خيــــــــــانة ابن حـــــــــزام للــــــدعوة الســـلفيــــــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد جاءت الأدلة من الكتاب والسنة على ذم الخيانة وتحريمها، وأنها جريمة عظيمة وعاقبتها وخيمة، فمن ذلك:
قوله تعالى: + يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا الله وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ_ [الأنفال: 27].
وقال تعالى: +إِنَّ الله يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الله لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ_ [الحج: 38].
وقال تعالى: +وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ_ [الأنفال: 58].
وقال تعالى: +يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا الله مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ _ [الأنفال: 70، 71].
وقال تعالى: +فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ _ [المائدة: 13].
وقال تعالى: +إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا_ [النساء: 105].
وقال تعالى: +وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا _ [النساء: 107].
وقال تعالى: + ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ الله لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ _ [يوسف: 52].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ» رواه أبو داو (1547)، والنسائي (5468) وغيرهما.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: $إِذَا جَمَعَ الله الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ# متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
والخيانة:
قال ابن سيده رحمه الله في $المحكم والمحيط الأعظم# (5/ 303): $الْخَاء وَالنُّون وَالْوَاو الخَون: أَن يُؤتمن الْإِنْسَان فَلَا يَنْصح# اهـ.
وقال الراغب الأصفهاني رحمه الله في $مفردات غريب القرآن# (ص: 305): $الخِيَانَة والنّفاق واحد، إلا أنّ الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة، والنّفاق يقال اعتبارا بالدّين، ثم يتداخلان، فالخيانة: مخالفة الحقّ بنقض العهد في السّرّ. ونقيض الخيانة: الأمانة، يقال: خُنْتُ فلانا، وخنت أمانة فلان، وعلى ذلك قوله: +لا تَخُونُوا الله وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ..._# اهـ.
وقال القرطبي رحمه الله في $تفسيره# (7/ 395): $وَالْخِيَانَةُ: الْغَدْرُ وَإِخْفَاءُ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ: (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ_# اهـ
وقال ابن الجوزي رحمه الله في $نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر# (ص: 281): $الْخِيَانَة: التَّفْرِيط فِيمَا يؤتمن الْإِنْسَان عَلَيْهِ. ونقيضها: الْأَمَانَة# اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في $الكبائر# (ص: 149): $والخيانة قبيحة فِي كل شَيْء وَبَعضهَا شَرّ من بعض وَلَيْسَ من خانك فِي فلس كمن خانك فِي أهلك وَمَالك وارتكب العظائم...# اهـ
وقال الملا علي القاري رحمه الله في $مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح# (4/ 1711): $وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ# وَهِيَ ضِدُّ الْأَمَانَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ الله -: هِيَ مُخَالَفَةُ الْحَقِّ بِنَقْضِ الْعَهْدِ فِي السِّرِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: +إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ_ [الأحزاب: 72] الْآيَةَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا الله وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ_ [الأنفال: 27] شَامِلٌ لِجَمِيعِهَا (فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ) أَيِ: الْخَصْلَةُ الْبَاطِنَةُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هِيَ ضِدُّ الظِّهَارَةِ وَأَصْلُهَا فِي الثَّوْبِ فَاسْتُعِيرَ لِمَا يَسْتَبْطِنُهُ الْإِنْسَانُ، وَقِيلَ: أَيْ بِئْسَ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْتَبْطِنُهُ مِنْ أَمْرِهِ وَيَجْعَلُهُ بِطَانَةَ حَالِهِ فِي الْمُغْرِبِ بِطَانَةً لِمُلَابَسَةٍ بَيْنَهُمَا كَالْإِنْسَانِ يُلَابِسُهُ ضَجِيعُهُ وَبِطَانَتُهُ# اهـ
أقول:
وبعد هذه التقدمة المختصرة حول الخيانة، نبين للقارئ الكريم السلفي بإذن الله:
أن ما قام به محمد بن حزام هداه الله وأصلحه ضرب من الخيانة، فقد سلك سبيلها، وركب قاربها المخروم، ولبس ثوبها الممزق، ورفع رايتها المظلمة، وقد يستغرب البعض ويظن أن العنوان مضخم ومهول، ولكن من يقرأ ما يأتي؛ وعرف الفتنة من أولها إلى اليوم سيعرف حقيقة الأمر، وتتلخص خيانة ابن حزام للدعوة السلفية في أمور:
1-خيانته بالسعي الحثيث للسيطرة على المركز الذي هو فيه، والجميع يعلم أن المركز مركز الشيخ يحيى ومسجل أوراقه باسمه، وأن الشيخ يحيى هو الذي أكرمه ووضعه وأمنه على ذلك المركز، وحث السلفيين والداعمين عليه، ونصح أهل إب بالالتفاف حوله والتعاون معه ومناصرته ليقوم بدعوة سلفية، ويجمع فيه أهل إب ومن أراد طلب العلم عنده.
2-الخيانة بالسيطرة على المساجد في إب، وجعلها باسمه أو تحت تصرفه، وكل ذلك من أجل التكتيل والتجميع الذي حذره الشيخ يحيى منه، ومن أجل أن يكون الدعاة تحت رأيه وقوله.
3-الخيانة بالتلبيس على طلابه وعلى السلفيين بالقواعد والتأصيلات الخلفية، وتغيير المنهج السلفي الذي عرفوه، وإدخال فيه تأصيلات قد تعب أهل السنة في الرد عليها وبيانها كثيرا، وصرفوا لأجل ذلك الأوقات والجهود الكبيرة.
4-خان ثقة أهل السنة الذين أرسلوا إليه أولادهم وأمنوه عليهم؛ ليعلمهم العقيدة السلفية والمنهج الصافي ويرعاهم، فلم يكن عند حسن الثقة والظن، ولم يسير فيهم بالسير السلفي، وقد وصل الحال به أن زمجر وتغطرس عليهم؛ بأن من أراد أن يبقى فليبقى، ومن أراد أن يذهب فليذهب!، وأن مركزه لابد أن يخلو من أهل الغلو الشغب -كما زعم.
5-خان دعم أهل السنة له، فقد كانوا يرسلون إليه الأموال الكثيرة من كل مكان، من أجل أن يقوم بدعوة سلفية فخانهم في ذلك، واستغل تلك الأموال للسيطرة على الطلاب وعلى المركز، ومن كان معه أعطاه ودعمه، ومن لم يكن معه منعه.
6-الخيانة بتشويه المشايخ والدعاة في إب وغيرها ورميهم بالغلو والشغب والطعن في العلماء وإسقاط العلماء والفتنة في الدعوة!، وهم الذين استقبلوه وآووه وناصروه وفتحوا له مساجدهم وبيوتهم وقد خرج من دماج مهجرا، فكانوا له خير معين ونصير بعد الله تعالى، ولكنه لما قوي عوده جازاهم جزاء سنمار، ونسي عمدًا كل ذلك الإكرام والعون والنصرة والمعروف، وقرب إليه بعض أهل الفتن وسليطي اللسان، ورضي بهم أن يكونوا مكان المشايخ والدعاة في إب.
7-الخيانة بالتشكيك في سير الدعوة السلفية في اليمن، وتصوير أنه يسير على سير الإمام الوادعي رحمه الله، وكبار العلماء، وأن من خالفه لا يسير على ذلك، وأن الدعوة لا ترتبط بعالم واحد، ولا تقلد أحدًا، ولا بد أن نرجع إلى العلماء الكبار في غمز صريح في الشيخ يحيى ومشايخ السنة في اليمن الناصحين له، وأن الدعوة في أوساطها أهل غلو وشغب، وأن المشايخ وقفوا وأيدوا واحتضنوا أهل الغلو والشغب.!!
8-الخيانة بإثارة قضايا قد فرغ أهل السنة من بيانها وتقريرها، مثل الإبانة، وتحزيب أصحابها، وقضية الجمعيات، وهجر المبتدعة، ومسائل في الجرح والتعديل وغيرها من المسائل.
9-الخيانة بكتم وإخفاء أشياء يعتقدها، وهو يعرف أنه لو أخرجها من قبل لنفر الناس عنه، ولولا أن السلفيين ممن زاروه وسألوا عنها لما فُضح ونطق بها، وأيضا التراجع عن أشياء كان يعتقدها ويسير عليها من قبل، ويقول أنا متراجع الآن بعد أن فُضح وبانت الأمور والطريقة المعوجة.
10-الخيانة بعدم قبول نصح شيخه يحيى ومشايخ السنة والدعاة وطلاب العلم، وطلابه الناصحين فتركهم كلهم وأخذ بنصح حاشيته المعروفة وقدمهم على شيخه وإخوانه.
11-خان طلاب العلم الذين صبروا على طلب العلم عنده سنين طويلة، وهم فرحون به، ويثنون عليه، وينشرون علمه، فاضطرهم بأفعاله وتصرفاته وأقواله إلى المغادرة، وترك بيوتهم ومساكنهم، فهو الذي أجبرهم على ذلك بمخالفته للدعوة السلفية، وقد رأينا وسمعنا كتاباتهم الحزينة المؤلمة وهم يحكون مغادرتهم مع أولادهم ونسائهم المركز والسكنات بعد أن كانوا مستقرين ويطلبون العلم، ويذكرون أنهم تعبوا في نصحه دون جدوى غير العناد والكبر.
فهذه بعض الأمور المختصرة المعلومة التي تثبت ما عنونا عليه في هذا المقال، وليعلم ابن حزام أنه المتضرر الأكبر من هذه الخيانة، وأن ترك أهل السنة له هو مذمة له وليس لهم، وهو دليل تجرد ونصح لمن تركه وترك فتنته ومركزه الذي كان أهل السنة يأملون فيه أن يكون قلعة من قلاع السنة والخير والعلم والهدي، فحوله ابن حزام إلى ما ترون وتسمعون وتشاهدون، وإن لم يتدارك نفسه وينصح لها، ويقبل نصح وتوجيهات لأهل السنة، سيصبح مأوى لأهل الفتن والأهواء، فراجع نفسك واتقي الله فيها، وفي إخوانكم وطلابك، ولا تضيع الخير فسوف تندم على ذلك، والله الموعد
ولا ننسى شكر المشايخ والدعاة وطلاب العلم الذين امتثلوا ووقفوا بعد نصح وتوجيهات شيخهم العلامة يحيي بن علي الحجوري حفظهم الله جميعا صفا واحدا متماسكين متظافرين متعاونين، مما جعل هذه الفتنة والخيانة تذوب وتظهر سريعا، ويعرفها أهل السنة ولا تؤثر فيهم ولا تفتك بهم، وهذا كله بفضل الله تعالى فلله الحمد والمنة. +وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِالله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ _ [هود: 88]
كتبه أبو حمزة محمد بن حسن السوري
يوم النحر العاشر من ذي الحجة 1442 هجرية
المدينة النبوية
حمل المقال بي دي اف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.