الخميس

[لفت أنظار السلفيين لمفهوم الخوض في الدين]

لفت أنظار السلفيين لمفهوم الخوض في الدين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: { وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ }. [الأنعام: 55]
وصلى الله وسلم على رسول وحبيب رب العالمين القائل: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» .رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
أما بعد:
فقد كثرت الدندنة من بعض الناس  -أصلحنا الله وإياهم- حول عدم الخوض في مسائل مهمة  في الدين ، وأن العلماء حذروا من الخوض فيها، وهم يريدون بذلك التوصل إلى السكوت عن المبطلين، وعدم الرد على المنحرفين، وعدم القراءة في ذلك، وعدم معرفة هذه المسائل المهمة التي ينبني عليها أحكام، وعدم فهم هذه الأمور التي هي من ديننا وعقيدتنا السلفية، التي بحمد الله بذل سلفنا الشيء الكثير في تقريرها وبيانها والدعوة إليها وكتبوا وألفوا ورحلوا وسهروا من أجل بيانها.
 في حين أن كلام العلماء وتحذيرهم لا ينصب في هذا المضمار و لا هذا السبيل، بل ينصب مقصود  كلام العلماء الأجلة  على عدم الكلام في هذه القضايا بالباطل والهوى والشبهات والجدال العقيم، الذي لا يؤدي إلى فائدة وإنما ضياع وقت.
 أما معرفة الحق والعقيدة السلفية فهم يحثون  الأمة عليها، وعلى فهمها، والبحث عنها، والتعبد لله بها ، ولا يعتبرون الباحث عنها بعلم وحلم وهدى وبصيرة خائضا في  دين الله ،ولا خائضا في باطل.
والناظر في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتب اللغة وأقوال الأئمة المتقدمين والمتأخرين؛ ليراه جليا واضحا؛ أن ما جاء من الخوض  وذمه؛ إنما المقصود به  الخوض في الباطل، والخوض في الأمور بالهوى، والسير على الباطل، وأن المتبع للحق العامل به المقتفي أثره لا يقال عنه: خائض، وسيرى القارئ الكريم بإذن الله العظيم هذا جليا واضحا مما يأتي:
أولا : الخوض في اللغة:
قال ابن الأثر  رحمه الله في "النهاية" (2/ 88)
"أَصْلُ الخَوْضِ: المَشْيُ فِي الْمَاءِ وتحرِيكُه، ثُمَّ استُعمْل فِي التَّلبُّس بِالْأَمْرِ والتصرُّف فِيهِ: أَيْ رُبَّ مُتَصَرِّفٍ فِي مَالِ الله تَعَالَى بِمَا لَا يَرْضاه الله. والتَّخَوُّضُ: تفَعُّل مِنْهُ. وَقِيلَ هُوَ التَّخْليط فِي تَحْصيله مِنْ غَيْرِ وجُهه كيْف أمْكَن. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «يَتَخَوَّضُون فِي مَالِ الله» .اهــ
وبمثله قال ابن منظور  رحمه الله في "لسان العرب " (7/ 147) وزاد:
"والخَوْضُ: اللَّبْسُ فِي الأَمر. والخَوْضُ مِنَ الْكَلَامِ: مَا فِيهِ الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ، وَقَدْ خاضَ فِيهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا. اهـــ
وقال الفيومي  رحمه الله في " المصباح المنير" (1/ 184):
"خَاضَ الرَّجُلُ الْمَاءَ يَخُوضُهُ خَوْضًا مَشَى فِيهِ وَالْمَخَاضَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَوْضِعُ الْخَوْضِ وَالْجَمْعُ مَخَاضَاتٌ وَخَاضَ فِي الْأَمْرِ دَخَلَ فِيهِ وَخَاضَ فِي الْبَاطِلِ كَذَلِكَ". اهــ
وقال الزبيدي  رحمه الله في "تاج العروس": (18/ 324)
"وتَخَوَّضَ الرَّجُلُ: تَكَلَّفَ الخَوْضَ فِي المَاءِ، هَذَا هُوَ الأَصْلُ، ثمّ استُعْمِلَ فِي التَّلَبُّس فِي الأَمْرِ والتَّصَرُّفِ فِيه، وَمِنْه الحَدِيث: رُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مالِ الله تَعالَى، أَي رُبَّ مُتَصَرِّفٍ فِي مالِ الله تَعَالَى بِمَا لَا يَرْضَاهُ الله تَعالَى.اهـ
وقال الأزهري  رحمه الله في "تهذيب اللغة" (7/ 196):" والخَوْضُ _ من الْكَلَام _: مَا فِيهِ الكَذِبُ والباطلُ. اهــ
ثانيا: الخوض في الشرع:
لقد جاءت الأدلة من كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،  في النهي عن الخوض، والمقصود بها الخوض في الباطل والهوى  وسلوك طريقه كما تقدم، ولم يوجد النهي عن السعي في معرفة الحق والبحث عنه  وتعلمه، وأن سالك ذلك من الخائضين:
 ومن هذه الأدلة في ذلك: 
أولا: قول الله تعالى: { فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ } [الزخرف: 83]
وقول الله تعالى: { فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} [المعارج: 42].
