الجرح والتعديل
لا يقال عنه طعن في أعراض الناس
وذم دفاع التلميذ عن شيخه بالباطل
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا رد ماتع من الإمام
الذهبي رحمه الله على ابن الجوزي رحمه الله فيه فوائد طيبة مفيدة أحببت نقله
لإخواني للفائدة:
قال
الإمام الذهبي رحمه الله في $تاريخ الإسلام #(37/ 404-408)
في ترجمة :$ محمد بْن ناصر
بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عُمَر الحافظ، أبو الفضل السُّلاميّ#:
$قَالَ تلميذه أبو الفَرَج
بْن الجوزيّ : كَانَ حافظا، ضابطا، ثقة،
متفنّنا من أهل السُّنَّة، لا مَغْمَزَ
فيه. وهو الَّذِي تولّى تسميعي الحديث. فسمعت بقراءته «المُسْنَد» للإمام أحمد،
وغيره من الكُتُب الكبار والأجزاء.
وكان يُثَبّت لي ما أسمع،
وعنه أخذت عِلْم الحديث. وكان كثير الذِّكر، سريع البكاء.
ذكره ابن السّمعانيّ في
«المُذَيَّل» فقال: $كَانَ يحبّ أن يقع في النّاس#.
قَالَ ابن الْجَوْزيّ:
وهذا قبيحٌ من أَبِي سعد، فإنّ صاحب الحديث ما يزال يجرّح ويعدّل. فإذا قال قائل:
إن هذا وقوع في الناس دلّ عَلَى أنّه لَيْسَ بمحدِّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة. و
«مذيّل» ابن السّمعانيّ ما سمّاه إلّا ابن ناصر، ولا دلّه عَلَى أحوال الشّيوخ
أحدٌ مثل ابن ناصر، وقد احتجّ بكلامه في أكثر التّراجم، فكيف عوَّل عَلَيْهِ في
الْجَرْح والتّعديل، ثمّ طعن فيه؟ ولكنّ هذا منسوبٌ إلى تعصُّبُ ابن السّمعانيّ
عَلَى أصحاب أحمد. ومن طالَعَ كتابه رَأَى تعصُّبه البارد وسوء قَصْده. ولا جَرَم
لم يُمتّع بما سمِع، ولا بلغ رُتْبة الرواية . انتهى كلام ابن
الجوزيّ.
قلت $الذهبي#: يا أبا
الفَرَج، لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه. فإنّه عليك في هذا الفصل مؤاخذات
عديدة، منها أنّ أبا سعد لم يقُلْ شيئا في تجريحه وتعديله، وإنّما قَال: $إنّه يتكلّم في
أعراض النّاس#. ومن جرّح وعدّل لم يسمّ في عرف أهل الحديث أنّه يتكلَّم في
أعراض النّاس، بل قَالَ ما يجب عَلَيْهِ، والرجل فقد قَالَ في ابن ناصر
عبارتك بعينك الّتي سَرَقْتَها منه وصَبَغْتَه بها.
بل وعامَّة ما في كتابك «المنتظم» من سنة نيّف
وستّين وأربعمائة إلى وقتنا هذا مِن التّراجم، إنّما أَخَذْتَهُ من «ذيل» الرجل،
ثمّ أنت تتَفَاجَمُ عَلَيْهِ وتتفاحج.
ومَن نظر في
كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضا عرف عترسته وتعسُّفَه في بعض الأوقات.
ثمّ تَقُولُ: فإذا قال
قائل إن هذا وقوع في الناس دلّ عَلَى أنّه لَيْسَ بمحدِّث، ولا يعرف الجرح من
الغَيْبة، فالرجل قَالَ قوله، وما تعرّض لا إلى جرحٍ
ولا غَيْبة حتّى تُلْزِمَه شيئا ما قاله.
وقد علِم الصالِحُون
بالحديث أنّه أعلم منك بالحديث، والطُّرق، والرجال، والتّاريخ، وما أنت وهو بسواء.
