تكميم أفواه طلاب العلم والدعاة
ظاهرة تتكرر!!
وهي من تأصيلات أصحاب الإبانة وغيرهم
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث
رحمة للعالمين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فعند أن قامت فتنة الحزب
الجديد، وأصحاب الإبانة، والبرامكة على الدعوة السلفية، وعلى المنهج السلفي، ورأى
أهل السنة ضرر هذه الفتنة وقواعدها و تأصيلاتها الفاسدة البائرة، قام مشايخ السنة
وطلاب العلم والدعاة على هذه الفتنة وعلى أهلها، وبينوا بالحق وبالأدلة فتنة القوم،
وما يحملونه من فكر دخيل على الدعوة السلفية.
وكان على رأس من بين هذه
الفتنة شيخنا العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله والمشايخ وطلاب العلم والدعاة
في دار الحديث السلفية بدماج وفي كل مكان، فردوا وبينوا كما قد علم ذلك القاصي
والداني .
فانزعج من ذلك جدا الحزب
الجديد ومشايخ الإبانة والبرامكة من الردود العلمية الرصينة القوية الفاضحة لهم
بحمد الله وفضله، ومن وقوف طلاب العلم والدعاة أمام باطلهم؛ فقاموا بالتحذير من هذه الردود ومن الرادين
عليهم، وكنا نسمعهم يرددون التحذير من الملازم والأشرطة والكتب التي خرجت فيهم،
وكانوا يقولون طلاب العلم والدعاة لا يردون ولا ينشغلون بها ولا يبينون حال الرجال
، وإنما الكلام للمشايخ والعلماء فقط؛ ويعنون أنفسهم مشايخ الإبانة والبرامكة،
وأنه لا يجوز الرد عليهم من طلاب العلم ولا من الدعاة ولا من المشايخ، وإنما هذا
خاص بالعلماء فقط(أنفسهم)، وقد كان سبقهم إلى هذا أبو الحسن المصري
فقد قال أبو الحسن المصري في كتاب
«السراج الوهاج» (ص81 الفقرة 201) حيث قعّد هناك فقال : (..يجب أن يكون التجريح من
أهل العلم والحلم والتجرد لرب العالمين، لا لكل من هب ودرج..)اهـ.
وقال أبو
الحسن في
شريط «حقيقة الدعوة» (رقم 2) : (وأنا أخاف والله على الشباب الصغار الذين يتكلمون
فيه أن يبتلوا أو أن يصابوا ببلاء في طلب العلم وربما تركوا الدعوة بكاملها)!!اهـ
وإليك مجموعة من أقوالهم التي قد رد عليها أهل
السنة من قبل :
وقال محمد بن
عبد الوهاب الوصابي "بتاريخ الأحد 18/محرم
/1434هـ": ( ففعل الحجوري ومن تعصب له من طلابه لا يمثل
الإسلام، ولا يمثل السنة، ولا يمثل المنهج السّلفي، ومن قال: بأنه يمثل الإسلام
فقد اتهم الإسلام، اتهمه بالشدة والغلظة والعنف، وأنه يسب الناس، ويلعن الناس،
ويهجر الناس، ويقاطع الناس، واتهم الإسلام بكل بلية، ومن قال: إن فعله يمثل المنهج
السلفي فقد اتهم المنهج السلفي وظلمه، ومن قال: بأن فعله يمثل السنة فقد اتهم
السنة وظلمها، فهذا والله لا يمثل إلا نفسه فقط).اهـ
وقال محمد بن
عبد الوهاب الوصابي "بتاريخ الأحد 18/محرم
/1434هـ ": (حصل خلاف بين
الصحابة، وبين العلماء، وبين الأئمة، لو تقرأ أنت مثلًا في مذهب الشافعي -رحمة الله
عليه-، أو الإمام مالك، أو أحمد، أو أبو حنيفة، فيه خلافات فقهية بينهم اجتهادية،
مع وجود الاحترام والتقدير، لا سباب ولا لعان ولا شتام، ولا مهاجرة، ولا مقاطعة، ولا ملازم، ينزلونها ضد بعضهم البعض أبدًا، هذا لا وجود له في
التاريخ، لم يوجد إلا في هذه الفرقة فرقة الحجاورة، والسنة بريئة منها،
إي والله السنة بريئة من هذا كل البراءة).اهـ
وقال محمد بن
عبد الوهاب الوصابي رحمه الله في «نصائح علماء الأمة» (ص16): "
الجرح
والتعديل من ديننا لكن ليس هو لكل من هب ودب إن الجرح والتعديل له رجاله وهم
العلماء الأتقياء ..." اهـ
وقال أيضاً
في نفس المصدر (
ص16-17): $وأما الفتنة
إذا كانت بين عالمين من علماء أهل السنة فلا يخوض فيها إلا علماء أهل السنة فهم
أعلم وأعرف بما يقولون وأدرى بالمصالح والمفاسد وبمن يستحق أن يعدَّل أو يجَّرح
أما العامي وطالب العلم فلا يجوز لهم الخوض في مثل هذه الفتن فضلاً عن أن يجرحوا
أو يعدلوا" اهـ.
وقال الوصابي في شريطه
الموسوم بـ (أهمية الالتفاف حول العلماء) في (13/12/1428): "
وهذا
الحديث يذكرني أيضًا بالفتنة القائمة فيما يتعلق بالكلام والقيل والقال بين
الحجوري والعدني، وانتشار تلك الكلمات والدعايات، وهي من هتك الأعراض التي يتفوه
بها اليوم كثير من الناس من الرجال والنساء والشباب إلا من رحم الله بنشر الأشرطة
والملازم التي فيها كما سمعتم هتك لأعراض المسلمين". اهـ
وقال في
الشريط الذي طعن
فيه الشيخ يحيى حفظه الله:" مسألة الدعوة ليست على كواهلكم يا طلاب العلم، و
يا أيها العامة المحبون للسنة وإنما هي على كواهل العلماء ... أنت طالب أعرف قدر
نفسك لست محملاً مسؤولية الدعوة والدعوة ليست على كاهلك". اهـ
وقال الوصابي عفا الله عنه في
محاضرة "الفيوش السبت
(10/11/1429هـ)":" والطالب لا
يفتي ولا يحكم، ،الطالب يكفيه فخراً أنه وقف على هذه الأدلة الشرعية من الكتاب أو
من السنة ووقف على أقوال العلماء فنقلها بنصها مع ذكر المجلد والصفحة فنقول كثر الله
خيرك". اهـ
وقال الوصابي
في
محاضرة "الديس الشرقية
(5/شوال/1429هـ):" يا أخي هذه المسائل ليست عليك هذه المسائل على
العلماء أما أنت فأنت طالب أو عامي فاعرف قدر نفسك". اهـ
وقال الوصابي
في
"نصيحة تاسوعا" (1429هـ):" أيضاً الذين
يقلدون من وقع في الطعون هل تقليدك لمن وقع في الطعون ينفعك عند الله؟! تقول أنا
طعنت في أعراض الناس لأن فلان كان يطعن في أعراضهم هل هذا ينفعك عند الله، نسأل الله
العافية والسلامة، ونقول أين العلم الذي تعلمتموه؟! أين القرآن؟! أين التفسير؟!
أين الحديث؟! أين ....هل هذه الفائدة أن يتعلم الشخص ثم بعد ذلك ثم يخرج يطعن في
إخوانه السلفيين" .اهـ
وقال الوصابي
في "مسجد الخير
الجمعة"
(2/11/1429هـ):" احفظ لسانك من
قولك: الشيخ فلان قال في فلان كذا هذا راجع إلى العلماء ... أما أنت فطالب أو عامي
وهذا شيء لا يعنيك" .اهـ
وقال الوصابي عفا الله عنه في "أهمية الالتفاف
حول العلماء" (13/12/1428هـ):
" ومن
كان عنده دعوى لا بأس يقدمها لأهل العلم، والعلماء ينظرون فيها بنظر الانصاف،
ويقولون الذي يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، بهذا تنحل أما إنسان يدعي ثم يحكم
..... يعني معناه مدعي وحاكم ...... معناه أنك أنت المدعي وأنت حاكم هذا خطأ أنت
مدعي فقط والحكم ما هو لك الحكم للعلماء، علينا أن نعلم الناس كيف يتعلمون الكتاب
والسنة؟ وكيف يطبقونها في حياتهم؟ لا يكون الخطأ منا ندعوا ثم نحن نختلف لا نظلمهم
بأقوالنا وبأيضًا بأعمالنا، كيف يقضون بين الناس؟ كيف يحكمون بين الناس؟. اهـ
وقال الوصابي
رحمه الله
في "محاضرة الديس"
(5/شوال/1429هـ):" فالدين
النصيحة يقال له يا فلان اتق الله أنت لست من العلماء أنت عامي أو أنت طالب فاعرف
قدر نفسك، هذه على العلماء، هكذا يكون الردع، أما أنك تصغي لهذا العامي أو لهذا
الطالب وهو يبعثر ويبعسس ويزوبع هذا الإصغاء نفسه من المنكر، كيف تصغي لإنسان يشتت
ويفرق ويمزق كيف تسمع له هذا ما يجوز والله يقول: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ﴾ [الأنعام : 68].
إنسان يطعن في أهل العلم
في هذا وفي ذاك واجبك النصح، وإذا لم تنصح فواجبك الانصراف ﴿وَإِمَّا
يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام : 68]. أما أن تصغي وإلى الباطل إلى الذي يطعن في الأعراض" اهـ
وقال الوصابي في" جلسة الحامي
بعد صلاة الفجر لعام" (1428هـ):" إذا نزل شيخ
ملزمة على الشيخ الثاني لا ينبغي توزيعها ما دام أنها شيخ على شيخ هذه لا توزع أن
أنصحكم بهذا لمن كان من كان المنزل هذا الشيخ وإلا ذاك الشيخ أو شريط مثلاً وإنما
تكون عندك اجعلها في الدولاب بدون نشر نقول هذه وصية العلماء بهذا ...قد يقول لك:
هذا عالم الذي أنزل هذا الشريط أو هذه الملزمة نقول نعم عالم، لكن أما تعلم مبدأ
المصالح والمفاسد في أشياء من باب المصالح والمفاسد فقد يقدم هذا على هذا ودرء
المفاسد مقدم على جلب المصالح. إذا كان نشر هذا الشريط وهذه الملزمة فيه مصلحة أنه
خير نشر أنه خير وعلم نشر لكن في مقابل ذلك في مفسدة في مقابل هذه المصلحة الذي هو
نشر الخير وشر العلم في مقابل ذلك في مفسدة الذي هو الأحقاد والبغضاء والشحناء
والنفرة والتهاجر والتقاطع بين الأحبة بين الإخوان في الله فنقول هذه مصلحة نشره
مصلحة لكن في مقابل وجود مفسدة ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح فيوقف الشريط أو
الملزمة درء للمفسدة#. اهـ
و قال الوصابي في "محاضرة الديس"
(5/شوال/1429هـ):" يا أخي العالم إذا قال قولاً وكان مصيباً في ذلك
فما هو محتاج للطالب أو العامي يعينه، إذا كان العالم يعرف صحة ما هو عليه فما هو
محتاج للطالب أن يعينه". اهـ
وقال الوصابي في محاضرة
الفيوش (10/11/1429هـ): " ودعوة أهل السنة دعوة علم
إذا كتبت ملزمة لا يكون فيها تسمية فلان ولا تسمية فلان ولا دقدقة لفلان ولا
لفلان، وإنما يكون فيها علم نتكلم بعلم ونتكلم بخير وندافع عن عقيدة بدون دقدقة لأحد،
دعوتنا أرفع من أن يكون فيها هذا يرد على هذا وهذا يرد على هذا وهم كلهم من أهل
السنة". اهــ
وقال محمد
الإمام هداه الله في «الإبانة»
(ص194) :"لا يُقبل جرح
المجرح الصغير غالبا في العالم الكبير".
وقال محمد
الإمام هداه الله (ص48 ) : "وأما إذا جاء
الرد على العالم من قبل طلاب العلم، فالغالب عليهم أنهم ليسوا أهلا للرد، ولهذا
تجد في ردودهم تجاوزات ومجازفات وتعديات، بل يحاول بعضهم أن يظهر نفسه أنه أقدر
على النقد من أهل العلم، حتى إن بعضهم يذهب إلى الطعن في عقيدة العالم السني ولم
يسبقه إلى ذلك أحد من أهل العلم، انظر إلى هذه المسابقة التي حقيقتها الجرأة على
أهل العلم.
وإني لقائل لهذا الصنف: إن
واصلت طلب العلم وانتفعت به سيظهر لك في المستقبل خطؤك هذا وتعجلك، فالحذر الحذر
في أمر لنا فيه أناة ) اهـ
وقال محمد
الإمام في
"الإبانة"- (ص268) :
(يتعجل بعض المتحمسين في أمور حقها التأني والتأهل، فيحدث أو يجرح ويعدل أو يفتي
أو غير ذلك، وفي هؤلاء وأمثالهم ورد زجر أهل العلم لهم..).اهـ
وقال محمد
الإمام في
"الإبانة"- (ص269) :
(آفة الإنسان العجلة في الأمور، وقد قالوا: من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه،
فالله الله في التأهل قبل التعجل، ولا يكفي أن الشخص يحسن الظن بنفسه فينطلق على
حسب هذا، بل عليه أن يعرض ما عنده على ما عند أهل العلم، ويرجع إليهم مسترشدا
منهم: هل لي أن أقوم بكذا وكذا؟ فإن أرشدوه إلى أحد الأمرين قبِله وصار إليه، فإن
وجد ما عنده مأخوذا من أهل العلم وسائرا سيرهم حمِد الله)اهـ.
وقال محمد
الإمام في
«الإبانة» (ص183) : (فحذار من تعجل بعض طلاب العلم إذا رأوا شيئا من الأخطاء عند عالم
بادروا إلى هجره أو التحذير منه دون تبصر أو رجوع إلى أهل العلم، فما لهم وللتجاوز
والتعجل والطيش؟!).اهـ
وقال محمد
الإمام في
«الإبانة» (ص139) : (ومما ينافي الأدب ما تراه من بعض طلبة العلم؛ أنه حال
الاختلاف يأتي إلى أخيه من طلاب العلم والدعاة، وربما إلى من هو أعلم منه ويقول
له: ما تقول في مسألة كذا وكذا؟ من مسائل يسع فيها الخلاف، بل بعضهم يتجرأ فيقول:
أخرج ما في قلبك، أنت خبيث ما دمت لا تصرح!! فهؤلاء الذين يخشى عليهم في
المستقبل).اهـ.
وقال محمد
الإمام في
«الإبانة» (ص188) تحت قاعدة: (الرجوع إلى أهل العلم قبل القدوم على الجرح والتعديل
وغيره) يقول-وفقه الله-: (قلّ من يوفق من طلاب العلم لهذا، ومن وُفِّق لهذا فهو
الناجح بإذن الله، وأما أولئك المتعجلون فما أكثر ما يتعثرون في الطريق، وأكثر
تعثرا منهم أولئك الذين أحسوا أن ساعدهم قد اشتد، قاموا بالقدح والطعن في
علمائهم).
وقال محمد
الإمام في
«الإبانة» (ص105) : (ما أكثر ما يحصل من بعض طلاب العلم في أوساطنا الطعن في أهل
العلم معتمدين على مجرد أفهامهم مع أن اللائق بهم إن كانوا أصحاب قدرة على البحث
عن مسائل أشكلت عليهم، أو ثر الخلاف حولها أن يقوموا بذلك، ويعرضوها على أهل
العلم، وإن لم يقدروا على ذلك رجعوا إلى أهل العلم).اهـ
وقال محمد
الإمام في
«الإبانة» (ص147) بقوله: (استقلال طالب العلم بالرأي مزلة أقدام)! وقال: (فاستقلال
طالب العلم بالرأي خصوصا عند الفتن، إما أن يؤدي إلى المجازفة في الأحكام على
المسلمين بتكفيرهم واستحلال دمائهم، وسلب أموالهم، واعتبر في هذه المسألة
بالخوارج، وإما أن يؤدي إلى الضعف في التمسك بالإسلام والسنة...)اهـ
أقول:
ترى في مجموع كلامهم -الذي
قد رد عليه أهل السنة من قبل - محاولة تكميم أفواه طلاب العلم والدعاة والمشايخ،
وقصر الردود والكلام في الرجال والتحذير من الشر عليهم أنفسهم بحجة أنهم علماء!!،
وأن طلاب العلم والدعاة لا يتكلمون ولا يردون
ولا يبينون حال الرجال ولا ينشغلون بذلك أبدًا.
وقد كنت كتبت مقالا بعنوان:
[تذكير
السلفيين بقول أهل الأهواء: طالب العلم ليس أهلا للرد!!]
على هذا
الرابط
ورددت فيه
على هذا المقولة والتأصيل، وجمعت شيئا من الأدلة ، ومن أقوال العلماء في رد هذا المقولة وهذا التأصيل وهنا نضيف شيئا
منه:
قلت فيه : فأحببت أن أُذكر إخواني السلفيين بأن هذا
القول هو قول أهل الأهواء، ومخالف قبل ذلك للأدلة من الكتاب والسنة، ومخالف لهدي السلف الصالح
وإجماعهم، ولبيان ذلك نقول
ثم ذكرت:
أولا: فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكرت بعض
الأدلة في ذلك
ثم بينت:
ثانيا: أقوال العلماء في فضل ذلك وأنه ليس خاصا بأحد
بعينه.
*قال الإمام ابن كثير رحمه الله:" في قوله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: 104]
"وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ
تَكُونَ فرْقَة مِنَ الأمَّة مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ، وَإِنْ كَانَ
ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَده،
فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ،
وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ
مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ" اهــ "من تفسيره"
*وقال الإمام النووي رحمه الله: "وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَعْنِي
بَابَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ قَدْ ضُيِّعَ
أَكْثَرُهُ مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَةٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ
الْأَزْمَانِ إِلَّا رُسُومٌ قَلِيلَةٌ جِدًّا وَهُوَ بَابٌ عَظِيمٌ بِهِ قِوَامُ
الأمر وملاكه واذا كثر الخبث عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ وَإِذَا
لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدِ الظَّالِمِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ الله تَعَالَى
بِعِقَابِهِ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ
فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَةِ
وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيلِ رِضَا الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا
الْبَابِ فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيمٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ معظمه ويخلص نيته
ولا يهابن مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّ الله تعالى
قال {وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]، وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ
يَعْتَصِمْ بِالله فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101]،
وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }
[العنكبوت: 69] ،وَقَالَ تَعَالَى {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ
يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ } [العنكبوت: 2، 3]......
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يَخْتَصُّ
الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بِأَصْحَابِ الْوِلَايَاتِ
بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ
الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ غَيْرَ الْوُلَاةِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْعَصْرِ الَّذِي يَلِيهِ كَانُوا
يَأْمُرُونَ الْوُلَاةَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ
تَقْرِيرِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ وَتَرْكِ تَوْبِيخِهِمْ عَلَى التَّشَاغُلِ
بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ مِنْ غَيْرِ وِلَايَةٍ وَالله
أَعْلَمُ.... اهـ من " شرح مسلم" (2/ 24-25).
*وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "واعلم أنَّ الأمرَ بالمعروف والنَّهيَ عن المنكرِ تارةً
يحمِلُ عليه رجاءُ ثوابه، وتارةً خوفُ العقابِ في تركه، وتارةً الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارةً
النصيحةُ للمؤمنين، والرَّحمةُ لهم، ورجاء إنقاذهم ممَّا أوقعوا أنفسهم فيه من
التعرُّض لغضب الله وعقوبته في الدُّنيا والآخرة، وتارةً يحملُ عليه إجلالُ الله
وإعظامُه ومحبَّتُه، وأنَّه أهلٌ أنْ يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى،
ويُشكر فلا يُكفر، وأنْ يُفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، كما قال بعضُ
السَّلف: وددت أنَّ الخلقَ كلَّهم أطاعوا الله، وإنَّ لحمي قُرِض بالمقاريض
.اهــــ من " جامع العلوم والحكم " (3/
961).
*وقال شيخ الإسلام رحمه الله :" [مَسْأَلَةٌ قَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ]
مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُ - صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا غِيبَةَ لِفَاسِقٍ» وَمَا حَدُّ الْفِسْقِ؟ وَرَجُلٌ
شَاجَرَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا شَارِبُ خَمْرٍ، أَوْ جَلِيسٌ فِي الشُّرْبِ أَوْ
آكِلُ حَرَامٍ، أَوْ حَاضِرُ الرَّقْصِ أَوْ السَّمَاعِ لِلدُّفِّ أَوْ
الشَّبَّابَةِ، فَهَلْ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ إثْمٌ؟
الْجَوَابُ: أَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ
هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّهُ
مَأْثُورٌ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَتَرْغَبُونَ عَنْ ذَلِكَ
الْفَاجِرِ؟ اُذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ يَحْذَرْهُ النَّاسُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
«مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ» وَهَذَانِ النَّوْعَانِ
يَجُوزُ فِيهِمَا الْغِيبَةُ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. أَحَدُهُمَا:
أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُظْهِرًا لِلْفُجُورِ مِثْلَ: الظُّلْمِ، وَالْفَوَاحِشِ،
وَالْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ السُّنَّةَ، فَإِذَا أَظْهَرَ الْمُنْكَرَ وَجَبَ
الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ،
فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيع فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رَوَاهُ
مُسْلِمٌ. اهـــ من "الفتاوى الكبرى لابن تيمية" (4/ 476)
*وقالَ أَبُو مُحَمَّد ابن حزم رحمه الله: "فَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ الله عَنْهُمْ -
قَدْ اخْتَلَفُوا، فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى مَا أَمَرَ الله تَعَالَى بِهِ
بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] .