قال  القرطبي  رحمه الله في "تفسيره" (18/ 296):(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ )
أَيِ اتْرُكْهُمْ يَخُوضُوا فِي بَاطِلِهِمْ وَيَلْعَبُوا فِي دُنْيَاهُمْ، عَلَى جِهَةِ الْوَعِيدِ. وَاشْتَغِلْ أَنْتَ بِمَا أُمِرْتَ بِهِ وَلَا يَعْظُمَنَّ عَلَيْكَ شِرْكُهُمْ . اهـــ
و قال ابن كثير  رحمه الله في "تفسيره" (8/ 244):"ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَذَرْهُمْ أَيْ يَا مُحَمَّدُ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا أَيْ دَعْهُمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ أَيْ فَسَيَعْلَمُونَ غِبَّ ذَلِكَ وَيَذُوقُونَ وَبَالَهُ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ. اهـــ
وقال السعدي رحمه الله في "تفسيره"(ص: 770):{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} أي: يخوضوا بالباطل، ويلعبوا بالمحال، فعلومهم ضارة غير نافعة، وهي الخوض والبحث بالعلوم التي يعارضون بها الحق وما جاءت به الرسل، وأعمالهم لعب وسفاهة، لا تزكي النفوس، ولا تثمر المعارف .اهــ
وقال السعدي رحمه الله في "تفسيره" (ص: 888):{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا}: أي: يخوضوا بالأقوال الباطلة، والعقائد الفاسدة، ويلعبوا بدينهم، ويأكلوا ويشربوا، ويتمتعوا {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم .اهــ
وقال ابن القيم رحمه الله  في "التبيان في أقسام القرآن" (ص: 200):
"فصل:
فلما أقام عليهم الحجة وقطع المعذرة قال {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} وهذا تهديد شديد يتضمن ترك هؤلاء الذين قامت عليهم حجتي فلم يقبلوها ولم يخافوا بأسي ولا صدقوا رسالاتي في خوضهم بالباطل ولعبهم فالخوض في الباطل ضد التكلم بالحق واللعب ضد السعي الذي يعود نفعه على ساعيه، فالأول ضد العلم النافع، والثاني ضد العمل الصالح، فلا تكلم بالحق، ولا عمل بالصواب، وهذا شأن كل من أعرض عما جاء به الرسول، لا بد له من هذين الأمرين . اهــ
وقال الطيبي  رحمه الله في "شرح المشكاة "(8/ 2603)
" الخوض هو الشروع في الماء والمرور فيه, ويستعار في الأمور وأكثر ما ورد فيما يذم الشروع فيه, نحو قوله تعالي: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}.اهــ
ثانيا :قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].
قال الطحاوي رحمه الله في "شرح الطحاوية" (ص: 73):
"......فَاحْتَاجَ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى إِيضَاحِ الْأَدِلَّةِ، وَدَفْعِ الشُّبَهِ الْوَارِدَةِ عَلَيْهَا، وَكَثُرَ الْكَلَامُ وَالشَّغَبُ، وَسَبَبُ ذَلِكَ إِصْغَاؤُهُمْ إِلَى شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ، وَخَوْضُهُمْ فِي الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ، الَّذِي عَابَهُ السَّلَفُ، وَنَهَوْا عَنِ النَّظَرِ فِيهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ وَالْإِصْغَاءِ إِلَيْهِ، امْتِثَالًا لِأَمْرِ رَبِّهِمْ، حَيْثُ قَالَ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الْأَنْعَامِ: 68] فَإِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ يَشْمَلُهُمْ. اهــــ
وقال الألوسي  رحمه الله في "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين" (ص: 446)
"ولا يقبل إلا ما جاء به الكتاب والسنة، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} [الأنعام 68] . ومن تكلم في الله تعالى، وأسمائه وصفاته، بما يخالف الكتاب والسنة، فهو من الخائضين في آيات الله تعالى بالباطل". اهــ
وقال الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير " (1/ 607):
"وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ- بِاعْتِبَارِ عُمُومِ لَفْظِهَا الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ- دَلِيلٌ عَلَى اجْتِنَابِ كُلِّ مَوْقِفٍ يَخُوضُ فِيهِ أَهْلُهُ بِمَا يُفِيدُ التَّنَقُّصُ وَالِاسْتِهْزَاءُ لِلْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أُسَرَاءِ التَّقْلِيدِ الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا آرَاءَ الرِّجَالِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ...اهـــ
وقال الشوكاني رحمه الله  في "فتح القدير" (2/ 146)
"قَوْلُهُ: (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ )الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ. وَالْخَوْضُ: أَصْلُهُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَمَرَاتِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مَجَاهِلُ تَشْبِيهًا بِغَمَرَاتِ الْمَاءِ، فَاسْتُعِيرَ مِنَ الْمَحْسُوسِ لِلْمَعْقُولِ، وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْخَلْطِ، وَكُلُّ شَيْءٍ خُضْتَهُ فَقَدْ خَلَطْتَهُ، وَمِنْهُ: خَاضَ الْمَاءَ بِالْعَسَلِ: خَلَطَهُ. وَالْمَعْنَى: إِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا بِالتَّكْذِيبِ وَالرَّدِّ وَالِاسْتِهْزَاءِ فَدَعْهُمْ، وَلَا تَقْعُدْ مَعَهُمْ لِسَمَاعِ مِثْلِ هَذَا الْمُنْكَرِ الْعَظِيمِ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ مُغَايِرٍ لَهُ، أَمَرَهُ الله سُبْحَانَهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَهْلِ الْمَجَالِسِ الَّتِي يُسْتَهَانُ فِيهَا بِآيَاتِ الله إِلَى غَايَةٍ هِيَ الْخَوْضُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. اهــ.
وقال السعدي  رحمه الله في "تفسيره" (ص: 260):
{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .
المراد بالخوض في آيات الله: التكلم بما يخالف الحق، من تحسين المقالات الباطلة، والدعوة إليها، ومدح أهلها، والإعراض عن الحق، والقدح فيه وفي أهله، فأمر الله رسوله أصلا وأمته تبعا، إذا رأوا من يخوض بآيات الله بشيء مما ذكر، بالإعراض عنهم، وعدم حضور مجالس الخائضين بالباطل، والاستمرار على ذلك، حتى يكون البحث والخوض في كلام غيره، فإذا كان في كلام غيره، زال النهي المذكور.
فإن كان مصلحة كان مأمورا به، وإن كان غير ذلك، كان غير مفيد ولا مأمور به، وفي ذم الخوض بالباطل، حث على البحث، والنظر، والمناظرة بالحق.
ثم قال: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} أي: بأن جلست معهم، على وجه النسيان والغفلة. {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} يشمل الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم، أو فاعل لمحرم، فإنه يحرم الجلوس والحضور عند حضور المنكر، الذي لا يقدر على إزالته. اهـــ
وقال البقاعي رحمه الله  في "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" (7/ 146):"{الذين يخوضون} أي يتكلمون {في آياتنا} أي بغير تأمل ولا بصيرة بل طوع الهوى، كما يفعل خائض الماء في وضعه لرجله على غير بصيرة لستر مواضع الخُطأ وبغير تمام الاختيار لغلبة الماء {فأعرض عنهم} بترك المجالسة أو ما يقوم مقامها؛ ولما كان الخوض في الآيات دالاً على قلة العقل قال: {حتى يخوضوا في حديث غيره} فحكم على حديثهم فيما سوى ذلك أيضاً بالخوض، لأن فيه الغث والسمين، لأنه غير مقيد بنظام الشرع" .اهــ
الثالث : قال تعالى:{كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [التوبة: 69].
 قال ابن أبي حاتم  رحمه الله في "تفسره" (6/ 1835):
(10500) - أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَنْبَأَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ:سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ: فِي قَوْلِ الله: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا قَالَ: الْخَوْضُ: مَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنَ الْبَاطِلِ، وَمَا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الله وَرُسُلِهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُمْ.
وقال الشنقيطي  رحمه الله في "أضواء البيان " (4/ 187):" وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا. فَقِيلَ " الَّذِي " صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: كَالْمَخُوضِ الَّذِي خَاضُوا، وَقِيلَ: لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ. أَيْ: كَخَوْضِ الْقَوْمِ الَّذِي خَاضُوا وَهُوَ فَاعِلُ الْخَوْضِ.
وَقِيلَ: " الَّذِي " مَصْدَرِيَّةٌ كَـ " مَا " أَيْ: كَخَوْضِهِمْ. وَقِيلَ: هِيَ مَوْضِعُ " الَّذِينَ ". وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَمَعَ بَيْنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْخَلَاقِ وَبَيْنَ الْخَوْضِ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الدِّينِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ بِالِاعْتِقَادِ بِالْبَاطِلِ وَالتَّكَلُّمِ بِهِ وَهُوَ الْخَوْضُ، أَوْ يَقَعُ بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ الْحَقِّ . اهــــ
وقال شيخ الإسلام  رحمه الله في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص: 26):
" وقوله (وخضتم كالذي خاضوا) إشارة إلى اتباع الشبهات وهو داء المبتدعة وأهل الأهواء والخصومات وكثيرا ما يجتمعان فقل من تجد في اعتقاده فسادا إلا وهو ظاهر في عمله وقد دلت الآية على أن الذين كانوا من قبل استمتعوا وخاضوا وهؤلاء فعلوا مثل أولئك اهــ
وقال البقاعي  رحمه الله في "نظم الدرر في تناسب الآيات والسور" (8/ 523):{وخضتم} أي ذهبتم في أقوالكم وأفعالكم خبطاً على غير سنن قويم {كالذي} أي كخوضهم الذي {خاضوا} وهو ناظر إلى قولهم {إنما كنا نخوض ونلعب} قال أبو حيان: وهو مستعار من الخوض في الماء ولا يستعمل إلا في الباطل لأن التصرف في الحق إنما هو على ترتيب ونظام، وأمور الباطل إنما هي خوض" .اهــ
الرابع: قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ الله عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ الله ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91].
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره"(9/ 401):
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91] فَإِنَّهُ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثُمَّ ذَرْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمُ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ بَعْدَ احْتِجَاجِكَ عَلَيْهِمْ فِي قِيلِهِمْ: {مَا أَنْزَلَ الله عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91] بِقَوْلِكَ {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} [الأنعام: 91] ، وَإِجَابَتِكَ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِي أَنْزَلَهُ الله الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ كِتَابَهُ {فِي خَوْضِهِمْ} [الأنعام: 91] يَعْنِي: فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ بَاطِلِهِمْ وَكُفْرِهِمْ بِالله وَآيَاتِهِ، يَقُولُ: يَسْتَهْزِئُونَ وَيَسْخَرُونَ. وَهَذَا مِنَ الله وَعِيدٌ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَتَهْدِيدٌ لَهُمْ، يَقُولُ الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ثُمَّ دَعْهُمْ لَاعِبِينَ يَا مُحَمَّدُ، فَإِنِّي مِنْ وَرَاءِ مَا هُمْ فِيهِ مِنِ اسْتِهْزَائِهِمْ بِآيَاتِي بِالْمِرْصَادِ وَأُذِيقُهُمْ بَأْسِي، وَأُحِلُّ بِهِمْ إِنْ تَمَادَوْا فِي غَيِّهِمْ سَخَطِي اهـــ
وقال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (2/ 191):"وقوله: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أي ثم دعهم في جهلهم وضلالهم يلعبون، حتى يأتيهم من الله اليقين، فسوف يعلمون ألهم العاقبة أم لعباد الله المتقين ؟ اهــ.
الخامس: قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65].
قال أبو الحسن الواحدي  رحمه الله  في" التفسير البسيط" (10/ 536):" فأجابوا بما لا عذر فيه، بل هو وبال على المجيب، وهو قولهم: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} وأصل الخوض الدخول في مائع، مثل الماء والطين، ثم كثر حتى صار في كل دخول فيه تلويث وأذى، فمعنى {نَخُوضُ}: أي: في الباطل من الكلام كما يخوض الركب يقطعون به الطريق " .اهــ
وقال البغوي رحمه الله في "تفسيره" (4/ 70): "فَقَالُوا: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، أَيْ كُنَّا نَتَحَدَّثُ وَنَخُوضُ فِي الْكَلَامِ كَمَا يَفْعَلُ الرَّكْبُ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ بِالْحَدِيثِ وَاللَّعِبِ. اهــ
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (4/ 172):وَقَوْلُهُ: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أَيْ: بِهَذَا الْمَقَالِ الَّذِي اسْتَهْزَأْتُمْ بِهِ {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} أَيْ: لَا يُعْفى عَنْ جَمِيعِكُمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ عَذَابِ بَعْضِكُمْ، {بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} أَيْ: مُجْرِمِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ الْفَاجِرَةِ الْخَاطِئَةِ ".اهـــ
وقال العثيمين رحمه الله كما في "مجموع فتاويه ورسائله" (2/ 152):"وقد حكى الله عن قوم استهزأوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما كنا نخوض ونلعب فبين الله -عز وجل - أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله وأنهم كفروا به فقال - تعالى -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} فالاستهزاء بدين الله، أو سب دين الله، أو سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة." اهــ
السادس:  قال الله تعالى : {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر: 42 - 45]
قال ابن جرير رحمه الله في "تفسيره" (24/ 37):"(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) يقول: وكنا نخوض في الباطل وفيما يكرهه الله مع من يخوض فيه. اهــ
وقال ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (1/ 41)
(وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين) فَذكرُوا الاصلين الْخَوْض بِالْبَاطِلِ وَمَا يتبعهُ من التَّكْذِيب بِيَوْم الدّين وايثار الشَّهَوَات وَمَا يستلزمه من ترك الصَّلَوَات واطعام ذَوي الْحَاجَات فهذان الاصلان هماما هما وَالله ولي التَّوْفِيق".  اهـــ
وقال السعدي رحمه الله في" تفسيره"(ص: 898):"{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} أي: نخوض بالباطل، ونجادل به الحق".  اهـــ
السابع: عن خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ الله عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ الله بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» رواه البخاري رحمه الله
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله  في "فتح الباري " (6/ 219):"قَوْلُهُ يَتَخَوَّضُونَ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ فِي مَالِ الله بِغَيْرِ حَقٍّ أَيْ يَتَصَرَّفُونَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَاطِلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْقِسْمَةِ وَبِغَيْرِهَا". اهـــ
وقال ابن الجوزي رحمه الله  في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (4/ 485): (أَن رجَالًا يتخوضون فِي مَال الله تَعَالَى.):أَي: يتصرفون فِيهِ ويتقحمون فِي استحلاله" .اهــ
وقال الصنعاني  رحمه الله في "التنوير شرح الجامع الصغير" (3/ 615):
"(إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق) التخوض بالخاء المعجمة والضاد المعجمة: هو التصرف والتقلب، يتصرفون في مال الله بما لا يرضاه، وهو شامل لكل متصرف بالمال في وجوه مغاضب الله".  اهـــ
أقول: بعد هذا البيان من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه، ومن أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين؛ يتضح لكل فاهم مدرك بصير معنى الخوض المذموم ، وأن الله سبحانه وتعالى ذم الكافرين والمنافقين وأهل الأهواء بأشكالهم وأنواعهم  بسبب خوضهم بالباطل، وأن الخوض المقصود به سلوك الباطل واتباعه، وأن الخوض وأهله مذمومون ، وأن اتباع الحق والبحث عنه ببرهانه ودليله والتمعن والنظر في ذلك، ليس من الخوض في شيء، سواء في العقيدة أو العبادة والمعاملة وغيرها، بل فاعل ذلك مأجور محمود مشكور:
قال الشيخ  حمد بن عتيق، رحمه الله تعالى: في  "الفرق المبين ":
: وأما قول هذا الزايغ: إن الأئمة الأربعة خاضوا في الصفات، فقد كذب في ذلك، وافترى، فإن الله: قد ذم الخوض وأهله، كما قال تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [سورة التوبة آية: 69] ، وقال عن الكفار: {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [سورة المدثر آية: 45] ، وقال: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} [سورة الزخرف آية: 83] ، وقال: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} [سورة الأنعام آية: 68] الآية، في مواضع من كتابه.
والأئمة الأربعة إنما تكلموا في صفات الرب، بإثباتها وإمرارها كما جاءت، واعتقاد دلالة النصوص على معاني عظيمة، تليق بجلال الرب وعظمته، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ فمن سمى هذا خوضا فهو من أعظم الملبسين، ومن أكبر المفترين. وقول هذا المفتري: إن كلام الأئمة يشبه كلام ابن عربي، كذب ظاهر، يعرفه كل مؤمن. اهــ " الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (3/ 346).
وقال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى"(2/294):
 مجيبا عن سؤال :
 السؤال: هل يجوز الخوض فيما تكلم الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيها كلام أم لا‏؟‏ فإن قيل بالجواز‏:‏ فما وجهه‏؟‏ وقد فهمنا منه عليه السلام النهي عن الكلام في بعض المسائل‏.
‏‏ وإذا قيل بالجواز‏:‏ فهل يجب ذلك‏؟‏ وهل نقل عنه عليه السلام ما يقتضي وجوبه‏؟‏ وهل يكفي في ذلك ما يصل إليه المجتهد من غلبة الظن أو لا بد من الوصول إلى القطع‏؟‏ وإذا تعذر عليه الوصول إلى القطع فهل يعذر في ذلك أو يكون مكلفًا به‏؟‏ وهل ذلك من باب تكليف ما لا يطاق والحالة هذه أم لا‏؟‏
‏وإذا قيل بالوجوب‏:‏ فما الحكمة في أنه لم يوجد فيه من الشارع نص يعصم من الوقوع في المهالك وقد كان عليه السلام حريصًا على هدى أمته‏؟‏ ‏.
‏الإجابة: ‏ الحمد لله رب العالمين ‏
[‏أما المسألة الأولى‏]‏ فقول السائل هل يجوز الخوض فيما تكلم الناس فيه من مسائل في أصول الدين لم ينقل عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيها كلام أم لا‏؟‏ سؤال ورد بحسب ما عهد من الأوضاع المبتدعة الباطلة‏.‏
فإن المسائل التي هي من أصول الدين التي تستحق أن تسمى أصول الدين أعني الدين الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه‏:‏ لا يجوز أن يقال‏:‏ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها كلام؛ بل هذا كلام متناقض في نفسه إذ كونها من أصول الدين يوجب أن تكون من أهم أمور الدين؛ وأنها مما يحتاج إليه الدين، ثم نفى نقل الكلام فيها عن الرسول يوجب أحد أمرين‏:‏
‏إما أن الرسول أهمل الأمور المهمة التي يحتاج الدين إليها فلم يبينها، أو أنه بينها فلم تنقلها الأمة، وكلا هذين باطل قطعا‏.
‏‏ وهو من أعظم مطاعن المنافقين في الدين؛ وإنما يظن هذا وأمثاله من هو جاهل بحقائق ما جاء به الرسول، أو جاهل بما يعقله الناس بقلوبهم، أو جاهل بهما جميعا‏.‏
‏ فإن جهله بالأول‏:‏ يوجب عدم علمه بما اشتمل عليه ذلك من أصول الدين وفروعه‏.‏
‏ وجهله بالثاني‏:‏ يوجب أن يدخل في الحقائق المعقولة ما يسميه هو وأشكاله عقليات؛ وإنما هي جهليات‏.‏
‏ وجهله بالأمرين‏:‏ يوجب أن يظن من أصول الدين ما ليس منها من المسائل والوسائل الباطلة، وأن يظن عدم بيان الرسول لما ينبغي أن يعتقد في ذلك كما هو الواقع لطوائف من أصناف الناس‏:‏ حذاقهم؛ فضلا عن عامتهم‏.
‏‏‏ وذلك أن أصول الدين إما أن تكون مسائل يجب اعتقادها قولاً أو قولاً وعملاً كمسائل التوحيد، والصفات، والقدر، والنبوة، والمعاد‏.
‏‏ أو دلائل هذه المسائل‏.‏
‏ ‏[‏أما القسم الأول‏]‏‏:‏ فكل ما يحتاج الناس إلى معرفته، واعتقاده، والتصديق به من هذه المسائل فقد بينه الله ورسوله بيانا شافيا قاطعا للعذر‏.‏
إذ هذا من أعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين، وبينه للناس، وهو من أعظم ما أقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه‏.‏
وكتاب الله الذي نقل الصحابة ثم التابعون عن الرسول لفظه ومعانيه، والحكمة التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلوها أيضًا عن الرسول مشتملة من ذلك على غاية المراد، وتمام الواجب، والمستحب‏.....
إلى أن قال: وأما ما ذكره السائل من نهيه فالذي جاء به الكتاب والسنة النهي عن أمور‏.‏
‏ منها القول على الله بلا علم، كقوله‏:‏ ‏{‏‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏33‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 36‏]‏ ومنها أن يقال عليه غير الحق كقوله‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الْحَقَّ}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏169‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الْحَقِّ‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 171‏]‏ ومنها الجدل بغير علم كقوله‏:‏ ‏{هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ‏}‏‏ ‏[‏آل عمران‏:‏66‏]‏ ومنها الجدل في الحق بعد ظهوره كقوله‏:‏ ‏{‏‏يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ‏}‏‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 6‏]‏‏.}‏‏ ومنها الجدل بالباطل كقوله‏:‏ ‏{‏‏وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 5‏]‏‏.
‏‏ ومنها الجدل في آياته كقوله‏:‏ ‏{‏‏وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 4‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ الله بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ الله وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 35‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏56‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 35‏]‏ ونحو ذلك قوله‏:‏ ‏{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي الله مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 16‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي الله وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ‏}‏‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 13‏]‏ وقوله‏:‏ ‏}‏‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ‏}‏‏ ‏[‏الحج‏:‏ 8‏]‏‏.
‏‏ ومن الأمور التي نهى الله عنها في كتابه التفرق والاختلاف كقوله‏:‏ ‏{‏‏وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏}‏‏إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ‏}‏‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 103-106‏]‏‏.‏
قال ابن عباس تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ‏}‏‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 159‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا‏}‏‏ ‏[‏الروم‏:‏30‏:‏ 32‏]‏‏.
‏‏ ‏ وقد ذم أهل التفرق والاختلاف في مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 14‏]‏ وفي مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ‏}‏‏ ‏[‏هود‏:‏ 118- 119‏]‏ وفي مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 176‏]‏‏.
‏‏ وكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم توافق كتاب الله كالحديث المشهور عنه الذي روى مسلم بعضه عن عبد الله بن عمرو، وسائره معروف في مسند أحمد، وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتناظرون في القدر ورجل يقول‏:‏ ألم يقل الله كذا، ورجل يقول‏:‏ ألم يقل الله كذا فكأنما فقئ وجهه حب الرمان فقال "أبهذا أمرتم إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب الله ليصدق بعضه بعضا، لا ليكذب بعضه بعضا انظروا ما أمرتم به فافعلوه، وما نهيتم عنه فاجتنبوه‏"‏‏ هذا الحديث أو نحوه‏.‏
‏ وكذلك قوله "المرآء في القرآن كفر‏"‏‏ وكذلك ما أخرجاه في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ قوله‏:‏ ‏{‏‏‏هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ‏}‏‏ ‏[‏آل عمران‏:‏7‏]‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "‏‏إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم‏".
‏ وأما أن يكون الكتاب أو السنة نهي عن معرفة المسائل التي يدخل فيما يستحق أن يكون من أصول دين الله فهذا لا يكون اللهم إلا أن ننهى عن بعض ذلك في بعض الأحوال مثل مخاطبة شخص بما يعجز عنه فهمه فيضل‏.
‏‏ كقول عبد الله بن مسعود‏:‏ ‏[‏ما من رجل يحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم‏]‏ وكقول علي‏:‏ رضي الله عنه ‏[‏حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله‏]‏‏.‏
أو مثل قول حق يستلزم فسادا أعظم من تركه فيدخل في قوله صلى الله عليه وسلم "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان‏" رواه مسلم‏.‏...
إلى أن قال: ‏ لكن ينبغي أن يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب، أو عجز فيه عن معرفة الحق، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول، وترك النظر، والاستدلال الموصل إلى معرفته، فلما أعرضوا عن كتاب الله ضلوا‏.‏
كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى‏}‏‏ ‏[‏طه‏:‏ 123- 124‏]‏ قال ابن عباس‏:‏ تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ثم قرأ هذه الآية‏.‏ .......الخ كلامه النفيس الذي نوصي بقراءته
وقال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله "مكتبة محمد أمان الجامي" (8/ 42):
"وعقول الأشاعرة الصِّغار تقسِم : الصفات العقلية التي تسمّى صفات المعاني تُثبت على ما يليق بالله، والصفات الفعلية والصفات الخبرية يجب تأويلها؛ من ترك الكتاب والسنة يقع في هذا الخوض، وهذا الخوض هو الذي يقسي القلوب ويُبعد العباد عن الله، ليستِ العقيدة المأخوذةَ من الكتاب والسنة انتبهوا يا عباد الله .اهـــ
وهذا جواب لشيخنا يحيى حفظه الله عن سؤال:
 هل الكتب التي فيها رد على أهل البدع ينصح العوام أن يقرؤوا فيها؟
الإجابة: العامي هو الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، ولكن هناك أناس شبه عوام ينصحون بقراءة ما يفهمونه، وما يسهل عليهم، وما في حدود قدرتهم؛ فمثلًا:
كتاب ‹الأصول الثلاثة› كتاب توحيد وهو رد على المبتدعة والمشركين، والواسطية وشروحها السهلة النافعة، و ‹لمعة الاعتقاد› والطحاوية وأمثال ذلك، وقبل ذلك كله كتاب الله عز وجل ففيها الرد على المبتدعة والمشركين.
وسائر كتب السنة التي هي كتب التوحيد والعقيدة يقررونها لبيان أنها رد على من خالف ذلك القول الصواب، وذلك أنه لما ظهرت البدع والأهواء احتاج أهل السنة أن يجابهوا تلك البدع والأهواء ودحض ما يبثونه من شبهات، لبيان الحق للناس وتزييف ما ادعاه أهل البدع من دعاوى عارية عن الحق والهدى.
فالذي يقرأ في كتب العقيدة هو يقرأ في كتب الردود، وهي تعتبر كتب ردود على المبطلين، كما تقدم.
ولا يصح أن نقول: إن شبه العامي لا يقرأ كتب العقيدة الصحيحة، بل نقول له: اقرأ ما يسهل عليك من مختصرات ومؤلفات في العقيدة والتوحيد، وخاصة ما يقتصر مؤلفوها على ذكر الآيات والأحاديث وشيء من شرحها.. بحيث أنه يقرأ ردًّا سهلًا، وبذلك يرد على أي صاحب بدعة يورد أية شبهة، بناءً على ما تعلمه من عقيدة صحيحة قائمة على الكتاب والسنة، والرد على كل مبطل.. فمثلًا: إن سمع مبتدعًا يقول: الله في كل مكان. يرد عليه قائلًا: لا.. بل هو سبحانه مستوٍ على عرشه، قال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾; [طه:5]، وبهذا تكون عقدتك صافية وتتحصن من شبهات المبتدعة الضُلال بعلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهناك كتب ليس في قدرتهم القراءة فيها والانتفاع منها، مثل: كتاب ‹منهاج السنة› لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو كتاب جيد لطلبة العلم، ولو أعطيت عاميًّا يقرؤا فيه شيء من الكلام، وفيه شيء من الردود العميقة، بل حتى لو أعطيته ‹شرح الطحاوية› لما فهم الكثير منه، فهو بحاجة إلى شيء سهل يحصن به عقيدته ويتفهم الخطأ من الصواب، والحمد لله. اهــ  "شذرات من أوائل الدروس العامة للشيخ يحيى حفظه الله تعالى "الكنز الثمين"
أخيرا:
إن قائل هذا  والمدندن حول هذا، قد شابه أهل الأهواء -من حيث لا يدري- الذين نسمعهم بين الحين والآخر يقولون: أطلب العلم فقط عند أهل السنة ولا تأخذ عنهم ما يخص الجرح والتعديل والتصفية والتربية، ولا تشغل نفسك بفلان أو فلان أو الفرقة الفلانية أو الحزب الفلاني، وكم كنا نسمع مثل هذا الشيء، حتى إن بعض الحزبيين لما كان يرى حب الطالب للإمام الوادعي ودماج ومحبة أخذ العلم عليهم ، وكذلك من بعده الشيخ يحيى، ويرى الطالب ملحا على الذهاب إلى دماج، يقولون له: خذ ما عند الوادعي والحجوري من علم، واترك كلامهم وطعنهم-زعموا- في العلماء والفرق والأشخاص، اطلب العلم فقط، ولا تشغل نفسك بكتب السباب والشتام أي كتب الجرح والتعديل!!.
فما الفرق بين قول هؤلاء وبين من يحث الناس على عدم  البحث والنظر والقراء الخوض زعم- في منهج السلف، وكتب السلف ومعرفة العقيدة السلفية، ومسائل الفقه والعقيدة وغيرها؟!
وقد تبين بحمد الله مخالفة هذه الدندنة  الخلفية لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمنهج السلف، وأن علماءنا المتقدمين والمتأخرين إذا حذروا من الخوض فمعناه: الخوض بالباطل والهوى، لا البحث عن الحق وتتبع ذلك وسؤال أهل العلم عنه، لأنهم أول المتكلمين والشارحين والمبينين والموضحين لمسائل الدين سواء في العقائد أو العبادات أو المعاملات.
والأدلة على تعلم الحق والبحث عنه وتتبعه كثيرة جدا من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أقوال علمائنا المتقدمين والمتأخرين في الحث على ذلك ، ليس هذا موضع بسطها.
والحمد لله رب العالمين
كتبه أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَرِي

كان الانتهاء منه بحمد الله وفضله ظهر الخميس 14من ربيع الثاني 1436هجرية 

حمل المقال بصيغة بي دي اف



نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى