السبت

[من طالب علمٍ وداعٍ إلى الله إلى مغرد!! ]

[من طالب علمٍ وداعٍ إلى الله إلى مغرد!! ]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53]
.
والقائل جل جلاله: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 18].

وصلى الله وسلم على سول الله القائل: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».

أما بعد :
فمن نعمة الله على العبد وتوفيقه له أن يرزقه العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله تعالى، والتأليف، والكتابة النافعة؛ المدللة بالآيات والأحاديث وأقوال سلف الأمة، كتابات نافعة مفيدة واضحة ظاهرة معروف مقاصدها ومعانيها.

قَالَ الإمام الذّهَبِيُّ رَحِمَهُ الله تعالى : «تَدْرِي مَا العِلْمُ النَّافِعُ؟ هوَ ما نزلَ بهِ القُرآن، وَفَسَّرَه ُالرَّسُولُ صلّى الله عليه وآلِهِ وَسَلّم قَوْلاً وَعَمَلاً، وَلمْ يأتِ نَهْي ٌعنْهُ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلام:  « مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنّتِي فليْسَ مِنِّي »
  فَعَلَيْكَ ياَ أخِي بتدَبُّرِ كِتَابَ الله وبإدمَانِ النَّظَرِ فِي الصَّحِيحَين وَسُنَن ِالنَّسَائِي،  وَِرياضِ النّوَاوِي وَأذْكَارِهِ، تُفلِحُ وَتَنْجَح، وَإِيَّاكَ وَآرَاءَ الفلاسِفَةِ وَوَظائِفَ أهلِ الرِّياضاتِ، وجُوعَ الرُّهبَانِ وخِطابَ طَيْشِ  رُؤُوسِ أصْحابِ الخَلَوَاتِ فَكلُّ الخَيْرِ في مُتابَعَةِ الحَنيفيَّة السَّمْحَة. فَواَغَوْثَاهُ بالله، اللهمّ اهْدِناَ إلىَ صِرَاطِكَ المُسْتَقِيم » اهــ من «سير أعلام النبلاء»( 19/430).

 وقال الإمام الذهبي رحمه الله :قالَ أبُو الوَفَاءِ بنُ عَقيل :« عَصَمَنِي الله في شَبابِي بأنواع ٍمِنَ العِصْمَةِ وَقَصَرَ مَحَبَّتِي عَلَى العِلْمِ َوَماَ خاَلَطْتُ لَعَّاباً قَطُّ، ولاَ عَاشَرْتُ إلاّ أَمْثَالِي مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ وَأََناَ فِي عَشْرِ الثَّمانين أَجِدُ الحِرْصَ عَلَى العِلْمِ أَشَد ّمِمّاَ كُنْتُ أَجِدُهُ ابْنَ العِشْرِين »اهـ من «سير أعلام النبلاء»(18/446)

وقَالَ الإِمَامُ الذَّهَبي - رَحِمَه الله تعالى« وَإنّما شَأْنُ المُحَدِِّث اليَوْمَ الاِعْتناءُ بالدَّواوينِ السِّتة، وَمُسنَدِ أحمد بنِ حنبل وسننِ البيهقي، وضبطِ متُونِها وأسانيدِها، ثمَّ لا ينتفعُ بذلكَ حتَّى يتَّقيَ رَبَّهُ، ويدين بالحديثِ، فعلى علمِ الحديثِ وعلمائِهِ لِيَبْكِ مَنْ كانَ باكياً، فقدْ عادَ الإسلامُ المحْضُ غريباً كما بدأَ، فَلْيَسْعَ امرُؤ في فكاكِ رقبَتِهِ منَِ النَّار، فلا حولَ وَ لا قُوَّة إلاَّ بالله . ثمَّ العلمُ ليس هو بكثرَة ِالرِّواية، وَلَكنَّهُ نُورٌ يقذِفُهُ الله فيِ القلبِ، وَشَرْطُهُ الاِتباع ُ والفِرارُ منَ الهَوَى والاِبتداعِ، وَفَّقَناَ الله وإيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ» اهـ من «سير أعلام النبلاء»(13/313).

فقارن أيها الأخ السلفي بين هذا وبين ما نراه اليوم ونشاهده من الحالة السيئة التي وصل إليها بعض الناس ممن كان في العلم والتعليم والدعوة.

والآن شغلوا أنفسهم بالتغريدات ومتابعة الجهال والحزبيين والإعلاميين والسياسيين الذين شغلوا أنفسهم بالتغريدات والتحليلات.
فترى الواحد منهم يغرد بعبارات لا ترى فيها آية ولا حديثًا ولا أثرًا صحيحًا، ولا معنًا صحيحًا مستقيمًا.
و ياليتهم يسلمون من الخطأ والزلل، وفحش العبارات، والطعن في العلماء والدعاة الناصحين.
وهذه الطريقة ما علمنا عليها علماء ومشايخ ودعاة وطلاب الدعوة السلفية لا من قبل ولا من بعد، وإنما نعلم عنهم الكتابات والتأليفات والتحقيقات والبحوث النافعة المفيدة، والمقالات والكلام العلمي الرصين المدلل بالآيات والأحاديث وأقوال السلف الصالح رضوان الله عليهم، وإنما رأيناها عند الحزبيين والمفكرين والإعلاميين والصحفيين والسياسيين ومن تأثر بسيرهم واغتر بحالهم ولهجتهم وبهرجتهم!!.
فلو كان خيرًا لسبقنا إليه العلماء والمشايخ والدعاة الناصحون السباقون إلى كل خير بحمد الله تعالى.
وبعضهم يغرد ولا يدري ما يخرج من رأسهم!!، ولا ينظر في عاقبة كلامه على نفسه وعلى إخوانه ومشائخه ودعوته!!، وهل هذا الكلام يرضي الله تعالى أم يسخطه؟!، ومن المستفيد من هذا الكلام؟!.

ولابد من تذكُر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «الفتح »(10 / 446) :«وَهَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِأَنَّ الْقَوْلَ كُلَّهُ إِمَّا خَيْرٌ وَإِمَّا شَرٌّ وَإِمَّا آيِلُ إِلَى أَحَدِهِمَا فَدَخَلَ فِي الْخَيْرِ كُلُّ مَطْلُوبٍ مِنَ الْأَقْوَالِ فَرْضُهَا وَنَدْبُهَا فَأَذِنَ فِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَدَخَلَ فِيهِ مَا يؤول إِلَيْهِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا هُوَ شَرٌّ أَوْ يَئُولُ إِلَى الشَّرِّ فَأَمَرَ عِنْدَ إِرَادَةِ الْخَوْضِ فِيهِ بِالصَّمْتِ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الزُّهْدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا لِيَغْنَمْ أَوْ لِيَسْكُتْ عَنْ شَرٍّ لِيَسْلَمْ» اهــ

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تحت هذا الحديث في «جامع العلوم والحكم»:« فليس الكلام مأمورا به على الإطلاق، ولا السكوت كذلك، بل لابد من الكلام بالخير والسكوت عن الشر، وكان السلف كثيرا يمدحون الصمت عن الشر، وعما لا يعني لشدته على النفس ، وذلك يقع فيه الناس كثيرا ، فكانوا يعالجون أنفسهم ، ويجاهدونها على السكوت عما لا يعنيهم .
قال الفضيل بن عياض : ما حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حبس اللسان ، ولو أصبحت يهمك لسانك ، أصبحت في غم شديد ، وقال : سجن اللسان سجن المؤمن ، ولو أصبحت يهمك لسانك ، أصبحت في غم شديد .
ثم نقل كلام ابن المبارك : «لو كان الكلام بطاعة الله من فضة ، فإن الصمت عن معصية الله من ذهب . وهذا يرجع إلى أن الكف عن المعاصي أفضل من عمل الطاعات» اهــ.

وقال العلامة الفوزان حفظه الله ورعاه:« أيها الناس اتقوا الله تعالى، قال الله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}.
عباد الله، في هذه الأيام وبسبب كثرة الفتن وكثرة الشرور بين الناس وبسبب ما تروجه وسائل الإعلام والتويترات والوسائل الكثيرة الدقيقة والمنتشرة في البيوت وفي كل مكان ينشر فيها من الأخبار ومن الإثارات ما يشيب الرؤوس ويشغل الناس، والناس إذا اجتمعوا في مجالسهم لابد لهم من حديث إما في الخير وإما في الشر وإما بما لا فائدة فيه.
فعلى المسلمين أن يكفوا ألسنتهم عن الكلام في الشر وأن يقتصروا على الكلام في الخير وما فيه المصلحة لهم ولغيرهم، وكذلك الكف عن الكلام الذي لا فائدة فيه، فإن كلام الإنسان مكتوب عليه ومسجل عليه ومحصن عليه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}.
على المسلم أن يتحفظ من لسانه قد قال صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ» أَوْ قال: «عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».
فلمسلم يحفظ لسانه إلا بما فيه خير له ولغيره أو ما يحتاج إليه: {إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ}، الصدقة تشمل الصدقة بالمال، الصدقة بالجاه، والصدقة بالكلام الطيب كل هذا يدخل في الصدقة: {إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ} أمر بمعروف من تعليم علم، وأمر بمعروف ونهي عن المنكر، ودعوة إلى الخير توجيه سديد فهذا نفعه يتعدى وخيره يرجع إلى المتكلم به إذا نفع الله بكلامه، {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} وهذا هو محط الفائدة إذا حصل بين الناسِ سوء تفاهم، حصل بينهم نزعات ونزغات، حصل بينهم فتن وحروب فالإنسان يتكلم بالإصلاح لا بما يزيد الشر ويؤجج الفتنة..... »
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/14971

وللشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله خطبة طيبة حول «التحذير من تويتر» حذر فيها مما يحصل في تويتر من هذه التغريدات الغير منضبطة وشغل الناس بها ومما قال:
«في مثل هذه المواقع دعوة إلى تراشق التهم بين الناس وترويج الأكاذيب التي يستعملها البعض لإحداث الشهرة ببروزه فيها ويتخذها وسيلة للسب والطعن في الناس بغير علم، وهذه أمور خطيرة لا يجوز للمسلم الانسياق فيها، ودعا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى القيام بواجبهم في التحذير من هذه المواقع وتبصير الناس حتى يكونوا على بينة من أمرهم، لافتاً إلى أن الإنترنت يحوي أيضاً إلى جانب سلبياته مواقع نافعة إيجابية مفيدة، فيها وسائل علم ومعرفة وعلوم مختلفة وأمور عظيمة وتجارة ودعوة إلى الله، وحث سماحته على توعية الرأي العالمي بنشر الحقائق ومناقشة الشبه ودحضها باليقين. )اهـــ من موقعه

فالحذر الحذر مما يقوله المغردون الذين يسعون للطعن في الخير وأهله، والدعوة السلفية ومشائخها ودعاتها، وشغل طلاب العلم بما لا فائدة فيه، ويستغله المتربصون بالدعوة السلفية.

وننصح أنفسنا أولًا، وإخواننا ثانيا بالإقبال على الخير والدعوة السلفية علما وعملًا وقولا وفعلا ودفاعا، وألا نصبح صحفيين ومغردين ومحللين.

قال شيخنا ووالدنا الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله أما الصّحف الكذّابة فمن أراد أن يجالس الكذّابين فليقرأ في الصحف، وإذا أردت أن تجالس الصادقين قرأت في كتاب ربنا وفي (الصحيحين) وفي كتب التزمت الصحة. ولقد أحسن من قال:
وأرى الصّحافيّين في أقلامــهم *** وحي السّماء وزينة الشّيطان
فهم الجناة على الفضيلة دائمًا *** وهم حماة لحرمة الأديـــــــان
قلت: كان ينبغي أن يقول الشّاعر : والهاتِكُون لحرمة الأديان .
فلربّما رفعوا الوضيع سفاهة *** ولربّما وضعوا رفيع الشّــــــــان
وجيوبهم فيها عقولـــــهم إذا *** ملئت فهم من شيعة السّلطان
وإذا خلت من فضله ونوالـــه *** ثاروا عليه بخائن وجبــــــــــــان
ويصوبون المخطئين تعمــّــدًا *** ومن المصيبة زخرف العنـــــوان» اهــ
من« الباعث على شرح الحوادث»( ص 32)

وتعجب والله من بعضهم تقول له مالك يا أخي كانت لك مقالات وتعليقات  وجهود طيبة، ولم نعد نرى و نسمع لك شيئا من جهودك الطيبة، فيقول شغلنا بتويتر أصبحنا نتابعه!!، وبعضهم شُغل بالفيسبوك عما كان عليه من نشر الخير، وارتضى لنفسه يغرد في تويتر والفيسبوك.


 نسأل الله أن يوفقنا وإخواننا إلى كل خير، وأن يصرف عنا وعنهم كل شر وضير، وأن يفرج عن بلادنا ويطهرها من هذا الرجس وهذا الخبث، ونعود إلى العلم والتعليم والدعوة والخير الذي كنا عليه وأكثر بإذن الله تعالى.
والله الموفق

والحمد لله رب العالمين

كتبه :

أبو حمزة محمد بن حسن السوري

السبت 6من ربيع الثاني 1437هجرية
مكة المكرمة حرسها الله





نبذة عن الكاتب

المساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئينالمساعد العربي موقع عربي يهدف إلى نشر تصاميم مجانية لمساعدة المدونين المبتدئين


يمكنك متابعتي على : الفيسبوك

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

^ إلى الأعلى