيحة والتعيير» إذ تكلم وبين فقال: بيان الهدى وبيان الحق لا بد منه، وقد انتُقد سعيد بن المسيب وابن عباس وطاووس وأصحاب ابن عباس، وانتَقدوا وانتُقدوا، وما قال أحد: إن هذا طعن، ما يقول بهذا إلا أهل الأهواء فنقول: لا، لا تنتقدوا الألباني، طيب، أخطاؤه تنتشر باسم الدين!، وإلا أخطاء ابن باز، ولا أخطاء ابن تيمية وإلا أخطاء أي واحد !!
أيُّ خطأ يجب أن يبين للناس أن هذا خطأ، مهما علت منزلة هذا الشخص الذي صدر منه هذا الخطأ، لأننا كما قلنا غير مرة بأن خطأه يُنسب إلى دين الله...  فالشاهد أن  النقد لأهل العلم ومن أهل العلم ينتقد بعضهم بعضًا، ويبينون للناس الخطأ تحاشيًا من نسبة هذا الخطأ إلى دين الله عز وجل هذا واجب ولا نقول جائز، بل واجب أن تبينوا للناس الحق وتميزوا بين الحق والباطل ( وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )، (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )، فالنقد من باب إنكار المنكر، فنقد الأشخاص السلفيين الكبار إذا أخطأوا، وبيان خطئهم هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب البيان الذي أوجبه الله، ومن باب النصيحة التي أوجبها الله وحتمها علينا...ونقد الأخطاء ونقد البدع مع التصريح باحترام أهل السنة وإثبات أن للمجتهد إذا أصاب له أجرين، وإذا أخطأ فله أجر واحد، هذا ما ندين الله به في نقد أهل السنة وليس كذلك أهل البدع. اهـــ
*وسئل الشيخ ربيع وفقه أيضا: "هل من استبان له المنهج السلفي، هل عليه ملامة إذا حذر ممن خالفه وإن كان المخالف كبير السن أو أقدم منه في المنهج، هل عليه ملامة؟
فأجاب: لا لوم عليه، بل يجب عليه أن يحذر من أهل الباطل، هذا واجب، العلماء عدوا هذا من النصيحة «الدين النصيحة، الدين النصيحة» قلنا: لمن ؟ قال «لله [ولكتابه] ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
إذا كان إنسان يتضرر في دنياه من شخص يغش في التجارة، أو يوجد قطاع الطرق وأمثالهم ممن يخيف الناس، فيحذره ممن  هذه صفاتهم، والضرر في الدين وفي العقيدة وفي المنهج أولى بالنصيحة...
ثم قال السائل:. وإن كان المخالف للمنهج السلفي كبيرا في السن وله سبق في العلم، والمنتقد له أصغر منه سنا ولكن تبينت له الحجة وقال بها، هل عليه علامة ؟
فأجاب الشيخ ربيع: نعم، ينصح هذا الكبير بأدب، وإذا كان يدعو إلى الضلال يحذر منه، يعني الأخذ والدعوة إلى الحق وإنقاذ الخلق من الباطل والضلال، الحق أكبر من هذا الإنسان، وعُمرُ الحق هذا منذ خلق آدم إلى اليوم، وعمر الحق هذا آلاف السنين، فكم عمر هذا الإنسان الذي يضيع الحق أو يمتنع من الأخذ به.
الأدب مع الكبار أمر مطلوب، لكن مع أهل السنة، ما هو مع أهل البدع والضلال، ودعاة الفتن، إذا كان هذا الكبير رافضيا، هذا الكبير معتزليا، وجاء ينشر باطله وضلاله تقول: كبير السن خلاص، وتسكت؟ نرى الباطل ونسكت؟! وإذا كان من أهل السنة فينصحه بأدب ويبين له الحق بأدب) «مجموع الكتب والرسائل والفتاوى» (14/268-269).
 *وقال الشيخ ربيع وفقه الله جوابا على سؤال هذا نصه:
السؤال: يظن كثير من الناس أن الرد على أهل البدع والأهواء قاض على المسلك العلمي الذي اختطه الطالب في سيره إلى الله، فهل هذا مفهوم صحيح؟
فكان مما أجاب به: هذا مفهوم باطل، وهذا من أساليب أهل الباطل وأهل البدع ليخرسوا ألسنة أهل السنة. [وذكر بعض الآيات في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه من العمل بالعلم، وذكر الوعيد الشديد لتارك ذلك، ثم قال:]....إذا كان يرى أن البدعة تنتشر ولها دعاتها ولها حملتها ولها الذابون عنها ولها المحاربون لأهل السنة، فكيف يسكت؟؟!!  وقولهم: إن هذا يقضي على العلم: هذا كذب، هذا من العلم والتطبيق للعلم.
وعلى كل حال؛ فطالب العلم لا بد أن يخصص أوقاتا للتحصيل، ولا بد أن يكون جادا في التحصيل، ولا يستطيع أن يواجه المنكرات إلا بالعلم، فهو على كل حال يحصل العلم وفي نفس الوقت يطبق، والله تعالى يبارك لهذا المتعلم العامل في علمه.
وقد تنزع البركة لما يرى المنكرات قدامه يقول: لا، لا، لما أطلب العلم! يرى الضلالات وأهل الباطل يرفعون شعارات الباطل، ويدعون الناس إليها ويضلون الناس فيقول: لا، لا ما أشتغل بهذه الأشياء، أنا سأشتغل بالعلم!!!! يعني يتدرب على المداهنة) «أجوبته على أسئلة أبي رواحة المنهجية» (ص34-35).
وأقول: إن هذا التقرير الطيب لم نر له وجودًا في ما عمله محمد بن عبد الوهاب الوصابي في فتنة العدني وكذلك محمد الإمام في كتابه "الإبانة" الذين طالما نادوا وكتبوا في تقرير هذا الأمر في هذه الفتنة، ولعل الأمر لما أن كانت هذه الفتنة ليس المعني بها الشيخ ربيع والتحذير منه!! وإنما المقصود هو التحذير من الشيخ يحيى وطلابه والدعوة السلفية في اليمن!!، سكت الشيخ ربيع عن إنكار هذا التأصيل المحدث وتغافل عنه، بل وظهر اسمه على طرة كتاب "الإبانة" الذي قرر هذا التأصيل كما سبق.
أخيرًا:
يتضح بحمد الله مما تقدم بيانه بطلان هذه المقولات، وهذه القواعد والتأصيلات، التي لم يأت بها أثر ولا قول عن سلف، وأن العبرة هي بالحق والبرهان والحجج، وليست العبرة بكبير ولا صغير، ولا من هذا الذي يرد على فلان!!، فهذا من الازدراء والسخرية بحامل الحق ومبلغه، وبدفاعه عن الحق وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والكلام في هذا يطول وفيما قلناه كفاية -إن شاء الله تعالى-  وقد خرجت ردود في هذا المضمار وهذا الشأن،  وقد استفدت من بعضها في بعض النقولات فجزاهم الله كل خير.
والحمد لله رب العالمين
كان الانتهاء منه بحمد الله قبل غروب شمس السبت
 16من جماد الأول 1436 هجرية
أبو حمزة محمد بن حسن السِّوِرَي

حمل المقال بصيغة بي دي اف




نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى