الأربعاء

(شبهة: العلماء يحذرون منكم وليسوا معكم!)

 

شبهة: العلماء يحذرون منكم وليسوا معكم!

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

أما بعد:

من بداية فتنة البرامكة على الدعوة السلفية، وهم يحاولون بشتى الوسائل؛ أن يقفوا في وجه أهل الحق، وفي طريق عوام المسلمين حجر عثرة، ويلبسوا على من ليس عنده خبرة بمكرهم؛ وتلبيسهم، وكذبهم، وتزويرهم الوقائع، وتقليبهم الحقائق، على طريقة من قال الله فيهم: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ الله وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 48].

قال الفخر الرازي رحمه الله في "تفسيره" (16/ 65): "وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا مُوَاظِبِينَ عَلَى وَجْهِ الْكَيْدِ وَالْمَكْرِ وَإِثَارَةِ الْفِتْنَةِ وَتَنْفِيرِ النَّاسِ عَنْ قَبُولِ الدِّينِ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ الَّذِي كَانَ فِي حُكْمِ الْمَذَاهِبِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْقُرْآنُ وَدَعْوَةُ مُحَمَّدٍ، وَظَهَرَ أَمْرُ الله الَّذِي كَانَ كَالْمَسْتُورِ وَالْمُرَادُ بِأَمْرِ الله الْأَسْبَابُ الَّتِي أَظْهَرَهَا الله تَعَالَى وَجَعَلَهَا مُؤَثِّرَةً فِي قُوَّةِ شَرْعِ محمد عليه الصلاة والسلام، وهم لها كَارِهُونَ أَيْ وَهُمْ لِمَجِيءِ هَذَا الْحَقِّ وَظُهُورِ أَمْرِ الله كَارِهُونَ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمَكْرِهِمْ وَكَيْدِهِمْ وَمُبَالَغَتِهِمْ فِي إِثَارَةِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُمْ مُنْذُ كَانُوا فِي طَلَبِ هَذَا الْمَكْرِ وَالْكَيْدِ، والله تَعَالَى رَدَّهُ فِي نَحْرِهِمْ وَقَلَبَ مُرَادَهُمْ وَأَتَى بِضِدِّ مَقْصُودِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي الْمَاضِي، فَهَذَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ" اهـ.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (4/ 141): "يَقُولُ تَعَالَى مُحَرِّضًا لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ أَيْ لَقَدْ أَعْمَلُوا فِكْرَهُمْ وَأَجَالُوا آرَاءَهُمْ فِي كَيْدِكَ وَكَيْدِ أَصْحَابِكَ وخذلان دينك وإخماده مُدَّةً طَوِيلَةً، وَذَلِكَ أَوَّلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ رَمَتْهُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَحَارَبَتْهُ يَهُودُ الْمَدِينَةِ وَمُنَافِقُوهَا، فَلَمَّا نَصَرَهُ الله يَوْمَ بَدْرٍ وَأَعْلَى كَلِمَتَهُ قَالَ عَبْدُ الله بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ:

هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ ظَاهِرًا ثُمَّ كُلَّمَا أَعَزَّ الله الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ غَاظَهُمْ ذَلِكَ وَسَاءَهُمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: حَتَّى جاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ الله وَهُمْ كارِهُونَ اهـ.

وقال الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير" (2/ 419): "وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ أَيْ: صَرَفُوهَا مِنْ أَمْرٍ إِلَى أَمْرٍ، وَدَبَّرُوا لَكَ الْحِيَلَ وَالْمَكَائِدَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: «حُوَّلٌ قُلَّبٌ» إِذَا كَانَ دَائِرًا حَوْلَ الْمَكَائِدِ وَالْحِيَلِ يُدِيرُ الرَّأْيَ فِيهَا وَيَتَدَبَّرُهُ. وَقُرِئَ وَقَلَّبُوا بِالتَّخْفِيفِ، حَتَّى جاءَ الْحَقُّ أَيْ: إِلَى غَايَةٍ هِيَ مَجِيءُ الْحَقِّ، وَهُوَ النَّصْرُ لَكَ وَالتَّأْيِيدُ وَظَهَرَ أَمْرُ الله بِإِعْزَازِ دينه، وإعلاء شَرْعِهِ، وَقَهْرِ أَعْدَائِهِ وَقِيلَ: الْحَقُّ: الْقُرْآنُ، وَهُمْ كارِهُونَ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُمْ كَارِهُونَ لِمَجِيءِ الْحَقِّ، وَظُهُورِ أَمْرِ الله" اهـ

