السلفية هي الأخذ بالحجج والأدلة لا بالأذواق والهوى

السلفية هي الأخذ بالحجج والأدلة لا بالأذواق والهوى

بسم الله الرحمن الرحيم 

✍️أما بعد :

فإن السلفية أساسها المتين الأخذ بالحجج والبراهين والأدلة من الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة.

◾قال الله تعالى :{ المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (3)}[ سورة الأعراف]

🔘فإذا كان الإنسان ليس في صدره حرج من الأخذ والتمسك والسير على الأدلة والبراهين فهذا هو السلفي الحقيقي، وهو الذي يتبع ما أنزله الله ولا يقدم قول أحد على الأدلة والبراهين والحجج. 

🔘ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم هم رواد هذا الأمر وسادته، فكانوا لا يقدمون شيئا على كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكانوا يقولون{ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}[ سورة البقرة]. 

🔘فهذا هو حال أهل الحق والتجرد 

قال تعالى عنهم :{ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [سورة المائدة: 84].

⚫وقد حصل الخلل في هذا كثيرا حتى من بعض المدعيين للمنهج السلفي، فتراه يقدم هواه ومذاقه على الأدلة والحجج وتراه يقدم ما وافق هواه ومذاقه، وتراه أيضا يأخذ ويتبع ما يقوله صاحبه وزميله ولو كان مخالفا للحق والبرهان. 

🔘ونرى ونشاهد من البعض رد المقالات والكتابات والردود السلفية بسبب أنها لا توافق هواهم ومذاقهم وإن كانت من أولها إلى آخر مدعمة بالأدلة والبراهين. 

⚫وهذه عدوى خطيرة من أهل الأهواء والبدع وقع فيها البعض والعياذ بالله العلي العظيم. 

🔘وأصبح البعض ميزان الثناء والقدح عنده مبني على الصحوبية والزمالة والموافقة في الرأي والمتابعة في المواقف. 

🔘ورأينا وشاهدنا من بعض بني جلدتنا من هذا الشيء الكثير، فإذا خرج  مقال أو كتابة وافقت هواه ومذاقه فرح بها ويشكر ويثني ويمدح قائلها وكاتبها وينشرها ، وإذا لم توافق هواه ومذاقة وإن كانت من أولها إلى آخرها كتابته علمية مدعمة بالحجج وأقوال السلف اشمأز منها وردها بل وغمز فيها وهون من شأنها. 

⚫فأصبح الثناء والمدح والقادح في قبول الحق عند البعض مبنى على المذاق والكيف والموافقة والمخالفة والصحوبية ، وهذا منهج محدث لم يكن عليه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين 

⚫فقد جاء في الاستذكار(٢٦ / ١٢٤ ) لابن عبد البر رحمه الله :"‏ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻻ ﻳُﺜﻨُﻮﻥَ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪٍ ﺇﻻﺑﺎﻟﺼﺪﻕِ ﻭﻻ ﻳَﻤﺪﺣُﻮﻥَ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺤَﻖِّ  ﻻ ﻟﺸﻲءٍ ﻣﻦ ﺃﻋﺮَاﺽِ اﻟﺪُّﻧﻴﺎ ﺷَﻬﻮﺓً ﺃﻭ ﻋَﺼَﺒﻴﺔً ﺃﻭ ﺗَﻘﻴَّﺔً! ." اهـ 

🔘وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻋﺘﺼﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴﻨﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ اﻷﺻﻮﻝ اﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭاﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻗﻂ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﺭﺽ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﺑﺮﺃﻳﻪ ﻭﻻ ﺫﻭﻗﻪ ﻭﻻ ﻣﻌﻘﻮﻟﻪ ﻭﻻ ﻗﻴﺎﺳﻪ ﻭﻻ ﻭﺟﺪﻩ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﺮاﻫﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌﻴﺎﺕ ﻭاﻵﻳﺎﺕ اﻟﺒﻴﻨﺎﺕ ﺃﻥ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺟﺎء ﺑﺎﻟﻬﺪﻯ ﻭﺩﻳﻦ اﻟﺤﻖ ﻭﺃﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﻬﺪﻱ ﻟﻠﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻗﻮﻡ: ﻓﻴﻪ ﻧﺒﺄ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻭﺧﺒﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻭﺣﻜﻢ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻫﻮ اﻟﻔﺼﻞ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻬﺰﻝ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻦ ﺟﺒﺎﺭ ﻗﺼﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻦ اﺑﺘﻐﻰ اﻟﻬﺪﻯ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﺿﻠﻪ اﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺣﺒﻞ اﻟﻠﻪ اﻟﻤﺘﻴﻦ ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺤﻜﻴﻢ ﻭﻫﻮ اﻟﺼﺮاﻁ اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻭﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﻻ ﺗﺰﻳﻎ ﺑﻪ اﻷﻫﻮاء ﻭﻻ ﺗﻠﺘﺒﺲ ﺑﻪ اﻷﻟﺴﻦ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺰﻳﻐﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﻮاﻩ ﻭﻻ ﻳﺤﺮﻑ ﺑﻪ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻖ ﻋﻦ ﻛﺜﺮﺓ اﻟﺘﺮﺩاﺩ ﻓﺈﺫا ﺭﺩﺩ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﺓ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ ﻭﻟﻢ ﻳﻤﻞ ﻛﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ اﻟﻜﻼﻡ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﻋﺠﺎﺋﺒﻪ ﻭﻻ ﺗﺸﺒﻊ ﻣﻨﻪ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺑﻪ ﺻﺪﻕ ﻭﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﻪ ﺃﺟﺮ ﻭﻣﻦ ﺣﻜﻢ ﺑﻪ ﻋﺪﻝ ﻭﻣﻦ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﺪﻱ ﺇﻟﻰ ﺻﺮاﻁ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ. ﻓﻜﺎﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ اﻹﻣﺎﻡ اﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﺪﻯ ﺑﻪ؛ ﻭﻟﻬﺬا ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻛﻼﻡ. ﺃﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ ﺃﻧﻪ ﻋﺎﺭﺽ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﻌﻘﻞ ﻭﺭﺃﻱ ﻭﻗﻴﺎﺱ ﻭﻻ ﺑﺬﻭﻕ"اهـ" مجموع الفتاوى "( ١٢/ ٢٨). 

🔘وقال شيخ الإسلام – رحمه الله – أيضًا في (13/77) من “المنهاج”: “ونحن إنما نرد من أقوال هذا وغيره ما كان باطلاً، وأما الحق؛ فعلينا أن نَقْبَلَه من كل قائل…..” اهـ

⚫فهذا هو منهج السلف الصالح قبول الحق المدلل عليه بالحجج والبراهين والأدلة وعدم مخالفة ذلك بالأهواء والأذواق فإنه علامة البدع. 

🔘فكن أيها السلفي ممن يوثر الحق على رغبته وشهوته وهواه وصداقته وزمالته. 

⚫قال الشيخ عبد الرحمن السعدي 1/203 : " فإن الله تعالى خلق عباده حنفاء مفطورين على قبول الحق وإيثاره، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن هذا الخلق الجميل، وزينت لهم الشر والشرك والكفر والفسوق والعصيان " .

⚫و قال في تفسير قول الله تعالى : "{ وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } قال أبو الحسين الوراق : النعمة الظاهرة قبول الحق والنعمة الباطنة رضا الرب "( 2/132)

والحمد لله رب العالمين 

✍️كتبه أبو حمزة محمد بن حسن السوري

 غفر الله له ولوالديه 

فجر السبت الثاني شهر ذي الحجة ١٤٤٠هـ 

https://telegram.me/alsuwari