وأين من أضنى عُمره في الرحلة والفنّ خاصَّة وسمع من أربعة آلاف شيخ، ودخل الشّام،
والحجاز، والعراق، والجبال، وخُراسان، وما وراء النّهر، وسمع في أكثر من مائة
مدينة، وصنَّف التّصانيف الكثيرة، إلى من لم يسمع إلّا ببغداد، ولا روى إلّا عَنْ
بضعةٍ وثمانين نفْسًا؟!
فأنت لا ينبغي أن يُطْلَق
عليك اسمُ الحِفْظ باعتبار اصطلاحنا، بل باعتبار أنّك ذو قوَّةٍ حافِظَة، وعلْمٍ
واسع، وفنون كثيرة، واطّلاعٍ عظيم. فغفر اللَّه لنا ولك.
ثمّ تنسبه إلى التّعصُب
عَلَى الحنابلة، وإلى سوء القَصْد، وهذا- والله- ما ظَهَر لي من أَبِي سعد، بل،
والله، عقيدتُهُ في السُّنَّة أحسن من عقيدتك، فإنّك يوما أشْعَرِيّ، ويوما،
حنبليّ، وتصانيفك تُنْبئ بذلك. فما رأينا الحنابلة راضين بعقيدتك، ولا الشّافعية،
وقد رأيناك أخرجت عدَّة أحاديث في الموضوعات، ثمّ في مواضع أخر تحتجّ بها وتحسّنها.
فخلنا مساكتة# اهـ
وقال الإمام الذهبي رحمه الله في $سير أعلام
النبلاء#(20/ 268):$ ثُمَّ بَالغ
ابْن الجَوْزِيِّ فِي الْحَط عَلَى أَبِي سَعْدٍ، وَنسبه إِلَى التَّعَصُّب
البَارِد عَلَى الحَنَابِلَة، وَأَنَا فَمَا رَأَيْتُ أَبَا سَعْد كَذَلِكَ، وَلاَ
رَيْب أَنَّ ابْنَ نَاصرٍ يَتعسف فِي الْحَط عَلَى جَمَاعَة مِنَ الشُّيُوْخ،
وَأَبُو سَعْدٍ أَعْلَم بِالتَّارِيْخ، وَأَحْفَظ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيّ وَمِنِ
ابْنِ نَاصر، وَهَذَا قَوْله فِي ابْن نَاصر فِي (الذّيل) # اهــ.
أقول: في هذا
الحوار والنقاش فوائد مهمة.
1-رد أهل السنة بعضهم على
بعض.
2-رد الخطأ ممن كان، وأنه
ليس مذمومًا عند السلف.
3-قد يحصل التخشين والقسوة
في الرد؛ ولا يخرجه ذلك عن كونه علميا، وأيضا قد يحتاج الراد ذكر أشياء أخرى من
حال المردود عليه.
4-ذم تعصب التلميذ لشيخه.
5-أن الجرح والتعديل لا
يسمى في عرف أهل الحديث طعنا في الأعراض، وإنما هو نصح، وأهمية الجرح والتعديل
وفرق بينه وبين الطعن في الأعراض .
6-انزال الناس منازلهم
وعدم ازدراء أهل الخير والعلم بسبب قول الحق .
7-الدفاع عن المحق والثناء
عليه، والدفاع على من اعتدي عليه.
8- ذم التعسف فِي الْحَط
عَلَى أهل العلم والفضل فلا إفراط ولا تفريط.
9- ذم من نهى عن شيء وأتى مثله
فإنه سبيل التناقض.
10-لا يمكن تبرير الباطل
تحت مسمى شيء من الحق، فالطعن في الأعراض لا يمكن تبريره تحت مسمى الجرح والتعديل.
والحمد لله رب العالمين
كتبه أبو
حمزة محمد بن حسن السوري
9 من صفر 1441 هجرية
حمل المقال بصيغة بي دي اف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.