أقول: وتلبيسات البرامكة، وكذبهم كثير، ومما يلبسون به على الناس، أننا ليس معنا أحد من العلماء!، وأن جميع العلماء يخالفوننا!، وينكرون علينا!، ويحذرون منا!، وأنه لا بد أن نتحاكم، ونرجع نحن وهم إلى العلماء الذين يريدونهم!

وهذه دندنة قديمة، وشنشنة كما يقال أعرفها من أخزم، قد مللنا من كثرة سماعها كلما قامت فتنة ضد الدعوة السلفية وأهلها، وهي حجة واهية أوهى من بيت العنكبوت، ويتضح بيان خورها، وزيفها، وتلبيسها، وكذبها، مما يأتي بإذن الله:

أولا: هذه الدندنة، والشنشنة لهؤلاء المفتونين، والمحاربين للدعوة السلفية، كما قلنا هي قديمة؛ أخذوها واستقوها، وشربوها من بئر كذب من سبقهم ممن حارب الدعوة السلفية وأهلها، ولعلكم تذكرون عندما حذر شيخنا الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله -إمام الدعوة السلفية في زمنه- من الإخوان المسلمين، والقطبيين، والسروريين، وأتباعهم من أصحاب الجمعيات، أمثال جمعية الحكمة، والإحسان، وإحياء التراث وغيرهم، وفضحهم بفضل الله تعالى، وأبان باطلهم، وزيفهم، ومكرهم، وشرهم، وكذبهم، وحزبيتهم المقيتة؛ التي أفسدت كثيرا، وكثيرا في المجتمعات.

فكانوا يقولون للشيخ مقبل رحمه الله وطلابه: ما معكم أحد من العلماء، وكل العلماء ضدكم، ولا يوافقونكم، والعالم الفلاني يزكينا، وفلان يزكينا، وهاتوا لنا العلماء الذين يوافقونكم في رأيكم فينا، وفي تحذيركم منا؟، سموهم لنا؟، واختاروا مجموعة منكم ومنا، ونذهب إلى العلماء، ونتحاكم للمناظرة عندهم.

نفس الدندنة، والشنشنة التي نسمعها الآن تماما، وكان الشيخ مقبل رحمه الله يقول: العالم فلان وفلان، ما قد عرفوكم مثلما عرفناكم، ولم يَخبُروكم كما خبَرناكم، ولو عرفوكم لحذروا منكم كما حذرنا وأشد، ودارت الأيام، ورأينا، وسمعنا، كيف حذر العلماء منهم جميعا، ورجعوا إلى قول الشيخ مقبل رحمه الله حذو القذة بالقذة.

ثانيا: تصويركم أن من دفع بكم، وأزكم على الدعوة السلفية، وشحن صدوركم، ولبس عليكم من هنا وهناك، أنهم كل العلماء!، وأن العلماء كلهم ضدنا!، ويحذرون منا!، هذا كذب فاضحٌ، وتلبيسٌ حقيرٌ، فتصورون أن من دفع بكم أنهم كل العلماء!، وأنهم اتفقوا، وصاروا مجمعين علينا، هذا خلاف الواقع الذي لا تصدقه العجائز، فضلاً عن دعاة، ومشايخ، وطلاب علم، رزقهم الله علمًا، وفهمًا، وإدراكًا للحقائق، فكان وركزوا على قولنا (فكان) معكم ثلاثة في الدولة الفلانية، وثلاثة هنا، وأربعة هناك، ثم بعد ذلك تقولون: العلماء كلهم ضدنا، ويحذرون منا!

احترموا عقول السلفيين، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» رواه البخاري (3484).

ثالثا: من تسموهم بالعلماء، والذين تستدلون، وتحتجون بهم علينا، هم خصمٌ، وطرفٌ في الخلاف الدائر، والقائم بيننا، وهم الذين دفعوا بكم من أول الفتنة، وشحنوا صُدروكم، ودعموكم، وحرضوكم، وأغدقوا عليكم بالأموال والفتاوى.

وبحمد الله وفضله؛ قد رد أهل السنة في اليمن على هؤلاء الذين دفعوا بكم، والذين تحتجون، وتستدلون بهم علينا، وتستدلون بأقوالهم، وفتاويهم، وتحذيراتهم، وبينوا بحمد الله كل ما عملوه -من أول الفتنة إلى يومنا هذا- ضد أهل السنة في اليمن، بردود علمية، رصينة، مدونة عليهم إلى ما شاء الله.

فنحن تكلمنا بعلم، وحجج، وبراهين، وجرح مفسر، وهم تكلموا فينا بهوى، وبأكاذيب، وبتورات، وتلبيسات، وادعاءات، والجرح في أهل السنة، لابد أن يكون مفسرا، مبينا، واضحا، حتى يُقبل، وهذا ما عُدم عند القوم، وبحمد الله قد فند أهل السنة تلك الأكاذيب، وأوضحوا تلك التلبيسات، وردوا على تلك الادعاءات، والتلفيقات، وبينوا بالحقائق الواضحات، والأدلة الساطعات ما عند القوم من تأصيلات، وقواعد، ومخالفات، وتناقضات، وتحريشات، حتى وقف القوم عاجزين عن الرد، ووقفوا حيارى بفضل الله تعالى، وجرحُ أهل السنة فيهم جرحٌ مفسرٌ، مبرهنٌ.

رابعًا: ونحن بحمد الله لم نبدأ أحدا ممن تكلم فينا من القوم، وإنما هم الذين تكلموا بدايةً فينا، وفي دعوتنا، وعلمائنا، وتآمروا علينا، ودفعوا بأذنابهم علينا، فنحن إنما كنا مدافعين عن عدوان وظلم كبير، ضد دعوتنا المباركة.

وربنا سبحانه وتعالى يقول: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله وَاعْلَمُوا أَنَّ الله مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194].

ويقول الله تعالى: {لَا يُحِبُّ الله الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ الله سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148].

ويقول الله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 41، 42]

خامسًا: بحمد الله وفضله، فإن الكثير والكثير من علماء السنة، في مشارق الأرض، ومغاربها، لم تتلطخ أيدهم بفتنتكم، وشركم، ومكركم، ولم يكن لهم أي دخول، أو مشاركة، أو تحريض معكم، ولم يكن لهم أي تحذير من أهل السنة في اليمن وغير اليمن، وعلى رأسهم العلامة الفوزان، واللحيدان، والراجحي، والعباد، وغيرهم من كبار العلماء السلفيين.

سادسًا: العلماء الذين تدندنون بهم، وعليهم من أول فتنتكم إلى الآن، والذين كنتم تستدلون بهم علينا، الآن أصبحوا طرائق متعددة متضادة:

فقد انقسموا فيما بينهم، وحصل بينهم خلاف شديد، عريض، طويل، بلغ الآفاق، وأصبح في كل دولة، وأصبحت فتنتهم، معلومة، مشهورة بفتنة: الصعافقة!، والمصعفقة!، وأصحاب الإبانة!، والفيوش!، وقد بينت ذلك الخلاف والانقسام في مقال بعنوان: (أقسام البرامكة في اليمن)، تراه على هذا الرابط:

https://drive.google.com/file/d/1G1hpsUIvNX57tdK-YYw2yINt5JmyuYEp/view

وقد سقط الاستلال بهم، والدندنة بهم علينا تماما، لأنهم الآن يحذرون من أصحاب الإبانة عندنا في اليمن!، ومن أصحاب الفيوش!، ويحذرون من بعضهم البعض!، فكيف يُستدل بهم، أو يرجع إليهم، وهم مختلفون فيما بينهم، ويبدع بعضهم بعضا؟، فليسوا أهلا لذلك، فهؤلاء الذين كنتم تدندنون بهم علينا، وأنهم تكلموا فينا، أمثال الدكاترة ابني هادي، والجابري، وأتباعهم، وفركوس، وأصحاب الجزائر، وأصحاب مصر، وليبيا، أين كانوا، وأين هم الآن!؟، فهم شذر مذر في كل واد يهيمون، وفي كل بلد يتعاركون، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

فالآن لا تستطيعون أن تسموا لنا من هؤلاء العلماء الذين حذروا منا، ولا أنهم مجمعون علينا، لأنكم تعرفون أنهم الآن حذروا منكم وأشد بمفاوز، ومن بعضهم البعض، فسقط تلبيسكم، ودندنتكم، وشنشنتكم.

