أقول العلماء الأجلة في بدعية
الاحتفال بمولد نبي الأمة
صلى الله عليم وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه الغرر
الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا جمع لما يسره الله من أقوال
العلماء الأجلة في بدعية الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد
استفدت ممن جمع قبل مع الرجوع إلى أصول كلامهم من الشاملة، وزدت عليه مما رأيته منثورا هنا وهناك، وحاولت الاختصار، وأحببت
أن أجمعه هنا، ليكون سهل المنال لمن أراده، علما بأننا في شهر ربيع الأول وبقي
أيام قليلة لتلك البدعة والاحتفال المبتدع.
وربنا سبحانه
وتعالى يقول : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ
عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].
ويقول الله
تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا}
[الأحزاب: 21].
ويقول الله
تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ الله
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].
ويقول النبي صلى
الله عليه وسلم : «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،
وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ
بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» رواه أبو داود والترمذي من حديث العرباض بن سارية رضي الله
عنه ،وحسن الإمام الألباني والوادعي رحمهما الله.
ويقول النبي صلى
الله عليه وسلم:: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا.
وفي رواية
لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
ألا وإن من
الأمور المحدثة المخترعة التي لم يعملها رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته
الكرام، ولا سلف هذه الأمة ولا علماء الإسلام إلى يومنا هذا، لهو الاحتفال بمولده
صلى الله عليه وسلم، وقد توارد إنكار الأئمة والعلماء من قديم وحديث على هذا العمل
المحدث المخترع، وعلى هذه البدعة النكراء،
التي يحصل فيها من البدع الشركيات والخرافات الشيء الكثير.
وأقوال العلماء
ونصائحهم ينفع الله بها من شاء من خلقه، حيث :
وربنا سبحانه
وتعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
(43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل: 43، 44].
ويقول الله
تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ
أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ
مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ
وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } [النساء: 83].
قال الإمام الحافظ
ابن عبد الهادي - رحمه الله -: «ولا يجوز
إحداث تأويل في آيةٍ أو سنةٍ لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للأمة؛ فإن
هذا يتضمن أنهم جهِلوا الحق في هذا، وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر»
اهـ. من «الصارم المنكي في الرد على السبكي»
(ص318).
وإليكم
جملة مباركة بإذن الله من أقوال العلماء:
قال الإمام المقريزي
رحمه الله: « كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم، وهي: موسم رأس
السنة، وموسم أول العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، ومولد علي
بن أبي طالب رضي الله عنه، ومولد الحسن: ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد فاطمة
الزهراء عليها السلام، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول
شعبان، وليلة نصفه، وموسم ليلة رمضان، وغرة رمضان، وسماط رمضان، وليلة الختم، وموسم
عيد الفطر، وموسم عيد النحر، وعيد الغدير، وكسوة الشتاء، وكسوة الصيف، وموسم فتح الخليج،
ويوم النوروز، ويوم الغطاس، ويوم الميلاد، وخميس العدس، وأيام الركوبات…إلخ » اهــ من كتابه الخطط المسمى بـ « المواعظ والاعتبار
بذكر الخطط والآثار »(2/436)
وقال المقريزي
أيضا: «وكان الأفضل بن أمير الجيوش قد أبطل أمر الموالد الأربعة : النبوي ، والعلوي
، والفاطمي ، والإمام الحاضر وما يهتم به وقدم العهد به حتى نسي ذكرها فأخذ الأستاذون
يجددون ذكرها للخليفة الآمر بأحكام الله ويرددون الحديث معه فيها ويحسنون له معارضة
الوزير بسببها وإعادتها وإقامة الجواري والرسوم فيها فأجاب إلى ذلك وعمل ما ذكر..»
اهـ من كتابه الخطط المسمى بـ « المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار »(2/333)
و قال الحافظ
السخاوي رحمه الله في «فتاويه» :«عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من
السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد». اهـ ذكره صاحب «سبل الهدى
والرشاد» محمد الصالحي (1/362) .
وقال الحافظ السخاوي
رحمه الله في رؤية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في اليقظة بعد موته: «لم
يصل إلينا ذلك ـ أي ادعاء وقوعها ـ عن أحد من الصحابة ولا عمن بعدهم وقد اشتد حزن فاطمة
- رضي الله عنها - عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى ماتت كمدًا بعده بستة أشهر
على الصحيح وبيتُها مجاور لضريحه الشريف ولم تنقل عنها رؤيته في المدة التي تأخرتها
عنه» اهـ نقل ذلك عن السخاوي القسطلاني في «المواهب اللدنية» (2/371).
وأصحاب المولد يدعون حضور رسول الله صلى الله
عليه وسلم ومشاركتهم ذلك، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ
إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5]
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله مستشكلا
من ادعى رؤيته حقيقةً: «وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّالِحِينَ أَنَّهُمْ
رَأَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ ثُمَّ رَأَوْهُ
بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ وَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ كَانُوا مِنْهَا مُتَخَوِّفِينَ
فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى طَرِيقِ تَفْرِيجِهَا فَجَاءَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ
قُلْتُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا وَلَوْ حُمِلَ عَلَى
ظَاهِرِهِ لَكَانَ هَؤُلَاءِ صَحَابَةً وَلَأَمْكَنَ بَقَاءُ الصُّحْبَةِ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمْعًا جَمًّا رَأَوْهُ فِي الْمَنَامِ ثُمَّ
لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ رَآهُ فِي الْيَقَظَةِ وَخَبَرُ الصَّادِقِ
لَا يَتَخَلَّفُ وَقَدِ اشْتَدَّ إِنْكَارُ الْقُرْطُبِيِّ عَلَى مَنْ
قَالَ مَنْ رَآهُ فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَأَى حَقِيقَتَهُ ثُمَّ يَرَاهَا كَذَلِكَ
فِي الْيَقَظَة كَمَا تقدم قَرِيبا وَقد تفطن بن أَبِي
جَمْرَةَ لِهَذَا فَأَحَالَ بِمَا قَالَ عَلَى كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنْ يَكُنْ
كَذَلِكَ تَعَيَّنَ الْعُدُولُ عَنِ الْعُمُومِ فِي كُلِّ رَاءٍ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ
عَامٌّ فِي أَهْلِ التَّوْفِيقِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَعَلَى الِاحْتِمَالِ فَإِنَّ
خَرْقَ الْعَادَةِ قَدْ يَقَعُ لِلزِّنْدِيقِ بِطَرِيقِ الْإِمْلَاءِ وَالْإِغْوَاءِ
كَمَا يَقَعُ لِلصِّدِّيقِ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ وَالْإِكْرَامِ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ
التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ انْتَهَى» اهـــ «فتح
الباري »(12/ 385).
أقول: أي
اتباع واهتداء واقتداء عند أصحاب الموالد المبتدعة، التي يعملون فيها ما يغضب الله
سبحانه وتعالى، من معاصي وبدع وشركيات وخرفات واختلاط ورقص وغناء وطبول وعجائب
كثيرة.
وقال العلامة
عبد الحي بن محمد اللكنوي - رحمه الله -:
«وَمِنْهَا مَا يذكرُونَهُ من أَن النَّبِي يَحْضُرُ بِنَفْسِهِ فِي مَجَالِسِ وَعْظِ
مولده عِنْد ذكر مَوْلِدِهِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ الْقِيَامَ عِنْدَ ذِكْرِ الْمَوْلِدِ
تَعْظِيمًا وَإِكْرَامًا.
وَهَذَا أَيْضا
من الأباطيل لم يثبت ذَلِكَ بِدَلِيل، وَمُجَرَّد الِاحْتِمَال والإمكان خَارج عَن
حد الْبَيَان وأمثال هَذِه الْقَصَص الَّتِي ذَكرنَاهَا كَثِيرَة تذكرها وعاظ الْفضل
المحمدي والمولد الأحمدي مَعَ اختلاقها وَعدم ثُبُوتهَا ظنا مِنْهُم أَن فِي ذكر جلالة
الْقدر المحمدي ثَوابًا عَظِيما، وفضلا جسيما غافلين عَمَّا يَتَرَتَّب من الْإِثْم
الْعَظِيم على من كذب على النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم فِي قَول أَو
فعل أَو وصف جمالي أَو كمالي، كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْأَخْبَار الصَّرِيحَة والْآثَار
الصَّحِيحَة. ». اهـ من «الآثار المرفوعة في
الأخبار الموضوعة» (ص46)
و قال العلامة تاج الدين عمر
بن علي اللخمي المشهور بالفاكهاني المالكي رحمه الله :
« فَإِنَّهُ
تَكَرَّرَ سُؤَالُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُبَارَكِينَ عَنِ الِاجْتِمَاعِ الَّذِي يَعْمَلُهُ
بَعْضُ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَيُسَمُّونَهُ الْمَوْلِدَ، هَلْ
لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ أَوْ هُوَ بِدْعَةٌ وَحَدَثٌ فِي الدِّينِ؟ وَقَصَدُوا الْجَوَابَ
عَنْ ذَلِكَ مُبَيَّنًا وَالْإِيضَاحَ عَنْهُ مُعَيَّنًا، فَقُلْتُ وَبِالله التَّوْفِيقُ:
لَا أَعْلَمُ لِهَذَا الْمَوْلِدِ أَصْلًا فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا يُنْقَلُ
عَمَلُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ هُمُ الْقُدْوَةُ فِي الدِّينِ
الْمُتَمَسِّكُونَ بِآثَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ، بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ أَحْدَثَهَا الْبَطَّالُونَ
وَشَهْوَةُ نَفْسٍ اعْتَنَى بِهَا الْأَكَّالُونَ، بِدَلِيلِ أَنَّا إِذَا أَدَرْنَا
عَلَيْهِ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ قُلْنَا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا
أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُحَرَّمًا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إِجْمَاعًا وَلَا
مَنْدُوبًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَنْدُوبِ مَا طَلَبَهُ الشَّرْعُ مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ
عَلَى تَرْكِهِ، وَهَذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّرْعُ وَلَا فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ
وَلَا التَّابِعُونَ الْمُتَدَيِّنُونَ فِيمَا عَلِمْتُ، وَهَذَا جَوَابِي عَنْهُ بَيْنَ
يَدَيِ الله تَعَالَى إِنْ عَنْهُ سُئِلْتُ، وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا؛
لِأَنَّ الِابْتِدَاعَ فِي الدِّينِ لَيْسَ مُبَاحًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ
يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْكَلَامُ
فِيهِ فِي فَصْلَيْنِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ حَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
أَنْ يَعْمَلَهُ رَجُلٌ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ لِأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعِيَالِهِ،
لَا يُجَاوِزُونَ فِي ذَلِكَ الِاجْتِمَاعَ عَلَى أَكْلِ الطَّعَامِ وَلَا يَقْتَرِفُونَ
شَيْئًا مِنَ الْآثَامِ، وَهَذَا الَّذِي وَصَفْنَاهُ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ
وَشَنَاعَةٌ؛ إِذْ لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الطَّاعَةِ الَّذِينَ
هُمْ فُقَهَاءُ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَاءُ الْأَنَامِ سُرُجُ الْأَزْمِنَةِ وَزَيْنُ
الْأَمْكِنَةِ
وَالثَّانِي:
أَنْ تَدْخُلَهُ الْجِنَايَةُ وَتَقْوَى بِهِ الْعِنَايَةُ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمُ
الشَّيْءَ وَنَفْسُهُ تَتْبَعُهُ وَقَلْبُهُ يُؤْلِمُهُ وَيُوجِعُهُ لِمَا يَجِدُ مِنْ
أَلَمِ الْحَيْفِ، وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَخْذُ الْمَالِ بِالْحَيَاءِ كَأَخْذِهِ
بِالسَّيْفِ لَا سِيَّمَا إِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْغِنَاءِ - مَعَ
الْبُطُونِ الْمَلْأَى - بِآلَاتِ الْبَاطِلِ مِنَ الدُّفُوفِ وَالشَّبَّابَاتِ وَاجْتِمَاعِ
الرِّجَالِ مَعَ الشَّبَابِ الْمُرْدِ وَالنِّسَاءِ الْفَاتِنَاتِ، إِمَّا مُخْتَلِطَاتٍ
بِهِنَّ أَوْ مُشْرِفَاتٍ، وَالرَّقْصِ بِالتَّثَنِّي وَالِانْعِطَافِ وَالِاسْتِغْرَاقِ
فِي اللهوِ وَنِسْيَانِ يَوْمِ الْمَخَافِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ إِذَا اجْتَمَعْنَ
عَلَى انْفِرَادِهِنَّ رَافِعَاتٍ أَصْوَاتَهُنَّ بِالتَّهْنِيكِ وَالتَّطْرِيبِ فِي
الْإِنْشَادِ، وَالْخُرُوجِ فِي التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ وَالْأَمْرِ
الْمُعْتَادِ غَافِلَاتٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}
[الفجر: 14] وَهَذَا الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ فِي تَحْرِيمِهِ اثْنَانِ، وَلَا يَسْتَحْسِنُهُ
ذَوُو الْمُرُوءَةِ الْفِتْيَانُ، وَإِنَّمَا يَحْلُو ذَلِكَ لِنُفُوسِ مَوْتَى الْقُلُوبِ
وَغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّينَ مِنَ الْآثَامِ وَالذُّنُوبِ، وَأَزِيدُكَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ
مِنَ الْعِبَادَاتِ لَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا
بَدَأَ، وَلِلَّهِ دَرُّ شَيْخِنَا القشيري حَيْثُ يَقُولُ فِيمَا أَجَازَنَاهُ:
قَدْ عُرِّفَ
الْمُنْكَرُ وَاسْتُنْكِرَ ... الْمَعْرُوفُ فِي أَيَّامِنَا الصَّعْبَهْ
وَصَارَ أَهْلُ
الْعِلْمِ فِي وَهْدَةٍ ... وَصَارَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي رَيْبَهْ
حَادُوا عَنِ
الْحَقِّ، فَمَا لِلَّذِي ... سَارُوا بِهِ فِيمَا مَضَى نِسْبَهْ
فَقُلْتُ لِلْأَبْرَارِ
أَهْلِ التُّقَى ... وَالدِّينِ لَمَّا اشْتَدَّتِ الْكُرْبَهْ
لَا تُنْكِرُوا
أَحْوَالَكُمْ قَدْ أَتَتْ ... نَوْبَتُكُمْ فِي زَمَنِ الْغُرْبَهْ
وَلَقَدْ أَحْسَنَ
الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ حَيْثُ يَقُولُ: لَا يَزَالُ
النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تُعُجِّبَ مِنَ الْعَجَبِ، هَذَا مَعَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي
وُلِدَ فِيهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ هُوَ بِعَيْنِهِ
الشَّهْرُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَيْسَ الْفَرَحُ فِيهِ بِأَوْلَى مِنَ الْحُزْنِ
فِيهِ. وَهَذَا مَا عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ، وَمِنَ الله تَعَالَى نَرْجُو حُسْنَ الْقَبُولِ.
» اهـــ «السنن والمبتدعات» (1/139)، و«الحاوي للفتاوي» (1/183).
وقال ابن الحاج رحمه الله :«وَمِنْ
جُمْلَةِ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْبِدَعِ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ
الْعِبَادَاتِ وَإِظْهَارِ الشَّعَائِرِ مَا يَفْعَلُونَهُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ
مِنْ مَوْلِدٍ وَقَدْ احْتَوَى عَلَى بِدَعٍ وَمُحَرَّمَاتٍ جُمْلَةٍ. فَمِنْ ذَلِكَ
اسْتِعْمَالُهُمْ الْمَغَانِي وَمَعَهُمْ آلَاتُ الطَّرَبِ مِنْ الطَّارِ الْمُصَرْصَرِ
وَالشَّبَّابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَعَلُوهُ آلَةً لِلسَّمَاعِ وَمَضَوْا فِي
ذَلِكَ عَلَى الْعَوَائِدِ الذَّمِيمَةِ فِي كَوْنِهِمْ يَشْتَغِلُونَ فِي أَكْثَرِ
الْأَزْمِنَةِ الَّتِي فَضَّلَهَا الله تَعَالَى وَعَظَّمَهَا بِبِدَعٍ وَمُحَرَّمَاتٍ
وَلَا شَكَّ أَنَّ السَّمَاعَ فِي غَيْرِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِيهِ مَا فِيهِ. فَكَيْفَ
بِهِ إذَا انْضَمَّ إلَى فَضِيلَةِ هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي فَضَّلَهُ الله
تَعَالَى وَفَضَّلَنَا فِيهِ بِهَذَا النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- الْكَرِيمِ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ » اهــ. من «المدخل» (2/ 2-3).
وقال الحافظ أبو
زرعة العراقي رحمه الله:« لا نعلم ذلك -أي عمل المولد- ولو بإطعام الطعام عن السلف» اهـ من
«تشنيف الآذان» (ص: 136).
وقال الإمام الشاطبي
رحمه الله: بعد ذكر أنواع من البدع «وَمِنْهَا: الْتِزَامُ الْكَيْفِيَّاتِ وَالْهَيْئَاتِ
الْمُعَيَّنَةِ، كَالذِّكْرِ بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ، وَاتِّخَاذُ
يَوْمِ وِلَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدًا، وَمَا أَشْبَهَ
ذَلِكَ.» اهــ من «الاعتصام للشاطبي»(1/ 53)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى جوابا عن سؤال: «عَمَّنْ يَعْمَلُ كُلَّ سَنَةٍ خَتْمَةً فِي لَيْلَةِ
مَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ؟ أَمْ
لَا؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ
لِلَّهِ، جَمْعُ النَّاسِ لِلطَّعَامِ فِي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ سُنَّةٌ
وَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِعَانَةُ الْفُقَرَاءِ بِالْإِطْعَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
هُوَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ. فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" {مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ} وَإِعْطَاءُ فُقَرَاءِ الْقُرَّاءِ
مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى الْقُرْآنِ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَنْ
أَعَانَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ شَرِيكَهُمْ فِي الْأَجْرِ. وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ
غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَبَعْضِ لَيَالِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الَّتِي
يُقَالُ: إنَّهَا لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ أَوْ بَعْضِ لَيَالِيِ رَجَبٍ أَوْ ثَامِنَ
عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ أَوَّلِ جُمْعَةٍ مِنْ رَجَبٍ أَوْ ثَامِنِ شَوَّالٍ الَّذِي
يُسَمِّيهِ الْجُهَّالُ عِيدَ الْأَبْرَارِ فَإِنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ
يَسْتَحِبَّهَا السَّلَفُ وَلَمْ يَفْعَلُوهَا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
» اهــ من «مجموع الفتاوى» (25/ 298).
وقال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله: « ما
يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى وإما محبة للنبي - صلى الله
عليه وسلم - وتعظيماً له من اتخاذ مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - عيداً مع
اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع ولو
كان خيراً محضاً أو راجحاً كان السلف أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة للنبي - صلى
الله عليه وسلم - وتعظيماً له منا وهم على الخير أحرص وإنما كانت محبته وتعظيمه في
متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهراً وباطناً ونشر ما بعث به والجهاد
على ذلك بالقلب واليد واللسان وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء على هذه البدع تجدهم
فاترين في أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم
بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه» اهـ من «اقتضاء الصراط المستقيم » (2/619)
قال الشيخ محمد
حامد الفقي في تعليقه على «اقتضاء الصراط المستقيم»: «كيف يكون
لهم ثواب على هذا؟ وهم مخالفون لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهدي أصحابه، فإن
قيل: لأنهم اجتهدوا فأخطأوا، فنقول: أي اجتهاد في هذا؟ وهل تركت نصوص العبادات مجالاً
للاجتهاد؟ والأمر فيه واضح كل الوضوح، وما هو إلا غلبة الجاهلية وتحكم الأهواء، حملت
الناس على الإعراض عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين اليهود والنصارى والوثنيين.....
وهل تكون محبة وتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن هديه وكرهه وكراهية
ما جاء به من الحق لصلاح الناس من عند ربه، والمسارعة إلى الوثنية واليهودية والنصرانية؟
ومن هم أولئك الذين أحيوا تلك لأعياد الوثنية؟ .
هل هم أبو حنيفة
ومالك والشافعي وأحمد...... أو غيرهم من أئمة الهدى - رضي الله عنهم-؟ حتى يعتذر لهم
ولأخطائهم. كلا. بل ما أحدث هذه الأعياد الشركية إلا العبيديون الذين أجمعت الأمة على
زندقتهم وأنهم كانوا أكفر من اليهود والنصارى، وأنهم كانوا وبالاً على المسلمين، وعلى
أيديهم وبدسائسهم، ومانفثوا في الأمة من سموم الصوفية الخبيثة انحرف المسلمون عن الصراط
المستقيم، وكلام شيخ الإسلام نفسه يدل على خلاف مل يقول من إثابتهم...... » اهــ
من حاشية «اقتضاء الصراط المستقيم »
وقال العلامة
محمد بن عبد اللطيف رحمه الله:» المسألة
الرابعة: فيمن خصص بعض ماله، إذا وافته المنية، صدقة جارية، باسم مولد النبي صلى الله
عليه وسلم تفعل في رمضان، كقراءة القرآن ختمة، أو ختمتين فأكثر، أو سبعين ألفا من قول
لا إله إلا الله، وبوليمة يصنع فيها اللحم وأنواع الأطعمة، في تلك الليلة المعلومة، من رمضان،
تقدم للفقراء والمساكين، وأرحامه وإن كانوا موسرين؛ وما يقصد من ذلك، إلا الأجر والثواب
من الله، فهل لهذا وجه من الشرع؟ أو هو من البدع التي ينبغي هجرها والفرار منها؟
الجواب: إن هذه
الأفعال من البدع المنكرات، والأعمال السيئات؛ وصرف المال لأجل مولد النبي صلى الله
عليه وسلم بدعة محرمة، وفاعلها مأزور غير مأجور. فيجب الإنكار على من فعل ذلك؛ وهذا
الطعام محرم، لأنه قصد به غير وجه الله، فلا يباح الأكل منه، بل يجب هجر من فعل ذلك،
واعتقد جوازه.» «الدرر السنية» (10/ 446).
وقال العلامة
عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:« وأنكر -الإمام
محمد بن عبد الوهاب - ما كان عليه الناس، في تلك البلاد، وغيرها
من تعظيم : الموالد، والأعياد الجاهلية التي لم ينزل في تعظيمها سلطان، ولم يرد به
حجة شرعية، ولا برهان ؛ لأن ذلك فيه : من مشابهة النصارى، الضالين، في أعيادهم، الزمانية،
والمكانية، ما هو باطل، مردود، في شرع سيد المرسلين . » اهــ من «مجموعة الرسائل
والمسائل النجدية» (1/ 441)
وقال الإمام
المفسر عبد الرحمن السعدي رحمه الله: «ومن
أمثلة العبادات غير المشروعة: ما يفعله بعض الناس من التقرب لله - عز وجل - بالتصفيق
أو بالرقص والغناء، هذه إذا فُعلت على جهة العبادة تكون بدعة مخالفة للشريعة. ومثل
الاحتفال برأس السنة، أو الاحتفال بالمولد النبوي» اهـــ من «مجموع رسائله»(12/ 80).
وقال العلامة
محمد بن علي الشوكاني رحمه الله:« لم أجد إلى
الآن دليلاً يدل على ثبوته من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا استدلال؛
بل أجمع المسلمون أنَّه لم يوجد في عصر خير القرون، ولا الذين يلونهم ولا الذين
يلونهم، وأجمعوا أن المخترع له السلطان -الكردي- المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين
الدين علي سبكتكين صاحب أربل». اهــ من «رسالة في حكم المولد، ضمن مجموع «الفتح
الرباني»: (2 / 1087).
وقال الإمام محمد
بن إبراهيم آل الشيخ: «وهذه البدعة- الاحتفال بالمولد- أول
من أحدثها أبو سعيد كوكبوري في القرن السادس الهجري» . ا هـ من « فتاوى ورسائل
الشيخ محمد بن إبراهيم» (3/59) .
وقال أيضا:» لا
شك أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من البدع المحدثة بعد أن انتشر
الجهل في العالم الإسلامي، وصار للتضليل والإضلال والوهم والإيهام مجال عميت فيه
البصائر، وقوي فيه سلطان التقليد الأعمى، وأصبح الناس في الغالب لا يرجعون إلى ما
قام عليه الدليل على مشروعيته، وإنما يرجعون إلى ما قاله فلان وارتضاه علان، فلم
يكن لهذه البدعة المنكرة أثر يذكر لدى أصحاب رسول الله، ولا لدى التابعين
وتابعيهم... إلخ» اهــ من «فتاوى الشيخ
محمد بن إبراهيم» (3/ 54).
وقال الإمام
الألباني رحمه الله:« ونحن -وإياهم- مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر
حادث لم يكن، ليس فقط في عهده صلى الله عليه وسلم، بل ولا في عهد القرون الثلاثة،
ومن البدهي أن النبيصلى الله عليه وسلم في حياته لم يكن ليحتفل بولادة إنسان ما،
إنما هي طريقة نصرانية مسيحية لا يعرفه الإسلام مطلقاً في القرون المذكورة.. »اهــ
«من شريط بدعة المولد».
وقال الإمام ابن
باز رحمه الله:« وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه أن الله سبحانه وتعالى لم يكمل
الدين لهذه الأمة، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل
به.. حتى أتى هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في دين الله» اهــ من «التحذير من البدع»
(4- 5).
وقال أيضا
رحمه الله: « ومن ذلك أن بعضهم يظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحضر
المولد ولهذا يقومون له محيين ومرحبين وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل فإن الرسول
- صلى الله عليه وسلم - لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ولا يتصل بأحد من الناس ولا
يحضر اجتماعاتهم بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة وروحه في أعلى عليين عند ربه في
دار الكرامة كما قال الله تعالى في سورة المؤمنين:{ثُمَّ
إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنا أول من
ينشق عنه القبر يوم القيامة وأنا أول شافع وأول مشفع) عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث كلها تدل
على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة
وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم فينبغي لكل مسلم التنبه
لهذه الأمور والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله
بها من سلطان والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به» اهــ من «التحذير
من البدع» (ص 6)
وقال أيضا:« الاحتفال
بالمولد وهو ما أحدثه الناس في القرن الرابع وما بعده من الاحتفال بمولد الرسول - صلى
الله عليه وسلم -، فيكون ذلك إضعافاً للعقيدة، إلا إذا كان هناك في المولد استغاثة
بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن هذه البدعة تكون من النوع الأول المخرج عن الإسلام.
ومن النوع الثاني كذلك التّطيّر كما يفعل أهل الجاهلية وقد ردَّ الله عليهم {قَالُوا
اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ الله بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ
تُفْتَنُونَ}. فالطيرة شرك دون كفر .. وكذلك الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، قال
- صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» اهــ. من «
القوادح في العقيدة للعلامة ابن باز» وهي محاضرة ألقاها في الجامع الكبير في شهر
صفر عام 1403هـ
وقالت اللجنة
الدائمة (3/ 28):السؤال الأول من الفتوى رقم (4683) جوابا عن :
سؤال: ما حكم
الاحتفال بالمولد النبوي، وهل النبي صلى الله عليه وسلم يحضر؟
الجواب: احترام
النبي صلى الله عليه وسلم وتكريمه إنما هو بالإيمان برسالته والعمل بما جاء به من عند
الله، أما الاحتفال بمولده فبدعة محدثة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
» ، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر بعد وفاته عند أحد من الناس،
والأصل: عدم ذلك، فيجب البقاء معه حتى يقوم دليل على رفعه.
وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو
... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن
قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
.» اهــ
وقال الإمام ابن
عثيمين رحمه الله: «الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من
أجل التقرب إلى الله وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم عبادة، وإذا كان عبادة فإنه
لا يجوز أبداً أن يحدث في دين الله ما ليس منه، فالاحتفال بالمولد بدعة محرمة»
اهــ من «مجلة المجاهد» (عدد/ 22).
وسُئل العلامة
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: «في بعض البلاد يقوم الناس بالاحتفال
بالمولد النبوي كاحتفالهم بعيد الفطر أو عيد الأضحى، ويقوم رب البيت بالتوسعة على أولاده
في الطعام والشراب والحلوى، وشراء الهدايا، والقيام بالزيارات للأهل فهل هذا من البدع؟
وما واجبنا تجاه هذا الأمر؟».
فأجاب: هذا من
البدع لا شك، وواجبنا نحو هذا الأمر أن نبين للناس أن هذا بدعة وأن كل بدعة ضلالة،
ونقول: أربعوا على أنفسكم ولا تتعبوها بهذا الأمر الذي لا يزيدكم إلا ضلالًا، ثم نقول
لهم: إذا كنتم تحبون رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلا تقدموا بين يديه، ولا
تُدْخِلوا في دينه ما ليس منه » اهــ من « الباب المفتوح» (2/ 299).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :«
سادساً: أن لا يبتدع في حقه ما ليس منه، وعلى هذا فالذين يبتدعون الاحتفال بالمولد
ناقصون في تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، لأن تحقيقها يستلزم أن لا تزيد في شريعته
ما ليس منه» اهـــ. من «شرح الأربعين النووية » (ص: 28)
وقال شيخنا الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
جوابا عن سؤال:« ماحكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج والمولد النبوي وعيد رأس
السنة مع الدليل ؟
بدعة ، والرسول
- صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
» .
وليبلغ الشاهد الغائب أن الاحتفال بهذا يعتبر بدعة
، لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ولا عن الصحابة ولا عن التابعين
، والذي أقامه عبيد بن ميمون القداح ، وقيل : إنه في القرن السادس بعض الملوك الجاهلين
أراد أن يفعل مولداً للنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - واحتفالاً أعظم من مولد
النصارى ذكر هذا أبو شامة وشكر له ، وأخطأ أبو شامة في شكره له هذا الصنيع ، فإنه يعتبر
بدعة ، وهكذا أيضاً عيد الأم ، وعيد الثورة ، كل هذه أعياد جاهلية ما أنزل الله بها
من سلطان ، الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " لنا معشر المسلمين
عيدان : عيد الأضحى ، وعيد الفطر " .
وما عداها تعتبر أعياداً جاهلية نبرأ منها ، والمسلمون
ينبغي لهم أن يتقدوا بكتاب الله ، وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم
- ، وهذا إذا سلم المولد من اختلاط رجال ونساء ، ومن ارتكاب فاحشة ، ويسلم من شركيات
إلى غير ذلكم ، كل هذه الأباطيل ما تذوب إلا بنشر سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى
آله وسلم - .» من شريط : «أسئلة عن اللحية وغيرها » موقع الشيخ مقبل.
وقال العلامة حمود التويجري رحمه الله:« فالذين
يتخذون المولد عيداً ليسوا من الذين ترجى لهم المثوبة على هذه البدعة، وإنما هم من
الذين تخشى عليهم العقوبة على مخالفتهم للأمر الذي كان عليه رسول الله وأصحابه»
اهـ من «الرد القوي على الرفاعي والمجهول ابن
علوي» (ص: 223).
وقال الشيخ
إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله :«لا يجوز الاحتفال
بمولد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين كما جاء
في فتاوى اللجنة الدائمة ، ويرجع ذلك ـ كما يقول الشيخ رشيد رضا ـ إلى ذلك الاجتماع
المخصوص بتلك الهيئة المخصوصة في الوقت المخصوص وإلى اعتبار ذلك العمل من شعائر الإسلام
التي لا تثبت إلا بنص شرعي بحيث يظن العوام والجاهلون بالسنة أن عمل المولد من أعمال
القرب المطلوبة شرعًا، وعمل المولد بهذه القيود بدعة سيئة وجناية على دين الله تعالى
وزيادة فيه تُعَد مِن شرْع ما لم يأذن به الله ومن الافتراء على الله والقول في دينه
بغير علم » اهــ. من« القول الفصل
في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل» للشيخ إسماعيل الأنصاري (ص113)
قال العلامة
عبد الله بن حميد رحمه الله:« فالمقيمون
لتلك الحفلات وإن قصدوا بها تعظيمه صلى الله عليه وسلم فهم مخالفون لهديه، مخطئون
في ذلك، إذ ليس من تعظيمه أن تبتدع في دينه بزيادة أو نقص أو تغيير أو تبديل، وحسن
النية وصحة القصد لا يبيحان الابتداع في الدين» اهــ من «الرسائل الحسان في نصائح
الإخوان» للشيخ ابن حميد (ص: 39).
قال العلامة
محمد أمان الجامي جوابا عن سؤال:« هل الاحتفال
بالمولد بدعة أو سنة ؟ ومتى عرف الاحتفال ، متى بدأ ؟
سبق أن تكلمنا
عن نشأت علم الكلام والفرق ، إذن ينبغي أن نعلم أيضا متى نشأ الاحتفال باسم المولد
النبوي ؟
وكلنا نعلم متى
ولد النبي عليه الصلاة والسلام وكم عاش ومتى توفي عليه الصلاة والسلام لكن الاحتفال
بمولده متى حصل ؟ أول احتفال حصل بمولد النبي عليه الصلاة والسلام متى ؟ هذا السؤال
.
إذا راجعنا التاريخ
حسب علمي أول احتفال حصل باسم :
- المولد النبوي
.
- ثم تبع ذلك
باسم المولد لعلي بن أبي طالب .
- ثم لفاطمة
رضي الله عنهما .
- ثم للحسن والحسين
رضي الله عنهما .
- ثم للخليفة
الموجود في ذلك الوقت .
ست احتفالات
. متى حصل هذا ؟
في عهد الفاطميين
، على الأصح : العبيديين ، أناس – العبيديون – أرادوا أن يرفعوا من شأنهم وزعموا أنهم فاطميون ،
نسبة إلى فاطمة الزهراء ، وأرادوا أن يثبتوا هذا النسب المزيف بالتملق لآل البيت ،
ومن التملق إيجاد هذه الاحتفالات ، في كل سنة يحتفلون هذه الاحتفالات الست ، تعظيما
منهم لآل البيت ، لأنهم في الواقع ليسوا منهم ، وانتسبوا وأرادوا إثبات هذا النسب كما
قلنا ، فعلوا ذلك ، لو راجعنا التاريخ مع البحث عن معنى هذا الاحتفال والغرض من الاحتفال
، إن كان الغرض من الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام إظهار محبته عليه الصلاة
والسلام وتقديره ، كلنا نؤمن وجميع المؤمنين لا يوجد رجل يحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم أكثر من أبي بكر الصديق صاحبه في الغار ، أبو بكر الذين تعلمون موقفه وسيرته الذي
ثبت الله به المؤمنين يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عندما اضطرب المؤمنون من وفاته
حتى قال عمر ( إنه ذهب ليجيء ، ذهب ليناجي ربه ويرجع ) ومن قال إنه مات سوف يقطع رأسه
بسيفه ، حصلت بهم الدهشة إلى هذه الدرجة ، ولكن الله ثبت صاحب الغار ، ذلك الرجل الشيخ
الوقور ثبته الله وثبت الله به المؤمنين ، لم يحتفل أبو بكر ، هذا بعض صفاته ، ولم
يحتفل عمر ولا عثمان ولا علي ولا الصحابة أجمعين ، ولا التابعون ولا تابع التابعين
، الأئمة الأربعة المشهود لهم بالإمامة لا يعرفون الاحتفال بالمولد ، الخلفاء الراشدون
وخلفاء بني أمية والعباسيون جميعا إلى عهد العبيديين لا يعرفون ما يسمى بالاحتفال ،
إذن بدعة عبيدية أو فاطمية على حسب تعبيرهم هم الذين سموا أنفسهم بهذا .
لسائل أن يسأل
وكثير ما يسألون هذا السؤال ، قالوا : نحن ما نريد شيئا آخر ، كل ما نريد الذكرى ،
الصحابة لم يحتفلوا لأنهم كانوا على قرب من حيث الزمن من رسول الله عليه الصلاة والسلام
أما نحن بعد هذا التاريخ الطويل نريد الذكرى ، ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
وهل هذا مُسَلَّم
؟
نتساءل : متى
نسي المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نذكرهم بالاحتفال بالاجتماع على الطعام
والشراب والبخور في ليلة اثني عشر من ربيع الأول من كل عام ، وهل نسي المسلمون رسول
الله صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يجوز لهم أن ينسوه ؟
لا .
لا يؤذن مؤذنهم
فيقول ( أشهد أن لا إله إلا الله ) إلا وهو يقول ( وأشهد أن محمدا رسول الله ) لا يدخل
مسلم مسجدا إلا وقال ( باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ) وكل من يكثر من الصلوات
غير الفرائض في كل صلاة يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يخرج مسلم من
مسجد إلا وصلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يقرأ طالب علم درسه ولا يدرِّس
مدرس إلا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، في الدرس الواحد عدة مرات ، إذن نحن
تحدثا بنعمة الله لم ننس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع المسلمين ، إذن لسنا بحاجة
إلى ما يسمى بذكرى المولد .
استفسار آخر
يقولون : بالنسبة للخارج صحيح أنه منكر إذ يحصل فيه الاختلاط بين الجنسين وربما تحصل
أشياء لا يستحسن ذكرها في تلك الاحتفالات التي تقام رسميا في الميادين يلتقي فيه الجنسان
ويحصل ما يحصل، لكن إذا أقمنا الاحتفال في بيوتنا وراء الأبواب المغلقة لا يحصل فيه
اختلاط ولكن نقرأ السيرة ، نأكل الطعام ونشرب الشراب بذكرى رسول الله صلى الله عليه
وسلم ونقرأ سيرته .
الجواب : هل
تعتقدون أن هذا العمل عمل صالح تتقربون به إلى الله أو عبث ؟
وقطعا لا يقولون
إنه عبث إنما هو عمل صالح .
الجواب : وهل
تظنون أنكم تستطيعون أن تأتوا بعمل صالح يرضي الله لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولم يعلمه خير هذه الأمة ، ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
) أولئك لم يعلموا وهل علمتم خيرا وعملا صالحا مقبولا عند الله لم يأت به رسول الله
صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدون ؟
هذا هو معنى
الابتداع بعينه ، لأن البدعة أن تأتي بعمل ظاهره عمل صالح ولكنه غير مشروع ، هذا الفرق
بين البدعة وبين المعصية ، المعصية المخالفة ، أن ترتكب منهيا عنه ، أو تترك مأمورا
به ، هذه معصية ، أما البدعة أن تأتي بعمل ظاهره أنه عمل صالح كالصوم المبتدع والصلوات
المبتدعة والاحتفالات المبتدعة ، هذه هي
البدعة بعينها.
وبعد :
في مثل هذه الأيام
وبعد هذه الأيام يأتي بعض الناس إلى المدينة ليكون الاحتفال في المدينة وهؤلاء يفوتهم
وعيد شديد ورد خاصا بالمدينة ، ما هو هذا الوعيد ؟
عندما بين النبي
صلى الله عليه وسلم حدود المدينة وبين أنه حرم هذه المدينة كما حرم إبراهيم مكة وبين
حدودها قال في حق المدينة ( من أحدث فيها حدثا أو آوى فيها محدثا فعليه لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين ) لم يرد وعيد كهذا حتى في مكة ، المدينة ليست بلدا عاديا ، بلد اختاره
الله ليكون مهاجر رسوله عليه الصلاة والسلام ولتكون هذه المدينة العاصمة الأولى للمسلمين
والمحل الذي يدفن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام فيبعث منه ، لذلك من جاء إلى المدينة
فأصابته حاجة وفقر وتعب وصَبَر على ذلك هو على وعد مع رسول الله عليه الصلاة والسلام
أنه يكون له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ، وحث النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين
على إقامة المدينة والموت بها ما لم يحث على مكة مع ما لها من الفضيلة ومضاعفة الصلاة
، ( من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليفعل ) هذه المدينة التي هذه مكانتها كوننا
نأتي من خارج المدينة لنبتدع في المدينة بدعة لا يرضاها الله ولا يرضاها رسول الله
عليه الصلاة والسلام ولم يأمر بها ولم يفعلها ولم يفعلها الخلفاء الراشدون ونجادل
: ما فعلنا شيئا ، ما فعلنا منكرا ، اجتماع بين الرجال ، قراءة للسيرة ، إلى آخر الاعتذارات
، كل هذا لا يجدي ، أنت انظر إلى هذا العمل ، هل تعتقده عملا صالحا مشروعا تتقرب به
إلى الله أم لا ؟
إن كنت تعتقد
أنه عمل صالح يقرب إلى الله فقد ابتدعت ، يقول الإمام مالك إمام دار الهجرة ( من أحدث
في الإسلام بدعة فرآها حسنة فقد اتهم محمدا صلى الله عليه وسلم بالكتمان وعدم التبليغ
) إذا أتيت بعمل ظاهره عمل صالح ولم يكن هذا العمل من طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام
كأنك تستدرك على الرسول عليه الصلاة والسلام وتقول بلسان حالك لم يبلغ كل شيء بل هناك
ثغرات تحتاج إلى أن تملأ بهذه البدع ، وكان مالك رحمه الله من أشد الناس في إنكار هذه
البدع وغيرها من البدع .
فإذا راجعنا
تاريخ الصحابة والأئمة لا نجد ما نستأنس به بل نجد ما ينفرنا من هذه البدعة وإذا كان
لا بد من عمل صالح يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم فلنعمل ما شرعه لنا الرسول عليه
الصلاة والسلام .. صيام يوم الاثنين سواء كان في شهر ربيع الأول أو في غيره ، طول السنة
، وتكتفي بما اكتفى به الأولون ، الخير كل الخير فيما فعل سلفنا والشر كل الشر فيما
ابتدع هذا الخلف .
وبالله التوفيق
.وصلى الله وسلم وبارك على بينا محمد وآله وصحبه» اهــ منقول من موقع الشيخ محمد أمان رحمه الله
وقال العلامة
تقي الدين الهلالي المغربي رحمه الله: «وإن من البدع القبيحة التي ابتلي المسلمون بها منذ أحد
عشر قرنا هي بدعة الموالد،
وهي أن جماعة يجتمعون فيقرؤون قصة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا وصلوا إلى وقت ولادته يقومون ويقولون: يا
مرحبا يا مرحبا، وعندهم غلو في ذلك وإطراء وأكاذيب يدخلونها في تلك الموالد. وهذه
البدعة قبيحة لم يعرفها أحد
ولم يفعلها أحد إلا في القرن الرابع الهجري.وقال: وكذلك صح عنه أنه ولد في ربيع الأول، ولكن هل في الأول من ربيع أو
الثاني أو الثالث أو الرابع أو
الخامس أو الثاني عشر أو كذا؟ لا يعرفه أحد. لم يرد فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم أبدا ولا عن الصحابة؛ هذا
اختراع، فنجعله في اليوم الثاني
عشر هذا كذب ليس له أصل، ثم؛ هب أننا عرفنا اليوم الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو السابع مثلا أو الثاني
أو الرابع أو العاشر، فهل
عندنا دليل عن الله ورسوله أن نحتفل به؟ هل احتفل به النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل
جمع يوما أصحابه وقال: تعالوا احتفلوا بمولدي واقرؤوا القصة؟
أبـدًا.
هل احتفل
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والخلفاء الراشدون "أبو بكر وعمر وعثمان وعلي"؟ هل احتفل أحدهم بمولد
النبي صلى الله عليه وسلم؟ أبـدًا هل احتفل التابعون؟ " الإمام البصري وأبو
قلابة وغيرهم من التابعين"؛ هل احتفل أحد منهم؟ أبـدًا.
هل احتفل
الأئمة المجتهدون؟ كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد
بن حنبل وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك والأوزاعي
والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني
والبيهقي؛ هل احتفل أحد منهم؟
وهل... أحدٌ
على... مثل هؤلاء؟ لو كان الاحتفال بالموالد حقا ومشروعا وفيه خير ما تركه هؤلاء.
وقال في آخر
شريطه: فلذلك نحذركم وأنتم حذروا كذلك أهاليكم وصبيانكم وجيرانكم
من الاغترار بهؤلاء الدجاجلة الذين يأكلون بالموالد وقاطعوهم وابعدوا
عنهم فإنهم شياطين. اهـ من « شريط
حكم الاحتفال بالمولد».
وقال العلامة
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله « في نظري ونظر
الكثيرين من أهل السنة والجماعة أن الاحتفال بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدعة
منكرة ... ويجب التسليم من كل منصف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتفل بمولد
نفسه ولا بمولد غيره من الرسل والصحابة مع امتداد حياته بعد الرسالة ولا احتفل بمولده
أحد من الصحابة وهم خير القرون المشهود لهم بالخير، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم
- أكرم الخلق على نفوسهم وأحب العالمين إلى قلوبهم ولو احتفلوا بمولده لنقل لتوفر الدواعي
على نقله؛ فيكفي في الاستشهاد على أن ترك الاحتفال بمولده سنة وأن فعله بدعة لعدم نقلهم
لفعله .. أما ما ذكر عن حسان بن ثابت وعلي بن أبي طالب والبراء بن عازب وأنس بن مالك
ن من الثناء على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهم لم يلتزموا فيه وقتاً معيناً يتخذونه
موسماً ومجتمعاً وهذا متفق عليه ومندوب إليه لشرح سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم
- تدريساً أو دفاعاً عنه عند وجود الدواعي لذلك دون التزام حال معينة أو زمان أو مكان
معين وإنما البدعة التزام زمن أو مكان بعينه يعتبر موسماً ويعتاد الناس الاجتماع فيه
شأنهم فيه كشأنهم في الأعياد بل هذا ربما أدى إلى الغلو في إعظام النبي - صلى الله
عليه وسلم - وإطرائه وقد نهى عن ذلك فقال: {لا
تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم} اهــ
من «مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي» (ص 202)
وقال العلامة
عبد الله بن عقيل رحمه الله: «الاحتفال بالمولد
ليس بمشروع، ولم يفعله السلف الصالح -رضوان الله عليهم- مع قيام المقتضي له، وعدم المانع
منه. ولو كان خيرا لسبقونا إليه، فهم أحق بالخير، وأشد محبة للرسول صلى الله عليه وسلم
، وأبلغ تعظيما، وهم الذين هاجروا معه، وتركوا أوطانهم، وأهليهم، وجاهدوا معه حتى قتلوا
دونه، وفدوه بأنفسهم وأموالهم -رضي الله عنهم وأرضاهم-.