فَوَجَدْنَا الله تَعَالَى يَقُولُ {كُونُوا
قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] ، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: 104] .
وَقَالَ رَسُولُ الله - صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ
إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ» .
فَصَحَّ أَنَّ فَرْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ
قَدَرَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ
يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَفْتَرِضَ الله
تَعَالَى عَلَى الْأَئِمَّةِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَمْرًا إنْ لَمْ يَعْمَلُوهُ
عَصَوْا الله تَعَالَى ثُمَّ يُؤَاخِذُهُمْ فِي ذَلِكَ؟ وَوَجَدْنَا هَذِهِ
الْمَبْعُوثُ فِيهَا: بُعِثَ فِيهَا بِحَقٍّ، وَلَمْ يُبَاشِرْ الْبَاعِثُ فِيهَا
شَيْئًا أَصْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ دِيَةُ
وَلَدِهَا لَوْ بَاشَرَ ضَرْبَهَا أَوْ نَطْحَهَا - وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَاشِرْ
فَلَمْ يَجْنِ شَيْئًا أَصْلًا.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ مَنْ
رَمَى حَجَرًا إلَى الْعَدُوِّ فَفَزِعَ مِنْ هُوِيِّهِ إنْسَانٌ فَمَاتَ، فَهَذَا
لَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى حَائِطًا فَانْهَدَمَ، فَفَزِعَ
إنْسَانٌ فَمَاتَ وَبِالله تَعَالَى التَّوْفِيقُ. اهـــ من "المحلي" (11/228).
*وقال الشيخ محمد بن عبد اللطيف رحمه الله «ونرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، على كل قادر بحسب قدرته واستطاعته بيده، فإن تعذر فبلسانه، فإن تعذر
فبقلبه، كما في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم
منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف
الإيمان» اهـ من "الدرر السنية"(2/58).
*وقال حافظ حكمي رحمه الله:" [على من يجب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر وما مراتبه]
س: على من يجب الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر وما مراتبه؟
جـ: قال الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104] وقال النبي
صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن
لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» . رواه مسلم. وفي هذا الباب من الآيات
القرآنية، والأحاديث النبوية ما لا يحصى، وكلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر على كل من رآه لا يسقط عنه إلا أن يقوم به غيره كل بحسبه، وكل ما كان العبد على ذلك أقدر وبه أعلم كان
عليه أوجب وله ألزم، ولم ينج عند نزول العذاب بأهل المعاصي إلا الناهون عنها، وقد
أفردنا هذه المسألة برسالة بها وافية ولطالبي الحق كافية، ولله الحمد والمنة.
اهــــ من "أعلام السنة المنشورة" (ص: 136).
*و قال الإمام ابن باز رحمه الله :«من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم
يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» خرجه مسلم في الصحيح،
وهذا يدل على أنه مراتب، وأنه واجب على كل مسلم، وأنه ينكر حسب طاقته، بيده ثم
لسانه ثم قلبه، اهــــ من "فتاوى نور على الدرب" (18/ 303)
*وقال الإمام ابن باز رحمه الله " ويقول عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده
فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » .
وهذا عام لجميع المنكرات سواء كانت في
الطريق، أو في البيت أو في المسجد أو في الطائرة أو في القطار أو في السيارة أو في
أي مكان، وهو يعم الرجال والنساء جميعا، المرأة تتكلم والرجل يتكلم بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن في هذا صلاح الجميع ونجاة الجميع. اهــ من "مجموع فتاوى ابن باز" (4/ 51)
*وقال الإمام ابن باز رحمه الله جوابا على سؤال "إن كثيرا من طلاب العلم الذين يحضرون الدروس
والمحاضرات ويزاحمون العلماء في المحاضرات لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر
نأمل من سماحتكم توجيه كلمة بهذه المناسبة؟
الجواب: الواجب على الجميع التآمر بالمعروف
والتناهي عن المنكر حسب الطاقة، وإذا قام بذلك من يكفي سقط عن الباقين، ولكن إذا
أهمل الجميع أثموا.
فعلى كل إنسان أن يبذل وسعه، وإذا كان في
مكان ليس فيه من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لزمه أن يقوم بذلك لقول النبي صلى الله
عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع
فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ، رواه الإمام مسلم في الصحيح. فالواجب على المسلمين
التعاون في هذا الأمر والتواصي به أينما كانوا، في المسجد وفي الطريق وفي البيت مع
أهله وفي غير ذلك، قال الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا
أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا
مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا
يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]
فالواجب في مثل هذا التعاون على الخير
والصبر في ذلك. اهـــ من " مجموع فتاوى ابن باز" (7/ 175)
*وأجابت اللجنة الدائمة عن سؤال: السؤال الأول من الفتوى رقم (4245):
سؤال: هل يجوز للأخ المسلم أن ينكر على أخ
له آخر مسلم في موضوع مثل موضوع الصور، فما هي الأشياء التي يجوز فيها الإنكار،
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده » . . . الحديث، وقال تعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].
الجواب: الشريعة الإسلامية منها ما أمر الله
به، كالصلوات الخمس وصيام رمضان وغير ذلك مما أمر الله به، ومنها ما نهى الله عنه،
كالزنا والسرقة وقتل النفس بغير حق وغير ذلك مما نهى الله ورسوله عنه، فمن قصر في
ترك ما أوجب الله عليه، أو ارتكب شيئا مما نهى الله عنه، فعلى من قدر على الإنكار
عليه أن ينكر عليه بالطريقة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال:
«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛
وذلك أضعف الإيمان » ، وفي حديث آخر: «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل » .وبالله
التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ...
الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ...
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز اهــــ من فتاوى اللجنة (12/ 345-3460020)
ثم ذكرت
ثالثا مخالفة أهل الأهواء.
وقلت مما تقدم يتضح جليا أهمية الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، ومنه انتقاد المخطئ والأخطاء ممن صدرت، وأنه يقوم به من يحسنه ويتقنه، وليس خاصا
بأحد دون أحد، وإنما بمن يحسنه ويتمكن منه ويتقنه، سواء كان عالما أو طالب علم،
وأن الحجة هي في الدليل من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، وما يقدمه الناقد
والمنتقد، من براهين وأدلة على ما يقوله وما ينطق به.
وقد خالف في هذا الأمر أهل الأهواء والفتن
والبدع، فحصروه بأناس دون أناس -وأن طالب العلم لا يتكلم ولا ينتقد فيما يحسنه
ويتمكن منه-، من أجل أن لا يُتكلم فيهم ولا يُبين أخطاءهم ممن قدر على ذلك من أهل
الحق، ولا يبين أهل الحق عوارهم، ويريدون من طلاب العلم أن يسكتوا عن باطلهم
وفسادهم وعن الأخطاء التي تقدح في الشريعة،
وكان ممن قرر هذا الأمر:
أبو الحسن المصري ومحمد عبد الوهاب الوصابي
ومحمد الإمام وغيرهم، والقصد من ذلك تكميم الأفواه عن رد باطلهم وشرهم وتخريبهم في الدعوة السلفية،
وقد تقدمت بعض أقوالهم في بداية هذه الرسالة هنا ، وهذه الأقوال مخالفة لما تقدم من الكتاب والسنة، وكذلك إجماع السلف، و أقوال
العلماء السلفيين.
ومما يزيد الأمر وضوحا وبيانًا:
*ما جاء في «الصحيحين» عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى
عُمَرَ ثَلاَثًا فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولاً فَرَجَعَ فَقَالَ عُمَرُ: أَلَمْ
تَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ الله بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ، فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ:
مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا، قَالَ:
لَتُقِيمَنَّ عَلَى هَذَا بَيِّنَةً أَوْ لأَفْعَلَنَّ، فَخَرَجَ فَانْطَلَقَ
إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا: لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلاَّ
أَصْغَرُنَا.
فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا، فَقَالَ
عُمَرُ: خَفِىَ عَلَىَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم،
أَلْهَانِى عَنْهُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ».
فقوله "يقوم معك أصغرنا" فيه اعتبار كلام الصغير وقبول الحق منه، في فصل القضايا وغيرها.
قال ابن الملقن رحمه الله "وفيه: أن الرجل العالم قد يوجد عند من هو دونه في العلم ما ليس عنده، إذا كان طريق ذَلِكَ العلم السمع، وإذا
جاز هذا عَلَى عمر فما ظنك بغيره بعده. اهـــ من "التوضيح لشرح الجامع
الصحيح" (14/ 84)
وقال ابن بطال رحمه الله "وفيه: أن الصغير قد يكون عنده العلم ما ليس عند الكبير. وفيه: أنه
يجب البحث وطلب الدليل على ما ينكره من الأقوال حتى يثبت عنده. اهـــ من "شرح صحيح البخاري " (6/ 203).
وقال القاضي عياض رحمه الله" فيه القيام بالحق بين أيدى الخلفاء لقول أبى لعمر ما قال. وفيه حماية
الأئمة للشرع والتبيين أن يزاد فيها أو يتقول على النبي - عليه السلام - شيء. وفيه
التغليظ بالقول. اهــ من "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (7/ 31)
*قال الخطيب رحمه الله: "أما إذا كان الجارح عامياً وجب لا محالة استفساره، وقد
ذكر أن الشافعي إنما أوجب الكشف عن ذلك؛ لأنه بلغه أن إنسانا جرح رجلا فسئل عما
جرحه به، فقال: رأيته يبول قائما فقيل له وما في ذلك ما يوجب جرحه فقال لأنه يقع
الرشش عليه وعلى ثوبه ثم يصلى فقيل له رأيته يصلى كذلك فقال لا فهذا ونحوه جرح
بالتأويل والجهل والعالم لا يجرح أحدا بهذا. اهـــ من "الكفاية" (1/108).
فانظر يا رعاك الله إلى قوله " أما إذا كان الجارح عامياً وجب لا محالة
استفساره" هذا في العامي فما بالك بطالب العلم والداعي
إلى الله والمتمكن في العلم، كيف لا يقبل قوله وبيانه، وكيف لا يُناصِر الحق ويقول
بالصدق.
*وقال الإمام ابن رجب رحمه الله:" فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون
الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر
في غير قولهم. اهـ من "الفرق بين النصيحة والتعيير" (ص: 8)
أقول: هذا نقل من هذا الإمام المبجل رحمه الله
تعالى لطريقة علماء السلف في هذا الأمر.
*وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :"وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض
العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره، مقالات
ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر.
وأما في باطن الأمر: فإن كان مقصوده في ذلك
مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على
قصده، ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم.
وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً
فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العلماء
مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك. اهـــ من "الفرق بين النصيحة والتعيير"
(ص: 11-12)
*وقال ابن رجب رحمه الله "وكذلك المشايخ والعارفون كانوا يوصون بقبول
الحق من كل من قال الحق؛ صغيراً كان أو كبيراً وينقادون لقوله". اهـــ من "الحكم الجديرة بالإذاعة" (ص: 35)
*وقال ابن عبد البر رحمه الله بعد ذكره قصة" عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ حين اخْتَلَفَا فِي الْمَرْأَةِ تَنَفَّسَ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ
فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَقَدْ حَلَّتْ وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ فَجَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَنَا مَعَ
ابْنِ أَخِي يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ فَبَعَثُوا كُرَيْبًا مَوْلَى عَبْدِ الله
بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهَا قَالَتْ
وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةٍ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ
حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ
فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى
جَلَالَةِ أَبِي سَلَمَةَ وَأَنَّهُ كان يفتي مَعَ الصَّحَابَةِ وَأَبُو سَلَمَةَ
الْقَائِلُ لَوْ رَفَقْتُ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَأَخْرَجْتُ مِنْهُ عِلْمًا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ
لَمْ يَزَالُوا يَتَنَاظَرُونَ وَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمُ الْكَبِيرُ لَا يَرْتَفِعُ
عَلَى الصَّغِيرِ وَلَا يَمْنَعُونَ الصَّغِيرَ إِذَا عَلِمَ أَنْ يَنْطِقَ بِمَا
عَلِمَ وَرُبَّ صَغِيرٍ فِي السِّنِّ كَبِيرٌ فِي عِلْمِهِ وَالله يَمُنُّ عَلَى
مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنَاظَرَةَ
وَطَلَبَ الدَّلِيلِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ كَانَ قَدِيمًا مِنْ لَدُنْ زَمَنِ
الصَّحَابَةِ هَلُمَّ جَرًّا لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ اهـ من "التمهيد" (23/150)
*وقال شيخ الإسلام رحمه الله :" وَإِذَا وَقَعَ بَيْنَ مُعَلِّمٍ
وَمُعَلِّمٍ أَوْ تِلْمِيذٍ وَتِلْمِيذٍ أَوْ مُعَلِّمٍ وَتِلْمِيذٍ خُصُومَةٌ
وَمُشَاجَرَةٌ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِ أَنْ يُعِينَ أَحَدَهُمَا حَتَّى يَعْلَمَ
الْحَقَّ فَلَا يُعَاوِنُهُ بِجَهْلِ وَلَا بِهَوَى بَلْ يَنْظُرُ فِي الْأَمْرِ
فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ أَعَانَ الْمُحِقَّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُبْطِلِ
سَوَاءٌ كَانَ الْمُحِقُّ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ؛ وَسَوَاءٌ
كَانَ الْمُبْطِلُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ أَصْحَابِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ
الْمَقْصُودُ عِبَادَةَ الله وَحْدَهُ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ؛ وَاتِّبَاعَ الْحَقِّ
وَالْقِيَامَ بِالْقِسْطِ قَالَ الله تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ
أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَالله
أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ
تُعْرِضُوا فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135]
يُقَالُ: لَوَى يَلْوِي لِسَانَهُ: فَيُخْبِرُ بِالْكَذِبِ. وَالْإِعْرَاضُ: أَنْ
يَكْتُمَ الْحَقَّ؛ فَإِنَّ السَّاكِتَ عَنْ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ. وَمَنْ
مَالَ مَعَ صَاحِبِهِ - سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ - فَقَدْ
حَكَمَ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَخَرَجَ عَنْ حُكْمِ الله وَرَسُولِهِ
وَالْوَاجِبُ عَلَى جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً مَعَ الْمُحِقِّ
عَلَى الْمُبْطِلِ فَيَكُونَ الْمُعَظَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ عَظَّمَهُ الله
وَرَسُولُهُ وَالْمُقَدَّمُ عِنْدَهُمْ مَنْ قَدَّمَهُ الله وَرَسُولُهُ
وَالْمَحْبُوبُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَحَبَّهُ الله وَرَسُولُهُ وَالْمُهَانُ
عِنْدَهُمْ مَنْ أَهَانَهُ الله وَرَسُولُهُ بِحَسَبِ مَا يُرْضِي الله
وَرَسُولَهُ لَا بِحَسَبِ الْأَهْوَاءِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ الله وَرَسُولَهُ
فَقَدْ رَشَدَ؛ وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا
نَفْسَهُ.. اهـ من "مجموع الفتاوى"(28/16-17)
*قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ
مَعْصُومُونَ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْخَطَأِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ مِنْ
الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْصُومًا مِنْ ذَلِكَ وَلِهَذَا
يَسُوغُ بَلْ يَجِبُ أَنْ نُبَيِّنَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَإِنْ
كَانَ فِيهِ بَيَانُ خَطَأِ مَنْ أَخْطَأَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ. اهـ
من " مجموع الفتاوى" (19/ 123)
*و قال الشيخ إسحاق ابن غانم العلثي رحمه الله
في نصيحته لابن الجوزي:
"ولو كَانَ لا ينكر من قل علمه عَلَى من كثر
علمه إِذَا لتعطل الأمر بالمعروف، وصرنا كبني إسرائيل حيث قَالَ تَعَالَى:
{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا
يَفْعَلُونَ } [المائدة: 79] ، بَل ينكر المفضول عَلَى الفاضل وينكر الفاجر عَلَى
الولي، عَلَى تقدير معرفة الولي. اهـــ من "ذيل طبقات الحنابلة" (3/ 447)
*وقال الإمام الألباني رحمه الله:
كيف نعالج الأخطاء؟
وأما الواجب على أي مسلم رأى أمرا أخطأ فيه
أحد العلماء أو الدعاة فهو أن يقوم بتذكيره ونصحه، فإن كان الخطأ في مكان محصور،
كان التنبيه في ذلك المكان نفسه دون إعلان أو إشهار وبالتي هي أحسن للتي هي أقوم،
وإن كان الخطأ معلنا مشهورا فلا بأس من التنبيه والبيان لهذا الخطأ وعلى طريقة
الإعلان ولكن كما قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن}[النحل: 12]، ومن المهم بيانه أن التخطئة المشار إليها هنا
ليست التخطئة المبنية على حماسة الشباب وعواطفهم دونما علم أو بينة لا وإنما
المراد التخطئة القائمة على الحجة والبيان والدليل والبرهان، وهذه التخطئة بهذه
الصورة اللينة الحكيمة لا تكون إلا بين العلماء المخلصين وطلاب العلم الناصحين
الذين هم في علمهم ودعوتهم على كلمة سواء مبنية على الكتاب والسنة وعلى نهج سلف
الأمة. اهــ من "فقه الواقع" (1/28).
*وقال الإمام ابن باز رحمه الله " فكل طالب علم من الله عليه بالفقه في
الدين، وكل عالم فتح الله بصيرته عليه أن يستغل ما أعطاه الله من العلم، وأن يستغل
كل فرصة تمكنه من الدعوة، حتى يبلغ أمر الله وحتى يعلم الناس شريعة الله، وحتى
يأمرهم بالمعروف ويناهم عن المنكر، ويشرح لهم ما قد يخفى عليهم مما أوجبه الله
عليهم أو حرمه عليهم.
هذا هو الواجب على جميع أهل العلم، فهم
خلفاء الرسل، وهم ورثة الأنبياء، فعليهم أن يبلغوا رسالات الله، وعليهم أن يعلموا
عباد الله شريعة الله، وعليهم أن ينصحوا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين
وعامتهم، وأن يصبروا على ذلك، اهـــ "مجموع فتاوى ابن باز (5/ 84).
*وقال العلامة العثيمين رحمه الله:
"الأمر الثالث: الدفاع عن
الشريعة.
أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة، لأن الكتب لا يمكن أن تدافع
عن الشريعة، ولا يدافع عن الشريعة إلا حامل الشريعة، فلوا أن رجلاً من أهل البدع
جاء إلى مكتبة حافلة بالكتب الشرعية فيها ما لا يحصي من الكتب، وقام يتكلم ببدعة
ويقررها فلا أظن أن كتاباً واحداً يرد عليه، لكن إذا تكلم عند شخص من أهل العلم
ببدعته ليقررها، فإن طالب العلم يرد عليه ويدحض كلامه بالقرآن والسنة.
فعلى طالب العلم أن ينوى بطلب العلم الدفاع عن الشريعة، لأن الدفاع
عن الشريعة لا يكون إلا برجالها كالسلاح تماماً، لو كان عندنا أسلحة ملأت خزائننا
فهل هذه الأسلحة تستطيع أن تقوم من أجل أن تلقي قذائفها على العدو؟ أو لا يكون ذلك
إلا بالرجال؟.
فالجواب: لا يكون ذلك إلا بالرجال، وكذلك العلم.
ثم إن البدع تتجدد، فقد توجد بدع ما حدثت في الزمن الأول ولا توجد في
الكتب، فلا يمكن أن يدافع عنها إلا طالب العلم.
ولهذا أقول: إن مما تجب مراعاته لطالب العلم الدفاع عن الشريعة، إذن
فالناس في حاجة ماسة إلى العلماء، لأجل أن يردوا على كيد المبتدعين وسائر أعداء الله – عز وجل -، ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المتلقي من كتاب الله وسنة
رسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ من "كتاب العلم" (ص: 27...).
*وقال الإمام الوادعي رحمه الله تعالى:"والذي أنصح به طلاب العلم أن لا يصغوا إلى كلام أولئك المفتونين
الزائغين وأن يقبلوا على تعلم الكتاب والسنة وأن يبينوا للناس أحوال أولئك
الزائغين ويحذروهم منهم ومن كتبهم ومجلاتهم وندواتهم". اهـ من «ردود أهل العلم على الطاعنين
في حديث السحر» (ص3)
*وقال الإمام الوادعي رحمه الله تعالى : "وبقي محمد هاشم الهدية يركض بعد المادة من قطر إلى الكويت، وقد رد
عليّ في ذات مرة ويقول: ها أنا أدافع عنكم. فنقول له: كلامك تطير به الرياح وكيف
أنشر لك كلامًا وأنت مغمور لا تعرف. فلا تستحق أن نجيب عليك، ولكن عندك ما يكفيك من الشباب السوداني فقد بينوا مخازيك ومخازي
أتباع عبدالرحمن عبدالخالق وانفصلوا بحمد الله، وحاربتموهم لأنّهم قالوا: إن
الاختلاط في المدارس لا يجوز، والانتخابات لا تجوز، وكذلك الدخول في المجالس
النيابية لا تجوز.
فقد حاربوهم وفصلوهم وما أخرجوهم من الجنة إلى النار، بل أخرجوهم من
الذل إلى العزة (ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين)، (من كان يريد العزّة فللّه
العزّة جميعًا)، فالعزة لله سبحانه وتعالى ليست لمحمد الهدية ولا فلان وفلان).
اهــ من في «تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب» (160).
*وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله :" إننا نناشد كل داع يدعوا إلى الله في اليمن أن يتعاون مع
إخوانه أهل السنة، فلا تتعاونوا مع فلان أو فلان فنحن نعجز أن نقوم بربع العشر مما
يطلب منا، واتركوا هذه الحزبية وبولوا عليها فإنها شتت شمل المسلمين. اهــ من "قمع المعاند (356).
*وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله : اكتبوا يا طلبة
العلم، وبينوا ضرر هذه القوانين وأنها غزت بلاد المسلمين# ا هـ. في "إجابة السائل"
(ص396)
*وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله أيضا في (ص397): وأنا أناشد طلبة العلم أن يبينوا
المفاسد الموجودة في المجتمع، فإن استطاعوا أن يبينوها بأنفسهم، ويبرزوا أنفسهم
على صفحات الكتاب حتى ولو هرب إلى أمريكا ، وإن كان يمكن أن يلحقوه، ويغتالوه،
فأنت شهيد يا أخي {
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله } [آل عمران: 145]
*وقال الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في "قمع
المعاند" (ص590): ... العاطل عن العمل هو الذي لا يتقرب إلى الله سبحانه
وتعالى بعمل، أما طالب العلم فهو بحمد الله في خدمة الدين والإسلام. اهـ
قال شيخنا
العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في رده على الوصابي :$قولكم -وفقكم الله-:
(يلزم التوقف عن إصدار تلك الملازم والأشرطة) الخ...
عليه تنبيه من وجوه:
أولها: أنكم
في زيارتكم الأخيرة اتفقتم على أخذ الملازم لإعطاء عبد الرحمن ليرد عليها،
فما الذي نقض هذا الاتفاق؛ إلا أن عبد الرحمن ليس عنده حجة، وأنه مدان بما قد
أدناه به، ومَنشأ الفتنة من تحت قدميه.. الخ ما حصل في الاجتماع الأول عندنا كما
تعلمون.
ثانيًا: في لكلام تهويل؛ في قولكم: توقيف
الملازم والأشرطة الصادرة من المدافعين عن عبد الرحمن؛ فإن عبد الرحمن ومن معه لم
يردوا بشريط ولا رسالة حسب علمي.
مع انتظاري لمطالبتكم له
بذلك كما اتفقتم هنا، أن ترسلوها إليه ليرد عليها، فكيف استصغتم هذا التهويل
المشعر بتكافؤ الحجج
مع أن الشيخ محمد بن عبد
الوهاب -وفقه الله- فيما مضى انتقد القول عن البكري: إنه عنده أناس متجلدون معه
للفتنة في فرنسا وبريطانيا وكذا وكذا.. واعتبره تضخيمًا لقضية يسيرة فلماذا هنا لا
ينتقد هذا التضخيم الذي هو نظير ذلك التضخيم وأشد؟
ثالثًا: أن هذا يعتبر حجْرًا على بعض جهودنا،
التي نرى أنها نافعة للمسلمين، ومبينة الحق من الباطل لهم إن شاء الله تعالى،
والحجر في كتب الفقه يكون
على السفيه الذي أساء التصرف، ولما حجر ابن الزبير على عائشة رضي الله عنها، وهو
أمير وهي خالته نذرت هجره لشدة الحجر على النفوس، ولأنها رأت أن الحجر لا يكون على
رشيدة مثلها.
قال الحافظ ابن حجر في
الفتح في شرح حديث رقم (6073) بعد أن ذكر أقولاً في توجيه نذرها؛ لقطيعته،
والقطيعة للرحم منهي عنها، والنذر المنهي عنه لا ينعقد قال: وَالصَّوَاب مَا
أَجَابَ بِهِ غَيْره أَنَّ عَائِشَة رَأَتْ اِبْن الزُّبَيْر اِرْتَكَبَ بِمَا
قَالَ أَمْرًا عَظِيمًا وَهُوَ قَوْله لاَحْجُرَن عَلَيْهَا، فَإِنَّ فِيهِ
تَنْقِيصًا لِقَدْرِهَا وَنِسْبَة لَهَا إِلَى اِرْتِكَاب مَا لاَ يَجُوز مِنْ
التَّبْذِير الْمُوجِب لِمَنْعِهَا مِنْ التَّصَرُّف فِيمَا رَزَقَهَا الله تَعَالَى،
مَعَ مَا اِنْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ كَوْنهَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَته
أُخْت أُمّه وَلَمْ يَكُنْ أَحَد عِنْدَهَا فِي مَنْزِلَته كَمَا تَقَدَّمَ
التَّصْرِيح بِهِ فِي أَوَائِل مَنَاقِب قُرَيْش، فَكَأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ فِي
ذَلِكَ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ نَوْع عُقُوق، وَالشَّخْص يَسْتَعْظِم مِمَّنْ
يَلُوذ بِهِ مَا لاَ يَسْتَعْظِمهُ مِنْ الْغَرِيب، فَرَأَتْ أَنَّ مُجَازَاته
عَلَى ذَلِكَ بِتَرْكِ مُكَالَمَته، كَمَا نَهَى النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ كَلاَم كَعْب بْن مَالِك وَصَاحِبَيْهِ عُقُوبَة لَهُمْ
لِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَة تَبُوك بِغَيْرِ عُذْر، وَلَمْ يَمْنَع مِنْ كَلاَم
مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ مُؤَاخَذَة لِلثَّلاَثَةِ لِعَظِيمِ
مَنْزِلَتهمْ وَازْدِرَاء بِالْمُنَافِقِينَ لِحَقَارَتِهِمْ، فَعَلَى هَذَا يُحْمَل
مَا صَدَرَ مِنْ عَائِشَة.
ولما طلب بعض الشيعة من
الرئيس -وفقه الله- أن يمنع الشيخ من الكلام عليهم قال: نحن ما نحجر عليه ولا
عليكم، وأنتم ردوا عليه إن شئتم، هكذا أخبرنا الشيخ رحمه الله.
والشيخ نفسه لما كان
مريضًا في المملكة، ذهب بعض المتوجعين من كلامي في أبي الحسن فبلغوا الشيخ فقال:
دعوه يتكلم بما يرى؛ فإنه ما تكلم عن هوى، أخبر بذلك من كان حاضرًا عنده، ولم يحجر
عليّ.
ثم إن الحجر -عند اللزوم-
من شئون ولي الأمر، أما أهل العلم فمن شئونهم النصح والتحذير من الباطل، والرد بعد
النصح على من خالف الحق# اهـ من موقع شيخنا العلامة يحيى حفظه الله .
*وقال الشيخ يحيى حفظه الله "الوسيلة التاسعة: التنفير المباشر عن الدعوة
السلفية، بقولهم: هؤلاء يجرحون، هؤلاء يتكلمون في العلماء، هؤلاء يغتابون، هؤلاء
شغلوا أنفسهم بالكلام في الناس، هذا تفير مباشر، وهناك تنفير غير مباشر؛ وهو أوسع
وأشد، وأضر من الأول، وهو نوع من التزهيد عن علماء السنة، وعن تلقي العلم عنهم؛
بالطعن في قدرتهم العلمية، ويغلون ويبالغون فيمن هو معهم، ولو لم يبلغ في العلم
عشر ذلك السلفي، أو يقولون: ما عندهم شهادات، أو ما عندهم تنظيم، أي: عل ما
يريدون، أو ما عندهم أكل طيب، ويكون في هذا التزهيد صرفه عن الخير والتحذير غير
المباشر، قد يحمله بعض المغفلين حتى وإن كان سلفيا. اهـــ من "الوسائل الخفية لضرب الدعوة السلفية"
*وقال الشيخ يحيى حفظه الله : "وعلم الجرح أجمع عليه المسلمون، على ما جاء في كتاب الله
وسنة رسوله ?، الجرح والتعديل يتنكر له هذا الرجل وأضرابه، من سائر الزائغين، ما
من مجروح إلا ويتنكر لعلم الجرح؛ يريد أن يفشي سمومه بين الناس، ويغش الناس، ويخذل
الناس، ويضيع الناس، وما يريد أن يقال: هذا زائغ، لا والله، «الدين النصيحة»، قلنا
لمن يا رسول الله، قال: «لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».
لقد ضل من لا ينصح لدين الله، إن بني
إسرائيل أولئك ضرب الله قلوب بعضهم على بعض، ثم مسخهم قردة وخنازير، واقرأ سورة
الأعراف: { وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي
كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ
حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا
تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163] اهـــ "من السيل العريض الجارف"
*وسئل يحيى بن علي الحجوري حفظه الله:
"هل لطالب العلم الحق أن يخوض في مسائل
الخلاف بين العلماء؟.
فأجاب بقوله: طالب العلم لا شك أنه بحاجة أن يتفقه
في علم الجرح والتعديل، ويتفقه في الحديث، ويتفقه في الفقه، ويتفقه أيضا في أحوال الفرق،
ويتفقه في سائر الشؤون، هو ما يكون فقط منعزلا على كتاب دون سائر الكتب، ولسنا متحجرين
عليه أن يعرف كل العلوم بل نحثه على ذلك، وإذا عرف منكرا ورأى -ما ، يعني- المنكر
ببيانه، ونقل ما قاله أهل العلم الذين قالوا ببرهان; فإن هذا يعتبر من التعاون على
البر والتقوى.
ويا إخوان التحجر عليهم يضر الدعوة.
ففي فتنة أبي الحسن نموذجا على ذلك، والله،
تكلم فيها من هب ودب، ولا أحد كان يقول: أنت بس لا تتدخل في شؤون العلماء.
أبو الحسن كان معروفا عند الناس من أنه
-يعني- ذروة، كان يعتبر من حيث أنه الشيخ أبو الحسن الشيخ أبو الحسن وما إلى ذلك،
ومع ذلك تكلم فيه نساء وتكلم فيه صغار. ما سمعنا هذه الهمسة إلا مؤخرا، هذا ما
يصلح.
يا إخوان الحق أحق أن يتبع، قال الله عز
وجل: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو
الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن
تعدلوا } [النساء: ١٣٥].
طلاب أحمد نقلوا ما قاله أحمد، وطلاب
البخاري، وطلاب الدارمي، وطلاب [. . .] كذا، وما كانوا يتحجرون عليهم أن لا
يتكلموا في معتزلة، ولا قدرية، ولا جهمية، ولا ما إلى ذلك. بشرط أن يكون ذلك بعلم،
وأن يكون الأئمة الذين لهم الشأن في ذلك بينوا ذلك ببراهينه {وتلك الأمثال نضربها
للناس وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت: ٤٣].
فلا يتحجر على طلاب العلم -هذا من الخطأ-
كما لا يتحجر عليهم في فهم الفرق.
فلماذا نحجر عليهم في فهم شخص دون آخر؟!.اهــ من" شريط أسئلة شباب مسجد الحسن بمدينة معبر"
وقال الشيخ يحيى جوابا عن سؤال:
السؤال: قال يزيد بن عبد القدير جواز: إن
التحذير من أهل البدع حق العلماء فقط، فما قولكم في هذا؟
الجواب:
إن أراد أن الجرح يختص بالعلماء، فهم الذين يجرحون، فعلى هذا إضافة، وهي: يجب
التعاون معهم بنقل الحق الذي جرحوا به أهل الباطل؛ لأن هذا من التعاون على البر
والتقوى، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن
لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، أخرجه مسلم، وإن أراد
أن التحذير من أهل البدع من حق العلماء دون غيرهم، فلا يجرح المبتدعة الذين ليسوا
بعلماء ولا منافقون، فهذا باطل، قال الله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه
آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما
تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأو يله وما يعلم تأو يله إلا الله والراسخون في
العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أو لو الألباب} [آل عمران:7]،
ويقول عز وجل {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة
وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين} [التوبة:47]، وقال بعد هذه الآية {لقد ابتغوا
الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون} [التوبة:48]،...اهــــ من "الإفتاء على الأسئلة الواردة من أماكن شتى"
أقول: كلام شيخنا يحيى حفظه الله كثير في هذه الأمر،
وطريقته في تشجيع طلابه على قول الحق والصدع به ورد الأخطاء ممن كانت، بشرط أن تكون
ردودًا علمية سلفية رصينة، ولا يتحجر على طلابه البتة في قول الحق، والرد على المخالف
، ويقول كما سمعناه منه تكرار تكلموا بالحق كما يقربكم إلى الله وردوا على أهل
الباطل، ويقول أنا أحب الردود العلمية.
وقد كنا في دار الحديث بدماج نكتب الردود
العلمية ونعرضها على شيخنا وإخواننا ولم يكن أحدًا منهم يقول لا تشغل نفسك ولا ترد
وليس هذا مجالك ولا تتكلم في الرجال!!، بل كان شيخنا يحيى وقبله شيخنا مقبل يشجع
الطلاب رجالًا ونساءً على الدفاع عن الدعوة السلفية شعرًا ونثرا.
وبحمد الله فإن حال إخواننا طلاب العلم
والدعاة يعرضون ما يكتبون على مشايخهم وإخوانهم ويستشيرونهم في ذلك، فلذلك نفع
الله بما يكتبون وبردودهم العلمية السلفية القوية.
أخيرًا:
يتضح بحمد الله مما تقدم بيانه بطلان هذه المقولات، وهذه القواعد
والتأصيلات، التي لم يأت بها أثر ولا قول عن سلف، وأن العبرة هي بالحق والبرهان
والحجج، وليست العبرة بكبير ولا صغير، ولا من هذا الذي يرد على فلان!!، فهذا من
الازدراء والسخرية بحامل الحق ومبلغه، وبدفاعه عن الحق وأمره بالمعروف ونهيه عن
المنكر الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين
كتبه أبو حمزة
محمد بن حسن السِّوِرَي
الخميس 4 من صفر 1441هجرية
حمل الرسالة بصيغة بي دي اف
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.