سابعًا: الدعوة السلفية في اليمن، دعوة متكاملة، بفضل الله تعالى، لها كيانها، وقدرها، وثقلها، ولها علماؤها، ومشايخها، ودعاتها، ويرحل إليها السلفيون من أنحاء العالم، وطلابها، والمستفيدون منها في كل دولة، وقُطر، وبلد وصلته الدعوة، بحمد الله تعالى.

فمن المعيب، والسخرية الفظيعة؛ أن تُوصف هذه الدعوة العظيمة، الشاسعة، الضخمة؛ بأنها ما فيها علماء يُرجع إليهم، ويقودونها، ويفصلون في قضاياها، ونوازلها، وأنها لا بد أن توجه من هنا وهناك، وأنها لا بد أن تسير بأمر فلان، أو علان، صغر أم كبر.

والحق إذا اتضح بقائل بصير من أهل العلم قال به، وأقام عليه الأدلة، فليس لنا حاجة أنه بعدما ثبت الحق، أننا نذهب إلى فلان أو فلان، ومعنى هذا أنكم تشترطون علينا إجماع العلماء على جرح فلان، وهذه بدعة، والتحاكم إلى العلماء يكون إذا كان الأمر ملتبسا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 43، 44].

لكن مادام هناك من أهل الذكر، من أقام الدليل على هذه المسالة، فليس من شأن السلف، أنهم إذا أقام بعض أهل العلم دليلا على مسألة، وأبان الحجة فيها، أنهم يذهبون بعد ذلك إلى فلان أو فلان، هذا شأن من يتتبعون الرخص، حتى يجدوا كلاما غير هذا الكلام، ليضربوا به كلام العلماء الأخرين، الذين أقاموا عليه الدليل، بما لم يقف عليه غيرهم، فالعبرة بإقامة الحجة، ومن علم حجة على من لم يعلم، فإذا أقيمت الحجة انتهى الأمر : {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ} [الأنفال: 6]، إذا تبين الحق فلا جدال، فعلماء السلف عندما كانوا يقيمون الحجج بأدلتها وبراهينها، لم يوجد في زمانهم من العلماء، من كان يقول لهم، تعالوا نذهب عند فلان، أو فلان.

ولا يعني ذلك عدم احترام العلماء السلفيين، أو عدم تقديرهم، في أي بلد من بلدان الله، أبدًا والله، فهذه الدعوة المباركة، تحترم العلماء جدًا، وتحث عليهم، وتأخذ بنصحهم، وعلمهم، وتوجيهاتهم، وإرشاداتهم، وبحمد الله فإن كتب علماء السنة قديما وحديثا، تدرس في مراكز أهل السنة، ويعكف عليها طلاب العلم، وينهلون من خيرها، وثمارها، وكنوزها.

ولكن كما قال شيخنا مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله من قبل: من أراد أن يتعاون مع هذه الدعوة المباركة، أو ينصح لها فجزاه الله خيرا، وحياه الله، أما أن يتحكم فيها فلان أو علان، فلا، وقد غضب شيخنا الوادعي رحمه الله جدًا؛ لما قيل له إن فلانا يقول: قولوا للوادعي يطرد فلانا وفلانا، وأن في حلقته بعض الحزبيين، فغضب الشيخ مقبل رحمه الله جدًا من هذا الكلام، وتكلم بهذا في الدرس العام، وقال: لا أحد يتحكم في دعوتنا، ومن أراد أن ينصح، فجزاه الله خيرا، وهكذا شيخنا يحيى سمعناه مرارا، وهو يقول هذا.