فلما كان الاحتفال
بالمولد غير معروف لدى السلف الصالح، ولم يفعلوه وهم القرون المفضَّلة دَلَّ على أنه
بدعة محدثة. » اهــ من « فتاويه» (2/ 289)
وقال العلامة
عبد المحسن العباد حفظه الله: « ولو كان الاحتفال
بمولده صلى الله عليه وسلم سائغاً لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، ولفعله أصحابه
الكرام، وفعله التابعون، وأتباع التابعين، وقد مضت قرون ثلاثة ولم يوجد فيها شيء اسمه
الاحتفال بالمولد، ثلاثمائة سنة كاملة لا وجود للاحتفالات بها، والكتب المتقدمة التي
ألفت في هذه الفترة التي هي قبل الثلاثمائة لا يوجد فيها شيء يتعلق بالموالد والاحتفال
بالموالد، مما يدل على أنه بدعة متأخرة في الإحداث، أحدثت في القرن الرابع الهجري،
ومن الذي أحدثها؟ أحدثها الرافضة العبيديون الذين حكموا مصر في القرن الرابع الهجري.... فإذا كان أصحاب الرسول صلى الله عليه
وسلم وهم خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، وكذلك التابعون وأتباع التابعين لم يحصل
منهم شيء من هذا، وإنما حصل ابتداء من القرن الرابع الهجري، وكان على يد الرافضة العبيديين
الذين حكموا مصر، فهل يعقل أن يحجب حق عن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، ويدخر
لأناس يجيئون بعدهم من القرن الرابع فما بعد؟ هذا ليس بمعقول أبداً، فعدم فعله من الصحابة
رضي الله عنهم وأرضاهم يدل على أنه غير مشروع ».اهــ من «شرح الأربعين النووية»
وقال العلامة
العباد حفظه الله «وفي القول بالاحتفال بمولد الرسول صلى
الله عليه وسلم تقليدٌ للنصارى في احتفالهم بميلادِ عيسى عليه الصلاة والسلام، فقد
قال السخاويُّ في كتابه التبر المسبوك في ذيل السلوك (ص:14): "وإذا كان أهلُ الصَّليب
اتَّخذوا ليلة مولِد نبيِّهم عيداً أكبر، فأهل الإسلام أولَى بالتكريمِ وأجدَر!!!".
وتعقَّبه مُلاَّ
علي القاري في كتابه المورد الروي في المولد النبوي (ص:29، 30) بقوله: "قلت: مِمَّا
يَرِدُ عليه أنَّا مأمورون بمخالفة أهل الكتاب".
أورد النقل عنهما
الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله في كتابه القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد
خير الرُّسل وهو ضمن رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النَّبوي (2/630- 631).» اهــ من «الرد على الرفاعي»
قال العلامة
الفوزان حفظه الله:« وإذا عرضنا الاحتفال بالمولد
النبوي فلم نجد له أصلاً في سنة رسول الله، ولا في سنة خلفائه الراشدين، إذاً فهو
من محدثات الأمور، ومن البدع المضللة» اهــ من «حقوق النبي بين الإجلال والإخلال»
(ص: 139).
وقال العلامة
الفوزان حفظه الله :«الاحتفال بمناسبة المولد النبوي في
ربيع الأول: وهو تشبه بالنصارى في عمل ما يسمى بالاحتفال بمولد المسيح، فيحتفل جهلة
المسلمين أو العلماء المضلين في ربيع الأول من كل سنة بمناسبة مولد الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم. فمنهم من يقيم هذا الاحتفال في المساجد، ومنهم من يقيمه في البيوت
أو الأمكنة المعدة لذلك. ويحضر جموع كثيرة من دهماء الناس وعوامهم - يعملون ذلك تشبها
بالنصارى في ابتداعهم الاحتفال بمولد المسيح عليه السلام - والغالب أن هذا الاحتفال
علاوة على كونه بدعة وتشبها بالنصارى لا يخلو من وجود الشركيات والمنكرات كإنشاد القصائد
التي فيها الغلو في حق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة دعائه من دون الله والاستغاثة
به، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال: «لا تطروني كما أطرت
النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» اهت من «التوحيد للفوزان» (ص: 160)
قال شيخنا
العلامة يحيى حفظه الله في «الكنز الثمين»:
«عنوان الفتوى: الرجبية والشعبانية والهجرة
ونحوها.
السؤال: ما حكم
الاحتفال بالمناسبات الدينية كالرجبية والشعبانية والربيعية ورأس السنة، أو بمناسبة
غزوة بدر أو أحد أو فتح مكة وغير ذلك، مع العلم أن بعض الإخوان المسلمين يفعل بعض ذلك؟
الإجابة: الإخوان
المسلمون لا يتحرون السنن، ولا يهتمون بها، بل لا يهتمون ببعض الواجبات، ولا يتحرجون
من انتهاك بعض المحرمات، كما هو معلوم من واقعهم ولمن نظر في كتب ردود أهل السنة عليهم.
فالاحتفال بالإسراء
والمعراج، أو الاحتفال بالمولد النبوي.. أو الاحتفال بهذه الأمور التي سبق ذكرها ليس
بمشروع، وليس عليها دليل من كتاب ولا سنة، بل هو من المحدثات التي يشملها حديث عائشة
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».اهــ
من أسئلة من وصاب العالي ، بتاريخ: الثلاثاء
3 شوال 1422ه.. دماج –دار الحديث »
وقال شيخنا
أيضا في «الكنز الثمين»:« عنوان الفتوى:
العبرة بالأدلة لا بالدعاوى
السؤال: ما حكم
خطيب قام في الناس قائلًا: (المولد حلال.. حلال.. في ذمتي!)؟
الإجابة: ذمته
هذه خربانة، والمولد النبوي بدعة، والعبرة ليست بالذمم وإنما هي بالأدلة، والدين قال
الله قال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وليست بدعاوى أحد كائنًا من كان، ولو كان
الأمر موكولًا إلى كل أحد لكان ديننا عرضة للشك والريبة والتذبذب، فالكفار يقولون ذلك
كما يقول الله عنهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا
وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ
إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ
وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾; [العنكبوت:12-13]،
فمن الفرية ترك الأدلة لقول فلان أو فلان بدعوى أنه سيتحمل تبعة ذلك في ذمته.
ولو فتح الباب
لقال كل مبتدع: اتبعوا بدعتنا وأنتم في ذمي. وليس المبتدعة فقط بل والكفرة قاطبة من يهود ونصارى ومشركين- كما تقدم في الآية، وقد
جعل الله ذلك فرية.
وهم يعتقدون
أنهم على حق، وليس من الصعب أن يقول: (في ذمتي..)، وليس اعتقاده ملزمًا إياك إن لم
يكن موافقًا للأدلة، وهو نفسه لا ينتفع باعتقاده المجرد من الأدلة مهما كان مقتنعًا
به يسعى جادًا لأجله، قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا
* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾; [الكهف:103-104].اهــ من شذرات من أوائل الدروس العامة للشيخ
يحيى حفظه الله تعالى.»
أخيرا:
فهذا ما
يسره الله جمعه على عجالة من كلام علمائنا المتقدمين والمتأخرين، ونسأل الله أن يجعل
في ذلك الخير والنفع.
والحمد الله
رب العالمين
كتبه أبو
حمزة محمد بن حسن السِّوَرِي
ليلة الخميس
السادس من ربيع الأول 1437 هجرية
مكة المكرمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.