صيحة نذير
المجتمع في
طريقه إلى الترفض!!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
قال الله تعالى عن نبيه
صالح عليهم الصلاة والسلام: { وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ
رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ }
[الأعراف: 79].
وعن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنه
قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ
الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» رواه البخاري (57)،
ومسلم (56).
وعن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»
قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ
الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رواه مسلم (55)
أقول:
لأهمية النصح ووجوبه:
إن الناظر إلى الوضع
الحقيقي للمناطق المحتلة؛ من قبل الحوثيين في بلاد الإيمان والحكمة؛ ليعلم أنه إن
استمر الوضع هكذا، فإن المجتمع في طريقه إلى للترفض والعياذ بالله.
فالوضع يزداد سوأ يوما بعد يوم، والرافضة يتمكنون في المجتمع أكثر
وأكثر، ومن خلال ما سأبينه لك أيها القارئ إن شاء الله تعالى ستعرف حقيقة ذلك:
1-سيطر الحوثيون على أغلب المساجد، وإذا لم
يكن المسجد تحتهم يطلبون من إمام المسجد حضور دورات ثقافية، أو يطلبون منه أن يسمح
لهم بالخطب أو المحاضرة، أو يطلبون منهم أن يتكلم على العدوان -زعموا- في خطب
الجمعة، أو يسمحون لهم بأداء الصرخة، وقد أخبرني أحد أئمة المساجد قال: $أخذوني
أكثر من مرة، وأخذوا ولدي دورة لمدة أسبوعين#، وأخبرني
أخرون أنهم طلبوا منهم ما تقدم.
وبدأوا بنشر وتعليم الفكر الرافضي في الخطب والمحاضرات والدورات
واللقاءات في المساجد، وبأساليب متنوعة.
2-سيطروا على التعليم والمدارس والجامعات والكليات، وقاموا بالتغيير
في المناهج، ونشر الكثير من فكرهم، والسيطرة على المدرسين، وأخذ الكثير للدورات
الثقافية لمدة أسبوعين.
3-السيطرة على الإعلام والقنوات والإذاعات،
والكل يسمع ويرى ما يحدث في قنواتهم وإذاعاتهم من بث فكرهم وسمومهم، وأخذ
الإعلاميين للدورات الثقافية لمدة أسبوعين.
4-التركيز الكبير على الدورات الثقافية،
فيأخذون الكثير من الناس سواء أئمة المساجد أو المدرسين أو الموظفين في جميع
القطاعات، أو العساكر، وعقال الحارات، يأخذونهم دورات ثقافية ويجبرونهم عليها، لكل
من أراد أن يأخذ تموينا غذائيا أو شيئا من الراتب أو يبقى في وظيفته المهمة!،
ويبقى عندهم أسبوعين في أماكن لا يعلمها الحاضرون في بدرومات ونحوها.
وقد حدثني بذلك الكثير ممن حضر وذهب، وقال: يأتونهم بمدرسين يدرسونهم
ملازم حسين بدر الدين الحوثي، والفكر الرافضي من سب الصحابة، وغير ذلك من
المعتقدات الباطلة الخبيثة.
5-انتشرت المتعة والزينبيات بكثرة، وأصبحن يُعرفن،
ويتباهين بذلك، ويدعين إلى ذلك.
6-انتشر سب الصحابة، وأصبح الكلام في أبي
هريرة ومعاوية وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم جميعا أمر عاديا مسموعًا، وأصبح الكثير
من اليمنيين في عقولهم طعونات في الصحابة، ويتواصل بنا الكثير وقد امتلأت عقولهم
بشبهات حول الصحابة، لماذا عملوا كذا وكذا، ولماذا عملت عائشة كذا وكذا؟!
7-أصبحت العقيدة الصحيحة مشوهة عند الكثير،
بسبب الجهود الكبيرة الشيطانية التي يبذلها الحوثيون لتقرير عقيدتهم الخبيثة،
وتشويه العقيدة الصحيحة.
وكم يتواصل بنا وبغيرنا الكثير يسألون عن عذاب القبر، ورؤية الله
عز وجل، والأسماء والصفات، والسنة، والتوحيد، وكثير من العبادات، وقد أثرت فيهم
شبهات الحوثي بقوة، وأصبح الكثير يدافع عن تلك الشبة، وينشرونها ويحاجون بها
الناس.
8-أخذوا الناس بالترهيب والترغيب إلى ساحات القتال في جميع
الجبهات، هذا يأخذونه بالتلبيس عليه، وهذا يأخذونه بالترهيب بمنع المعاشات والمواد
الغذائية التي يمني بها الحوثيون الناس مما يأخذونه من المنظمات الدولية، التي تصب
الإعانات الغذائية على الحوثيين صبا، فمن أراد مواد غذائية أو شيئا من راتبه
يلزمونه بالذهاب إلى القتال، وخاصة العساكر.
وهناك يعبون الناس بالملازم والفكر البطالة، فيغررون بالناس إلى
القتال، فيُقتل من يُقتل ويُؤسر من يُؤسر ويُجرح من يُجرح، وقد امتلأت المقابر
بالقتلى، والمستشفيات بالجرحى، والبيوت بالمعاقين والأيتام والأرامل!
وقد استغل هذا الحوثيون جدًا، بجعل الناس بعد ذلك يذهبون طواعية
وبرغبة إلى جبهات القتال، فأصبح من قُتل له قتيل أو جُرح له قريب أو صديق يذهب
طواعية إلى جبهات القتال بعد أن يتم التعبئة بالأفكار البطالة، وإثارة الحمية لهم
بسبب من قُتلوا من أقربائهم وأصدقائهم وذويهم.
واستغل الحوثيون جنائز القتلى جدًا بنشرها وتصويرها، وأصبحت الجنائز
عبارة عن اجتماعات يتم من خلالها تعبئة الناس، وبث الكراهية والحقد في المجتمع،
فأصبح الكثير يوافق الحوثي، ويثني عليهم بسبب التعبئة المتواصلة من الحوثي في كل
مكان والعياذ بالله العلي العظيم.
9-ومما زاد الوضع سواء وجعل الناس يميلون إلى الحوثي هم أهل
الأهواء والبدع الذين يجعلون الخلاف مع الحوثي خلافا عاديا، وأن الحوثة مسلمون لهم
ما لنا وعليهم ما علينا!
ولعلكم تذكرون محمدًا الإمام وأصحابه أصحاب الوثيقة الخبيثة؛ الذي
قرر فيها وفي غيرها الأخوة الإيمانية بينه وبين الحوثيين!، وكان لهذ أثر كبير سلبي
على الناس، وأصبح الناس ينظرون إلى الحوثي وفكره أنه ليس فكرا خطيرا، وأن الحوثي
فكره لا يضر الناس ولا يهددهم!، فدخل الكثير في شباك الحوثي بسبب دفاع محمد الإمام
عن الحوثي وثناءه على الحوثي، ومحمد الإمام يظهر نفسه أمام المجتمع أنه سلفي معتدل
وسط، فكان هذا من أكبر التغرير بالمجتمع اليمني.
وقد استغل الحوثي هذا الأمر، وبدأ بتكثير الزيارات لمراكز ومساجد
وأتباع محمد الإمام وإظهارها في القنوات، ونشرها في الإذاعات وفي الصحف، والثناء المتبادل
من الجانبين، وشكر الحوثي لأصحاب محمد الإمام، وشكر أصحاب الإمام للحوثيين وعبد
الملك الحوثي.
وهكذا حصل مع غيرهم من أهل البدع والأهواء مثل حزب الرشاد والإخوان
المسلمين وغيرهم.
وأيضا الذين يظهرون أن الخلاف مع الحوثي خلاف سياسي بسبب الانقلاب
فقط!، فهذا مما يغرر بالناس، واستغل هذا الحوثي جدًا لجمع الناس حوله، بأن الخلاف
سياسي، وأن معتقده لا خلل فيه ولا ضرر على الناس، مما جعل كثيرا من الناس يمشون في
ركاب الحوثي.
فالحوثي شغال في ترفيض المجتمع بكل الوسائل والطرق والسبل المتاحة
إليه، والمجتمع يستجيب شيئا فشيئا، ويسير في طريق الحوثي وفكره يوما بعد يوم، وإذا
استمر الحال بهذا الأمر، فإن المجتمع سوف يتحول إلى مجتمع رافضي، وانظروا كيف أصبح
الحال في إيران بعد أن تمكن الرافضة وكيف الحال الآن في العراق، وجنوب لبنان!
وفي المقابل نجد عدم مبالاة وعدم اهتمام وعدم مواجهة حقيقة لهذا
السعي الكبير من الحوثيين لترفيض المجتمع، وإنما نرى مكايدات سياسية، ومنافسة على
المناصب والكراسي، ومشغولين بالديمقراطية، والنفوذ السياسي، وكل واحد همه الوحيد:
كيف يسعى للنيل من خصمه ومعارضه، وربما حصل القتال من أجل ذلك بين اليمنيين والذين
هم في الصف الواحد ضد الحوثي، ونرى ونسمع ما يحزن ويضيق الصدور من الخلاف الذي هو
مبني على المنافسة على الدنيا والكراسي والمناصب.
ولا نرى من يهتم بالناس وأحوالهم وصلاح عقيدتهم وإنقاذهم من
الظلمات إلى النور، وإنقاذهم من الترفض وغيره من الأفكار المنحرفة الضالة إلا أهل
السنة أهل المنهج السلفي الصافي النقي.
الذين يسعون ليلا ونهارا إلى إصلاح المجتمعات، وتعليمهم وتحذيرهم
من الفتن والشرور، وهم الوحيدون الذين يعملون الناس العقيدة الصحيحة، والذين
يحذرون من فكر الرافضة من قديم وحديث، وغيرها من الأفكار والجماعات المنحرفة، وهذا
حالهم في كل زمان ومكان:
عن مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه، قال
سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ
طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ الله، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ
خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ الله وَهُمْ ظَاهِرُونَ
عَلَى النَّاسِ» رواه البخاري (3641) ومسلم (1073)
قال الإمام أحمد
بن حنبل رحمه الله في $الرد على الجهمية والزنادقة# (ص: 55): $الحمد لله الذي جعل في كل
زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على
الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس
قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس
عليه، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين# اهـ.
أخيرًا:
مما
تقدم عُرف أن حقيقة الوضع وأنه خطير جدًا، لا ينبغي الاستهانة به، أو غض الطرف
عنه، أو السكوت، وإنما يجب على الجميع أن يقفوا لله وفي الله في وجه هذا المد
الرافضي الخبيث الذي يسعى إلى تغيير الخارطة اليمنية، وتغيير عقيدة أهل الإيمان
والحكمة، وأن يقف كل واحد بما أوجبه الله عليه، وكل واحد بما يقدر ويستطيع من
انتشال هذا الشعب من هذا الخطر المدمر الفتاك؛ الذي سيصعب تداركه وعلاجه إذا تمكن
واستشرى في قلوب الناس والعياذ بالله العلي العظيم
وليعرف الجميع أنهم مسؤولون عن ذلك بين يدي الله تعالى كما:
قال ربنا سبحان وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله
وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ
وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران: 110].
وقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ
أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ الله إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ
غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا
يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
وقال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ} [سورة العصر]
وعن عَبْدِ الله رَضِيَ الله
عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ
فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ
مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ
عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ
مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ
عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (2554)
ومسلم (1829).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه مسلم (49).
والحمد
لله رب العالمين
كتبه
أبو حمزة محمد بن حسن السِّوَرِي
ليلة الاثنين6 من جمادى الأولى 1442هجرية
حمل المقال
بصيغة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.