قال شيخنا الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: "وأذكر الحزبيين الذين يلبسون على أهل العلم، ويستخرجون منهم الفتوى التي توافق أهواءهم، وأذكرهم بقول الله عز وجل: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] اهــ من "حكم تصوير ذوات الأرواح"

ثامنا: العلماء الصادقون الناصحون من قبل ومن بعد؛ ليس من طريقتهم، ولا من أسلوبهم، التحكم، والهنجمة، وإبراز العضلات في الدعوة السلفية، أفعل ولا تفعل، ولا تخالفني، ولا تعارضني، ولا تخرج عن أقوالي!

 وإنما كما قال الله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ الله وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]

وقال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس: 108].

وقال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ الله الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)} [الغاشية: 21، 26]

وقال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29].

وعن أبي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». رواه مسلم

وإنما العبرة عند العلماء باتباع الحق، والتجرد له، والانقياد له، وعدم التقليد، والتعصب الأعمى، وأن يكون الإنسان دائرا مع الأدلة، والبراهين، والحجج، على فهم سلف الأمة رضوان الله عليهم، فمن اتبع الحق؛ أُكرم، ورُفع، وأُشيد به، ومن عارض الحق، واتبع هواه، وتعصب للباطل، وركب طريق الغواية، ذمه العلماء، وحذروا منه، وعاملوه معاملة السلف رضي الله عنهم أجمعين، فالقضية عند العلماء دائرة على اتباع الحق، والإذعان له، ليست قائمة، ودائرة على حظوظ النفس، والسيطرة.

قال شيخنا الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله "وأنا متأكد أنهم أرسلوا إلى الشيخ ابن باز واحد لحيته إلى سرته وهو في ظاهره أنه سني ويقولون: يا شيخ كيف نترك المجال للشيوعيين، والشيوعيون سيمنعونا من الدعوة؟ - كما كانوا يأتون إلي - ثم يصدقهم الشيخ، وإلا فهذه فتوى باطل، فلا ينبغي أن نقلد فلا نقبل من الشيخ ابن باز ولا من الشيخ ابن عثيمين ولا من الشيخ الألباني أمراً إلا من كتاب الله، ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - والله المستعان اهـ من "غارة الأشرطة"  (1 / 413 )

تاسعًا: ما يدعيه بعضهم من كلام علمائنا الكبار، الذين ليسوا طرفًا في النزاع، إنما هو كما قال العلامة الفوزان حفظه الله في مقطع صوتي هذا تفريغه: "بعض الإخوان سامحهم الله يصير عندهم هوى على أحد أو بغض لأحد من طلبة العلم، أو من العلماء، فيسألونك عن سؤال، أنت تجيب عليه، هم يركبونه علي ذلك الشخص، وأنك تعنيه، فيقولون قال : فلان في فلان كذا وكذا، وأنت ما طرأ عليك فلان، ولا فلان، ولا علان، أنت تجيب على سؤال فقط، هم يركبونه، يقولون قصده فلان، قصده الطائفة الفلانية، يدبلجون في الأشرطة، ويؤلفون كتب، بأن فلان قال في فلان كذا، وأجاب عن كذا، وقصدهم بهذا الإفساد بين الناس، والتحريش بين طلبة العلم، وإيقاع العداوة بين طلبة العلم، فنحن نحذركم، ونعيذكم بالله من هذه الخصلة، ألا تغتروا بها، أو تنطلي عليكم، احذروا منها غاية الحذر" اهـ.

عاشرًا: أهل السنة ليسوا معصومين من الخطأ والزلل، شأنهم وحالهم كحال أهل السنة دائما وأبدا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، يحصل منهم الخطأ والزلل، ولكنهم بحمد الله يرجعون، ويتوبون، ويصححون أخطاءهم، وليسوا مكابرين، أو معاندين، ويكرهون أن يقلدهم أي أحد في أخطائهم، وزلاتهم، وهؤلاء القوم جل ما ينتقدونه على أهل السنة غير صحيح البتة، وإن وجد شيء أصابوا فيه، فإن أهل السنة بحمد الله؛ قد تراجعوا عنه، ولم يبق لهم أي ممسك على أهل السنة، لكن القوم على مذهب عنزة ولو طارت.

والله الموفق

كتبه: أبو حمزة محمد بن حسن السِّوري

10 من رجب 1444هجرية


حمل الرسالة بصيغة بي دي اف

من هــــنا




نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى